المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح حديث: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله


لَذة عِشّق ♔
12-29-2024, 08:35 PM
شرح حديث: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله

عَنْ عُمَرَ رضْي اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّي اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «لو أنَّكُمْ تَتَوكَّلُونَ علَى اللهِ حقَّ توكُّله لرزقَكم كما يرْزقُ الطَّيرَ، تغدوا خِماصًا وتَرُوحُ بِطانًا» رواه الترمذيُّ، وقال: «حديثٌ حسَنٌ».

معناه: تذْهبُ أوَّلَ النَّهارِ خماصًا؛ أي: ضامرةَ البطونِ من الجوع، وترجعُ آخرَ النَّهار بِطانًا: أيْ: مُمتلِئةَ البُطُونِ.

قال العلَّامةُ ابنُ عُثيْمين - رحمَه اللهُ -:
يقول النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حاثًا أمَّتَه على التَّوكُّلِ: «لو أنَّكم تتوكَّلون علي اللهِ حقَّ توَكُّلِه»؛ أي: توكُّلًا حقيقيًّا، تعتمدون علي اللهِ - عزَّ وجلَّ - اعتمادًا تامًّا في طلبِ رزقكم وفي غيرِه «لرزَقَكم كما يَرْزقُ الطَّيرَ»؛ الطيرُ رزقها علي الله عزَّ وجلَّ، لأنَّها طيور ليس لها مالك، فتطير في الجوِّ، وتغدوا إلى أوْكارِها، وتستجلبُ رزقَ اللهِ عزَّ وجلَّ.

«تغْدُوا خِماصًا»: تغدُوا؛ أي: تذهبُ أوَّلَ النهارِ، لأنَّ الغدوة هي أول النهار. وخِماصًا يعني: جائعةً كما قال الله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: من الآية 3]. مخْمَصة: يعني: مجاعة.

«تَغْدوا خِماصًا»؛ يعني: جائعة، ليس في بطونها شيءٌ، لكنَّها متوكلة على ربِّها عزَّ وجلَّ.
«وتَروُحُ»؛ أي: ترجعُ في آخرِ النَّهار، لأنَّ الرواح هو آخرُ النَّهارِ.
«بِطانًا»؛ أي: ممتلئةَ البطونِ، من رزقِ الله عزَّ وجلَّ. ففي هذا دليلٌ علي مسائل:

أوَّلًا: أنَّه ينبغي للإنسانِ أنْ يعتمِدَ على الله – تعالى - حقَّ الاعتماد.

ثانيًا: أنَّه ما من دابة في الأرض إلَّا علي اللهِ رزقها، حتى الطير في جو السماء، لا يمسكه في جوِّ السماءِ إلَّا الله، ولا يرزقه إلا الله عزَّ وجلَّ. كلُّ دابةٍ في الأرض، من أصغر ما يكون كالذَرِّ، أو أكبر ما يكون، كالفيلةِ وأشباهِها، فإنَّ على الله رزقُها، كما قال الله: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ﴾ [هود: من الآية 6]، ولقد ضلَّ ضلالًا مبينًا من أساء الظنَّ بربِّه، فقال لا تُكثروا الأولاد تضيق عليكم الأرزاق! كذبوا وربِّ العرش، فإذا أكثروا من الأولاد أكثر الله في رزقهم، لأنَّه ما من دابةٍ على الأرض إلا علي الله رزقها، فرزقُ أولادك وأطفالك علي اللهِ عزَّ وجلَّ، هو الذي يفتح لك أبواب الرزق من أجل أن تنفق عليهم، لكن كثير من الناسِ عندهم سوءُ ظنٍّ بالله، ويعتمدون على الأمور الماديَّة المنظورةِ، ولا ينظرون إلى المدى البعيد، وإلى قدرة الله عزَّ وجلَّ، وإنَّه هو الذي يرزق ولو كثر الأولاد. أكثرْ من الأولاد تكْثرُ لك الأرزاق، هذا هو الصحيح. وفي هذا دليلٌ – أيضا - على أنَّ الإنسان إذا توكلَّ على الله حقَّ التوكل فليفعل الأسباب. ولقد ضلَّ من قال لا أفعلُ السَّببَ، وأنا متوكِّلٌ، فهذا غير صحيحٍ، المتوكلُّ: هو الذي يفعل الأسباب متوكِّلًا علي الله عزَّ وجلَّ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «كما يرْزقُ الطَّيْرَ تغدُوا خِماصًا» تذهب لتطلب الرزق، ليست الطيور تبقي في أوْكارِها، لكنَّها تغدو وتطلبُ الرِّزقَ.

فأنت إذا توكَّلتَ على اللهِ حقَّ التوكُّلِ، فلا بدَّ أن تفعل الأسباب التي شرعَها الله لك من طلبِ الرزقِ من وجهٍ حلالٍ بالزراعة، أو التجارة، بأي شيءٍ من أسباب الرزق، اطلبِ الرزقَ معتمدًا على الله، ييسر الله لك الرزق.

ومن فوائدِ هذا الحديث: أنَّ الطيورَ وغيرَها من مخلوقات الله تعرف الله، كما قال الله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: من الآية 44]، يعني: ما من شيءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بحمْدِ اللهِ، ﴿ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: من الآية 18].

فالطيور تعرفُ خالقها عزَّ وجلَّ، وتطيرُ تطلبُ الرِّزقَ بما جلبها اللهُ عليه من الفطرةِ التي تهتدي بها إلى مصالِحها، وتغدو إلى أوكارِها في آخر النَّهار بطونها ملأى، وهكذا دوَاليك في كلِّ يومٍ، والله عزَّ وجلَّ يرزقها ويُيَسِّرُ لها الرزقَ. وانظرْ إلى حكمةِ الله، كيف تغدو هذه الطيور إلى محلاتٍ بعيدة، وتهتدي بالرجوع إلى أماكنِها، لا تخطئها، لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - أعطى كلَّ شيءٍ خلْقَه ثمَّ هدَي. واللهُ الموفق.

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (1 /557 - 560)

مثلي قليل
12-29-2024, 08:38 PM
جزاك الله خير
بارك الله فيك

نور القمر
12-29-2024, 08:43 PM
جزاك الله خيرا

جعله في ميزان حسناتك

علي طرحك المميز والمفيد

انتظر ابداعك القادم

إِيزآبَيل♡
12-29-2024, 09:48 PM
-










إنُتقِآءَ يُعآنِقَ السُمآءَ تُميزِاً’..
طُرحَ رآُقيَ كـ رُقيَكّ’,.
دُمتَ نهُِراً جُآرفَاً يُروُينَآ بُروآئَعكّ’,,
,.ض2

حسان
12-29-2024, 09:59 PM
بارك الله فيك
وجزاك الله خيرا

وجود
12-29-2024, 10:22 PM
جَزاك اللهِ خُيرِ الجَزاء
ونفِعُ بكٌ وبطِرحكَ القيَيم
ولاَ حَرمُك الاًجَر
بُارك الله فيُك

زمردة ❥
12-30-2024, 04:21 AM
جزاك الله خير

حاء
12-30-2024, 06:11 AM
_


جزاك الله خير
سلمت أناملك على الطرح المميّز
ويعطيك العافية على المجهود المبذول
ما ننحرم من فيض عطائك وإبداعك
لك تحياتي وفائق شكري
ولك كل الود ض2

مرفأ
12-30-2024, 08:44 AM
سٌِِّلمًتُِِّْ يَمًنْآكَ عًٍلى مًآ قٌٍدًٍمًتُِِّْ وٍسٌِِّلمًتُِِّْ عًٍيَنْآكَ عًٍلى مًآ آنْتُِِّْقٌٍتُِِّْ
نْنْتُِِّْظْرٌٍ مًنْكٍَ هٍَطُْوٍل طُْلتُِِّْكٍَ مًرٌٍهٍَ آخٌِرٌٍى مًنْ خٌِلآل آبٌَِدًٍآعًٍآتُِِّْكَ آلمًمًيَزٍُة
بٌَِآرٌٍكَ آللهٍَ فْيَكَ
لكٍَ مًنْـِِّـِِّـِِّ آجًِْمًل تُِِّْحٍّيَة ـِِّـِِّـِِّـِِّـِِّيَ

بنت العز
12-30-2024, 11:12 AM
يعطيك ربي ألف عافيه
بإنتظار جديدك بكل شوق.

