أبو علياء
02-04-2020, 03:00 PM
وقفات مع آيات بينات
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 9، 10].
الوقفة الأولى
: قال ابن كثير رحمه الله في معنى هذه الآية: قال الله هذه الآية مُؤدِّبًا عبادَه المؤمنين ألَّا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين، ولا يتناجوا كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مَالَأَهم على ضلالهم من المنافقين [1].
وقال القرطبي رحمه الله: نهى الله المؤمنين أن يتناجَوا فيما بينهم كفعل المنافقين واليهود[2].
وقال مقاتل رحمه الله: أراد الذين أقرُّوا باللسان، وهم المنافقون[3].
وقال ابن عاشور رحمه الله: خطاب للمنافقين الذين يظهرون الإيمان، فعامَلَهم الله بما أظهروه، وناداهم بوصف الذين آمنوا، ويجوز أن تكون خطابًا للمؤمنين الخلَّص؛ بأنْ وجَّه الله الخطاب إليهم؛ تعليمًا لهم بما يحسُن من التناجي، وما يقبح منه؛ بمناسبة ذمِّ تناجي المنافقين؛ فلذلك ابتُدئ بالنهي عن مثل تناجي المنافقين، وإن كان لا يصدر مثلُه من المؤمنين؛ تعريضًا بالمنافقين[4].
فائدة:
قال ابنُ عطيَّة رحمه الله: خصَّ الإثم بالذِّكر؛ لعمومه، والعدوانَ؛ لعظمته في نفسه؛ إذ هي ظلامات العباد، ومعصيةَ الرسول؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك[5].
الوقفة الثانية:
﴿ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المجادلة: 9]:
قال ابن عاشور رحمه الله: الإثم: المعصية، وهو ما يشتمل عليه تناجيهم من كلام الكفر وذمِّ المسلمين.
والعدوان: الظلم، وهو ما يدبِّرونه من الكيد للمسلمين.
ومعصيةُ الرسول: مخالفة ما يأمرهم به، ومن جملة ذلك أنه نهاهم عن النجوى وهم يعودون لها [6].
وقال مقاتل رحمه الله: المعصية والظلم[7].
الوقفة الثالثة
: ﴿ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المجادلة: 9]:
تناجَوا بالبِرِّ؛ أي: بالطاعة، وبالتقوى: بالعفاف عمَّا نهى الله عنه [8].
قال مقاتل رحمه الله: الطاعة، وترك المعصية [9].
وقال ابن عاشور رحمه الله: وأمَّا البرُّ، فهو ضد الإثم والعدوان، وهو يعم أفعال الخير المأمور بها في الدين، والتقوى: الامتثال[10].
الوقفة الرابعة:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المجادلة: 9]:
قال الطبري رحمه الله: خافوا الله الذي إليه مصيركم، وعنده مجتمعكم، في تضييع فرائضه، والتقدُّم على معاصيه، أن يعاقبكم عليه عند مصيركم إليه [11].
الوقفة الخامسة:
﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ [المجادلة: 10]:
ذكر الله سبحانه أن النجوى - وهي المُسَارَّة - حيث يتوهَّم مؤمن بها سوءًا، إنما يصدر هذا من المتناجين من تزيين الشياطين، وليس ذلك بضارِّهم شيئًا إلا بإذن الله، ومَن أحسَّ من ذلك شيئًا، فليستعذ بالله، وليتوكَّل على الله؛ فإنه لا يضرُّه شيء بإذن الله [12]، وقيل: بعلمه، وقال ابن عباس رضي الله عنه: بأمره [13].
فائدة:
قال ابن عطية رحمه الله: اختلف الناس في النجوى التي هي من الشيطان التي أخبر عنها في هذه الآية، فقال جماعة من المفسرين: أراد النجوى في الإثم والعدوان ومعصية الرسول من الشيطان، وقال قتادة وغيره: الإشارة إلى نجوى المنافقين واليهود، وقال عبدالله بن زيد بن أسلم: الإشارة إلى نجوى قومٍ من المسلمين كانوا يقصدون مناجاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وليس لهم حاجة ولا ضرورة إلى ذلك، وإنما كانوا يريدون التبجُّح بذلك، وكان المسلمون يظنُّون أن تلك النجوى في إخبارٍ بعدوٍّ قاصدٍ ونحوِه [14].
الوقفة السادسة
: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 10]:
أمر الله سبحانه عباده بالتوكُّل عليه، ويكلون أمرهم إليه، ويفوِّضون جميع شؤونهم إلى عونه، ويستعيذون به من الشيطان ومن كل شرٍّ، فهو الذي سلَّط الشيطان بالوساوس ابتلاءً للعبد وامتحانًا، ولو شاء لصرفه عنه [15].
قال الطبري رحمه الله: وعلى الله فليتوكَّل في أمورهم أهلُ الإيمان به، ولا يحزنوا مِن تناجي المنافقين ومَن يَكيدُهم بذلك، وأنَّ تناجيَهم غيرُ ضارِّهم إذا حفظهم ربُّهم[16].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
المصادر والمراجع:
1- تفسير مقاتل؛ لمقاتل بن سليمان.
2- جامع البيان عن تأويل آي القرآن؛ للطبري.
3- المحرر الوجيز؛ لابن عطية.
4- الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي.
5- تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير.
6- التحرير والتنوير؛ لابن عاشور.
الالوكـــة
[1] ينظر: تفسير القرآن العظيم 8/ 44.
[2] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[3] ينظر: تفسير مقاتل 4/ 261.
[4] ينظر: التحرير والتنوير 28/ 32-33.
[5] ينظر: المحرر الوجيز 5/ 277.
[6] ينظر: التحرير والتنوير 28/ 30.
[7] ينظر: تفسير مقاتل 4/ 261.
[8] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[9] ينظر: تفسير مقاتل 4/ 261.
[10] ينظر: التحرير والتنوير 28/ 34.
[11] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 22/ 474.
[12] ينظر: تفسير القرآن العظيم 8/ 44.
[13] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[14] ينظر: المحرر الوجيز 5/ 277.
[15] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[16] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 22/ 474.
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 9، 10].
الوقفة الأولى
: قال ابن كثير رحمه الله في معنى هذه الآية: قال الله هذه الآية مُؤدِّبًا عبادَه المؤمنين ألَّا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين، ولا يتناجوا كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مَالَأَهم على ضلالهم من المنافقين [1].
وقال القرطبي رحمه الله: نهى الله المؤمنين أن يتناجَوا فيما بينهم كفعل المنافقين واليهود[2].
وقال مقاتل رحمه الله: أراد الذين أقرُّوا باللسان، وهم المنافقون[3].
وقال ابن عاشور رحمه الله: خطاب للمنافقين الذين يظهرون الإيمان، فعامَلَهم الله بما أظهروه، وناداهم بوصف الذين آمنوا، ويجوز أن تكون خطابًا للمؤمنين الخلَّص؛ بأنْ وجَّه الله الخطاب إليهم؛ تعليمًا لهم بما يحسُن من التناجي، وما يقبح منه؛ بمناسبة ذمِّ تناجي المنافقين؛ فلذلك ابتُدئ بالنهي عن مثل تناجي المنافقين، وإن كان لا يصدر مثلُه من المؤمنين؛ تعريضًا بالمنافقين[4].
فائدة:
قال ابنُ عطيَّة رحمه الله: خصَّ الإثم بالذِّكر؛ لعمومه، والعدوانَ؛ لعظمته في نفسه؛ إذ هي ظلامات العباد، ومعصيةَ الرسول؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك[5].
الوقفة الثانية:
﴿ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المجادلة: 9]:
قال ابن عاشور رحمه الله: الإثم: المعصية، وهو ما يشتمل عليه تناجيهم من كلام الكفر وذمِّ المسلمين.
والعدوان: الظلم، وهو ما يدبِّرونه من الكيد للمسلمين.
ومعصيةُ الرسول: مخالفة ما يأمرهم به، ومن جملة ذلك أنه نهاهم عن النجوى وهم يعودون لها [6].
وقال مقاتل رحمه الله: المعصية والظلم[7].
