تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تعلق القلوب بالآخرة


لَـحًـــنِ ♫
09-09-2019, 04:16 PM
من آثار السر العجيب -مراقبة الله-: حمل همَّ الآخرة، وتعلّق القلب دائما بالآخرة وهمومها. وتعال واسمع للحسن البصري رحمه الله تعالى -وله كتاب أيضاً في الزهد مطبوع- عندما يروي لنا تلميذ من تلامذته وهو صالح بن حسان هذه القصة، قال: أمسى الحسن صائماً فجئناه بطعام عند إفطاره، قال: فلما قرّب إليه، عرضت له هذه الآية: إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً [المزمل:12-13] قال: فقلصت يده عنــه، فقال: ارفعوه، فرفعناه، قال: فأصبح صائماً فلما أراد أن يفطر -أي: في اليوم التالي- ذكر تلك الآية ففعل ذلك أيضاً، فلما كان اليوم الثالث انطلق ابنه إلى ثابت البناني ويحيى البكاء وأناس من أصحاب الحسن، فقال لهم: أدركوا أبي؛ فإنه لم يذق طعاماً منذ ثلاثة أيام، كلما قربنا إليه ذكر قوله تعالى: إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً [المزمل:12-13] قال: فأتوه فلم يزالوا به حتى أسقوه شربة من سويق. و الحسن رحمه الله تعالى هنا لا يترك الطعام تزهداً، وإنما غلبه همّ الآخرة وتذكّر أهوالها؛ فجعله هذا الهم لا يشتهي طعاماً. هكذا كان هم الآخرة مع الصالحين. وقد أخرج ابن ماجة بسند صحيح قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من كانت همه الآخرة جمع الله له شمله، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمة.



ومن كانت همه الدنيا فرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له). نسمع مثل هذا الحديث، ثم نرى تلك الهموم الدنيوية التي هي حديث مجالسنا، فتارة عن مشاريع تجارية، وتارة معمارية، وتارة وظيفية، وأخرى عن المركب أو عن الملبس أو المشرب، وهكذا حتى الصالح منا لم يسلم من هذه الهموم، فتجد أن هموم كثير حتى من الصالحين كثيراً ما تتعلق بدنياه. لكن أين هم الآخرة؟! ذلك الهم الذي غلب على قلوب أولئك الرجال. هكذا كان همّ الآخرة وتعلق القلوب بها في حياة أولئك الرجال. - بهذه الخشية فُضِّل ابن المبارك: وانظر إلى ابن المبارك رحمه الله تعالى، يقول القاسم بن محمد : كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي، فأقول في نفسي: بأي شيء فُضِل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟! إن كان ليصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو إنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج.



قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ علينا السراج، فقام بعضنا لإصلاح السراج، فكانت هُنيهة -أي: لحظة من اللحظات- ثم جاء السراج، فنظرت إلى وجهه رحمه الله تعالى وقد ابتلت لحيته من كثرة الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله عندما فقد السراج وصار إلى الظلمة ذكر القيامة فتأثر. هكذا القلب عندما يتعلق بالله جل وعلا، فهذه لحظة من اللحظات غاب منها السراج، ظلمة من الظلمات، فتذكر ظلمة القبر، وتذكر أهوال يوم القيامة، وهكذا القلب المتعلق بالله، إذا رأى ظلمة تذكر ظلمة القبر، وإذا رأى ناراً تذكر نار جهنم وسعيرها، وإذا رأى خضرة ونعيماً تذكر نعيم الجنة، فهو متعلق بالله دائماً. ولذلك ذكر الإمام أحمد في كتابه الزهد ، أن ابن مسعود مرَّ على هؤلاء الذين ينفخون الكير، فوقع مغشياً عليه. وذكر ابن الجوزي في صفة الصفوة أن مطر الوراق وصاحبه هرم بن حيان كانا يصطحبان أحياناً بالنهار، فيأتيان سوق الرياحين فيسألان الله الجنة ويدعوان، ثم يأتيان الحدادين فيعوذان من النار، ثم يتفرقان إلى منازلهما. هكذا كانت القلوب تتعلق بالله خشية وخوفاً، وهكذا كان همّ الآخرة يفعل بقلوب أولئك الرجال. ب- يا سفيان! اذكر وقوفك بين يدي الله: بل تعال واسمع لهذا الموقف العجيب، وهو من أعجب المواقف التي قرأتها ووقفت عليها في سيرة الإمام سفيان الثوري رحمه الله تعالى، يقول أحد تلامذته: كنت أتعجب من حياة الإمام! وكنت من عجبي به أتبعه في خلواته وجلواته، ثم رأيت منه عجباً، رأيت أنه يقف في اليوم مرات يخرج من جيبه رقعة فينظر إليها ثم يعيدها، يفعل ذلك في اليوم مرات، يقول: فازددت إصراراً في معرفة السر على الورقة، فما زلت خلف الإمام أتبعه، وألحظه في خلواته وجلواته حتى وقعت الورقة في يدي، فنظرت فيها فإذا مكتوب فيها... ماذا تتوقع -يا أخي الحبيب!- أن يكون مكتوباً في هذه الورقة؟! ولماذا سفيان ينظر إلى هذه الورقة كل لحظة أو يفعل ذلك في اليوم مرات؟! يقول التلميذ: فإذا مكتوب في هذه الورقة: يا سفيان ! اذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل. سبحان الله! أمير المؤمنين في الحديث، سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه وأرضاه، صاحب الخشية والورع، علم أن هذه النفس تغفل، فأراد أن يؤدبها وأن يربيها، فكتب هذه العبارة في هذه الورقة، فكلما همت نفسه بمعصية أو غفلت، أخرجها فنظر إليها وقرأها فتذكر الآخرة، وتذكر وقوفه بين يدي الله عز وجل، فأين نحن من هذا الفعل؟ نحن قد نتثاقل كثيراً إذا سمعنا واعظاً يعظ، أو مذكراً يذكّر، أما أولئك فهكذا كانوا يفعلون رحمهم الله تعالى.

الوسيم
09-09-2019, 05:42 PM
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع الله قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك ..
احتــــرامي وتــقديري...

دره العشق
09-09-2019, 05:45 PM
طرح مميــز ,,
جــزاك الله خيراً ..
ونفع بما طرحتة هنا وبـارك بك..
الف شكـــر لك
https://lh6.googleusercontent.com/-S6BVIQMX4GA/Tx2jKvK-ULI/AAAAAAAABq0/XQ9x2u9HdZs/h80/0_5b12f_8d51a0e2_M.jpg.gif (https://vb.3almc.com/showthread.php?t=1688)

روحي تبيك
09-09-2019, 07:14 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك
:eq-33:

الأمير
09-09-2019, 07:26 PM
طرح رآئع بإبدآع لآ يُضآهى
فكراً ومنطوقاً وعطآء يفوق الخيآل
سلمتم ودمتم كما تحبون وترضون
وفقكم الله وأمد أعمآركم
أرق التحآيا لمقآمكم
https://upload.3dlat.com/uploads/135733709012.gif

شيخة رواية
09-09-2019, 10:36 PM
جزااك الله كل خير

وجعله الباري في موازين حسناتك

...

بٰٰقايٰا روحہٰ
09-09-2019, 11:24 PM
:241:~||طرح جميل ومميز
سلمت يمناك ع الانتقاء والسرد
لاحرمنا الله من عبير تواجدك
دمت بسعادهـ بحجم السمآء
لقلبك طوق من الياسمين||~:241:

نبضها مطيري
09-10-2019, 01:57 AM
بارك الله فيك
و لاحرمنا الله اطلالتك.
الجميله
على جمالية هذا الطرح

خالد الشاعر
09-10-2019, 04:11 AM
جزاكي الله خيراً
وبارك الله فيكي
وجعلها في موازين حسناتكِ
وأثابكِ الله الجنه أن شاء الله

tarhal
09-10-2019, 06:25 AM
جزاك الله خير
:64:

جوهره
09-10-2019, 06:28 AM
جزاك الله كل خير
طرح رائع يحمل الخير بين سطوره
ويحمل الابداع في محتواه
سلمت يمينك

دلوعة عشق
09-10-2019, 07:08 AM
موضوع رائع
رفع الله قدرك فى الدارين
واجزل لك العطاء
شكرا لطرحك المميز

قانون الحب
09-10-2019, 07:21 AM
جزاك الله
خيرا موضوع رائع كل
الود لك

ضامية الشوق
09-10-2019, 05:09 PM
جزاك الله خيرا

نور القمر
09-10-2019, 07:52 PM
متصفح انيق ورآقي بمحتوآه
سلمت يدآك على الانتقآء المميز
بـ نتظـآر آلمزيد من هذا آلفيـض الراآقي
دمتَ بسعآدة..،
ولك جنائن من الجوري والياسمين ،

إميلي.
09-12-2019, 04:21 AM
إنتقاء رائع وطرح جميل
دائما مانرى الإبداع يلامس إنتقائك
لاحرمنـا الله من روعة اختيارك
وجميل الطرح والإبداع
لك كل الود وتقدير

رزان
09-15-2019, 02:52 PM
بارك الله بكِ على الفائدة ..
جزاكِ الله خير الجزاء ..
الله يعطيكِ العافية ويوفقكِ .


:241:

أبو علياء
09-21-2019, 04:32 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

آحً ـسًآسًᵛ͢ᵎᵖ
02-13-2020, 10:07 AM
موضوع في قمة الخيااال
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص حبي وأشواقي
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك

Şøķåŕą
09-03-2022, 09:12 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

Şøķåŕą
07-11-2024, 05:09 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

نور القمر
10-03-2024, 11:20 AM
طرح قيم وَ مفيد
سلمت يمناك عَ الانتقاء الرائع
كل الشكر وَ التقدير لك
يعطيك العافية

Şøķåŕą
11-03-2024, 01:02 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

بنت العز
11-03-2024, 01:03 PM
سلمت الأيَادي وَ يعطيك العَافية
لرُّوحك إكليل الوَرد