تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (1)


نور القمر
07-18-2019, 02:58 PM
كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (1)


الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام دينًا، وصلى الله على النبي الأمي الذي بلَّغ ما أُنزل إليه من ربه بلاغًا مبينًا.


أما بعد:
فإن من أعظم مسالك فَهم الحدود الشرعية: تتبُّعَ نصوص الوحيين، والجمعَ بين أطرافها، وردَّ المتشابهِ إلى المحكم؛ كما هو معلومٌ عند أهل العلم.

وحديثنا هاهنا عن كلمة التوحيد التي هي معقد النجاة في الدنيا والآخرة؛ ما معناها؟ وما علاقتها بالعبادة؟ وما الصلة بينهما (كلمة التوحيد، والعبادة) وبين اجتناب الشرك والكفر بالطاغوت؟ وهل هذه المعاني متطابقة، أو هي متلازمة، أو هي منفكَّة بعضها عن بعض؟

وسبيلنا في هذا هو التتبُّع الموجز للنصوص؛ بحيث تُغني الإشارةُ عن تفصيل العبارة، وليس بُغيتنا هنا الاستقراء التام، إذا حصل المقصود بما نذكر إن شاء الله.

أولًا - كلمة التوحيد في كتاب الله:
إذا تتبعنا كلمة التوحيد في الكتاب، وجدناه يفسِّر بعضُه بعضًا؛ فما أُجمل في موضع فُسِّر في آخر، ورغم أنه معلومٌ بالاضطرار من دين الإسلام أن هذه الكلمة تَعني إفراد الله بالعبادة، والبراءة من كل معبود سواه، فإنَّنا نَسوق بعض الآيات التي تؤكد هذا المعنى:
لقد بين الله تعالى أنه أرسل رسله أنه: لا إله إلا هو ليُعبَد؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾ [الزخرف: 45]، وقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]؛ فالرسل جاءت تَدعو أقوامها إلى عبادة الله وحده، وهذا هو معنى كلمة التوحيد.

ثم فسَّر سبحانه العبادة التي أرسل بها رسله في آية أخرى، فقال: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36].

إن آية (النحل) هذه هي في سياق الاحتجاج على المشركين الذين قالوا: ﴿ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 35]؛ إذْ رَدَّ الله حجتَهم بقوله: ﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 35، 36].

وهنا وقفةٌ مع سياق آية (النحل): ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا... ﴾ [النحل: 35]، ومثيلِه في (الأنعام): ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا... ﴾ [الأنعام: 148]؛ حيث يبدأ السياق بإثبات وصف الشرك لهم، وهي صفتهم التي استحقُّوها؛ لجُرمهم الذي اعترفوا به واعتذروا عنه بالقدَر، ولهذا السبب سُمُّوا مشركين، وهذا الجُرم - الذي هو علةُ شركهم - يتمثل في إشراكهم مع الله غيرَه في العبادة من جهة، وفي التشريع والمتابعة عليه (أي: الطاعة في هذا التشريع) من جهة أخرى.

والأمران كلاهما كُرِّرا في السياقين (في النحل والأنعام)، مما يبين أنَّ ذِكرَهما ليس لمجرد التمثيل، وفيهما أيضًا بيان الارتباط الوثيق بين شِرك القوم وشرك آبائهم؛ إذ كانت متابعة الآباء في الضلالة حجةَ المشركين قِبَلَ ما جاءت به الرسل، ولو كان أهدى سبيلًا.

ثم قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [النحل: 35]، ﴿ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [الأنعام: 148]؛ أي: إن هذه صورة مطَّرِدة للشِّرك في كل زمان، وليست خاصة بقريش!

ثم رد الله حجتهم؛ تارةً ببيان حجة المشركين الداحضة، وتارةً ببيان حجة الله البالغة؛ فبيَّن في (الأنعام) جهلهم وتخرُّصهم، وطالَبهم بعِلمٍ في هذا الشأن، ثم قابَل ذلك بإثبات الحجة البالغة لله وحده، وفي (النحل) حَجَّهم بأن الرسل بلَّغوا البلاغ المبين، فلِمَ الاعتذارُ بالقدَر؟ مع التنصيص على أنَّ ما بعَث به الرسل وبلَّغوه البلاغ المبين - وهو حجة الله البالغة - هو: ﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، ولاحِظِ النفي والإثبات في الآية نظيرَ ما في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) من نفيٍ وإثبات، مما يبيِّن حقيقة هذه الكلمة الشريفة.

ثم بَيَّن سبحانه سرَيانَ قدَرِ الله عليهم من قبلُ ومن بعد - رغمَ إبطال حجتهم بإرسال الرسل -: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾ [النحل: 36]، وهناك في (الأنعام) قال: ﴿ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأنعام: 149]، وفي ذلك إثباتٌ للقدَر؛ لئلَّا يتوهَّم السامع أن إثبات إرادة هؤلاء واختيارهم للضلالة يَنفي قدَر الله في ملكه؛ فسبحان من قالت الجن في كلامه: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ﴾ [الجن: 1، 2]!

وفي موضعٍ آخر يقول سبحانه حكايةً عن الرسل: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59]، ثم يَذْكر سؤالَه لهم يوم القيامة عن إجابة دعوة المرسلين: ﴿ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ﴾ [الشعراء: 92]، ﴿ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 65].

وقال الحقُّ سبحانه عن خليله: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾ [الزخرف: 26، 27]، ثم بَيَّن أن هذا مدلولُ كلمة التوحيد التي ورِثها أتباعُ إبراهيم عليه السلام؛ فهي كلمة باقية في عقبه: ﴿ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الزخرف: 28]، وقال إبراهيم عليه السلام: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 75 - 77].

وقال تعالى عن أصحاب الكهف: ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ ﴾ [الكهف: 16]، فهم أتوا بالأمرين معًا: اعتزال المشركين، وما يَعبدون من طواغيتَ وآلهةٍ مزيفة كاذبة، إلا الله الملك الحق.

فمِن هذه النصوص وغيرها تتمثل أمامنا دعوةُ التوحيد المباركة: منذ أن خلق الله السموات والأرض بالحق، إلى أن ينزل العباد منازلهم في الآخرة:
• فالله خلقنا لعبادته.
• فكان أن هيأنا لأداء تلك الغاية بفَطْرنا على الإسلام.
• ثم أمَرَنا بما خَلَقَنا لأجله من توحيده؛ بأن أَرسلَ رسلَهُ إلينا بلا إله إلا الله.
• فدعا الرسل الناسَ: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59]، ونهَوْهم عن الشرك.
• فإذا الناس ﴿ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [النمل: 45]؛ أي: في الدنيا ولَمَّا يحكم بينهم.

وتظل خصومة الفريقين حتى يُفْصَل فيها يومَ الفصل: ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ ﴾ [الحج: 19]؛ ذلك أنه ﴿ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾ [المائدة: 72].

أما أسعد الناس بكلمة (لا إله إلا الله)، فهو الموعود بقوله صلى الله عليه وسلم: ((من مات لا يشرك بالله شيئًا، دخل الجنة))؛ [متفق عليه].

فهذه تأمُّلات في كتاب الله تعالى، تتلوها في المقالة التالية بإذن الله قطوفٌ من السنة النبوية حول كلمة التوحيد ومدلولاتها؛ حيث إنَّ السنة هي المبيِّنة والشارحة لكتاب الله؛ لذا ستجد أخي الكريم تفصيلًا أكبر مما ذكَرنا آنفًا.
[/quote]

الوسيم
07-18-2019, 04:03 PM
يعطِـــيكْ العَآفيَـــةْ..
عَلَـــىْ روْعـــَــةْ طرْحِـــكْ’..
بإآنْتظَـــآرْ الَمزيِــدْ منْ إبدَآعِكْ ..
لــكْ ودّيْ وَأكآليلَ ورْديْ

الاقشر
07-18-2019, 10:47 PM
بارك الله فيك على طرحك الطيب

دره العشق
07-19-2019, 02:18 AM
شكراً لك
بانتظار الجديد القادم
دمت بكل خير..

دلوعة عشق
07-19-2019, 06:54 AM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

جوهره
07-19-2019, 07:16 AM
جزاك الله خير
يعطيك العافيه على الطرح القيم

نور القمر
07-19-2019, 03:00 PM
آختيَآرَ جَميلَ جِدآ
سَلمتَ علىَ هذهِ الآطَروحهَ الآنيقَهَ
وَسَلِمتَ يُمنَآكِ المُخمليِهَ لِ جلبهآ المُتميزَ

محمد المقاول
07-19-2019, 03:09 PM
طرح رائع
شكرا اليك
تحياتي ومروري

إميلي.
07-20-2019, 03:11 AM
سلمت يمينك على الطرح المميز
ننتظر جديدك القادم

صاحبة السمو
07-20-2019, 12:02 PM
سلمت الآكف ومَاجلبت
إبداع دآئم وتميز مُستمر
لا عدمنَاك
قوافل شكري وتقديري لك :rose:

لَـحًـــنِ ♫
07-20-2019, 12:15 PM
سـلــمُ لـنـاهـــذُآ الـــذوُوُق..
الذُي يقطفُ لنا..
وسلم لنا هذا القلم المميز
آجمًل العبارات وٌآروعهـــاآ..
ما ننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ..
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء
ل روحك الجووري
بانتظار جديدكِ بشوق

خالد الشاعر
07-20-2019, 05:19 PM
جزاكي الله خيراً
وجعله بموازين حسناتكِ
لا عدمنا حضووركِ
لروحكِ احترامي وتقديري

سرالهوى
07-21-2019, 12:20 AM
طرح راقي
أهنيك على هذا الموضوع الرائع
والجميل
أعجبني كثيراً وراق لي
لاحرمنا الله من تجدد مواضيعك
يعطيك الف عافيه
مودتي

لذة مطر ..!
07-21-2019, 05:28 AM
جزاك الله خير ونفع بك .. :20:

بٰٰقايٰا روحہٰ
07-23-2019, 12:26 AM
يعطيك العافية
على جمالية طرحك الراقي
تراتيل شكري تنحني لبوحك
سنبقى دوما نرتقب جديدك
تحيتي لروحك:100:

أبو علياء
07-23-2019, 02:44 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

روحي تبيك
07-31-2019, 06:11 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

ريُـ‘ـُآحُـ‘ـُ آلُـ‘ـُشُـ‘ـُۅقُـ‘ـُ
08-17-2019, 10:24 AM
جزاكم ربي خير الجزاء
ونفع الله بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

Şøķåŕą
06-14-2022, 08:51 AM
سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

سليدا
06-14-2022, 08:54 AM
جزاك الله خير وجعله بموازين.. حسنااتك

Şøķåŕą
05-07-2023, 09:21 AM
جزاك الله خيرا

نور القمر
09-15-2024, 12:32 PM
سلمت الأيَادي وَ يعطيك العَافية
لرُّوحك إكليل الوَرد https://a-al7b.com/vb/images/smilies/131.gif.

البرنس مديح آل قطب
09-29-2024, 12:11 PM
https://www.raed.net/img?id=389576
https://b.top4top.io/p_1753v4eku8.gif

https://up6.cc/2023/07/168855024302441.gifhttps://up6.cc/2023/07/168855024302441.gifhttps://up6.cc/2023/07/168855024302441.gif
https://up6.cc/2023/07/168855024302441.gifhttps://up6.cc/2023/07/168855024302441.gif
https://up6.cc/2023/07/168855477604481.gif



http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif



http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif

جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم :620:
يعطيكم العافية على طرحكم الجميل :eq-34:https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1 (27).gif
ما ننحرم من فيض عطائكم وإبداعكم https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gif
ننتظر كل جديد لكم على الدوام :mh53:
لكم تحياتي وفائق شكري :h5:https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1 (27).gif
ولكم كل الود وباقات جاسمين :j1:
يسلموااااااااااااااااااااااااااااااا :eq-32:











https://www.raed.net/img?id=405932
القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif
البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس:238:


https://up6.cc/2023/09/169422269545223.gif

Şøķåŕą
10-09-2024, 06:56 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير