Şøķåŕą
02-10-2025, 01:22 PM
حق الله تعالى (3)
الحمد لله المُنعم على عباده بعظيم آلائه، أحمده سبحانه على تعاقُبِ نعمائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله أفضل رسله وخاتم أنبيائه، اللهم صلِّ وسلّم عليه وعلى آله وصحبه.
ما زلنا مع حق الله وجلال الله وعظمة الله.
أيها الأحباب: حق الله واضح وجلي في حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري حين سأله النبي - صلى الله وعليه وسلم -: «أتدري يا معاذ ما هو حق الله على عباده؟ قال معاذ قلت: - الله ورسوله أعلم. فقال حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري يا معاذ ماحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك قال: - قلت الله ورسوله أعلم. قال: - ألا يعذبهم».
نعم حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.
العبادة:
إنها العبادة فما هي العبادة؟ العبادة أصل معناها في اللغة: الذل، يقال: طريق معبد أي: طريق مذلل قد وطأته الأقدام، فأصل العبادة الذل والانكسار والخضوع لله علام الغيوب.، فالعبادة لله هي كمال الذل مع كمال الحب لله جل وعلا.
وقد عرّف العبادة شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه فقال: «العبادة هي اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة »، فالصلاة والصيام والزكاة والحج وبر الوالدين عبادة، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإحسان إلى الجيران، والإحسان إلى اليتيم، والإحسان إلى الأرملة والمسكين، كل ذلك من العبادة، وحب الله ورسوله، وحب المؤمنين عبادة والحب في الله، والتوكل على الله والاستعانة والرجاء والتفويض والإنابة والخشية والمحبة والخوف، كل ذلك من العبادة.
إذًا فالعبادة تشمل الحياة بأسرها، فحياة المؤمن كلها عبادة إن صحت النية، وكان العمل موافقًا لهدى سيد البرية.
اسمع ماذا قال عليه الصلاة والسلام قال: « إن بكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وكل تهليلةٍ صدقة، وأمرٍ بمعروف صدقة، ونهىٍ عن منكر صدقة – اسمع- وفى بضع أحكم صدقة- أي في جماع الرجل زوجته- وفى بضع أحكم صدقة« قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر؟! فقال: « أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر" قالوا: نعم قال: " ولو وضعها في الحلال فله بها أجر».
فحياة المؤمن حتى لقاؤه مع امرأته عبادة إن صحت النية وكان العمل موافقًا لهدى سيد البشرية.
مصداقًا لقوله عزوجل: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162، 163].
صور عبادة غير الله:
حق الله أن نعبده فلا نشرك به شيئًا فهل هناك من المسلمون من يعبد غير الله؟ نعم، واليكم صور ذلك.
أولًا: من الناس من صرف العبادة لغير الله بتحكيم البشر وتحكيم الأهواء والنزوات والشهوات والرغبات، تقول لأحدهم قال الله قال رسوله ويقول لك قال فلان وقال علاّن والله جل وعلا يقول: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [50المائدة: 50]. ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون ﴾ [يوسف: 40 ].
فمن الناس من انقاد بشرع مهازيل البشر ولم يذعن ولم يذل ولم يخضع لشرع خالق البشر جل وعلا، وظن هؤلاء المساكين أنهم يوم أن نحّوا شريعة رب العالمين وشريعة سيد المرسلين وحكّموا شريعة مهازيل الخلق، وظنوا أنهم قد ركبوا قوارب النجاة، وسط هذه الرياح الهوجاء والأمواج المتلاطمة فغرقوا وأغرقوا وهلكوا وأهلكوا.
ثانيًا: ومن الناس وهذا هو الصنف الثاني من صرف العبادة لغير الله في كثير من صورها، فذبح لغير الله ونذر لغير الله، وحلف بغير الله واستعان بغير الله، واستغاث بغير الله ولجأ إلى غير الله، وفوض الأمور إلى غير الله، يُنادون الأموات يا ولياه، يا علياه يا حسيناه وغيرها من الألفاظ والله يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأعراف: 194] هناك الملايين ممن ينتسبون الآن إلى الأمة ممن يذهبون إلى الأضرحة والقبور، فإنهم يرددون قولتهم الخبيثة: إذا تعسرت الأمور، فعليكم بأصحاب القبور. تعالى من بيده البعث والنشور، وهو الذي يقول: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
هناك من يقول إن زيارة إلى قبر الحسين - رضي الله عنه - تُعادل ثمانين حجة إلى بيت الله الحرام تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
هل يجيب المضطر إذا دعاه نبي أو ولي؟ لا والله، لا يجيب المضطر إذا دعاه إلا الرب العلي الذي لا يغفل ولا ينام، وهو الحي الذي لا يموت.
فأيها المسلم لا تسأل نبيًا ولا تسأل وليًا وسل الحي الذي لا يموت فهو بيده الأمر كله صاحب الضر والنفع ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ﴾ [الأنعام:17].
ثالثًا: ومن الناس- وهذا صنفٌ ثالث- عبد الله جل وعلا وحده لا شريك له ولكنه عبد الله بغير هدى المصطفى رسول الله، عبد الله بالبدع، عبد الله بالضلالات، عبد الله بالعادات التي توارثها الأجيال عن الآباء والأجداد، وهذه العبادة أيضًا مردودة على رأس صاحبها، ولو ابتغى صاحبها وجه الله جل وعلا، لأنه لابد أن تكون العبادة خالصة لله، وأن تكون العبادة موافقة لسنة الحبيب رسول الله ، قال جل في علاه، ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف: 110].
الله جل وعلا؛ لا يقبل العبادة إلا إذا كانت خالصة له على هدى حبيبه المصطفى.
رابعًا: ومن الناس- وهذا هو الصنف الرابع- من فهم العبادة فهمًا مبتورا ناقصا جزئيًا، فالعبادة عنده لا تتجاوز ولا تتعدى الشعائر كالصلاة والصيام والزكاة والحج، فهو يصلى في المسجد، ويحج بيت الله الحرام، ويؤدى الزكاة، ويصوم رمضان لكن إن تجاوز هذا المسلم المسجد ترى شخصية أخرى، وترى إنسانًا آخر غش في المعاملات، ظُلم للجيران، ظُلمٌ للزوجة، سبٌّ ولعن وغيبة ونميمة، دعاء للظالم بطول العمر.
هناك من يبكي في صلاة القيام وقد أبكى والديه قبل الصلاة من العقوق أو ظلم زوجته قبل الصلاة.
الإسلام دين شعائر صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها وهذه الشعائر لا تقبل إلا بتحقق المشاعر والأخلاق والقيم والصدق والأمانة والوفاء وحب أهل الإيمان؛ فها هو رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - يُصرح تصريحًا خطيرا ًحين سُئل عن امرأةٍ تصوم النهار وتقوم الليل - شعائرها مائة في المائة لكن ليس عندها مشاعر ولا أخلاق تؤذي جيرانها بلسانها فقال: هي في النار.
اللهم حسّن أخلاقنا وكمّل إيماننا يارب العالمين.
العبادة هي الأصل الأول الذي من أجله خلق الله الحياة، بل هي الأصل الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض والجنة والنار، قال تعال: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: 56، 58].
قال احد المفسرين: ليعرفون وآخر قال: ليوحدون.
ومن أجل العبادة أنزل الله الكتب وأرسل جميع الأنبياء والرسل، تدبر معي قول الله سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾[الأنبياء: 7].
ومن الناس من عبَد القمر والنجوم والكواكب، كقوم خليل الله إبراهيم، ومن الناس من عبد الجن، ومن الناس من عبد الملائكة، ومن الناس من عبد الحجارة والتماثيل والأصنام.
ويقول أبو رجاء العطاردى كما في الحلية لأبى نعيم بسند صحيح قال: كنا نعبد الحجر في الجاهلية من دون الله فإذا مررنا على حجر هو أحسن من الأول، ألقينا الأول وعبدنا الثاني من دون الله، فإذا لم نجد حجرًا، جمعنا كومة من تراب، ثم أتينا بالغنم فحلبنا اللبن عليها وطفنا بها نعبدها من دون الله جل وعلا.
أنظروا إلى العقول عبدت الأصنام، عبدت التراب من دون الله جل وعلا، ومن الناس من عبَد الناس، عبَد البشر، فلقد عبد اليهود عُزيرًا، ولقد عبَد النصارى عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والآن تُعبد الطواغيت في الأرض في كل مكان، إلا من رحم ربك جل وعلا، وهناك من يعبد الأفكار من دون العزيز الغفار.
يقول قائل:
آمنت بالبعث ربًا لا شريك له وبالعروبة دينًا ما له ثاني
وقال آخر:
هبوني دينًا يجعل العرب أمة
وسيروا بجثماني على دين بُرهم
سلام على كفر يوحد بيننا
وأهلا وسهلا بعده بجهنم
كبرت كلمةٌ تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله المُنعم على عباده بعظيم آلائه، أحمده سبحانه على تعاقُبِ نعمائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله أفضل رسله وخاتم أنبيائه، اللهم صلِّ وسلّم عليه وعلى آله وصحبه.
ما زلنا مع حق الله وجلال الله وعظمة الله.
أيها الأحباب: حق الله واضح وجلي في حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - الذي رواه البخاري حين سأله النبي - صلى الله وعليه وسلم -: «أتدري يا معاذ ما هو حق الله على عباده؟ قال معاذ قلت: - الله ورسوله أعلم. فقال حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري يا معاذ ماحق العباد على الله إذا فعلوا ذلك قال: - قلت الله ورسوله أعلم. قال: - ألا يعذبهم».
نعم حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.
العبادة:
إنها العبادة فما هي العبادة؟ العبادة أصل معناها في اللغة: الذل، يقال: طريق معبد أي: طريق مذلل قد وطأته الأقدام، فأصل العبادة الذل والانكسار والخضوع لله علام الغيوب.، فالعبادة لله هي كمال الذل مع كمال الحب لله جل وعلا.
وقد عرّف العبادة شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه فقال: «العبادة هي اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة »، فالصلاة والصيام والزكاة والحج وبر الوالدين عبادة، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإحسان إلى الجيران، والإحسان إلى اليتيم، والإحسان إلى الأرملة والمسكين، كل ذلك من العبادة، وحب الله ورسوله، وحب المؤمنين عبادة والحب في الله، والتوكل على الله والاستعانة والرجاء والتفويض والإنابة والخشية والمحبة والخوف، كل ذلك من العبادة.
إذًا فالعبادة تشمل الحياة بأسرها، فحياة المؤمن كلها عبادة إن صحت النية، وكان العمل موافقًا لهدى سيد البرية.
اسمع ماذا قال عليه الصلاة والسلام قال: « إن بكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وكل تهليلةٍ صدقة، وأمرٍ بمعروف صدقة، ونهىٍ عن منكر صدقة – اسمع- وفى بضع أحكم صدقة- أي في جماع الرجل زوجته- وفى بضع أحكم صدقة« قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر؟! فقال: « أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر" قالوا: نعم قال: " ولو وضعها في الحلال فله بها أجر».
فحياة المؤمن حتى لقاؤه مع امرأته عبادة إن صحت النية وكان العمل موافقًا لهدى سيد البشرية.
مصداقًا لقوله عزوجل: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الأنعام: 162، 163].
صور عبادة غير الله:
حق الله أن نعبده فلا نشرك به شيئًا فهل هناك من المسلمون من يعبد غير الله؟ نعم، واليكم صور ذلك.
أولًا: من الناس من صرف العبادة لغير الله بتحكيم البشر وتحكيم الأهواء والنزوات والشهوات والرغبات، تقول لأحدهم قال الله قال رسوله ويقول لك قال فلان وقال علاّن والله جل وعلا يقول: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [50المائدة: 50]. ويقول سبحانه وتعالى: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون ﴾ [يوسف: 40 ].
فمن الناس من انقاد بشرع مهازيل البشر ولم يذعن ولم يذل ولم يخضع لشرع خالق البشر جل وعلا، وظن هؤلاء المساكين أنهم يوم أن نحّوا شريعة رب العالمين وشريعة سيد المرسلين وحكّموا شريعة مهازيل الخلق، وظنوا أنهم قد ركبوا قوارب النجاة، وسط هذه الرياح الهوجاء والأمواج المتلاطمة فغرقوا وأغرقوا وهلكوا وأهلكوا.
ثانيًا: ومن الناس وهذا هو الصنف الثاني من صرف العبادة لغير الله في كثير من صورها، فذبح لغير الله ونذر لغير الله، وحلف بغير الله واستعان بغير الله، واستغاث بغير الله ولجأ إلى غير الله، وفوض الأمور إلى غير الله، يُنادون الأموات يا ولياه، يا علياه يا حسيناه وغيرها من الألفاظ والله يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأعراف: 194] هناك الملايين ممن ينتسبون الآن إلى الأمة ممن يذهبون إلى الأضرحة والقبور، فإنهم يرددون قولتهم الخبيثة: إذا تعسرت الأمور، فعليكم بأصحاب القبور. تعالى من بيده البعث والنشور، وهو الذي يقول: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
هناك من يقول إن زيارة إلى قبر الحسين - رضي الله عنه - تُعادل ثمانين حجة إلى بيت الله الحرام تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
هل يجيب المضطر إذا دعاه نبي أو ولي؟ لا والله، لا يجيب المضطر إذا دعاه إلا الرب العلي الذي لا يغفل ولا ينام، وهو الحي الذي لا يموت.
فأيها المسلم لا تسأل نبيًا ولا تسأل وليًا وسل الحي الذي لا يموت فهو بيده الأمر كله صاحب الضر والنفع ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ﴾ [الأنعام:17].
ثالثًا: ومن الناس- وهذا صنفٌ ثالث- عبد الله جل وعلا وحده لا شريك له ولكنه عبد الله بغير هدى المصطفى رسول الله، عبد الله بالبدع، عبد الله بالضلالات، عبد الله بالعادات التي توارثها الأجيال عن الآباء والأجداد، وهذه العبادة أيضًا مردودة على رأس صاحبها، ولو ابتغى صاحبها وجه الله جل وعلا، لأنه لابد أن تكون العبادة خالصة لله، وأن تكون العبادة موافقة لسنة الحبيب رسول الله ، قال جل في علاه، ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [سورة الكهف: 110].
الله جل وعلا؛ لا يقبل العبادة إلا إذا كانت خالصة له على هدى حبيبه المصطفى.
رابعًا: ومن الناس- وهذا هو الصنف الرابع- من فهم العبادة فهمًا مبتورا ناقصا جزئيًا، فالعبادة عنده لا تتجاوز ولا تتعدى الشعائر كالصلاة والصيام والزكاة والحج، فهو يصلى في المسجد، ويحج بيت الله الحرام، ويؤدى الزكاة، ويصوم رمضان لكن إن تجاوز هذا المسلم المسجد ترى شخصية أخرى، وترى إنسانًا آخر غش في المعاملات، ظُلم للجيران، ظُلمٌ للزوجة، سبٌّ ولعن وغيبة ونميمة، دعاء للظالم بطول العمر.
هناك من يبكي في صلاة القيام وقد أبكى والديه قبل الصلاة من العقوق أو ظلم زوجته قبل الصلاة.
الإسلام دين شعائر صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها وهذه الشعائر لا تقبل إلا بتحقق المشاعر والأخلاق والقيم والصدق والأمانة والوفاء وحب أهل الإيمان؛ فها هو رسول الله - صلى الله وعليه وسلم - يُصرح تصريحًا خطيرا ًحين سُئل عن امرأةٍ تصوم النهار وتقوم الليل - شعائرها مائة في المائة لكن ليس عندها مشاعر ولا أخلاق تؤذي جيرانها بلسانها فقال: هي في النار.
اللهم حسّن أخلاقنا وكمّل إيماننا يارب العالمين.
العبادة هي الأصل الأول الذي من أجله خلق الله الحياة، بل هي الأصل الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض والجنة والنار، قال تعال: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إلّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ* إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: 56، 58].
قال احد المفسرين: ليعرفون وآخر قال: ليوحدون.
ومن أجل العبادة أنزل الله الكتب وأرسل جميع الأنبياء والرسل، تدبر معي قول الله سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾[الأنبياء: 7].
ومن الناس من عبَد القمر والنجوم والكواكب، كقوم خليل الله إبراهيم، ومن الناس من عبد الجن، ومن الناس من عبد الملائكة، ومن الناس من عبد الحجارة والتماثيل والأصنام.
ويقول أبو رجاء العطاردى كما في الحلية لأبى نعيم بسند صحيح قال: كنا نعبد الحجر في الجاهلية من دون الله فإذا مررنا على حجر هو أحسن من الأول، ألقينا الأول وعبدنا الثاني من دون الله، فإذا لم نجد حجرًا، جمعنا كومة من تراب، ثم أتينا بالغنم فحلبنا اللبن عليها وطفنا بها نعبدها من دون الله جل وعلا.
أنظروا إلى العقول عبدت الأصنام، عبدت التراب من دون الله جل وعلا، ومن الناس من عبَد الناس، عبَد البشر، فلقد عبد اليهود عُزيرًا، ولقد عبَد النصارى عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والآن تُعبد الطواغيت في الأرض في كل مكان، إلا من رحم ربك جل وعلا، وهناك من يعبد الأفكار من دون العزيز الغفار.
يقول قائل:
آمنت بالبعث ربًا لا شريك له وبالعروبة دينًا ما له ثاني
وقال آخر:
هبوني دينًا يجعل العرب أمة
وسيروا بجثماني على دين بُرهم
سلام على كفر يوحد بيننا
وأهلا وسهلا بعده بجهنم
كبرت كلمةٌ تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. أسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.