تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد في سورة الإسراء


نور القمر
07-16-2019, 08:20 PM
وتسمى سورة "بني إسرائيل"؛ وتوضح السورة الكريمة السنة الفاعلة والقضاء الإلهي في اليهود، لكي يتعلم وليعتبر المسلمون، فقد أنزل الله تعالى التوراة على موسى عليه السلام، فحرَّفوها وتركوها وراء ظهورهم، ولم يعملوا بها، فعاقبهم على ذلك، وكما كانت فيهم أجيال مفسدة، كانت منهم أيضًا أجيال صالحة ومصلحة، ولهذا كان تاريخهم متغيرًا بين العلو والتمكين تارةً، وبين السقوط والاستضعاف تارة أخرى.



♦ كانوا إذا أحسوا بالظلم وذاقوا مرارة الاستضعاف، عادوا إلى الله تعالى وتمسكوا بالتوراة الحقيقية، والتزموا بالأخلاق وتركوا الفساد والإفساد؛ لأنهم يعلمون يقينًا أن هذا هو الطريق إلى التمكين في الأرض، لكنهم كعادتهم إذا تمكَّنوا نسوا أمر الله ونسوا ما كانوا فيه من الذل، وعادوا إلى الفساد والإفساد، ثم تواطؤوا على المنكرات، وعند ذلك تعود السنة الفاعلة للعمل وهكذا؛ ﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾ [الإسراء: 8].



♦ من عجائب السورة أنه جاء فيها ذكر القرآن (لفظًا) إحدى عشرة مرة، (بخلاف الإشارة إليه بالضمير)، ولعل من مراد ذلك التنبيهُ ولفت النظر إلى أن تمكين المسلمين في الأرض مرهون بعملهم بالقرآن؛ فإذا عملوا به واحتكموا إليه، وساروا على نهجه وهديه، كانت لهم الغلبة على الأمم، وإن تركوه وراءَ ظهورهم ولم يفهموه، - ولو حفظوه لفظًا - كانت الغلبة للأمم عليهم، وهذا لا شكَّ واضحٌ، فإن درس الإسراء إلى بيت المقدس يُعد نقطة تحول في تاريخ الأديان وفي الحياة الإنسانية، وليكون القرآن قائدًا ومرجعًا حال الاستضعاف والتمكين على السواء. فإن التفريط والمخالفة للقرآن تستوجب العقوبة والمذلة، وإن الاستمساك بالقرآن والعمل به كلِّه لا بعضه، شرط العزة والتمكين في الأرض، وعلى آية حال فإن السورة مليئة بالسنن.



♦ بدأت السورة بإعلان التوحيد المتمثل في "سبحان" في صيغة المصدر؛ فقد جاء في مواضع أخرى صيغ زمانية؛ كـ"سبَّح" الماضي، و"يسبِّح" المضارع، و"سبِّح" الأمر.


و"تسبيح الله": تنزيهه من السوء على وجه التعظيم؛ ففي تفسير البغوي: (سبحان الله): تنزيه الله تعالى من كل سوء، ووصفه تعالى بالبراءة من كل نقص على طريق المبالغة، ويكون "سبحان" بمعنى التعجب.



قلت: ولعل هذه البراعة في الاستهلال تناسب حادث الإسراء، فقد كان أمرًا عجيبًا، (ولا يزال)، فلكل أمر عجيب "سبحان الله".



♦ ومن أسمائه تعالى - المتفرد بها - السبُّوح: (أثبته ابن تيمية – رحمه الله - في الفتاوى: 22 /485، والشيخ ابن العثيمين في "القواعد المثلى"، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في ركـوعه وسجـوده: "سـبوح قـدوس رب المـلائكة والـروح"؛ رواه مسـلم (487)؛ ومعنى "سُبُّوح": المبرأ من النقائص والشريك، وكل ما لا يليق بالإلهية، و"قدوس": المطهر من كل ما لا يليق بالخالق، (قاله الزبيدي وغيره).



وفي قوله تعالى: "بعبده" دليلٌ على وحدانية الله عز وجل، فالعبد هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي تحقَّقت فيه العبودية الكاملة، والضمير لا شك يعود إلى الله الواحد السبوح القدوس، (ضمير المفرد الواحد).



وإذا كانت السورة الكريمة مليئة بالسنن الإلهية؛ فإن التمكين المقترن بنصر الله ومعيته وتأييده، إنما هو لمن تمسك والتزم بالأخلاق الفاضلة والأفعال الحسنة في إطار التوحيد الذي لا شرك معه، وبيان ذلك فيما يلي:

1- اشتملت السورة على أربع وعشرين وصية في ست عشرة آية؛ بدأت بقوله تعالى: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ﴾ [الإسراء: 22]، وختمت بقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 39]، وفي تَكرار قوله تعالى: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ﴾ [الإسراء: 22]، تأكيد أن الأخلاق الفاضلة منبعها وأصلها ومرجعها التوحيد، وأنه إذا دخل الشرك في عمل حتى ولو كان فاضلًا، فسد وصار هباءً منثورًا، لا فائدة منه ولا رجاء فيه، وتأكيد أيضًا أن التوحيد باعث على الأخلاق الفاضلة، وأن تلك الأخلاق ثمرة من ثمار التوحيد، فالنبي صلى الله عليه وسلم المخاطب في هذه السورة قد تحقق فيه التوحيد والأخلاق الأكملان.



2- بيَّنت الوصايا أن الشرك له عواقبُ وخيمة في الدنيا والآخرة؛ ففي الدنيا السقوط (الهبوط)، وهو ما يشير إليه معنى قوله تعالى: (مَخذولًا)، أما في الآخرة، فجهنم يُلقى فيها المشرك (مَلومًا مَدحورًا) لا ناصرَ له ولا باكيَ عليه!



3- استُهلَّت الوصايا بأهمها وأعظمها وهو التوحيد: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 23]؛ لأن الله تعالى إنما خلق الخلق ليعبدوه وحده، ولأن الله تعالى هو المنعم المتفضل بسائر النعم، فهو المستحق أن يُعبَدَ وحدَه، ثم الوصية بالوالدين، ثم الأقرباء، ثم المسكين وابن السبيل.


ثم عدة وصايا تنشئ وتقيم مجتمعًا آمنًا طاهرًا متراحمًا، تجلى ذلك في التوسط في الإنفاق، النهي عن قتل الأولاد خشية الفقر، تحريم الزنا، وتحريم قتل النفس (إلا بالحق)، حُرمة مال اليتيم... ثم عدة وصايا لإصلاح النفس وتهذيبها بتجريدها من خصال السوء، وتجلَّى ذلك في النهي عن تتبع عورات الناس، والنهي عن الكبر والمرح: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 36 - 38]..



4- بيان أن الحكمة إنما هي في توحيد الله وطاعة أوامره، والإحسان إلى المخلوقين وهما الدين، فقوام الدين في أمرين:

الأول: تعظيم الخالق تعالى بتوحيده.

الثاني: الإحسان إلى المخلوقين.



5- جاء ذكر التسبيح بعد ذلك في السورة ست مرات في المسبحين، فإن كانوا في منظومة التسبيح والمسبحين، فإن الله تعالى يسخِّر لهم أسباب التمكين والعيش الكريم، وإن خرجوا عن منظومة الكون المسبح، هلكوا مع الهالكين؛ لأنهم سيصطدمون بنواميس الكون، وليس لهم من نصير!



6- جاء وصف القرآن بأوصاف لا بد من الوقوف عندها:

♦ أنه يهدي للأقوم في كل شيء؛ في العقيدة والتشريع والأخلاق والتصورات: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].



♦ أنه ذكرى وذكر: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا ﴾ [الإسراء: 41]، ﴿ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴾ [الإسراء: 46].



♦ أنه شفاء ورحمة: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82].



♦ أنه منهج تربية على العقيدة والأخلاق: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106]، ففي تنزيل القرآن منجمًا مفرقًا حسب الوقائع والمواقف آية آيةً، وسورة سورة، تربيةً وإعدادًا للمؤمنين لتقبُّل الأوامر والتكاليف، ولتحمُّل المشاق، من أجل العقيدة وإعلاء كلمة الله في الأرض.



7- كان البدء بالتسبيح "سبحان الذي"، وكان الختام بالحمد والتكبير: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].

الاقشر
07-16-2019, 09:30 PM
بارك الله فيك على طرحك الطيب

صاحبة السمو
07-16-2019, 09:35 PM
سلمت انآملك على الطرح المميز
يعطيك العافية على مجهودك
ننتظر منك المزيد والفريد
لروحك سعادة :rose:

دره العشق
07-16-2019, 09:36 PM
روعه موضوع رائع ومميز
عاشت الايادي دوم التالق
تحياتي
http://img.5jle.com/uploadcenter/uploads/12-2013/PIC-582-1386761153.gif

خالد الشاعر
07-16-2019, 10:52 PM
جزااكي الله كل خير
وجعله الباري في موازين حسناتكِ
دمتي بحفظ الباري

shajan
07-16-2019, 11:30 PM
ارك الله بك لجلبك وانتقاءك المفيد
نفعنا الله واياك بما كتب
رزقك الله خير الدنيا ولآخرة وسدد خطاك لكل خير

دمت بطاعة الرحمن

الياقوتة
07-17-2019, 12:30 AM
جزاك الله خير
ع الموضوع القيم
الله يجعلها في ميزان حسناتك
ودي وتقديري

أبو علياء
07-17-2019, 02:18 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنه
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

نور القمر
07-17-2019, 10:37 PM
منورين بمروركم العطر

إميلي.
07-18-2019, 01:30 AM
جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك

ريُـ‘ـُآحُـ‘ـُ آلُـ‘ـُشُـ‘ـُۅقُـ‘ـُ
07-18-2019, 04:38 AM
جزاكم ربي خير الجزاء
ونفع الله بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

دلوعة عشق
07-18-2019, 07:25 AM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

الوسيم
07-18-2019, 03:41 PM
يعطِـــيكْ العَآفيَـــةْ..
عَلَـــىْ روْعـــَــةْ طرْحِـــكْ’..
بإآنْتظَـــآرْ الَمزيِــدْ منْ إبدَآعِكْ ..
لــكْ ودّيْ وَأكآليلَ ورْديْ

جوهره
07-19-2019, 07:21 AM
جزاك الله خير
يعطيك العافيه على الطرح القيم

لذة مطر ..!
07-21-2019, 05:32 AM
جزاك الله خير ونفع بك .. :20:

بٰٰقايٰا روحہٰ
07-23-2019, 12:30 AM
يعطيك العافية
على جمالية طرحك الراقي
تراتيل شكري تنحني لبوحك
سنبقى دوما نرتقب جديدك
تحيتي لروحك:100:

روحي تبيك
07-31-2019, 05:28 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

Şøķåŕą
06-14-2022, 08:44 AM
سلمت الأيادي ..
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

البرنس مديح آل قطب
09-29-2024, 11:55 AM
https://www.raed.net/img?id=389576
https://b.top4top.io/p_1753v4eku8.gif

https://up6.cc/2023/07/168855024302441.gifhttps://up6.cc/2023/07/168855024302441.gifhttps://up6.cc/2023/07/168855024302441.gif
https://up6.cc/2023/07/168855024302441.gifhttps://up6.cc/2023/07/168855024302441.gif
https://up6.cc/2023/07/168855477604481.gif



http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif



http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif

جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم :620:
يعطيكم العافية على طرحكم الجميل :eq-34:https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1 (27).gif
ما ننحرم من فيض عطائكم وإبداعكم https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gif
ننتظر كل جديد لكم على الدوام :mh53:
لكم تحياتي وفائق شكري :h5:https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1 (27).gif
ولكم كل الود وباقات جاسمين :j1:
يسلموااااااااااااااااااااااااااااااا :eq-32:











https://www.raed.net/img?id=405932
القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif
البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس:238:


https://up6.cc/2023/09/169422269545223.gif

Şøķåŕą
10-09-2024, 06:57 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير