شيخة رواية
05-17-2019, 04:37 AM
أحضر قلبك وشعورك ومشاعرك ؛ لتصحب بوجدانك
ركبه - - .
دعونا نمد أبصار بصائرنا إلى هذا الموكب العظيم ،
يقوده إمام البشرية وسيد الخلق وخيرة الله من خلقه ؛
لنرى مشاهد تأخذ بمجامع القلوب ،
وسيرة عطرة تستجيش المشاعر والشعور .
إنه الحديث الحبيب عن الحبيب ، وهو يقود المسلمين
ليريهم مناسكهم ويعلمهم كيف يحجون بيت ربهم .
اضغط هنا لتكبير الصوره
* خرج النبي - - من المدينة يوم السبت
بعد صلاة الظهر ، ثم نزل بذي الحليفة فأقام بها يومه ذلك
وبات ليلته تلك ؛ حتى يتتابع إليه الناس ويدركه من بعد
عنه .
* سار - - تكلؤه رعاية الله ،
وتتنزل عليه ملائكته ، ويتتابع عليه الوحي من ربه ،
فلما أصبح ، قال :
" أتاني الليلة آت من ربي ، فقال :
" صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة " " .
* تهيأ - - لإحرامه غاية التهيؤ ،
حتى لتستشعر من تهيوئه عظيم العبادة التي سيدخلها ،
فيحتفل لها هذا الاحتفال ويستقبلها هذا الاستقبال ،
أشعر هديه وقلده ، واغتسل - - لإحرامه ،
ثم لبد رأسه وتطيب من كفي عائشة - رضي الله عنها -
بأطيب الطيب عندها ، وتضمخ بالطيب فكان - صلى الله عليه
وسلم - وهو الطيب المطيب ينفح طيبًا ، ويرى وبيص الطيب
في مفارقة بعد ذلك .
* لبس - - إحرامه وصلى الظهر ،
ثم استقل راحلته على غاية من الخشوع والخضوع
والتعظيم لرب العالمين ، متواضعًا لله معظمًا لشعائره .
انظر إلى راحلته ورحله ، وإلى وطائه ومتاعه .
لقد ركب راحلته وعليها رحل رث وقطيفة لا تساوي أربعة
دراهم ، فلما انبعثت به راحلته :
استقبل القبلة ،
وحمد الله وسبح وكبر ، وقال :
" لبيك حجة لا رياء فيها ولا سمعة ،
لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ،
إن الحمد والنعمة لك والملك ،
لا شريك لك، لبيك إله الحق " .
* أما متاعه وزاده فكان ما تحمله زاملة أبي بكر
- رضي الله عنه - فكانت زاملته وزاملة أبي بكر واحدة .
ولك أن تتفكر ما الذي صحبه - -
من بهجة الدنيا وزينتها ، إذا كان كل ما حمله هو ما
قاسمه ظهر زاملة أبي بكر - رضي الله عنه - .
سار - - وصاحبه في مسيره من
المدينة إلى مكة ، هو صاحبه من مكة إلى المدينة يوم
أن هاجر إليها قبل عشر سنين ، حينما خرج - صلى الله
عليه وسلم - وقد نذرت به القبائل وتطلبته وهو يقول لصاحبه :
" لا تحزن إن الله معنا " .
وهاهو اليوم يسير مسيرًا آخر هو وصاحبه من المدينة
إلى مكة والأرض قد وطئت له ، والقبائل التي كانت تطلبه
قد آمنت كلها به ، وهذه جموعها تزحف معه في هذا
المسير .
* سار - - تحيط به القلوب ،
وترمقه المقل ، وتفديه المهج .
فهو معهم كواحد منهم ، لم توطأ له المراكب ، ولم تتقدمه
المواكب ولم تشق له الطرقات ، ولم تنصب له السرادقات ،
وإنما سار بين الناس ، ليس له شارة تميزه عنهم إلا بهاء
النبوة وجلال الرسالة ، يسير معهم وفي غمارهم ،
يقول أنس :
" كنت ردف أبي طلحة على راحلته وإن ركبته لتكاد تمس
ركبة رسول الله - - ، وهو يقول :
" لبيك حجة وعمرة " .
لقد كان الناس حوله كما قال جابر - رضي الله عنه - :
" نظرت مد بصري بين يدي رسول الله
- - ما بين راكب وماشٍ ، ومن خلفه مثل
ذلك ، وعن يمينه مثل ذلك ،
وعن شماله مثل ذلك ورسول الله - -
بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فما عمل
من شيء عملناه " .
* سار - - بهذه الجموع الزاحفة
حوله ما بين راكب وماشٍ تحيط به كما تحيط الهالة بالقمر ،
فتنزل عليه جبريل ، فقال :
" يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها
شعار الحج " .
فاهتزت الصحراء وتجاوبت الجبال بضجيج الملبين وهتافهم
بتوحيد رب العالمين .
" لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ،
إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ،
لبيك إله الحق ، لبيك ذا المعارج ، لبيك وسعديك ،
والخير في يديك والرغباء والعمل " .
زحفت تلك الجموع على هذه الحال هتاف بالتلبية ،
وعجيج بالذكر ، وإعلان بشعار الحج .
* أما رسول الله - - فهو يقطع
هذه الفيافي الفساح ، وكأنما جبالها ووهادها وآكامها
وأوديتها تروي له خبرها ، وتحدثه بمن مر بها .
فتراءت للرسول - - أطياف الأنبياء
الذين ساروا يؤمون هذا البيت قبله ، كأنما يراهم أمامه
ويرافقهم في مسيره .
فلما مر بوادي عسفان ، قال :
" يا أبا بكر أي واد هذا ؟
قال :
وادي عسفان .
قال :
لقد مر به هود وصالح على بكرات خطمها الليف ،
أُزُرُهُم العباء ، وأرديتهم النمار ، يحجون البيت العتيق " .
ولما مر بوادي الأزرق ، قال :
" أي وادٍ هذا ؟
قالوا : وادي الأزرق .
قال :
كأني أنظر إلى موسى بن عمران منصبًا من هذا الوادي ،
واضعًا أصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية مارًا
بهذا الوادي " .
ولما مر بثنية ، قال :
أي ثنية هذه ؟
قالوا :
هرشى .
قال :
كأني أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعدة ،
خطامها ليف ، وهو يلبي وعليه جبة صوف " .
ويقول عن فج الروحاء :
" لقد مر بالروحاء سبعون نبيًا ، فيهم نبي الله موسى حفاة
عليهم العباء ، يؤمون بيت الله العتيق " .
إنها شعيرة ضاربة في عمق الزمن ،
تتابع فيها أنبياء الله ورسله ،
فهل تتذكر أيها المؤمن وأنت تحج بيت الله أنك تسير في
إثر هذه القافلة العظيمة من أنبياء الله ورسله ،
في طريق سار فيه إبراهيم وهود وصالح وموسى ويونس
ومحمد - صلى الله عليهم وسلم - ، وسيتبعك ويتبعهم فيه
عيسى بن مريم كما قال - - :
" ليهلن ابن مريم بالروحاء حاجًا أو معتمرًا
أو ليثنينهما " .
إنك وأنت تسير هذا المسير تستشعر أنك ذو نسب في
الهداية عريق .
إنه مسير سار فيه أنبياء الله ورسله ،
فادع ربك الذي سيرك في طريقهم الذي سلكوه أن
يجمعك بهم في نزلهم غدًا في الآخرة مع الذين أنعم الله
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا .
* سار - - في الطريق بين المدينة
ومكة مسافرًا يتلقى ما يتلقاه المسافر من وعثاء السفر
ونصب الطريق ، فقد مرض - - في
مسيره هذا واشتد به صداع الشقيقة فاحتجم في وسط
رأسه .
وانقطع أثناء المسير بعير صفية بنت حُيي أم المؤمنين
فتجاوزها الركب ، فرجع إليها رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فإذا هي تبكي فجعل يمسح دموعها بيده ،
وجعلت تزداد بكاءً وهو يسكنها وينهاها ، فلما أكثرت
انتهرها وأمر الناس بالنزول ولم يكن يريد أن ينزل حتى
أصلح شأن صفية .
وفي أحد منازله - - في الطريق في
مكان يسمى العرج جلس رسول الله - -
وبجانبه زوجه عائشة ، وجلس صاحبه أبو بكر وبجانبه ابنته
أسماء ، وكان أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه غلامه بزاملته
التي كانت تحمل متاعه ومتاع النبي - -
فطلع الغلام وليس معه بعيره ،
فقال أبو بكر :
أين بعيرك ؟
قال :
أضللته البارحة .
فطفق أبو بكر يضربه ، ويقول :
بعير واحد وتضله !
وجعل النبي - - ينظر إليه ويبتسم ،
ويقول :
" انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ! " .
وجعل أبو بكر يتغيظ على غلامه ، والنبي - صلى الله عليه
وسلم - يقول :
" هون عليك يا أبا بكر .
فإن الأمر ليس إليك ولا إلينا معك " .
ولم يلبثوا طويلاً حتى وجدت الزاملة وجاء الله بها .
* ولما قرب النبي - - من مكة ؛
نزل مكانًا يقال له :
" سرف " .
وعرض على أصحابه من لم يكن ساق الهدي أن يجعلها
عمرة ، ولم يعزم عليهم ، ثم دخل على عائشة - رضي الله
عنها - فإذا هي تبكي ، فقال لها :
" ما يبكيك ؟
قالت :
والله لوددت أن لم أكن خرجت العام .
قال :
فمالك ؟
قالت :
سمعت قولك لأصحابك ومنعت العمرة .
فقال :
لعلك نفست ( أي حضت ) ؟
قالت :
نعم .
فجعل - - يسري عنها ويواسيها
ويتلطف بمشاعرها ، ويقول :
" إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ، وإنما أنت امرأة
من بنات آدم كتب عليك ما كتب عليهن فلا يضرك .
افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ،
وكوني في حجك فعسى الله أن يرزقكيها ( أي : العمرة ) " .
وهكذا كان - - خير الناس لأهله
برًا بهم ورعاية لمشاعرهم ، واحتفالا واهتمامًا بما يهمهم .
وهكذا كانت أمنا عائشة - رضي الله عنها - مباركة في شأنها
كله ، فكان ما أصابها في هذا المكان تشريعًا ظاهرًا لنساء
المسلمات إذا أصابهن ما أصابها .
فصلوات الله وبركاته عليهم أهل البيت .
* لقد سار - - فكان مسيره هداية
وتشريعا ،ً وتعلماً للمناسك ، ودلالة على الخير .
ركبه - - .
دعونا نمد أبصار بصائرنا إلى هذا الموكب العظيم ،
يقوده إمام البشرية وسيد الخلق وخيرة الله من خلقه ؛
لنرى مشاهد تأخذ بمجامع القلوب ،
وسيرة عطرة تستجيش المشاعر والشعور .
إنه الحديث الحبيب عن الحبيب ، وهو يقود المسلمين
ليريهم مناسكهم ويعلمهم كيف يحجون بيت ربهم .
اضغط هنا لتكبير الصوره
* خرج النبي - - من المدينة يوم السبت
بعد صلاة الظهر ، ثم نزل بذي الحليفة فأقام بها يومه ذلك
وبات ليلته تلك ؛ حتى يتتابع إليه الناس ويدركه من بعد
عنه .
* سار - - تكلؤه رعاية الله ،
وتتنزل عليه ملائكته ، ويتتابع عليه الوحي من ربه ،
فلما أصبح ، قال :
" أتاني الليلة آت من ربي ، فقال :
" صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة " " .
* تهيأ - - لإحرامه غاية التهيؤ ،
حتى لتستشعر من تهيوئه عظيم العبادة التي سيدخلها ،
فيحتفل لها هذا الاحتفال ويستقبلها هذا الاستقبال ،
أشعر هديه وقلده ، واغتسل - - لإحرامه ،
ثم لبد رأسه وتطيب من كفي عائشة - رضي الله عنها -
بأطيب الطيب عندها ، وتضمخ بالطيب فكان - صلى الله عليه
وسلم - وهو الطيب المطيب ينفح طيبًا ، ويرى وبيص الطيب
في مفارقة بعد ذلك .
* لبس - - إحرامه وصلى الظهر ،
ثم استقل راحلته على غاية من الخشوع والخضوع
والتعظيم لرب العالمين ، متواضعًا لله معظمًا لشعائره .
انظر إلى راحلته ورحله ، وإلى وطائه ومتاعه .
لقد ركب راحلته وعليها رحل رث وقطيفة لا تساوي أربعة
دراهم ، فلما انبعثت به راحلته :
استقبل القبلة ،
وحمد الله وسبح وكبر ، وقال :
" لبيك حجة لا رياء فيها ولا سمعة ،
لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ،
إن الحمد والنعمة لك والملك ،
لا شريك لك، لبيك إله الحق " .
* أما متاعه وزاده فكان ما تحمله زاملة أبي بكر
- رضي الله عنه - فكانت زاملته وزاملة أبي بكر واحدة .
ولك أن تتفكر ما الذي صحبه - -
من بهجة الدنيا وزينتها ، إذا كان كل ما حمله هو ما
قاسمه ظهر زاملة أبي بكر - رضي الله عنه - .
سار - - وصاحبه في مسيره من
المدينة إلى مكة ، هو صاحبه من مكة إلى المدينة يوم
أن هاجر إليها قبل عشر سنين ، حينما خرج - صلى الله
عليه وسلم - وقد نذرت به القبائل وتطلبته وهو يقول لصاحبه :
" لا تحزن إن الله معنا " .
وهاهو اليوم يسير مسيرًا آخر هو وصاحبه من المدينة
إلى مكة والأرض قد وطئت له ، والقبائل التي كانت تطلبه
قد آمنت كلها به ، وهذه جموعها تزحف معه في هذا
المسير .
* سار - - تحيط به القلوب ،
وترمقه المقل ، وتفديه المهج .
فهو معهم كواحد منهم ، لم توطأ له المراكب ، ولم تتقدمه
المواكب ولم تشق له الطرقات ، ولم تنصب له السرادقات ،
وإنما سار بين الناس ، ليس له شارة تميزه عنهم إلا بهاء
النبوة وجلال الرسالة ، يسير معهم وفي غمارهم ،
يقول أنس :
" كنت ردف أبي طلحة على راحلته وإن ركبته لتكاد تمس
ركبة رسول الله - - ، وهو يقول :
" لبيك حجة وعمرة " .
لقد كان الناس حوله كما قال جابر - رضي الله عنه - :
" نظرت مد بصري بين يدي رسول الله
- - ما بين راكب وماشٍ ، ومن خلفه مثل
ذلك ، وعن يمينه مثل ذلك ،
وعن شماله مثل ذلك ورسول الله - -
بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله فما عمل
من شيء عملناه " .
* سار - - بهذه الجموع الزاحفة
حوله ما بين راكب وماشٍ تحيط به كما تحيط الهالة بالقمر ،
فتنزل عليه جبريل ، فقال :
" يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها
شعار الحج " .
فاهتزت الصحراء وتجاوبت الجبال بضجيج الملبين وهتافهم
بتوحيد رب العالمين .
" لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ،
إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ،
لبيك إله الحق ، لبيك ذا المعارج ، لبيك وسعديك ،
والخير في يديك والرغباء والعمل " .
زحفت تلك الجموع على هذه الحال هتاف بالتلبية ،
وعجيج بالذكر ، وإعلان بشعار الحج .
* أما رسول الله - - فهو يقطع
هذه الفيافي الفساح ، وكأنما جبالها ووهادها وآكامها
وأوديتها تروي له خبرها ، وتحدثه بمن مر بها .
فتراءت للرسول - - أطياف الأنبياء
الذين ساروا يؤمون هذا البيت قبله ، كأنما يراهم أمامه
ويرافقهم في مسيره .
فلما مر بوادي عسفان ، قال :
" يا أبا بكر أي واد هذا ؟
قال :
وادي عسفان .
قال :
لقد مر به هود وصالح على بكرات خطمها الليف ،
أُزُرُهُم العباء ، وأرديتهم النمار ، يحجون البيت العتيق " .
ولما مر بوادي الأزرق ، قال :
" أي وادٍ هذا ؟
قالوا : وادي الأزرق .
قال :
كأني أنظر إلى موسى بن عمران منصبًا من هذا الوادي ،
واضعًا أصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية مارًا
بهذا الوادي " .
ولما مر بثنية ، قال :
أي ثنية هذه ؟
قالوا :
هرشى .
قال :
كأني أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعدة ،
خطامها ليف ، وهو يلبي وعليه جبة صوف " .
ويقول عن فج الروحاء :
" لقد مر بالروحاء سبعون نبيًا ، فيهم نبي الله موسى حفاة
عليهم العباء ، يؤمون بيت الله العتيق " .
إنها شعيرة ضاربة في عمق الزمن ،
تتابع فيها أنبياء الله ورسله ،
فهل تتذكر أيها المؤمن وأنت تحج بيت الله أنك تسير في
إثر هذه القافلة العظيمة من أنبياء الله ورسله ،
في طريق سار فيه إبراهيم وهود وصالح وموسى ويونس
ومحمد - صلى الله عليهم وسلم - ، وسيتبعك ويتبعهم فيه
عيسى بن مريم كما قال - - :
" ليهلن ابن مريم بالروحاء حاجًا أو معتمرًا
أو ليثنينهما " .
إنك وأنت تسير هذا المسير تستشعر أنك ذو نسب في
الهداية عريق .
إنه مسير سار فيه أنبياء الله ورسله ،
فادع ربك الذي سيرك في طريقهم الذي سلكوه أن
يجمعك بهم في نزلهم غدًا في الآخرة مع الذين أنعم الله
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا .
* سار - - في الطريق بين المدينة
ومكة مسافرًا يتلقى ما يتلقاه المسافر من وعثاء السفر
ونصب الطريق ، فقد مرض - - في
مسيره هذا واشتد به صداع الشقيقة فاحتجم في وسط
رأسه .
وانقطع أثناء المسير بعير صفية بنت حُيي أم المؤمنين
فتجاوزها الركب ، فرجع إليها رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - فإذا هي تبكي فجعل يمسح دموعها بيده ،
وجعلت تزداد بكاءً وهو يسكنها وينهاها ، فلما أكثرت
انتهرها وأمر الناس بالنزول ولم يكن يريد أن ينزل حتى
أصلح شأن صفية .
وفي أحد منازله - - في الطريق في
مكان يسمى العرج جلس رسول الله - -
وبجانبه زوجه عائشة ، وجلس صاحبه أبو بكر وبجانبه ابنته
أسماء ، وكان أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه غلامه بزاملته
التي كانت تحمل متاعه ومتاع النبي - -
فطلع الغلام وليس معه بعيره ،
فقال أبو بكر :
أين بعيرك ؟
قال :
أضللته البارحة .
فطفق أبو بكر يضربه ، ويقول :
بعير واحد وتضله !
وجعل النبي - - ينظر إليه ويبتسم ،
ويقول :
" انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ! " .
وجعل أبو بكر يتغيظ على غلامه ، والنبي - صلى الله عليه
وسلم - يقول :
" هون عليك يا أبا بكر .
فإن الأمر ليس إليك ولا إلينا معك " .
ولم يلبثوا طويلاً حتى وجدت الزاملة وجاء الله بها .
* ولما قرب النبي - - من مكة ؛
نزل مكانًا يقال له :
" سرف " .
وعرض على أصحابه من لم يكن ساق الهدي أن يجعلها
عمرة ، ولم يعزم عليهم ، ثم دخل على عائشة - رضي الله
عنها - فإذا هي تبكي ، فقال لها :
" ما يبكيك ؟
قالت :
والله لوددت أن لم أكن خرجت العام .
قال :
فمالك ؟
قالت :
سمعت قولك لأصحابك ومنعت العمرة .
فقال :
لعلك نفست ( أي حضت ) ؟
قالت :
نعم .
فجعل - - يسري عنها ويواسيها
ويتلطف بمشاعرها ، ويقول :
" إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ، وإنما أنت امرأة
من بنات آدم كتب عليك ما كتب عليهن فلا يضرك .
افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ،
وكوني في حجك فعسى الله أن يرزقكيها ( أي : العمرة ) " .
وهكذا كان - - خير الناس لأهله
برًا بهم ورعاية لمشاعرهم ، واحتفالا واهتمامًا بما يهمهم .
وهكذا كانت أمنا عائشة - رضي الله عنها - مباركة في شأنها
كله ، فكان ما أصابها في هذا المكان تشريعًا ظاهرًا لنساء
المسلمات إذا أصابهن ما أصابها .
فصلوات الله وبركاته عليهم أهل البيت .
* لقد سار - - فكان مسيره هداية
وتشريعا ،ً وتعلماً للمناسك ، ودلالة على الخير .