تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اشتياق الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم


شيخة رواية
04-04-2019, 04:51 AM
محبة المؤمنين لربهم عظيمة، ومحبتهم لنبيه -صلى الله عليه وسلم- من محبتهم لربهم، لأن الله يحبه، ولأن الله أرسله، ولأن الله أوجب علينا حبه، وقال لنا في كتابهالنَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ الأحزاب: من الآية6 . بذل لنا النصيحة، كان أرأف وأشفق بنا من آبائنا وأمهاتنا، هو أعظم من منزلة الوالد، رحيم رؤوف بالمؤمنين، عزيز عليه ما شق علينا، فلا يسع المؤمن إلا أن يحبه لأن الله يحبه، ولأنه خليل الله، وأحب خلق الله إلى الله، ولأن الله بعثه ولأنه قدوتنا ولأن له من الشمائل والصفات والآداب والأخلاق وعظيم الطباع وجميل السجايا، ما يحب لأجل ذلك، ويحمد عليه، فهو محمد وهو أحمد وهو الماحي الذي يمحي الله به الكفر، وهو الحاشر الذي يحشر الله الناس على عقبه، وهو مصطفى من البشر خيرهم عند الله، وقد وعى الصحابة هذا فأحبوه لذلك، وحكموه في أنفسهم، وأموالهم وقالوا هذه أرواحنا بين يديك، لو استعرضت بنا البحر لخضناه، وهذه أموالنا يبن يديك فاقسمها كيف شئت ستجدنا من خلفك وعن يمينك وعن شمالك،

أبرُّ بني الدنيا وأعظمُ من شكرْ

وأكرم مخلوقٍ على سائر البشرْ

به الله قد أهدى إلى الناس رحمةً

وبه ضياءُ الحق في الكون قد ظهر


وقد اشتاق الصحابة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته وبعد مماته، وأحبوه حباً لم يعرف التاريخ مثله، حتى قال أنس : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْبِلُ وَمَا عَلَى الْأَرْضِ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْهُ ) .

وقال علي رضي الله عنه : كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ. .

"وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ" كما يقول عمرو بن العاص رضي الله عنه : لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ .

كُلُّ القلوب إلى الحبيب تميلُ ومعي بهذا شاهدٌ ودليـــلُ

أما الدليلُ إذا ذكرت محـمداً صارت دموعُ العارفين تسيلُ

وقال عدوه: "ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً". .

وهكذا تغلغل حبه في قلوبهم، فوصل إلى الحشايا وتعمق في نفوسهم، فكان أحب إليهم من أموالهم وأولادهم ووالديهم والناس أجمعين، كما قال لهم وعلّمهم : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) .

ولو لم يكن في القلب حبُّ محمدٍ

لعمّت بك البلوى و دام الضلالُ

بل كل من صدقت محبته للنبي -صلى الله عليه وسلم- أحبه أكثر من نفسه، ولذلك كان أحدهم يقول : نحري دون نحرك.

وقال عمر للعباس :"يا عباس والله لَإسلامك يوم أسلمت أحبَّ إليّ من إسلام الخطاب - يعني أباه - لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب لو أسلم".

عمر رضي الله عنه لم تمنعه قوة شخصيته ولا غضبه في الحق أن يكون صاحب مشاعر حساسة وقلب مرهف تجاه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد فرض لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ثَلَاثَةِ آلَافٍ وَخَمْسِ مِائَةٍ، وَفَرَضَ لابنه ثَلَاثَةِ آلَافٍ، فسأله ابنه عن ذلك فقال: لأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِيكَ، وَأُسَامَةُ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ، فَآثَرْتُ حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ. .

وقد حكى التاريخ حبهم له، حتى أن الملوك لا يُفعل معها كما يفعل معه، لا من باب الذل والعبودية، ولكن من باب التوقير ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ – يعني ما رأيت ملكاً قط - يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا, وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ, وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ, وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ, وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ, وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ ). .

كانت محبته في قلوبهم أصيلة، كان شوقهم إليه عظيماً، هذا ثوبان مولاه كان قليل الصبر عنه، يشتاق إليه كل يوم، جاءه يوماً وقد رأى في وجه تغيراً فقال:(ما غير لونك) ؟

فقال: يا رسول الله ما بي من مرض ولا وجع غير أني إِذا لم أرك اشْتقت إِلَيْك وَاسْتَوْحَشْت وَحْشَة شَدِيدَة حَتَّى أَلْقَاك، ووالله إنك لأحب إلي من نفسي وأهلي وولدي، وإني لأكون في البيت، فأذكرك فما أصبر حتى آتيك، فأنظر إليك، وإذا ذكرت الآخرة عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك !

فنزل قوله تعالى:وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًاالنساء :69 .

ولما قَدِمَ الْأَشْعَرِيُّونَ وقَرُبُوا مِنْ الْمَدِينَةِ جَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ ويَقُولُونَ:

غَدًا نَلْقَى الْأَحِبَّةَ

مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ

وكان بلال يرددها قبل أن يموت، وكان خالد بن معدان لا يأوي إلى فراشه إلا ويذكر شوقه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن مضى من أصحابه وآله ويقول : هم أصلي وفصلي، وإليهم يحنّ قلبي، طال شوقي إليهم.

وهكذا كانت العجائز في بيوتها إذا نفشت الصوف تتذكر محمداً -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الأخيار، وكيف كان بكاؤهم بالأسحار، وتقول إحداهن :

يا ليت شعري والمنايا أطوارْ

هل تجمعَنِّي وحبيبي الدار

ولما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لواحد من الصحابة : (أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك. .

كيف لا وهو سبب منع العذاب عنهم، لأن الله قال في كتابه :وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْالأنفال: من الآية33 .

كيف لا وهو مصدر الوحي، يأتيهم عبره، كيف لا وهو قدوتهم،لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌالأحزاب: من الآية21 .

ذو البجادين تربى في حجر عمه، فنازعته نفسه إلى الإسلام، فقال: يا عم كنت أنتظر سلامتك بإسلامك فلا أراك تريد محمداً فائذن لي في الإسلام.

فقال: والله لئن أسلمت لأنتزعن كل ما أعطيتك حتى ثوبيك!

فصاح لسان عزيمته: نظرة من محمد عليه الصلاة والسلام أحب إلي من الدنيا وما فيها.

فجرده عمُه من كل شيء حتى الثياب، فناولته أمه بجادًا لها، فقطعه نصفين، فاتزر نصفًا وارتدى نصفًا. وأتى رسول الله، فقال: ما اسمك ؟ قال: عبد العزى.

فقال: بل عبد الله ذو البجادين. .

وهكذا زيد رضي الله عنه يقول للكفار : والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وإني جالس في أهلي! .

إني لأُرْخِصُ دون عرضِك مهجتي

روحٌ تروحُ ولا يُمسُّ حماكا

روحي وأبنائي وأهلي كلهم

وجميع ما حوت الحياةُ فداكَ


وكذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد فدي في أحد، وقالت المرأة لما استقبلت بابنها وجثث أبيها وزوجها وأخيها : ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . قالوا : خيراً، هو بحمد الله كما تحبين.

قالت: أرونيه حتى أنظر إليه.

فأُشير لها إليه حتى إذا رأته, قالت: (كل مصيبة بعدك جلل). .

هكذا كان الواحد منهم يقول : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ". .

لما مات أظلمت المدينة، لما مات أنكر الصحابة قلوبهم، لما مات كانوا يتذكرونه صباح مساء، وقدم عمر الشام وفيها بلال وكان بلال لا يؤذن، فسأله المسلمون أن يسأل بلالاً أن يؤذن، فسأله فأذن يوماً، فلم يُرَ يومٌ كان أكثر باكياً من يومئذ، ذكراً منهم للنبي صلى الله عليه وسلم. .

