المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحياء من الله


مي محمد
01-25-2019, 06:52 AM
الحياء من الله
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن الله يرانا ولا نراه، ويعلم سرنا ونجوانا، فهو الرقيب الحسيب، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1]، وقال سبحانه: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى؟!}[العلق: 14]، بل لقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالاستحياء منه حقَّ الحياءِ؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (استحيوا من الله حق الحياء) فقيل له: يا رسولَ اللهِ, إنا نستحي والحمد لله، قال: ((ليس ذلك، ولكن من استحيا من الله حق الحياء؛ فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))1، وحفظ الرأس يشمل حفظَ جميعِ حواس الرأسِ من استخدامها فيما يُغضب الله، فيحفظ العقل من أن يشرب خمراً فيزيل عقله، أو ما أشبه ذلك، ويحفظ البصر من أن ينظر إلى ما لا يحل له النظر إليه من امرأة أو صورة خليعة، ويحفظ السمع من أن يستمع به إلى الغيبة والنميمة، أو يسمع آلات اللهو والطرب، ويحفظ اللسان من أن يقول قولاً يسخط الله تعالى، قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 36]. وحفظ البطن يشمل حفظها, وما حوت من القلب والبطن والفرج، فيحفظ القلب من أمراض القلوب؛ كالرياء، والحسد، والكبر، والعجب، وغير ذلك، ويحفظ البطن من أن يدخلها غذاءً حراماً، ويحفظ الفرج من فعل الفواحش؛ كالزنا واللواط والاستمناء، وغير ذلك.
ثم ليكن دائماً ذاكراً للموت؛ فإنَّ ذكر الموت يقصر الأمل، ويحث على العمل، قال صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا من ذكر هادم اللذات))2. فيذكر الموت وما بعده من البِلَى في تلك الحفرة المظلمة، فلا أنيس ولا جليس غير العمل، فإن كان خيراً فالحمد الله، وإن كان غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه، ومن أراد الآخرة فليترك زينة الدنيا؛ وحب التعالي فيها، واحتقار الآخرين ممن هم دونه في الجاه والمال والمنصب والجمال، قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: 83]. وهذا النوع من الحياء يُسمَّى حياء العبودية الذي يصل بصاحبِهِ إلى أعلى مراتب الدين, وهي مرتبة الإحسان الذي يشعر فيها العبدُ دائماً بنظر الله إليه، واطلاعه عليه، وأنه يراه في كل حركاته وسكناته، فيتزين لربه بالطاعات، ويستحي من أن يراه على معصية، أو على حالة لا تليق؛ كالتعري كما في حديث بهز بن حكيم عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فقال: ((احفظ عورتك إلا من زوجتك, أو ما ملكت يمينك)). قال: يا نبي الله, إذا كان أحدُنا خالياً؟! قال: ((فاللهُ أحقُّ أنْ يستحي منه من الناس))3. وقد جاء في بعض الآثار أنَّ أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: "والله إني لأضع ثوبي على وجهي في الخلاء حياء من الله". وجاء رجل إلى الحسين بن علي رضي الله عنه فقال له: أنا رجل عاصي, ولا أصبر عن المعصية, فعظني؟ فقال الحسين: افعل خمسة, وافعل ما شئت. قال الرجل: هات. قال الحسين: لا تأكل من رزق الله, وأذنب ما شئت. قال الرجل: كيف؟ ومن أين آكل؟ وكل ما في الكون من رزقه. قال الحسين: اخرج من أرض الله, وأذنب ما شئت. قال الرجل: كيف ولا تخفى على الله خافية؟, قال الحسين: اطلب موضعاً لا يراك اللهُ فيه, وأذنب ما شئت. قال الرجل: هذه أعظم من تلك، فأين أسكن؟ قال الحسين: إذا جاءك ملك الموت فادفعه عن نفسك, وأذنب ما شئت. قال الرجل: هذا مُحال؟. قال الحسين: إذا أُدخلت النار, فلا تدخل فيها, وأذنب ما شئت. فقال الرجل: حسبك، لن يراني الله بعد اليوم في معصية أبداً. فيجب علينا -معشر المسلمين- أن نراقب الله، وأن نعظمه، وأن نمجده، وأن نستحي منه حق الحياء، فنحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ونذكر الموت والبلى، ونترك زينة الدنيا، وإذا انفردنا لوحدنا ودعتنا أنفسنا إلى فعل المعصية، فلنتذكر أن الله يرانا، ومطلع علينا، ولا نجعله من أهون الناظرين إلينا:
وإذا ما خلوت بريبة في ظلمة *** والنفس داعيـةٌ إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني
والله أسأل أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يجنبنا جميع ما يسخطه ويأباه، والحمد لله رب العالمين.
........................................
1 رواه الترمذي (2458)، وحسن الألباني.
2 رواه الترمذي (2307)، والنسائي (1824) وابن ماجه (4258) وقال الألباني: حسن صحيح.

3 رواه الترمذي (2794)، وابن ماجه (1920)، وحسنه الألباني.

لَـحًـــنِ ♫
01-25-2019, 08:52 AM
دَام عَطَائِكْ.. يَآطُهرْ
وَلَا حَرَّمْنَا أَنْتَقَائِكْ الْمُمَيِّز وَالْمُخْتَلِف دَائِمَا
حَفِظَك الْلَّه مِن كُل مَكْرُوْه ..
تَحِيّه مُعَطَّرَه بِالْمِسْك ,
:rose:

أبو علياء
01-25-2019, 10:18 AM
بارك الله فيكم
وجزاكم الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمتم بحفظ الله ورعايته

شيخة رواية
01-25-2019, 01:03 PM
سلمت الأيادي على الطرح الرائع
لاعدمنا القاادم بكل شوق وترقب
لكِ كل إحترآمي

سلطان الغرام
01-25-2019, 02:40 PM
بارك الله فيك وجزاك الله خير
طرحت وافدت ومنك استفدت
نسئل الله ان يجعل هذا الطرح
حاجب بيننا وبين النار يوم الحساب

لك ودي واحترامي

خالد
01-25-2019, 07:03 PM
جزاك الله الف خير على هذا الطرح القيم
وجعله الله فى ميزان اعمالك
شكراً جزيلاً لك ، وربي يعطيك العافية
تحياتي لسموك

الوسيم
01-26-2019, 10:55 AM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
وزادك علما
وان شاء الله فى ميزان حسناتك
خالص ودي وتقديري

تذكارُ...!
01-26-2019, 11:53 AM
جَزَاك الْلَّه خَيْر الْجَزَاء
وَشُكْرَا لَطـــرَحُك لْهَادَف وَإِخْتِيارِك القَيِّم
رِزْقِك الْمَوْلَى الْجِنـــــــــــــة وَنَعِيْمَهَا
وَجَعَلـ مَا كُتِبت فِي مَوَازِيّن حَســــنَاتك
وَرَفَع الْلَّه قَدْرَك فِي الْدُنَيــا وَالْآخــــرَّة وَأَجْزَل لَك الْعَطـــاء .,

روح انثى
01-26-2019, 11:54 AM
جزاك الله كل خير
وكتب لك الاجر
وأثقل به ميزان حسناتك:91:

روحي تبيك
01-28-2019, 04:40 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

بٰٰقايٰا روحہٰ
01-29-2019, 04:07 PM
حدائق من ورود الأمتنان
و جنائن أزهار من الأمنيات
أنثرها أمام دربك لـ علها تسعدك كما أسعدتنا
بـ هذا الطرح الاكثر من رائع
لك جوري النسيم يحفك بـ كل شئ جميل
ورود تقديري و جلَ حروف احترآمي.:241:

sham
01-31-2019, 01:13 PM
احسنت
وجزاك الله خير الجزاء

:114::861:.

ريُـ‘ـُآحُـ‘ـُ آلُـ‘ـُشُـ‘ـُۅقُـ‘ـُ
02-11-2019, 07:13 AM
إختيار موفق ..وطرح مميز
لا يليق إلا بمن أتينا لنرى مايقدمه لنا ذوقه الراقي
عافاك الله واجزل لك الأجر

دلوعة عشق
06-11-2019, 02:28 PM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

Şøķåŕą
06-30-2022, 10:59 AM
سلمت الايادي
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .