نور القمر
08-30-2019, 02:19 PM
حلم النبي وعفوه وشجاعته
صلى الله عليه وسلم
حِلْمه صلى الله عليه وسلم وعَفْوهِ:
الحِلْم من أخلاق الأنبياء؛ قال الله عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 114]، وقال عن ابنه إسماعيل: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101]، وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].
ومما ورد في وصف نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم: ما قاله عبدالله بن عمرو بن العاص: "ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر"[1]، وكان هذا العفو مع أعدائه كثيرًا؛ فحين كان في غزوة أُحُد كُسِرت رَبَاعِيَتُه، وشج في وجهه حتى سال الدم منه، فعفا عنهم، ودعا لهم ولم يدعُ عليهم، قال عبدالله بن مسعود: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدمَوْه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون"[2]، وكذلك قد عفا عن اليهودية التي وضعت له السم في ذراع الشاة، وعن عبدالله بن أبيٍّ ابن سلول رأس النفاق، وقال لعمر حين طلب أن يقتله: ((دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه))[3]، ولا ننسى أن نذكر عفوه عن قريش حين دخل مكة، وقولته التي سجلها التاريخ: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))[4].
ومن حِلْمه صلى الله عليه وسلم: أنه لم يحفظ عنه قط أنه ضرب امرأة ولا خادمًا، ولا انتقم لنفسه قط، إلا إذا انتهكت محارم الله، وقيل: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل"[5].
الشجاعة:
إن الشجاعة من خُلق الأنبياء والمرسلين، وبهذا وصفهم الله بقوله: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 39]، وقد عُرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجاعة، فكان لا يخاف في الله لومة لائم، ولولا هذا ما استطاع أن يبلغ دعوته ويستمر بين ظهراني قومه في مكة ما يقرب من ثلاث عشرة سنة، فكان شجاعًا حال السلم وحال الحرب؛ قال البراء: "كنا إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به - يعني النبي صلى الله عليه وسلم"[6]، وقال علي بن أبي طالب - وهو من فرسان الأمة وشجعانها -: "كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه"[7]، وفي غزوة حُنين وقد فرَّ عنه الناس ظل صلى الله عليه وسلم ثابتًا في مكانه على بغلته البيضاء وهو يقول: ((أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب))[8].
ولم تكن صولة الملك ولا قوة السلطان لتمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبليغ دعوة ربه عز وجل؛ فكاتَبَ الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام، وفيهم كسرى عظيم الفُرس، وهرقل عظيم الروم.
فهل نرى مدعيًا للنبوة يثبت مثل هذا الثبات، وتنطوي نفسه على مثل هذا اليقين؟ وقد قال عنه أنس: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قِبَل الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول: ((لن تراعوا، لن تراعوا))، وهو على فَرَس لأبي طلحة عري، ما عليه سرج، وفي عنقه سيف، فقال: ((لقد وجدتُه بحرًا))، أو: ((إنه لبحر))[9].
[1] البخاري.
[2] البخاري.
[3] البخاري.
[4] السيرة لابن هشام.
[5] مسلم.
[6] مسلم.
[7] رواه أحمد والبيهقي.
[8] البخاري.
[9] البخاري.
[/quote]
صلى الله عليه وسلم
حِلْمه صلى الله عليه وسلم وعَفْوهِ:
الحِلْم من أخلاق الأنبياء؛ قال الله عن إبراهيم عليه السلام: ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 114]، وقال عن ابنه إسماعيل: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101]، وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].
ومما ورد في وصف نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم: ما قاله عبدالله بن عمرو بن العاص: "ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر"[1]، وكان هذا العفو مع أعدائه كثيرًا؛ فحين كان في غزوة أُحُد كُسِرت رَبَاعِيَتُه، وشج في وجهه حتى سال الدم منه، فعفا عنهم، ودعا لهم ولم يدعُ عليهم، قال عبدالله بن مسعود: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدمَوْه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: "اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون"[2]، وكذلك قد عفا عن اليهودية التي وضعت له السم في ذراع الشاة، وعن عبدالله بن أبيٍّ ابن سلول رأس النفاق، وقال لعمر حين طلب أن يقتله: ((دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه))[3]، ولا ننسى أن نذكر عفوه عن قريش حين دخل مكة، وقولته التي سجلها التاريخ: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))[4].
ومن حِلْمه صلى الله عليه وسلم: أنه لم يحفظ عنه قط أنه ضرب امرأة ولا خادمًا، ولا انتقم لنفسه قط، إلا إذا انتهكت محارم الله، وقيل: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل"[5].
الشجاعة:
إن الشجاعة من خُلق الأنبياء والمرسلين، وبهذا وصفهم الله بقوله: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 39]، وقد عُرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجاعة، فكان لا يخاف في الله لومة لائم، ولولا هذا ما استطاع أن يبلغ دعوته ويستمر بين ظهراني قومه في مكة ما يقرب من ثلاث عشرة سنة، فكان شجاعًا حال السلم وحال الحرب؛ قال البراء: "كنا إذا احمر البأس نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به - يعني النبي صلى الله عليه وسلم"[6]، وقال علي بن أبي طالب - وهو من فرسان الأمة وشجعانها -: "كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه"[7]، وفي غزوة حُنين وقد فرَّ عنه الناس ظل صلى الله عليه وسلم ثابتًا في مكانه على بغلته البيضاء وهو يقول: ((أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب))[8].
ولم تكن صولة الملك ولا قوة السلطان لتمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبليغ دعوة ربه عز وجل؛ فكاتَبَ الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام، وفيهم كسرى عظيم الفُرس، وهرقل عظيم الروم.
فهل نرى مدعيًا للنبوة يثبت مثل هذا الثبات، وتنطوي نفسه على مثل هذا اليقين؟ وقد قال عنه أنس: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قِبَل الصوت، فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول: ((لن تراعوا، لن تراعوا))، وهو على فَرَس لأبي طلحة عري، ما عليه سرج، وفي عنقه سيف، فقال: ((لقد وجدتُه بحرًا))، أو: ((إنه لبحر))[9].
[1] البخاري.
[2] البخاري.
[3] البخاري.
[4] السيرة لابن هشام.
[5] مسلم.
[6] مسلم.
[7] رواه أحمد والبيهقي.
[8] البخاري.
[9] البخاري.
[/quote]