تهاني
12-30-2024, 02:13 PM

جزاك الله خير / وجعله في موازين حسناتك ..ض2

ضامية الشوق
12-30-2024, 05:42 PM
جزاك الله خيرا

- جَف عطَرگـ .
12-30-2024, 07:26 PM
-






جَزَاكَ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ وُوَالُدِيكْ
سَلَّمَتْ يَدَاكَ وَنَفَّعَنَا اَللَّهِ بِمَا طَرَحَتْ

رواء الغيم
12-30-2024, 11:55 PM
مُترَفةً دَوحَتكْ بِما هُو جَميلْ وثري
اَشْكُرك لْرَوعَة طَرحُكْ العُطْر
لِرُوحكْ وَردْ وَوِد

:x9::x9::x9:

وجود
12-31-2024, 06:56 AM
جَزاك اللهِ خُيرِ الجَزاء
ونفِعُ بكٌ وبطِرحكَ القيَيم
ولاَ حَرمُك الاًجَر
بُارك الله فيُك

البرنس مديح آل قطب
12-31-2024, 11:48 AM





https://www.raed.net/img?id=389576

https://www.raed.net/img?id=1021981
https://www.raed.net/img?id=1021981
https://www.raed.net/img?id=1021981
https://www.3aroussham.com/vb/images/smilies/d91tafz.gif

جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم
‏طرحكم للموضوع مميز راق لي
‏طرحكم كشفق القمر في شفق الليل
يعطيكم العافية وسلمت يداكم
وسلم لنا ذوقكم الراقي
كل الشكر والتقدير لكم
لكم منا
باقات جاسمين
يسلمواااااااااااااااااااااا
https://www.raed.net/img?id=405932



















































القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif
البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس
https://www.raed.net/img?id=389575
https://up6.cc/2023/10/169857152674393.jpg





نبُض جآمح ❥
12-31-2024, 02:24 PM
-




جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

Şøķåŕą
12-31-2024, 11:09 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

الدكتور على حسن
01-01-2025, 08:54 PM
:kf1::kf1::nay1::kf1::kf1:
كل الشكر وكل التقدير
لحضرتك
على روعة ما قدمت لنـــا
من موضوع اكثر من رائع
ومفيـد جدا بما يحوى ن معلومات قيمة
واكثر من رائعة
ربنا يبارك فيك ويسعدك
ويحقق كل امانيك وامنياتك
يااااااااااااااااااااااااااااااااااارب
لك كل تحياتى وتقديرى
الدكتور علـى حسـن
:rose::rose::nay1::rose::rose:

мя Зάмояч
01-01-2025, 10:05 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

رحيل
01-03-2025, 06:16 PM
جزاك الله خيرا
واثابك الجنه..:x1:
وغفر الله لنا ولكم جميعا :117:

نور القمر
01-05-2025, 11:39 AM
سلمت كفوفك ..
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك
لقلبك الفرح.

همسة حب
01-07-2025, 01:22 AM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك ..

إيلين
01-07-2025, 02:41 AM
-

:x42:





كالعادة إبداع رائع.. :96:
وطرح يستحق المتابعة.. :em11::438:
شكراً لك ، بانتظار الجديد القادم ..:h102::x30:
دمت بكل خير ، لروحك السعادة ..:r-q2::x41:

نور القمر
01-07-2025, 05:41 PM
سلمت كفوفك ..
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك
لقلبك الفرح.

ترانيم الشجن
01-07-2025, 08:39 PM
بارك الله فيــــــــــك
أنار الله قلبك ودربك ورزقك برد عفوه وحلاوة حبه ..
ورفع قدرك في أعلى عليين ...
حفظك المولى ورعاك وسدد بالخير خطاك ..
احتــــرامي وتــقديري...

وطن عُمري
01-10-2025, 05:32 AM
حفنة إبداع بسماء روايه
لك التحايا عاطرة بربيع جوري لا يبور . . !

نور القمر
02-06-2025, 02:46 PM
سلمت كفوفك ..
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك
لقلبك الفرح.

غـرام الشوق
05-21-2025, 07:44 PM
وجدت هنا موضوع وطرح شيق
ورائع اعجبني ورآق لي
شكراً جزيلاً لك .