رُّوحي بروحهُ
04-27-2020, 02:58 AM
حذر الله و رسوله صلى الله عليه وسلم من : " القنوط " وهو اليأس .
فقال سُبحانه : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وقال سُبحانه : {لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} .
قال السعدي في تفسيره " تيسير الكريم الرحمن " : في قوله : {لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ} أي : لا تيأسوا منها ، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا ، وتراكمت عيوبنا ، فليس لها طريق يزيلها ، ولا سبيل يصرفها ، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان ، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن ، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده ، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا من الشرك ، والقتل ، والزنا ، والربا ، والظلم ، وغير ذلك من الذنوب الكبار " .
وقال ﷺ : " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ، ما قنط من رحمته أحد " . رواه مسلم .
دعي الحزنَ في القلبِ المتيّمِ يـقـدَحُ .. و يَسرح في نبضِ الفؤادِ و يَـمـرحُ
حزينٌ ، نعم ، لكنه حزنُ من يـــرى .. من اللهِ ما يُرضي الحزينَ و يَـشـرحُ
قبيحٌ من الإنسانِ تحطيمُ قــلـبِــه .. بيأسٍ ، و سوءُ الظنّ بالناس أقــبَــحُ
إذا سلّمَ الإنسانُ للهِ أمـــرَه .. فما فيه للشيطانِ و اليأسِ مَـطْـمَــحُ
إذا لَبِس الإنسانُ ثـوبَ يـقـيـنِــه .. فلا البَردُ يُؤذيه ولا الـحَـرُّ يَــلْــفَــحُ
ومن مداخل الشيطان و تلبيسه على الإنسان إذا أراد فعل الخير و الطاعة أن يذكره بذنوبه ومعاصيه ليحتقر الإنسان نفسه ، ويتهم نفسه بالنفاق و الكذب حتى يترك الطاعة والعمل الصالح ، ثم تبدأ خطوات الشيطان حتى يترك بعد ذلك الفرائض و الواجبات كالصلاة و الزكاة والصوم و غيرها ، فيصبح قلب الشخص كالكوز مُجخيّا لا يعرف معروفاً ولا يُنكر منكرا ، بليد الإحساس قد ختم الله على قلبه فلا يُؤثر فيه نصح ولا وعظ .
قال ابن مسعود : " الهلاك في اثنتين ، القنوط ، والعجب " . وقال أيضًا : " الكبائر ثلاث : اليأْس من رَوْح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله " .
ومثال ذلك : أن يكون للشخص صديق كافر أو يعمل عنده ، فلا يدعوه للإسلام بسبب أن عنده ذنوب كثيرة و تقصير ، مع أن الدعوة بسيطة بكتيب صغير بلغته يبين له الإسلام ، إلا أن الشيطان يُحقّره و يُدخل اليأس لقلبه ليترك هذا العمل الفضيل الذي يُنقذ به نفساً من النار ، وهكذا خطوات الشيطان ..
قال بن سيرين : " لا تيأس فتقنط فلا تعمل " .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}
ويُلاحظ في القرآن الكريم أن الله تعالى كرر النهي عن اتباع خطوات الشيطان ، ولم يقل لا تتبعوا الشيطان ، ولعل ذلك لأمرين :
الأول : من جهة العبد ، فمن المستبعد أن يتبع الشيطان وهو يعلم عداوته له ؛ فحذر الله تعالى العبد مما لا ينتبه له وهو خطوات الشيطان .
الثاني : من جهة الشيطان ، وهو أنه يتدرج مع المؤمن في الإغواء ، فيزين له التوسع في المباحات ، ثم التساهل في المتشابهات ، فغشيان محقرات الذنوب ، إلى أن يصل به إلى الحرام المحض ، بل إلى الكبائر والعياذ بالله تعالى . ويبعد جدا أن عبدا مؤمنا مطيعا لله عز وجل ، منته عن محارمه ينتقل فجأة إلى الموبقات وكبائر الذنوب ، لكن يصل إليها بالتدرج إذا تسلط عليه الشيطان بخطواته ، ووجده يسير معه فيها . وإذا عجز عن العبد من جهة المعصية ؛ لمتانة دينه وبعده عن الشهوات ، أتاه من جهة البدعة والوسوسة في الطاعات .
ولنتذكر : أن لله مائة رحمة ، أنزل واحدة بين الخلق و ادخر تسع و تسعين رحمة لعباده المؤمنين يوم القيامة .. وتذكر المرأة التي وجدت طفلها فضمته لصدرها ، فقال عليه ﷺ لأصحابه : أترونها ترمي بأبنها في النار . قالوا : لا ، فقال ﷺ : لا اللهُ أرحم بعباده من هذه بولدها " .
فإذا كانت رحمة الأم التي هي أعظم رحمة عند المخلوقين ، وهي جزء من رحمة قسمها الله على خلقه ، فكيف عظيم رحمة الله ، قال ﷺ : " إنَّ الله خلق الرَّحمة يوم خلقها مائة رحمة ، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة . وأرسل في خلقه كلِّهم رحمة واحدة ، فلو يعلم الكافر بكلِّ الَّذي عند الله من الرَّحمة ، لم ييأس من الجنَّة ، ولو يعلم المسلم بكلِّ الذي عند الله من العذاب ، لم يأمن من النَّار " . رواه البخاري .
{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
ولنتذكر : حديث المرأة البغي التي سقت كلباً فغفر الله لها و أدخلها الجنة ..
ولنتذكر : حديث النبي ﷺ : " إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئاً ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فيقول : احضر وزنك ، فيقول : يا ربي ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فقال : إنك لا تُظلم ، قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفه فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء " . رواه الترمذي وصححه الألباني .
قال العلماء عن هذا الرجل : إنه رجل عنده توحيد عظيم وأنه مع كثرة معاصيه لكن الإيمان في قلبه وما قام من الإيمان في قلبه عظيم ، ولذلك رجح وليس كل واحد يقول الكلمة سيكون له نفس الميزة ، إلاّ تكون خالصة من قلبه ، عاملا بمقتضاها .
ولنتذكر : أن الشيطان في تحقيق عداوته للإنسان ، وفي سبيل غزوه إياه بخطواته يسلك كل طريق للإغواء ، ويأتي الإنسان من جهاته الأربع : {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} .
وختاماً ..
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}
فقال سُبحانه : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وقال سُبحانه : {لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} .
قال السعدي في تفسيره " تيسير الكريم الرحمن " : في قوله : {لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ} أي : لا تيأسوا منها ، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا ، وتراكمت عيوبنا ، فليس لها طريق يزيلها ، ولا سبيل يصرفها ، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان ، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن ، ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده ، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعًا من الشرك ، والقتل ، والزنا ، والربا ، والظلم ، وغير ذلك من الذنوب الكبار " .
وقال ﷺ : " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في جنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ، ما قنط من رحمته أحد " . رواه مسلم .
دعي الحزنَ في القلبِ المتيّمِ يـقـدَحُ .. و يَسرح في نبضِ الفؤادِ و يَـمـرحُ
حزينٌ ، نعم ، لكنه حزنُ من يـــرى .. من اللهِ ما يُرضي الحزينَ و يَـشـرحُ
قبيحٌ من الإنسانِ تحطيمُ قــلـبِــه .. بيأسٍ ، و سوءُ الظنّ بالناس أقــبَــحُ
إذا سلّمَ الإنسانُ للهِ أمـــرَه .. فما فيه للشيطانِ و اليأسِ مَـطْـمَــحُ
إذا لَبِس الإنسانُ ثـوبَ يـقـيـنِــه .. فلا البَردُ يُؤذيه ولا الـحَـرُّ يَــلْــفَــحُ
ومن مداخل الشيطان و تلبيسه على الإنسان إذا أراد فعل الخير و الطاعة أن يذكره بذنوبه ومعاصيه ليحتقر الإنسان نفسه ، ويتهم نفسه بالنفاق و الكذب حتى يترك الطاعة والعمل الصالح ، ثم تبدأ خطوات الشيطان حتى يترك بعد ذلك الفرائض و الواجبات كالصلاة و الزكاة والصوم و غيرها ، فيصبح قلب الشخص كالكوز مُجخيّا لا يعرف معروفاً ولا يُنكر منكرا ، بليد الإحساس قد ختم الله على قلبه فلا يُؤثر فيه نصح ولا وعظ .
