تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تفسير الآيات الأولى من سورة القيامة


لَـحًـــنِ ♫
11-19-2018, 01:23 PM
( لا أقسم بيوم القيامة ( 1 ) ولا أقسم بالنفس اللوامة ( 2 ) أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ( 3 ) بلى قادرين على أن نسوي بنانه ( 4 ) بل يريد الإنسان ليفجر أمامه ( 5 ) يسأل أيان يوم القيامة ( 6 ) فإذا برق البصر ( 7 ) وخسف القمر ( 8 ) وجمع الشمس والقمر ( 9 ) يقول الإنسان يومئذ أين المفر ( 10 ) كلا لا وزر ( 11 ) إلى ربك يومئذ المستقر ( 12 ) ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ( 13 ) بل الإنسان على نفسه بصيرة ( 14 ) ولو ألقى معاذيره ( 15 ) )

قد تقدم غير مرة أن المقسم عليه إذا كان منتفيا ، جاز الإتيان بلا قبل القسم لتأكيد النفي . والمقسوم عليه هاهنا هو إثبات الميعاد ، والرد على ما يزعمه الجهلة من العباد من عدم بعث الأجساد ; ولهذا قال تعالى : ( لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة ) قال الحسن : أقسم بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة . وقال قتادة : بل أقسم بهما جميعا . هكذا حكاه ابن أبي حاتم . وقد حكى ابن جرير ، عن الحسن والأعرج أنهما قرآ : " لأقسم [ بيوم القيامة ] " ، وهذا يوجه قول الحسن ; لأنه أثبت القسم بيوم القيامة ونفى القسم بالنفس اللوامة . والصحيح أنه أقسم بهما جميعا كما قاله قتادة رحمه الله ، وهو المروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير ، واختاره ابن جرير .

فأما يوم القيامة فمعروف ، وأما النفس اللوامة ، فقال قرة بن خالد ، عن الحسن البصري في هذه الآية : إن المؤمن - والله - ما نراه إلا يلوم نفسه : ما أردت بكلمتي ؟ ما أردت بأكلتي ؟ ما أردت بحديث نفسي ؟ وإن الفاجر يمضي قدما ما يعاتب نفسه .

وقال جويبر : بلغنا عن الحسن أنه قال في قوله : ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) قال : ليس أحد من أهل السماوات والأرض إلا يلوم نفسه يوم القيامة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم ، عن إسرائيل ، عن سماك : أنه سأل عكرمة عن قوله : ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) قال : يلوم على الخير والشر : لو فعلت كذا وكذا . [ ص: 276 ]

ورواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن وكيع ، عن إسرائيل .

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا مؤمل ، حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن الحسن بن مسلم ، عن سعيد بن جبير في : ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) قال : تلوم على الخير والشر .

ثم رواه من وجه آخر عن سعيد أنه سأل ابن عباس عن ذلك : فقال : هي النفس اللئوم .

وقال علي بن أبي نجيح ، عن مجاهد : تندم على ما فات وتلوم عليه .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : اللوامة : المذمومة .

وقال قتادة : ( اللوامة ) الفاجرة .

قال ابن جرير : وكل هذه الأقوال متقاربة المعنى ، الأشبه بظاهر التنزيل أنها التي تلوم صاحبها على الخير والشر وتندم على ما فات .

وقوله : ( أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ) أي : يوم القيامة ، أيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة ؟ ( بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) قال سعيد بن جبير والعوفي ، عن ابن عباس : أن نجعله خفا أو حافرا . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وابن جرير . ووجهه ابن جرير بأنه تعالى لو شاء لجعل ذلك في الدنيا .

والظاهر من الآية أن قوله : ( قادرين ) حال من قوله : ( نجمع ) أي : أيظن الإنسان أنا لا نجمع عظامه ؟ بلى سنجمعها قادرين على أن نسوي بنانه ، أي : قدرتنا صالحة لجمعها ، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان ، فنجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه - مستوية . وهذا معنى قول ابن قتيبة والزجاج .

وقوله : ( بل يريد الإنسان ليفجر أمامه ) قال سعيد ، عن ابن عباس : يعني يمضي قدما .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( ليفجر أمامه ) يعني : الأمل ، يقول الإنسان : أعمل ثم أتوب قبل يوم القيامة ، ويقال : هو الكفر بالحق بين يدي القيامة .

وقال مجاهد ( ليفجر أمامه ) ليمضي أمامه راكبا رأسه . وقال الحسن : لا يلقى ابن آدم إلا تنزع نفسه إلى معصية الله قدما قدما ، إلا من عصمه الله .

وروي عن عكرمة وسعيد بن جبير والضحاك والسدي ، وغير واحد من السلف : هو الذي يعجل الذنوب ويسوف التوبة .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو الكافر يكذب بيوم الحساب . وكذا قال ابن زيد ، وهذا هو الأظهر من المراد ; ولهذا قال بعده ( يسأل أيان يوم القيامة ) ؟ أي : يقول متى يكون يوم [ ص: 277 ] القيامة ؟ وإنما سؤاله سؤال استبعاد لوقوعه ، وتكذيب لوجوده ، كما قال تعالى : ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون ) [ سبأ : 29 ، 30 ] .

وقال تعالى هاهنا : ( فإذا برق البصر ) قال أبو عمرو بن العلاء : ( برق ) بكسر الراء ، أي : حار . وهذا الذي قاله شبيه بقوله تعالى : ( لا يرتد إليهم طرفهم ) [ إبراهيم : 43 ] ، بل ينظرون من الفزع هكذا وهكذا ، لا يستقر لهم بصر على شيء ; من شدة الرعب .

وقرأ آخرون : " برق " بالفتح ، وهو قريب في المعنى من الأول . والمقصود أن الأبصار تنبهر يوم القيامة وتخشع وتحار وتذل من شدة الأهوال ، ومن عظم ما تشاهده يوم القيامة من الأمور .

وقوله : ( وخسف القمر ) أي : ذهب ضوءه .

( وجمع الشمس والقمر ) قال مجاهد : كورا . وقرأ ابن زيد عند تفسير هذه الآية : ( إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت ) [ التكوير : 1 ، 2 ] وروي عن ابن مسعود أنه قرأ : " وجمع بين الشمس والقمر " .

وقوله : ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) أي : إذا عاين ابن آدم هذه الأهوال يوم القيامة ، حينئذ يريد أن يفر ويقول : أين المفر ؟ أي : هل من ملجأ أو موئل ؟ قال الله تعالى : ( كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ) قال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير ، وغير واحد من السلف : أي لا نجاة .

وهذه كقوله : ( ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير ) [ الشورى : 47 ] أي : ليس لكم مكان تتنكرون فيه ، وكذا قال هاهنا ( لا وزر ) أي : ليس لكم مكان تعتصمون فيه ; ولهذا قال : ( إلى ربك يومئذ المستقر ) أي : المرجع والمصير .

ثم قال تعالى : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) أي : يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها ، أولها وآخرها ، صغيرها وكبيرها ، كما قال تعالى : ( ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ) [ الكهف : 49 ] وهكذا قال هاهنا : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) أي : هو شهيد على نفسه ، عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر ، كما قال تعالى : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) [ الإسراء : 14 ] .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( بل الإنسان على نفسه بصيرة ) يقول : سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه .

وقال قتادة : شاهد على نفسه . وفي رواية قال : إذا شئت - والله - رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه ، وكان يقال : إن في الإنجيل مكتوبا : يا ابن آدم ، تبصر القذاة في عين أخيك ، وتترك الجذل في عينك لا تبصره .

[ ص: 278 ]

وقال مجاهد : ( ولو ألقى معاذيره ) ولو جادل عنها فهو بصير عليها . وقال قتادة : ( ولو ألقى معاذيره ) ولو اعتذر يومئذ بباطل لا يقبل منه . وقال السدي : ( ولو ألقى معاذيره ) حجته . وكذا قال ابن زيد والحسن البصري ، وغيرهم . واختاره ابن جرير .

وقال قتادة ، عن زرارة ، عن ابن عباس : ( ولو ألقى معاذيره ) يقول : لو ألقى ثيابه .

وقال الضحاك : ولو أرخى ستوره ، وأهل اليمن يسمون الستر : المعذار .

والصحيح قول مجاهد وأصحابه ، كقوله : ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) [ الأنعام : 23 ] وكقوله ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون ) [ المجادلة : 18 ] .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( ولو ألقى معاذيره ) هي الاعتذار ، ألم تسمع أنه قال : ( لا ينفع الظالمين معذرتهم ) [ غافر : 52 ] وقال ( وألقوا إلى الله يومئذ السلم ) [ النحل : 87 ] ( فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء ) [ النحل : 28 ] وقولهم ( والله ربنا ما كنا مشركين)

شيخة رواية
11-19-2018, 01:24 PM
لا جديد سوى رائحة التميز
تثور من هنا ومن خلال هذا الطرح
الجميل والمتميز ورقي الذائقه
في استقطاب ما هو جميل ومتميز

نور القمر
11-19-2018, 04:10 PM
جزاك الله خيرا

جعله في ميزان حسناتك

روح انثى
11-19-2018, 06:11 PM
بارك الله فيك وفي طرحك القيم

جزآك آلله خيرا

سكون الورد
11-19-2018, 06:35 PM
جزاك الله خيراً
بارك الله فيك
دمتي في حفظ الرحمن

إحساس
11-19-2018, 06:41 PM
تألق وتميز
جمال في الطرح وروعة في الاختيار
اشكرك واشكر قلمك المميز
يسعدني التواجد هنا
وانتظر جديدك الشيق
تسلم يمينك

لذة مطر ..!
11-19-2018, 09:58 PM
__
جزاك الله خير ع طرحك ..
وجعله الله في موازين حسناتك .. :34:

عاشق اميرة
11-20-2018, 05:07 AM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
واثابك الله الجنه ان شاء الله
على ماقدمت ..

أبو علياء
11-20-2018, 01:16 PM
بارك الله فيكم ،، ونفع بكم
وجعل كل ماتقدموه في موازين حسناتكم
واثابكم الفردوس الاعلى من الجنة
يعطيكم الف عافية
بانتظار الجديد من مواضيعكم المفيده
لروحكم الجوري
دمتم بسعاده

مي محمد
11-20-2018, 04:04 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
وجعلها في موازين حسناتك
واثابك الله الجنه ان شاء الله
على ماقدمت ..

raneem
11-20-2018, 05:37 PM
جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
وانار قلبك بطاعه الرحمن
مودتي

خالد الشاعر
11-21-2018, 10:32 PM
جزاكي الله خير
وبارك الله فيكي
وجعلها في موازين حسناتكِ
وأثابكِ الله الجنه أن شاء الله
على ما قدمتي

بٰٰقايٰا روحہٰ
11-22-2018, 12:24 AM
بوركت جهودك
وجعل ماتنثره يمينك حجة لك لاعليك
يوم العرض على ملك السماوات والأرض
في ميزان حسناتك
ودي وتقديري:241:

انثى برائحة الورد
11-22-2018, 03:53 PM
موضوع مثمر وقيم
بارك الله فيك
تقديري

ذآتَ حُسن♔
11-22-2018, 06:52 PM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

sham
11-23-2018, 01:47 PM
احسنت الإنتقاء
جزاك الله خير الجزاء .

,:241:

روحي تبيك
11-23-2018, 04:50 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

نفحة عطر
11-24-2018, 10:23 PM
جَزآك رَب ألعِبَآدْ خٍيُرٍ آلجزآء وَثَقلَ بِه مَوَآزينك
و ألٍبًسِك لٍبًآسَ آلتًقُوِىَ وً آلغفرآنَ
وً جَعُلك مِمَنً يٍظَلُهمَ آلله فٍي يٍومَ لآ ظلً إلاٍ ظله
وً عٍمرً آلله قًلٍبًكَ بآلآيمٍآنَ وَ أغمَركْ بِ فَرحةٍ دَآئِمة
علًىَ طرٍحًكْ آلًمَحِمًلٍ ب ِ النُورْ

ريُـ‘ـُآحُـ‘ـُ آلُـ‘ـُشُـ‘ـُۅقُـ‘ـُ
01-05-2019, 02:17 PM
جزاكم ربي خير الجزاء
ونفع الله بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

دلوعة عشق
05-30-2019, 12:16 PM
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري

Şøķåŕą
09-10-2023, 05:10 PM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

Şøķåŕą
09-30-2024, 04:37 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير