تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الرجلين: المؤمن والكافر ( الجزء الاول )


الدكتور على حسن
05-16-2025, 07:51 PM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى في سورة الكهف، بعد قصة أصحاب الكهف: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ [الكهف: 32-44].


قوله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا ﴾ يعني لكفار قريش في عدم اجتماعهم بالضعفاء والفقراء، وازدرائهم بهم، وافتخارهم عليهم، كما قال تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 13]، والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين، وكان أحدهما مؤمنًا والآخر كافرًا، ويقال: إنه كان لكل منهما مال، فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله ومرضاته ابتغاء وجهه، وأما الكافر فإنه اتخذ له بستانين، وهما الجنتان المذكورتان في الآية، على الصفة والنعت المذكور؛ فيهما أعناب، ونخل تحف تلك الأعناب، والزروع في خلال ذلك، والأنهار سارحة هاهنا وهاهنا للسقي والتنزه، وقد استوسقت[1] فيهما الثمار، واضطربت فيهما الأنهار، وابتهجت الزروع والثمار، وافتخر مالكهما على صاحبه المؤمن الفقير قائلًا له: ﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ أي: وأمنع جنابًا، ومراده أنه خير منه، ومعناه: ماذا أغنى عنك إنفاقك ما كنت تملكه في الوجه الذي صرفته فيه؟ كان الأولى بك أن تفعل كما فعلت لتكون مثلي. فافتخر على صاحبه ﴿ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ﴾ أي: وهو على غير طريقة مرضية ﴿ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ وذلك لما رأى من اتساع أرضها، وكثرة مائها وحسن نبات أشجارها؛ ولو قد بادت كل واحدة من هذه الأشجار، لاستخلف مكانها أحسن منها، وزروعها دارة لكثرة مياهها، ثم قال: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ فوثق بزهرة الحياة الدنيا الفانية، وكذب بوجود الآخرة الباقية الدائمة، ثم قال: ﴿ وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ أي: ولئن كان ثم آخرة ومعاد، فلأجدن هنالك خيرًا من هذا، وذلك لأنه اغتر بدنياه، واعتقد أن الله لم يعطه ذلك فيها إلا لحبه له وحُظوته عنده، كما قال العاص بن وائل، فيما قص الله من خبره وخبر خباب بن الأرت في قوله: ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ﴾ [مريم: 77- 78]، وقال تعالى إخبارًا عن الإنسان إذا أنعم الله عليه: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى ﴾ [فصلت: 50]، قال الله تعالى: ﴿ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [فصلت: 50]، وقال قارون: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78]، أي: لعلم الله في أني أستحقه، قال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [القصص:78].


وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37]، وقال تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55-56].


ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله الله به في الدنيا، فجحد الآخرة، وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرًا مما هو فيه، وسمعه صاحبه يقول ذلك ﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ﴾ أي: يجادله: ﴿ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ أي: أجحدت المعاد وأنت تعلم أن الله خلقك من تراب، ثم من نطفة، ثم طورك أطوارًا، حتى صرت رجلًا سويًّا سميعًا بصيرًا، تعلم وتبطش وتفهم، فكيف أنكرت المعاد والله قادر على البداءة ﴿ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي ﴾ أي: لكن أنا أقول بخلاف ما قلت، وأعتقد خلاف معتقدك ﴿ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ أي: لا أعبد سواه، وأعتقد أنه يبعث الأجساد بعد فنائها، ويعيد الأموات ويجمع العظام الرفات، وأعلم أن الله لا شريك له في خلقه، ولا في ملكه، ولا إله غيره، ثم أرشده إلى ما كان الأولى به أن يسلكه عند دخول جنته، فقال: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾ ولهذا يستحب لكل من أعجبه شيء من ماله أو أهله أو حاله أن يقول كذلك.


ثم قال المؤمن للكافر: ﴿ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ ﴾ أي: في الدار الآخرة ﴿ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ ﴾، قال ابن عباس والضحاك وقتادة: أي عذابًا من السماء، والظاهر أنه المطر المزعج الباهر، الذي يقتلع زروعها وأشجارها ﴿ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ﴾ وهو التراب الأملس الذي لا نبات فيه ﴿ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ﴾ وهو ضد المعين السارح ﴿ فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا ﴾ يعني: فلا تقدر على استرجاعه، قال الله تعالى: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ ﴾ أي: جاءه أمر أحاط بجميع حواصله، وخرَّب جنته، ودمرها ﴿ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ أي: خربت بالكلية، فلا عودة لها، وذلك ضد ما كان عليه أمَّل، حيث قال: ﴿ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا ﴾ وندم على ما كان سلف منه من القول الذي كفر بسببه بالله العظيم، فهو يقول: ﴿ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾. قال الله تعالى: ﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴾ أي: لم يكن له أحد يتدارك ما فرط من أمره، وما كان له قدرة في نفسه على شيء من ذلك، كما قال تعالى: ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ ﴾ [الطارق: 10].


قوله تعالى: ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ﴾ كقوله: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26]، فالحكم الذي لا يُرد ولا يُمانع ولا يُغالب - في تلك الحال وفي كل حال - لله الحق. ومنهم من رفع ﴿ الْحَقِّ ﴾ جعله صفة لـ ﴿ الْوَلَايَةُ ﴾ وهما متلازمان، وقوله ﴿ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ﴾ أي: معاملته خير لصاحبها ثوابًا، وهو الجزاء، وخير عُقبًا،
وهو العاقبة في الدنيا والآخرة».
فاصل ونتواصل فى الجزء الثانى
إن شاء الله
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علـى حسـن

مثلي قليل
05-16-2025, 08:25 PM
جزاك الله خير
بارك الله فيك

мя Зάмояч
05-16-2025, 09:58 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

حاء
05-16-2025, 11:39 PM
_


جزاك الله خير
سلمت أناملك على الطرح المميّز
ويعطيك العافية على المجهود المبذول
ما ننحرم من فيض عطائك وإبداعك
لك تحياتي وفائق شكري
ولك كل الود :131:..,

وطن عُمري
05-16-2025, 11:47 PM
طرحك ينضح رُقياً، وجهودك تنطق أناقة،
دمتِ نجمًا يتلألأ في سماء “روايه” بنبض لا يُشبه إلاك

البرنس مديح آل قطب
05-17-2025, 12:34 PM
[/URL]https://b.top4top.io/p_1514c1ata1.gif (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)
https://mrkzgulfup.com/uploads/1668596882121.png (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)
https://www.raed.net/img?id=1136445 (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)
https://www.raed.net/img?id=1136443 (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)
https://www.raed.net/img?id=1136443 (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=) https://www.raed.net/img?id=1136443 (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)




؛
أقدم الثناء جله لمقامكم الكريم
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
طرحكم راق لي كثيراً
فشكرا لكم ولطرحكم
بكم نرتقي
لكم منا
باقات جلاديلياس
يسلموااااااااااااااااااااااا
https://www.raed.net/img?id=405932 (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)



https://mrkzgulfup.com/uploads/166859510584591.gif (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)
القيصر العاشق
البـــ مديح آل قطب ـــرنس
https://mrkzgulfup.com/uploads/166859697605091.png (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)






[URL="https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t="]https://b.top4top.io/p_1514c1ata1.gif (https://www.3aroussham.com/vb/showthread.php?t=)

زمردة ❥
05-17-2025, 06:45 PM
جزاك الله خير

Şøķåŕą
05-18-2025, 12:03 AM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

تهاني
05-18-2025, 12:00 PM






















جزاك الله خير / وجعله في موازين حسناتك .ض2

غـرام الشوق
05-18-2025, 06:54 PM
وجدت هنا موضوع وطرح شيق
ورائع اعجبني ورآق لي
شكراً جزيلاً لك .

ترانيم الشجن
05-20-2025, 03:42 AM
بارك الله فيــــــــــك
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك ..
احتــــرامي ...

نور القمر
05-20-2025, 12:22 PM
سلمت كفوفك ..
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك
لقلبك الفرح.

شوق العتيبي
05-20-2025, 09:37 PM
بــارك الله فيــك على الموضـــوع ..
وأنار قلبك وعقلك بنور الإيمان
آحتـرآمي لك:rose:

Şøķåŕą
05-22-2025, 12:05 AM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

نبضها مطيري
06-15-2025, 10:45 AM
طرح جميل
يعطيك العافيه