الوقفة الثالثة
: ﴿ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المجادلة: 9]:
تناجَوا بالبِرِّ؛ أي: بالطاعة، وبالتقوى: بالعفاف عمَّا نهى الله عنه [8].
قال مقاتل رحمه الله: الطاعة، وترك المعصية [9].
وقال ابن عاشور رحمه الله: وأمَّا البرُّ، فهو ضد الإثم والعدوان، وهو يعم أفعال الخير المأمور بها في الدين، والتقوى: الامتثال[10].
الوقفة الرابعة:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المجادلة: 9]:
قال الطبري رحمه الله: خافوا الله الذي إليه مصيركم، وعنده مجتمعكم، في تضييع فرائضه، والتقدُّم على معاصيه، أن يعاقبكم عليه عند مصيركم إليه [11].
الوقفة الخامسة:
﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ [المجادلة: 10]:
ذكر الله سبحانه أن النجوى - وهي المُسَارَّة - حيث يتوهَّم مؤمن بها سوءًا، إنما يصدر هذا من المتناجين من تزيين الشياطين، وليس ذلك بضارِّهم شيئًا إلا بإذن الله، ومَن أحسَّ من ذلك شيئًا، فليستعذ بالله، وليتوكَّل على الله؛ فإنه لا يضرُّه شيء بإذن الله [12]، وقيل: بعلمه، وقال ابن عباس رضي الله عنه: بأمره [13].
فائدة:
قال ابن عطية رحمه الله: اختلف الناس في النجوى التي هي من الشيطان التي أخبر عنها في هذه الآية، فقال جماعة من المفسرين: أراد النجوى في الإثم والعدوان ومعصية الرسول من الشيطان، وقال قتادة وغيره: الإشارة إلى نجوى المنافقين واليهود، وقال عبدالله بن زيد بن أسلم: الإشارة إلى نجوى قومٍ من المسلمين كانوا يقصدون مناجاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وليس لهم حاجة ولا ضرورة إلى ذلك، وإنما كانوا يريدون التبجُّح بذلك، وكان المسلمون يظنُّون أن تلك النجوى في إخبارٍ بعدوٍّ قاصدٍ ونحوِه [14].
الوقفة السادسة
: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 10]:
أمر الله سبحانه عباده بالتوكُّل عليه، ويكلون أمرهم إليه، ويفوِّضون جميع شؤونهم إلى عونه، ويستعيذون به من الشيطان ومن كل شرٍّ، فهو الذي سلَّط الشيطان بالوساوس ابتلاءً للعبد وامتحانًا، ولو شاء لصرفه عنه [15].
قال الطبري رحمه الله: وعلى الله فليتوكَّل في أمورهم أهلُ الإيمان به، ولا يحزنوا مِن تناجي المنافقين ومَن يَكيدُهم بذلك، وأنَّ تناجيَهم غيرُ ضارِّهم إذا حفظهم ربُّهم[16].
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
المصادر والمراجع:
1- تفسير مقاتل؛ لمقاتل بن سليمان.
2- جامع البيان عن تأويل آي القرآن؛ للطبري.
3- المحرر الوجيز؛ لابن عطية.
4- الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي.
5- تفسير القرآن العظيم؛ لابن كثير.
6- التحرير والتنوير؛ لابن عاشور.
الالوكـــة
[1] ينظر: تفسير القرآن العظيم 8/ 44.
[2] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[3] ينظر: تفسير مقاتل 4/ 261.
[4] ينظر: التحرير والتنوير 28/ 32-33.
[5] ينظر: المحرر الوجيز 5/ 277.
[6] ينظر: التحرير والتنوير 28/ 30.
[7] ينظر: تفسير مقاتل 4/ 261.
[8] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[9] ينظر: تفسير مقاتل 4/ 261.
[10] ينظر: التحرير والتنوير 28/ 34.
[11] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 22/ 474.
[12] ينظر: تفسير القرآن العظيم 8/ 44.
[13] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[14] ينظر: المحرر الوجيز 5/ 277.
[15] ينظر: الجامع لأحكام القرآن 20/ 313.
[16] ينظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 22/ 474.