أبو علياء
02-14-2020, 03:01 PM
وقفة مع آية من كتاب الله (11)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ[1] إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 101، 102].
قال الشيخ أبو بكر الجزائري:
أي: تظهر لكم جوابًا لسؤالكم يَحصُل لكم بها ما يسوءُكم ويضرُّكم، ﴿ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 101]؛ أي: يبيِّنها لكم رسولُنا الكريم، أما أن تسألوا عنها قبل نزول القرآن بها، فذلك ما لا يَنبغي لكم من باب إحفاء رسول الله وأذيته، ثم قال: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ﴾ [المائدة: 101]؛ أي: لم يُؤاخذكم بما سألتم، ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 101]، فتوبوا إليه يتُبْ عليكم[2]، واستغفروه يغفر لكم ويرحمكم؛ فإنه غفور رحيم.
وقوله: ﴿ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [المائدة: 102]؛ أي: قد سأل أسئلتَكم التنطُّعية المحرِجة هذه قومٌ من قبلكم، ﴿ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 102][3]؛ لأنهم كُلِّفوا ما لا يطيقون وشقَّ عليهم؛ جزاء تعنُّتِهم في أسئلتهم لا نياتهم، فتَركوا العمل بها فكفَروا.
وفي الآية دليلٌ على كراهة السؤال لغير حاجة، وفي صحيح مسلم: ((إن الله حرَّم عليكم عقوقَ الأمَّهات، ووأدَ البنات، ومَنعًا وهات، وكَرِهَ لكم ثلاثًا: قيلَ وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعةَ المال )). [4]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في هذه الآية الكريمة:
هذا تأديبٌ من الله تعالى لعباده المؤمنين ونهيٌ لهم عن أن يَسألوا عن أشياء مما لا فائدةَ لهم في السؤالِ والتنقيب عنها؛ لأنَّها إن ظهرَت لهم تلك الأمور ربَّما ساءتهم وشقَّ عليهم سماعُها.
قال البخاري رحمه الله تعالى: عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كان قومٌ يسألون رسول الله استهزاءً، فيقول الرَّجل: مَن أبي؟ ويقول الرجل تضِلُّ ناقتُه: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ... ﴾ [المائدة: 101]، وظاهر الآية النهيُ عن السؤال عن الأشياء التي إذا عَلِم بها شخص ساءته، فالأَولى الإعراض عنها وتركُها.
وفي الصحيح: ((ذَروني ما تركتكم؛ فإنما هلكَ مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلاِفهم على أنبيائهم)) [5]، وفي الحديث الصحيح: ((إن الله تعالى فرَضَ فرائضَ فلا تضيِّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتَدوها، وحرَّم أشياء فلا تنتَهِكوها، وسكَت عن أشياءَ رحمةً بكم غيرَ نسيان، فلا تَسألوا عنها )) [6]
ثم قال تعالى: ﴿ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 102]؛ أي: قد سأل هذه المسائلَ المنهيَّ عنها قومٌ من قبلكم، فأُجيبوا عنها ثم لم يُؤمنوا بها فأصبَحوا كافرين؛ أي: بسببها؛ أي: بُيِّنَت لهم فلم يَنتفعوا بها؛ لأنهم لم يَسألوا على وجه الاستِرشاد، بل على وجه الاستِهزاء والعناد[7].
قال المُناويُّ في التعليق على هذا الحديث:
"أي: اترُكوني من السؤالِ ((ما تركتُكم))؛ أي: مدَّة تركي إياكم من الأمر بالشيء والنهي عنه، فلا تتعرَّضوا لي بكثرة البحث عمَّا لا يَعنيكم في دينكم، مهما أنا تارككم لا أقول لكم شيئًا، فقد يوافق ذلك إلزامًا وتشديدًا، وخذوا بظاهر ما أمرتكم، ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب..."[8].
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ[1] إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 101، 102].
قال الشيخ أبو بكر الجزائري:
أي: تظهر لكم جوابًا لسؤالكم يَحصُل لكم بها ما يسوءُكم ويضرُّكم، ﴿ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 101]؛ أي: يبيِّنها لكم رسولُنا الكريم، أما أن تسألوا عنها قبل نزول القرآن بها، فذلك ما لا يَنبغي لكم من باب إحفاء رسول الله وأذيته، ثم قال: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ﴾ [المائدة: 101]؛ أي: لم يُؤاخذكم بما سألتم، ﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 101]، فتوبوا إليه يتُبْ عليكم[2]، واستغفروه يغفر لكم ويرحمكم؛ فإنه غفور رحيم.
وقوله: ﴿ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [المائدة: 102]؛ أي: قد سأل أسئلتَكم التنطُّعية المحرِجة هذه قومٌ من قبلكم، ﴿ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 102][3]؛ لأنهم كُلِّفوا ما لا يطيقون وشقَّ عليهم؛ جزاء تعنُّتِهم في أسئلتهم لا نياتهم، فتَركوا العمل بها فكفَروا.
وفي الآية دليلٌ على كراهة السؤال لغير حاجة، وفي صحيح مسلم: ((إن الله حرَّم عليكم عقوقَ الأمَّهات، ووأدَ البنات، ومَنعًا وهات، وكَرِهَ لكم ثلاثًا: قيلَ وقال، وكثرةَ السؤال، وإضاعةَ المال )). [4]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في هذه الآية الكريمة:
هذا تأديبٌ من الله تعالى لعباده المؤمنين ونهيٌ لهم عن أن يَسألوا عن أشياء مما لا فائدةَ لهم في السؤالِ والتنقيب عنها؛ لأنَّها إن ظهرَت لهم تلك الأمور ربَّما ساءتهم وشقَّ عليهم سماعُها.
قال البخاري رحمه الله تعالى: عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: كان قومٌ يسألون رسول الله استهزاءً، فيقول الرَّجل: مَن أبي؟ ويقول الرجل تضِلُّ ناقتُه: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ... ﴾ [المائدة: 101]، وظاهر الآية النهيُ عن السؤال عن الأشياء التي إذا عَلِم بها شخص ساءته، فالأَولى الإعراض عنها وتركُها.
وفي الصحيح: ((ذَروني ما تركتكم؛ فإنما هلكَ مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلاِفهم على أنبيائهم)) [5]، وفي الحديث الصحيح: ((إن الله تعالى فرَضَ فرائضَ فلا تضيِّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتَدوها، وحرَّم أشياء فلا تنتَهِكوها، وسكَت عن أشياءَ رحمةً بكم غيرَ نسيان، فلا تَسألوا عنها )) [6]
ثم قال تعالى: ﴿ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 102]؛ أي: قد سأل هذه المسائلَ المنهيَّ عنها قومٌ من قبلكم، فأُجيبوا عنها ثم لم يُؤمنوا بها فأصبَحوا كافرين؛ أي: بسببها؛ أي: بُيِّنَت لهم فلم يَنتفعوا بها؛ لأنهم لم يَسألوا على وجه الاستِرشاد، بل على وجه الاستِهزاء والعناد[7].
قال المُناويُّ في التعليق على هذا الحديث:
"أي: اترُكوني من السؤالِ ((ما تركتُكم))؛ أي: مدَّة تركي إياكم من الأمر بالشيء والنهي عنه، فلا تتعرَّضوا لي بكثرة البحث عمَّا لا يَعنيكم في دينكم، مهما أنا تارككم لا أقول لكم شيئًا، فقد يوافق ذلك إلزامًا وتشديدًا، وخذوا بظاهر ما أمرتكم، ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب..."[8].