قال ابن مسعود : " الهلاك في اثنتين ، القنوط ، والعجب " . وقال أيضًا : " الكبائر ثلاث : اليأْس من رَوْح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله " .
ومثال ذلك : أن يكون للشخص صديق كافر أو يعمل عنده ، فلا يدعوه للإسلام بسبب أن عنده ذنوب كثيرة و تقصير ، مع أن الدعوة بسيطة بكتيب صغير بلغته يبين له الإسلام ، إلا أن الشيطان يُحقّره و يُدخل اليأس لقلبه ليترك هذا العمل الفضيل الذي يُنقذ به نفساً من النار ، وهكذا خطوات الشيطان ..
قال بن سيرين : " لا تيأس فتقنط فلا تعمل " .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}
ويُلاحظ في القرآن الكريم أن الله تعالى كرر النهي عن اتباع خطوات الشيطان ، ولم يقل لا تتبعوا الشيطان ، ولعل ذلك لأمرين :
الأول : من جهة العبد ، فمن المستبعد أن يتبع الشيطان وهو يعلم عداوته له ؛ فحذر الله تعالى العبد مما لا ينتبه له وهو خطوات الشيطان .
الثاني : من جهة الشيطان ، وهو أنه يتدرج مع المؤمن في الإغواء ، فيزين له التوسع في المباحات ، ثم التساهل في المتشابهات ، فغشيان محقرات الذنوب ، إلى أن يصل به إلى الحرام المحض ، بل إلى الكبائر والعياذ بالله تعالى . ويبعد جدا أن عبدا مؤمنا مطيعا لله عز وجل ، منته عن محارمه ينتقل فجأة إلى الموبقات وكبائر الذنوب ، لكن يصل إليها بالتدرج إذا تسلط عليه الشيطان بخطواته ، ووجده يسير معه فيها . وإذا عجز عن العبد من جهة المعصية ؛ لمتانة دينه وبعده عن الشهوات ، أتاه من جهة البدعة والوسوسة في الطاعات .
ولنتذكر : أن لله مائة رحمة ، أنزل واحدة بين الخلق و ادخر تسع و تسعين رحمة لعباده المؤمنين يوم القيامة .. وتذكر المرأة التي وجدت طفلها فضمته لصدرها ، فقال عليه ﷺ لأصحابه : أترونها ترمي بأبنها في النار . قالوا : لا ، فقال ﷺ : لا اللهُ أرحم بعباده من هذه بولدها " .
فإذا كانت رحمة الأم التي هي أعظم رحمة عند المخلوقين ، وهي جزء من رحمة قسمها الله على خلقه ، فكيف عظيم رحمة الله ، قال ﷺ : " إنَّ الله خلق الرَّحمة يوم خلقها مائة رحمة ، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة . وأرسل في خلقه كلِّهم رحمة واحدة ، فلو يعلم الكافر بكلِّ الَّذي عند الله من الرَّحمة ، لم ييأس من الجنَّة ، ولو يعلم المسلم بكلِّ الذي عند الله من العذاب ، لم يأمن من النَّار " . رواه البخاري .
{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
ولنتذكر : حديث المرأة البغي التي سقت كلباً فغفر الله لها و أدخلها الجنة ..
ولنتذكر : حديث النبي ﷺ : " إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئاً ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، فيقول : احضر وزنك ، فيقول : يا ربي ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فقال : إنك لا تُظلم ، قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفه فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء " . رواه الترمذي وصححه الألباني .
قال العلماء عن هذا الرجل : إنه رجل عنده توحيد عظيم وأنه مع كثرة معاصيه لكن الإيمان في قلبه وما قام من الإيمان في قلبه عظيم ، ولذلك رجح وليس كل واحد يقول الكلمة سيكون له نفس الميزة ، إلاّ تكون خالصة من قلبه ، عاملا بمقتضاها .
ولنتذكر : أن الشيطان في تحقيق عداوته للإنسان ، وفي سبيل غزوه إياه بخطواته يسلك كل طريق للإغواء ، ويأتي الإنسان من جهاته الأربع : {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} .
وختاماً ..
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}