المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخوارج: صفاتهم وخطرهم


شيخة رواية
03-07-2020, 05:32 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
روى الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة، وسَتَفْتَرقُ هَذِهِ الأُمَّة عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً"، قِيلَ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللّه؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنَا عَليهِ وَأَصْحَابِي" .[1]

فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن أمته ستفترق على فرق كثيرة كلها في النار، واستثنى واحدة، وهي ما كانت على المنهج الصحيح؛ وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

ومن فرق الضلال التي خرجت على أمة الإسلام "الخوارج" وقد عانت منها الأمة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وكان بداية خروجهم أن ذا الخويصرة لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قسمًا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ فَإِنَّكَ لَمْ تَعْدِل... الْحَدِيثَ، وسيأتي ذكره.
"فكان مبدأ البدع هو الطعن في السنة بالظن والهوى، كما طعن إبليس في أمر ربه برأيه وهواه" [2].

وفي خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه خرجوا عليه وقتلوه واستحلوا دمه، كما خرجوا في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فأرسل إليهم عبد الله بن عباس يناظرهم ويدعوهم إلى الحق، وترك ما هم عليه من الضلال، فرجع منهم قريبًا من أربعة آلاف، وبقيت منهم بقية، قتلهم علي رضي الله عنه في معركة النهروان بعد أن قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت، وقتلوا جاريته، وبقروا بطنها. وما زالوا يخرجون في كل عصر ومصر.

وقد وردت الأحاديث الصحيحة بذمهم، والتحذير منهم، والأمر بقتالهم، واستئصال شأفتهم، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم اعْدِلْ، قَالَ رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: "وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، فَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ". فَقَالَ عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللّه صلى الله عليه وسلم ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"[3].

وروى مسلم في صحيحه من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَؤونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".[4]

وجاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في وصفهم: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ".[5]

وفي رواية: "لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ" [6]. وفي رواية مسلم: "هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ" [7]. وفي رواية: "مُحلَّقة رُؤُوسُهُمْ" .[8]

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن معاذة قالت: سَأَلْتُ عائشة رضي الله عنها: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ .[9]

فتبين مما تقدم أن من صفات الخوارج ما يلي:
• حدثاء الأسنان.
• سفهاء الأحلام: أي لم تكتمل عقولهم، ولم تنضج أفكارهم.
• ضعف العلم الشرعي لديهم.
• يقتلون أهل الإيمان ويدعون أهل الأوثان.
• الغلو في الدين على جهل.
• مفارقة جماعة المسلمين.
• تأويل نصوص الكتاب والسنة بأهوائهم.
• أنهم لا يقبلون من الإسلام إلا ما وافق أهواءهم.
وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين .[10]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإذا عرف أصل البدع، فأصل قول الخوارج أنهم يكفرون بالذنب، ويعتقدون ذنبًا ما ليس بذنب، ويرون اتباع الكتاب دون السنة التي تخالف ظاهر الكتاب، وإن كانت متواترة، ويكفرون من خالفهم، ويستحلون منه لارتداده عندهم ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان"، ولهذا كفَّروا عثمان وعليًّا وشيعتهما، وكفَّروا أهل صفين - الطائفتين – في نحو ذلك من المقالات الخبيثة" .[11] أ هـ

ومما يجب علمه والإحاطة به، هو معرفة سبب الضلال عند هذه الطائفة وغيرها من الطوائف الأخرى، ومختصر ذلك أن سبب الضلال هو الأخذ ببعض نصوص الكتاب والسنة وترك البعض الآخر اتباعًا لطريقة المغضوب عليهم، قال الله تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ [البقرة: 85].

فالخوارج ومن شاكلهم أخذوا بنصوص الوعيد، وقابلهم طائفة أخذوا بنصوص الوعد وهم المرجئة، فضلت الطائفتان، وأهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين والمتبعين لهم بإحسان جمعوا بين النصوص كلها، فاهتدوا بذلك إلى الطريق المستقيم، وهو طريق الوسط الذي رضيه الله، فأثنى على أهله فقال: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143].

وقد علم خاصة المسلمين وعامتهم أن ما يقع من هؤلاء الضُّلال من قتل المصلين الذين عصم الله دماءهم، والتفجير في بيوت الله التي أمر الله بتعظيمها وتطهيرها، وغير ذلك من الأفعال الشنيعة، قد وقع ذلك تصديقًا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء بقوله: "يقتلون أهل الإسلام"، وأنهم وإن كانوا يقرؤون القرآن فإن قلوبهم لا تنقاد لأوامره، ولا تنزجر بزواجره، ولا تهتدي بهداه، وكما أخبر عنهم صلى الله عليه وسلم: "يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم".

فعلى المسلم الذي يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه أن يتمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح، وأن يحذر من اتباع الهوى، وأن يرجع إلى العلماء الربانيين، كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 83] وكما أمر الله بقوله: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7]

ونصيحتي للمسلمين عامة، وللشباب خاصة أن يحذروا من داءين خطيرين؛ أولهما: الفتنة في الدين، ومثاله التكفير، وثانيهما: الإخلال بالأمن، ومثاله التفجير، فما وقع هذان الداءان في بلد إلا أفسده.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] سنن الترمذي (2641)، ومسند الإمام أحمد (14 /142) برقم 8396، وسنن ابن ماجه برقم 3992، وصححه البوصيري والشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة برقم 1492، ورقم 203، 204.

[2] فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (3 /350).

[3] صحيح البخاري برقم 3610، وصحيح مسلم برقم 1064 واللفظ له.

[4] صحيح البخاري برقم 3611، وصحيح مسلم برقم 1066 واللفظ له.

[5] صحيح البخاري برقم 3344، وصحيح مسلم برقم 1064.

[6] صحيح البخاري برقم 6930.

[7] صحيح مسلم برقم 1067.

[8] صحيح مسلم برقم 1066.ِِ

[9] صحيح البخاري برقم 321، وصحيح مسلم برقم 335 واللفظ له

[10] صحيح البخاري باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم.

الأمير
03-07-2020, 07:38 AM
توهج دآئم إن شآءالله
بالطرح الجميل والإنتقآء الرآئع
تسلمون بإنتظآر جديدكم دآئمآ
لآ خلآ ولآ عدم
الله يبآرك فيكم ويحفظكم
:861:ض2:861:

شيخة رواية
03-07-2020, 08:00 AM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير .

خالد الشاعر
03-07-2020, 10:34 AM
الله يجزاكي كل خير على مجهودكِ
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتكِ
ننتظر جديدكِ القادم
مودتى

نور القمر
03-07-2020, 02:47 PM
يَنسَكب مِن أنآملك الألقْ
مُمتنَة ل ِعِطآءك المُفعَم ب العِطر
وَ يعطِيك ألعَآفِيةَ عَلى الطرح ألجَميلْ
شُكراً لك ب عِبق ألسُوسن
مَآ نَنحرمْ

قانون الحب
03-07-2020, 05:58 PM
سلمت يدآك..
على جميل طرحك وحسن ذآئقتك
يعطيك ربي ألف عافيه
بإنتظار جديدك بكل شوق.
لك مني جزيل الشكر والتقدير...
..}~ مودتي

جوهره
03-07-2020, 10:37 PM
جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك

شيخة رواية
03-08-2020, 04:51 AM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير .

شيخة الزين
03-08-2020, 07:08 AM
أَثابَك الْلَّه خَيْر الْثَّوَاب ,,
وَلَا حَرَمَك,,اجْر مَاقَدَّمَت وَاجْر مِن اسْتَفَاد مِنْهَا
دُمْت بِحِفْظ الْلَّه وَتَوْفِيْقِه,,

شيخة رواية
03-08-2020, 07:39 AM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير .

همسة حب
03-08-2020, 07:53 AM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..

شيخة رواية
03-08-2020, 08:53 AM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير .

دلوعة عشق
03-08-2020, 09:27 AM
موضوع رائع
رفع الله قدرك فى الدارين
واجزل لك العطاء
شكرا لطرحك المميز

سمارا
03-08-2020, 02:27 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

أبو علياء
03-08-2020, 03:45 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

إيلين
03-08-2020, 05:22 PM
موضوع في قمة الروعه
لطالما كانت مواضيعك متميزة
لا عدمنا التميز و روعة الاختيار
دمت لنا ودام تالقك الدائم

http://my.mec.biz/attachment.php?attachmentid=135409&d=1358732019

إميلي.
03-08-2020, 06:06 PM
الله يجزاك عنَّا خير الجزاء
ويقويك ع فعل آلخير
ولايحرمك الأجر يارب,

الدكتور على حسن
03-09-2020, 12:51 AM
الاستاذة القديرة والرائعة
شيخـة
تحياتى وإحترامــى
وجزاك الله كل خير
وجعله فى ميزان
حسناتك يوم القيامه
تسلم
الايادى وبارك الله فيك
وكتب لك السعادة يااارب
دمتم بحفظ الرحمن
خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علـى
:rose::rose::rose:

شيخة رواية
03-09-2020, 03:06 AM
كل الشكر لك على تواجدك الجميل وردك الرائع
اسعدني جدا مرورك .. ربي يعافيك ويسعدك
دمت بالف خير .

دره العشق
03-12-2020, 07:53 PM
جزاك الله خيراً
على الموضوع الرائع والمميز
دام لنا تميزك وحضورك الرائع


دره

روحي تبيك
03-16-2020, 06:12 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

ڞــمۭــۃ ۛ ּڂۡــڣــﯟڦ ❥
03-17-2020, 04:34 AM
,,~

جزاك الله كل خير
جعله في ميزان حسناتك

,,~

شيخة رواية
03-24-2021, 07:48 AM
شكرا ع مرورك المميزِ :eq-32:
سعــدت بـ توآجدكـم هنــآ :23:
كــل آلوِد لك :34::34:

Şøķåŕą
09-03-2022, 08:18 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

نور القمر
08-14-2024, 12:47 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

Şøķåŕą
08-31-2024, 09:52 PM
سلمت الأيادي على
روعه الآنتقاء والطرح
دمت بود