سرالهوى
04-04-2019, 05:48 AM
ذوووق راقي ..
طرح بقمة الروعه والجمال..
تسلم أناملك ع الموضوع الانيق ..
بانتظار جديدك بكل شوق..
يعطيك الف عافيه..
تحياتي..

شيخة رواية
04-04-2019, 05:52 AM
شُكرآ لِمروركُم يَ رفَآق
لكلمآتكُم وقعُ المَطر على آرآضٍ مُجدبة ")
آحييتُم دآخلِي بصدقْ
دُمتم لِي شمسآ لآ تغيبُ آبدآ

الياقوتة
04-04-2019, 08:18 AM
جزاك الله خير الجزاء على هذا الطرح القيم
وجعل ذلك في موازين حسناتك
ونفع الله بك وبطرحك
ودي

sham
04-04-2019, 12:37 PM
احسنت
وجزاك الله خير الجزاء

:114::861:.

صاحبة السمو
04-04-2019, 01:31 PM
سلمت يداك..
على جميل طرحك وحسن ذآئقتك
يعطيك ربي ألف عافيه
بإنتظار جديدك بكل شوق.
لك مني جزيل الشكر والتقدير
~ مودتي

لَـحًـــنِ ♫
04-04-2019, 02:49 PM
ـآآقـة..مـن..أرق..ع ـبـآآرآت..الششكر
لهـذآآ..العـطـآآء..المتميـز..والأنتقـآآء..الرآآقي
أنتـظر..جـديـدكـ
لقلبكـ..طـوـوق..يـآآآسميـــن .."https://www.3b8-y.com/vb/images/smilies/200%20(53).gif

خالد الشاعر
04-04-2019, 02:50 PM
جزاكى الله خيراً
وجعله بميزان حسناتكِ
تحياتى اليكى

نهار
04-04-2019, 05:20 PM
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك

شيخة رواية
04-04-2019, 06:59 PM
شُكرآ لِمروركُم يَ رفَآق
لكلمآتكُم وقعُ المَطر على آرآضٍ مُجدبة ")
آحييتُم دآخلِي بصدقْ
دُمتم لِي شمسآ لآ تغيبُ آبدآ

الوسيم
04-06-2019, 10:02 PM
يعطيك العافية..
دام التالق .. دام التميز ..
مدائن من الشكر وجنائن الجوري
لهـذآالطرح الأكثر من رآئع
والعطاء..الرآقي

!NATSU
04-06-2019, 11:32 PM
موضوع جميل

جزاك الله خيرا

سمارا
04-07-2019, 03:04 PM
بارك الله فيك على الطرح القيم
جزاك ربك خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ الرحمن

سمأأأأأرا

أبو علياء
04-07-2019, 04:30 PM
بارك الله فيكم ... ونفع بكم
ورفع الله قدركم فى الدارين
واجزأ لكم العطاء
جعله الله فى موازين حسناتكم
ووفقكم الله لمايحبه ويرضاه
دمتم فى حفظ الرحمن

ريُـ‘ـُآحُـ‘ـُ آلُـ‘ـُشُـ‘ـُۅقُـ‘ـُ
04-09-2019, 06:58 AM
إختيار موفق ..وطرح مميز
لا يليق إلا بمن أتينا لنرى مايقدمه لنا ذوقها الراقي
عافاك الله واجزل لك الأجر

روحي تبيك
05-05-2019, 06:18 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

دلوعة عشق
05-30-2019, 01:27 PM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

Şøķåŕą
08-20-2023, 10:39 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

نور القمر
09-08-2024, 04:52 PM
طرح قيم ومفيد
سلمت يمناك عَ الاختيار الرائع
كل الشكر وَ التقدير لك
يعطيك العافية

Şøķåŕą
09-08-2024, 06:21 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

Şøķåŕą
10-16-2024, 06:24 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم