دلوعة عشق
08-14-2019, 09:18 PM
ثلاثةٌ في غارٍ ..
روى مسلم في صحيحه ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، رضي الله عنهما ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، أَنَّهُ قَالَ : { بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ، يَتَمَشَّوْنَ ، أَخَذَهُمْ الْمَطَرُ ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ ، فِي جَبَلٍ ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِله ، فَادْعُوا الله تَعَالَى بِهَا ؛ لَعَلَّ الله يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : اللهمَّ : إِنَّهُ كَانَ لِي ، وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَامْرَأَتِي ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ ، أَرْعَى عَلَيْهِمْ ، فَإِذَا أَرَحْتُ عَلَيْهِمْ : حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ ، فَسَقَيْتُهُمَا قَبْلَ بَنِيَّ ، وَأَنَّهُ نَأَى بِي ذَاتَ يَوْمٍ الشَّجَرُ ، فَلَمْ آتِ ، حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا ، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ ، فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا ، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا ، مِنْ نَوْمِهِمَا ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ قَبْلَهُمَا ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ ، عِنْدَ قَدَمَيَّ ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ : حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ : أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ ، فَفَرَجَ الله مِنْهَا ، فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : اللهمَّ : إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ ، أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ ، حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ ، فَجِئْتُهَا بِهَا ـ ( وفي رواية لمسلم أيضًا : فَامْتَنَعَتْ مِنِّي ، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ ، فَجَاءَتْنِي ) ـ فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا ، قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللهِ ، اتَّقِ اللهَ ، وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ !!! ، فَقُمْتُ عَنْهَا ، ـ ( وفي رواية للبخاريّ : فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ ) ـ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ : أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً ، فَفَرَجَ لَهُمْ ، وَقَالَ الْآخَرُ : اللهمَّ : إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا ، بِفَرَقِ أَرُزٍّ ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ : أَعْطِنِي حَقِّي ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرَقَهُ ، فَرَغِبَ عَنْهُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ ، حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرِعَاءَهَا ، فَجَاءَنِي ، فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تَظْلِمْنِي حَقِّي !!! ، قُلْتُ : اذْهَبْ : إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرِعَائِهَا فَخُذْهَا ، فَقَالَ : اتَّقِ الله وَلَاتَسْتَهْزِئْ بِي !!! ، فَقُلْتُ : إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ ، خُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرِعَاءَهَا ، فَأَخَذَهُ ، فَذَهَبَ بِهِ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ : أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مَا بَقِيَ ، فَفَرَجَ الله مَا بَقِيَ ، وَخَرَجُوا يَمْشُونَ }.
إيضاحات : - [ الْغَار : النَّقْب فِي الْجَبَل ، فَإِذَا أَرَحْت عَلَيْهِمْ : إِذَا رَدَدْت الْمَاشِيَة مِنْ الْمَرْعِي إِلَيْهِمْ ، وَإِلَى مَوْضِع مَبِيتهَا ، ( نَأَى بِي ذَات يَوْم الشَّجَر ) المَعْنَى : أَنَّهُ اِسْتَطْرَدَ مَعَ غَنَمه فِي الرَّعْي ، إِلَى أَنْ بَعُدَ عَنْ مَكَانه ، زِيَادَة عَلَى الْعَادَة فَلِذَلِكَ أَبْطَأَ ، الْحِلَاب :الْإِنَاء : الَّذِي يُحْلَب فِيهِ ، وَقَدْ يُرِيد بِالْحِلَابِ هُنَا اللَّبَن الْمَحْلُوب ، وَالصِّبْيَة يَتَضَاغَوْنَ : أَيْ : يَصِيحُونَ وَيَسْتَغِيثُونَ مِنْ الْجُوع ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي : حَالِي اللَّازِمَة ، وَقَعْت بَيْن رِجْلَيْهَا : جَلَسْت مَجْلِس الرَّجُل لِلْجِمَاع ، لَا تَفْتَح الْخَاتَم : الْخَاتَم كِنَايَة عَنْ بَكَارَتهَا ، إِلَّا بِحَقِّهِ : بِنِكَاحٍ لَا بِزِنًا ، بِفَرَقِ أَرُزٍّ :الْفَرَق : إِنَاء يَسَع ثَلَاثَة آصَع ، والصاعُ : مِكيالٌ لأَهل المدينة يأُخذ أَربعة أَمدادٍ ، والمُد مُقَدَّر : بأَن يَمُدَّ الرجل يدَيْه فيملأَ كفيه ، فَرَغِبَ عَنْه: كَرِهَهُ وَسَخِطَهُ وَتَرَكَهُ ، أَلَمَّتْ بِهَا سَنَة : وَقَعَتْ فِي سَنَة قَحْط ،
سؤال : مَنْ مِنهم عَمَلُه أَفْضَلُ مِنْ عَمَل الْآخَرَيْنِ ؟؟؟
الجواب : - صَاحِب الْأَبَوَيْنِ ، فَضِيلَته ، مَقْصُورَة عَلَى نَفْسه ؛، لِأَنَّهُ أَفَادَ : أَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِأَبَوَيْهِ وَ صَاحِب الْأَجِير ، نَفْعه مُتَعَدٍّ وَأَفَادَ : بِأَنَّهُ كَانَ عَظِيم الْأَمَانَة ، وَ صَاحِب الْمَرْأَة : أَفْضَلُهمْ ، لِأَنَّهُ أَفَادَ : أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبه خَشْيَة رَبّه ، وقَدْ شَهِدَ اللهُ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الْجَنَّة ، حَيْثُ قَالَ : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى }( النازعات :40- 41 ) ، وَقَدْ أَضَافَ هَذَا الرَّجُل : إِلَى ذَلِكَ ، تَرْك الذَّهَب ، الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمَرْأَةِ ، فَأَضَافَ إِلَى النَّفْع الْقَاصِر ، النَّفْع الْمُتَعَدِّي ، وَلَا سِيَّمَا : وَقَدْ قَالَ : إِنَّهَا كَانَتْ بِنْتَ عَمّه ، فَتَكُون فِيهِ صِلَة رَحِم أَيْضًا ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ ، فِي سَنَة قَحْط ، فَتَكُون الْحَاجَة إِلَى ذَلِكَ أَحْرَى ].
من عبر القصة :-
أ - يُسْتَحَبّ لِلْإِنْسَانِ : أَنْ يَدْعُوَ فِي حَال كَرْبه ، وَغَيْره بِصَالِحِ عَمَله ، وَيَتَوَسَّل : إِلَى اللهِ تَعَالَى بِهِ ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ ، فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ ، وَذَكَرَهُ النَّبِيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فِي مَعْرِض الثَّنَاء عَلَيْهِمْ ، وَجَمِيل فَضَائِلهمْ .
ب - فَضْل الْعَفَاف ، وَالِانْكِفَاف ، عَنْ الْمُحَرَّمَات ، لَا سِيَّمَا بَعْد الْقُدْرَة عَلَيْهَا ، وَالْهَمّ بِفِعْلِهَا ، وَيَتْرُك لِلهِ تَعَالَى خَالِصًا .
ت - أَنَّ تَرْك الْمَعْصِيَة : يَمْحُو مُقَدِّمَات طَلَبهَا ، وَأَنَّ التَّوْبَة تَجُبّ مَا قَبْلهَا.
ث - جَوَاز الْإِجَارَة ، وَفَضْل حُسْن الْعَهْد ، وَأَدَاء الْأَمَانَة ، وَالسَّمَاحَة فِي الْمُعَامَلَة. ج - إِثْبَات كَرَامَات الْأَوْلِيَاء ، وَهُوَ مَذْهَب أَهْلّ السُّنةِ والجماعةِ.
ح - فَضْل الْإِخْلَاص فِي الْعَمَل .
خ - أثر التقوى ، في تخليص العبد ، من كربه وبلائه ، ؛ قال تعالى :[ ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ....{3}] سورة الطلاق .
د - الأثر الطيب : للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقد نَهَتْ المرأة ابنَ عمِّها ، لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ ، فَقَامَ عَنْهَا ، فصان الله ? عِرضَها ، فلم تقع في الفاحشة ، وَتَرَكَ لها الْمِائَةَ دِينَارٍ.
ذ - فَضْل بِرّ الْوَالِدَيْنِ ، وَفَضْل خِدْمَتهمَا ، وَإِيثَارهمَا عَمَّنْ سِوَاهُمَا ، مِنْ الْأَوْلَاد وَالزَّوْجَة وَالْأَهْل ، وَغَيْرهمْ وَتَحَمُّل الْمَشَقَّة لِأَجْلِهِمَا .
سؤال : - ما سبب تَرْكه أَوْلَاده الصِّغَار يَبْكُونَ مِنْ الْجُوع ، طُول لَيْلَتهمَا ، مَعَ قُدْرَته عَلَى تَسْكِين جُوعهمْ ؟؟؟
الجواب : - قِيلَ : كَانَ فِي شَرْعهمْ ، تَقْدِيم نَفَقَة الْأَصْل ( الوالدين ) عَلَى غَيْرهمْ ، وَقِيلَ : لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ زِيَادَة عَلَى سَدّ الرَّمَق
روى مسلم في صحيحه ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، رضي الله عنهما ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، أَنَّهُ قَالَ : { بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ، يَتَمَشَّوْنَ ، أَخَذَهُمْ الْمَطَرُ ، فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ ، فِي جَبَلٍ ، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِله ، فَادْعُوا الله تَعَالَى بِهَا ؛ لَعَلَّ الله يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : اللهمَّ : إِنَّهُ كَانَ لِي ، وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَامْرَأَتِي ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ ، أَرْعَى عَلَيْهِمْ ، فَإِذَا أَرَحْتُ عَلَيْهِمْ : حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ ، فَسَقَيْتُهُمَا قَبْلَ بَنِيَّ ، وَأَنَّهُ نَأَى بِي ذَاتَ يَوْمٍ الشَّجَرُ ، فَلَمْ آتِ ، حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا ، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ ، فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا ، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا ، مِنْ نَوْمِهِمَا ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ قَبْلَهُمَا ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ ، عِنْدَ قَدَمَيَّ ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ : حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ : أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ ، فَفَرَجَ الله مِنْهَا ، فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ ، وَقَالَ الْآخَرُ : اللهمَّ : إِنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ ، أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ ، حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ ، فَجِئْتُهَا بِهَا ـ ( وفي رواية لمسلم أيضًا : فَامْتَنَعَتْ مِنِّي ، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ ، فَجَاءَتْنِي ) ـ فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا ، قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللهِ ، اتَّقِ اللهَ ، وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ !!! ، فَقُمْتُ عَنْهَا ، ـ ( وفي رواية للبخاريّ : فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ الْمِائَةَ دِينَارٍ ) ـ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ : أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً ، فَفَرَجَ لَهُمْ ، وَقَالَ الْآخَرُ : اللهمَّ : إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا ، بِفَرَقِ أَرُزٍّ ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ : أَعْطِنِي حَقِّي ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرَقَهُ ، فَرَغِبَ عَنْهُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ ، حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرِعَاءَهَا ، فَجَاءَنِي ، فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تَظْلِمْنِي حَقِّي !!! ، قُلْتُ : اذْهَبْ : إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرِعَائِهَا فَخُذْهَا ، فَقَالَ : اتَّقِ الله وَلَاتَسْتَهْزِئْ بِي !!! ، فَقُلْتُ : إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ ، خُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرِعَاءَهَا ، فَأَخَذَهُ ، فَذَهَبَ بِهِ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ : أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مَا بَقِيَ ، فَفَرَجَ الله مَا بَقِيَ ، وَخَرَجُوا يَمْشُونَ }.
إيضاحات : - [ الْغَار : النَّقْب فِي الْجَبَل ، فَإِذَا أَرَحْت عَلَيْهِمْ : إِذَا رَدَدْت الْمَاشِيَة مِنْ الْمَرْعِي إِلَيْهِمْ ، وَإِلَى مَوْضِع مَبِيتهَا ، ( نَأَى بِي ذَات يَوْم الشَّجَر ) المَعْنَى : أَنَّهُ اِسْتَطْرَدَ مَعَ غَنَمه فِي الرَّعْي ، إِلَى أَنْ بَعُدَ عَنْ مَكَانه ، زِيَادَة عَلَى الْعَادَة فَلِذَلِكَ أَبْطَأَ ، الْحِلَاب :الْإِنَاء : الَّذِي يُحْلَب فِيهِ ، وَقَدْ يُرِيد بِالْحِلَابِ هُنَا اللَّبَن الْمَحْلُوب ، وَالصِّبْيَة يَتَضَاغَوْنَ : أَيْ : يَصِيحُونَ وَيَسْتَغِيثُونَ مِنْ الْجُوع ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي : حَالِي اللَّازِمَة ، وَقَعْت بَيْن رِجْلَيْهَا : جَلَسْت مَجْلِس الرَّجُل لِلْجِمَاع ، لَا تَفْتَح الْخَاتَم : الْخَاتَم كِنَايَة عَنْ بَكَارَتهَا ، إِلَّا بِحَقِّهِ : بِنِكَاحٍ لَا بِزِنًا ، بِفَرَقِ أَرُزٍّ :الْفَرَق : إِنَاء يَسَع ثَلَاثَة آصَع ، والصاعُ : مِكيالٌ لأَهل المدينة يأُخذ أَربعة أَمدادٍ ، والمُد مُقَدَّر : بأَن يَمُدَّ الرجل يدَيْه فيملأَ كفيه ، فَرَغِبَ عَنْه: كَرِهَهُ وَسَخِطَهُ وَتَرَكَهُ ، أَلَمَّتْ بِهَا سَنَة : وَقَعَتْ فِي سَنَة قَحْط ،
سؤال : مَنْ مِنهم عَمَلُه أَفْضَلُ مِنْ عَمَل الْآخَرَيْنِ ؟؟؟
الجواب : - صَاحِب الْأَبَوَيْنِ ، فَضِيلَته ، مَقْصُورَة عَلَى نَفْسه ؛، لِأَنَّهُ أَفَادَ : أَنَّهُ كَانَ بَارًّا بِأَبَوَيْهِ وَ صَاحِب الْأَجِير ، نَفْعه مُتَعَدٍّ وَأَفَادَ : بِأَنَّهُ كَانَ عَظِيم الْأَمَانَة ، وَ صَاحِب الْمَرْأَة : أَفْضَلُهمْ ، لِأَنَّهُ أَفَادَ : أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبه خَشْيَة رَبّه ، وقَدْ شَهِدَ اللهُ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ الْجَنَّة ، حَيْثُ قَالَ : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى }( النازعات :40- 41 ) ، وَقَدْ أَضَافَ هَذَا الرَّجُل : إِلَى ذَلِكَ ، تَرْك الذَّهَب ، الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمَرْأَةِ ، فَأَضَافَ إِلَى النَّفْع الْقَاصِر ، النَّفْع الْمُتَعَدِّي ، وَلَا سِيَّمَا : وَقَدْ قَالَ : إِنَّهَا كَانَتْ بِنْتَ عَمّه ، فَتَكُون فِيهِ صِلَة رَحِم أَيْضًا ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ ، فِي سَنَة قَحْط ، فَتَكُون الْحَاجَة إِلَى ذَلِكَ أَحْرَى ].
من عبر القصة :-
أ - يُسْتَحَبّ لِلْإِنْسَانِ : أَنْ يَدْعُوَ فِي حَال كَرْبه ، وَغَيْره بِصَالِحِ عَمَله ، وَيَتَوَسَّل : إِلَى اللهِ تَعَالَى بِهِ ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ ، فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ ، وَذَكَرَهُ النَّبِيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ، فِي مَعْرِض الثَّنَاء عَلَيْهِمْ ، وَجَمِيل فَضَائِلهمْ .
ب - فَضْل الْعَفَاف ، وَالِانْكِفَاف ، عَنْ الْمُحَرَّمَات ، لَا سِيَّمَا بَعْد الْقُدْرَة عَلَيْهَا ، وَالْهَمّ بِفِعْلِهَا ، وَيَتْرُك لِلهِ تَعَالَى خَالِصًا .
ت - أَنَّ تَرْك الْمَعْصِيَة : يَمْحُو مُقَدِّمَات طَلَبهَا ، وَأَنَّ التَّوْبَة تَجُبّ مَا قَبْلهَا.
ث - جَوَاز الْإِجَارَة ، وَفَضْل حُسْن الْعَهْد ، وَأَدَاء الْأَمَانَة ، وَالسَّمَاحَة فِي الْمُعَامَلَة. ج - إِثْبَات كَرَامَات الْأَوْلِيَاء ، وَهُوَ مَذْهَب أَهْلّ السُّنةِ والجماعةِ.
ح - فَضْل الْإِخْلَاص فِي الْعَمَل .
خ - أثر التقوى ، في تخليص العبد ، من كربه وبلائه ، ؛ قال تعالى :[ ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً{2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ....{3}] سورة الطلاق .
د - الأثر الطيب : للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقد نَهَتْ المرأة ابنَ عمِّها ، لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَقَالَتْ : يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ ، فَقَامَ عَنْهَا ، فصان الله ? عِرضَها ، فلم تقع في الفاحشة ، وَتَرَكَ لها الْمِائَةَ دِينَارٍ.
ذ - فَضْل بِرّ الْوَالِدَيْنِ ، وَفَضْل خِدْمَتهمَا ، وَإِيثَارهمَا عَمَّنْ سِوَاهُمَا ، مِنْ الْأَوْلَاد وَالزَّوْجَة وَالْأَهْل ، وَغَيْرهمْ وَتَحَمُّل الْمَشَقَّة لِأَجْلِهِمَا .
سؤال : - ما سبب تَرْكه أَوْلَاده الصِّغَار يَبْكُونَ مِنْ الْجُوع ، طُول لَيْلَتهمَا ، مَعَ قُدْرَته عَلَى تَسْكِين جُوعهمْ ؟؟؟
الجواب : - قِيلَ : كَانَ فِي شَرْعهمْ ، تَقْدِيم نَفَقَة الْأَصْل ( الوالدين ) عَلَى غَيْرهمْ ، وَقِيلَ : لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَ زِيَادَة عَلَى سَدّ الرَّمَق