تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : موعظة عن العمر


انثى برائحة الورد
10-31-2018, 12:40 PM
حقيقة العمر الذي يعيشه الإنسان :

﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
[ سورة العصر: 1-3]

ما هي خسارته؟

إنَّ مضيُّ الزَّمن يستهلك الإنسان، فالإنسان أحياناً يتوهَّم أنَّه صَغرت سِنُّه إذا عدَّ عمرهُ عدًّا تصاعدِيًّا، يقول لك: كبرتْ سِنِّي، أما إذا عدَّ عمرهُ عدًّا تنازليًّا، يقول: كم بَقِيَ لي؟
الإنسان إذا سأل هذا السؤال وقَع في حرجٍ، هل بقيَ بِقدْر ما مضى؟!

إذا كان الذي مضى مضى كلَمْح البصَر فالذي بقي إذا كان أقلّ مِمَّا مضى سيَمضي بأقلّ مِن لمْح البصر، ثمّ يفاجأ الإنسان انَّه أمام عمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرّ، فالعُمر هو ظرف العمل، فعملك الصالح أو السيئ له ظرفٌ هو العمر، وربنا عز وجل قال:
﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾
[ سورة فاطر: 37 ]
فالله عز وجل عمَّر لنا العمر المناسب، لأنَّ موت الإنسان أخطر حَدَثٍ في حياته، لأنّه انتقال كُلِّي مِن دارٍ إلى دار، وخَتْمُ العمل، وإغلاق باب العمل، لا يوم وِلادته، ولا يوم زواجه، ولا يوم وفاته، والدليل قوله تعالى:
﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾
[ سورة الملك: 2 ]

بدأ بالموت، وهو تقديم أهمِيَّة، ففي البدايات هناك خِيارات عديدة جدًّا أما هو الذي خلق الموت والحياة، فالموت مُحدَّد والأجل محدَّد، قال تعالى:
﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾
[ سورة الأعراف: 34]

ومـع أنـَّهُ محدَّد هو أنسـب عمرٍ للإنـسان، إذا كُشِفَ الغطاء يـوم القيامـة عن حكمة العمر الذي عاشه الإنسـان لا يملك إلا أن يقول: الحمد لله رب العالمين، لأنَّ كلّ شيءٍ وقع أراده الله، وكلّ ما أراده الله وقَع، فهل يقعُ الموت من دون إرادة الله؟! حتى القاتل إذا قتل إنسانًا، هذا الإنسان منوطٌ بأجله، وقد ذكرتُ مثالاً عن بستان في الزَّبداني، زُرِعَ فيه أشجار تُفاح، الشَّجرة الخامسة، في الفرع الثالث، في الغصن كذا، التفاحة الخامسة هي لِفلان !! أما فلان من الناس باخْتِياره أن يُحدِّد طريقة وُصول هذه التُّفاحة إليه، فـقد يشتريها بِماله، وقد يسرقها وهي له، وقد يأكلها ضِيافةً وهي له، وقد يتسوَّلها وهي له، فهذه كلّها طرق، وهي له، وكذا الموت مُحَدَّد، فقد يموت على فراشه، وقد يموت قتلاً، وقد يموت بمَرضٍ، وقد يموت بحادِث، والنُّقطة الدقيقة أنَّ الأسباب تنوَّعَت، ولكنَّ الموت واحدٌ!

العبرة بمضمون عمر الإنسان لا بطوله أو قصره :

قد يقول قائل: كيف يُحاسب القاتل على فعلته؟
يحاسب لأنَّه أقْدم على قتْل إنسانٍ بِغَير حقّ، فالقاضي إن حكم على المجرِم بالإعدام وفق أحكام الشريعة، هل يُحاسب القاضي عند الله؟!
لا، لأن التوحيد لا يُلغي المـسؤوليَّة، لو أنَّ طبيبًا أخـطأ مع مريض، ومات المريض، فالذي قال: من طبَّب ولم يُعلم منه طبّ فهو ضامن، يجب أن يدْفع الدِّيَّة، فالمريض مات بأجله، ولكن نقول لهذا الطبيب: لا علاقة لك بالتوحيد، فأنت محاسب ومُقصّر ! ونقول للقاتل: قتلْتَ نفسًا بِغَير نفسٍ، فالعمر هو ظرف عمل الإنسان، إلا أنَّ العمر أنواع: فالعمر الزَّمني لا قيمة له إطلاقًا، ففي التاريخ الإسلامي نجد علماء كباراً تركوا آثاراً مذهلة، وعاشوا أقلّ من خمسين عامًا كالإمام النَّووي رحمه الله تعالى، وهناك قادة فتحوا آسيا وعاشوا أقلّ من ثلاثين عامًا، وهناك أعمار تافهة كأن يعيش ثمانين سنة من دون عمل صالح، ولذلك الله عز وجل في آية وحيدة أقْسم بِعُمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
[ سورة الحجر : 72]
لأنَّ عمر النبي علـيه الصلاة والسلام ثمين، فهو في مدَّة يسيرة قلب وجه الأرض، ورسَّخ التوحيد في الأرض، والفضيلة والسعادة والقِيَم، فإيـّاك أن تقيس العمر زمنِيًّا فهو لا قيمة له إطلاقًا قال تعالى:﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
[ سورة العصر: 1-3]

قال الحسن البصري: " ما من يوم ينشقّ فجره إلا ويُنادي يا بن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوَّد مِنِّي فإني لا أعود إلى يوم القيامة" وعقارب الزَّمن لا يمكن أن ترجع ! فأنت بين يوم مضى، والحديث عنه لا جدوى، وبين يوم سيأتي لا تملكُهُ

الموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل :

قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾
[ سورة آل عمران: 102 ]
الموت يأتي بغتةً، والقبر صندوق العمل
﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾
[ سورة المؤمنون: 99-100]

الإنسان بين خمسة أيام :
نحن الآن في بحبوحة، والقلب ينبض، وتؤدِّي زكاة مالك، وتؤدِّي الحقوق التي عليك، اغتصَبت مال الورثة، هذا كلّه محاسب عليه فانْتَبِه وأدِّ ما عليك لأنَّ العمر محدود، ولا يوجد تأخير، فالمقتول يموت بِأجله والقاتل يُحاسب كَقاتِل، هكذا عقيدة أهل السنة، لذا أنت بين خمسة أيام ؛ ويوم مفقود، ويوم مشهود، ويوم مورود، ويوم موعود، ويوم ممدود، فالمفقود هو الماضي، والمشهود الحاضر، والمورود الموت، والموعود يوم القيامة، والممدود إما في جنَّة إلى أبد الآبدين، وإما في نار إلى أبد الآبدين، وأخطر هذه الأيام هو اليوم المشهود الذي تشهدهُ، لا تقل: سوف !
أدِّ الذي عليك في الحاضر، ولا تُسوِّف، فلا تمت وأنت متلبّس بِمَعصية، والإنسان كيف أمضى عمره يجعل طريقة موته تلخيصًا لِعُمره كلِّه،
لذلك قالوا: صنائع المعروف تقي مصارع السوء.

شيخة رواية
10-31-2018, 01:19 PM
عطاء مميز وحضور انيق ووفاء لكيان روايه

التمسه في متصفح الوفاء

راقني ماكان هنا وانتظر مزيدك

فكل الشكر والامتنان لهكذا هطل


دمت بكل الخير

بٰٰقايٰا روحہٰ
10-31-2018, 01:41 PM
يعطيك العافيه ياارب..
ولك مني باقات من القرنفل
تحمل في شذاها اسمى معاني الاحترام
بانتظارجديدك بكل شوق:239:

نور القمر
10-31-2018, 05:58 PM
تسلم الايادي
على الطرح القيم والمميز
بشوق لجديدك القادم
ودي و ورودي

غـُـلايےّ
10-31-2018, 06:45 PM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

الجوهرة
10-31-2018, 07:40 PM
شكرا لك على الموضوع الجميل المفيد
جزاك الله الف خير وبااارك الله فيك
على كل ما تقدمه
الله ينور قلبك بالعلم والايمان
ويشرح صدرك بالهدى واليقين
بوركت جهودك باختيارك القيييم
حفظك الرحمن وكوني بخير


http://img-fotki.yandex.ru/get/9833/47407354.f08/0_1695a7_37783175_L.png

الاقشر
10-31-2018, 09:53 PM
بارك الله فيك على طرحك الطيب :241:

لَـحًـــنِ ♫
10-31-2018, 10:49 PM
يععطيـك ـآلـعـآفيـهَ ع جمَ ـآل طرحـكٌ..||~
د ـآم عطـآئكٌ ../..ورؤعـه تمَ ـيـزكٌ..~
(..مَ ـودتيٌ..)..


https://upload.3dlat.com/uploads/13574735958.gif

عاشق اميرة
11-01-2018, 12:17 AM
الله‍ يجزآگ الجنه‍
و
ينورقلبگ
بآرگ الله‍ فيگ
و
فقگ الله لمآيحبه‍ ويرضآه‍:241:

الياقوتة
11-01-2018, 05:07 AM
بارك الله فيك على الطرح القيم
وجعله الله في مـــوآزين حسنآتك يوم القيآمه
حفظك الله

شيخة رواية
11-01-2018, 10:07 AM
عطاء مميز وحضور انيق ووفاء لكيان روايه

التمسه في متصفح الوفاء

راقني ماكان هنا وانتظر مزيدك

فكل الشكر والامتنان لهكذا هطل


دمت بكل الخير

روحي تبيك
11-01-2018, 05:15 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

عاشقة الورد
11-02-2018, 07:52 AM
جزاك الله خير
جعله في موازين حسناتك
سلمت الايادي

ابو الملكات
11-02-2018, 05:49 PM
جزاك الله خير ورحم والديك وانار قلبك وعقلك بنور الايمان وجعل عملك هذا في ميزان حسناتك وجعل الجنة مثواك امين يارب

خالد
11-02-2018, 07:14 PM
بارك الله فيك
وجعل ما تقدمه من موضوعات
في ميزان حسناتك
ويجمعنا بك والمسلمين في جنات النعيم
دمت بخير

الوسيم
11-02-2018, 07:35 PM
جزاك الله خيرا لما نقلت لنا من دُرر
اللهم ارزقنا لسانا ذاكرا
وقلبا خاشعا وعينا دامعا
دمت برضى الله

بٰٰقايٰا روحہٰ
11-02-2018, 07:55 PM
حروف مطرزة بأنين قلمك
استمتعت لنثر ابداعك هنا
ودي وعبق وردي:34:

شيخة رواية
11-04-2018, 08:01 AM
عطاء مميز وحضور انيق ووفاء لكيان روايه

التمسه في متصفح الوفاء

راقني ماكان هنا وانتظر مزيدك

فكل الشكر والامتنان لهكذا هطل


دمت بكل الخير

بسمة فجر
11-04-2018, 09:34 PM
بارك الله فيك ع طرحك القيم
وبإنتظار جديدك القادم
ارق التحايا لك

sham
11-05-2018, 09:39 PM
احسنت الإنتقاء
جزاك الله خير الجزاء .

,:241:

أبو علياء
11-10-2018, 02:26 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
على الموضوع الرائع والمميز
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

صهيل الحرف
11-11-2018, 07:44 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
على الموضوع الرائع والمميز
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

انثى برائحة الورد
11-14-2018, 04:22 PM
سعدت بتواجدكم
شكرا لك على جمال حضوركم

لذة مطر ..!
11-20-2018, 04:19 AM
جزاك الله خير ع طرحك ونفع بك .. :20:

ذآتَ حُسن♔
11-21-2018, 11:52 AM
جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..
لِ روحك

نسر الشام
12-12-2018, 02:53 PM
صفحات متوهجه بحروف الأبداع وروعة الأختيار
تقديري لعطاءك وتألق قلمك الماسي
بالتوفيق دوما لمزيد من التميز
نــ الشام ـسر

Şøķåŕą
07-29-2022, 07:15 AM
_


سلمت الايادي
ويعطيك العافية لـ جمال الآنتقاء
لروحك جنائن الورد .

نور القمر
09-27-2024, 11:09 AM
طرح قيم وَ مفيد
سلمت يمناك عَ الانتقاء الراقي
يعطيك العافيه

Şøķåŕą
09-27-2024, 12:10 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير