زمردة ❥
06-12-2024, 06:24 AM
الْحَمْد ُلِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَ مَا فِي الأَرْضِ وَ لَهُ الْحَمْد ُفِي الآخِرَةِ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن على هداهم يسير.
أما بعد.
ثبت في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم التعوذ بالله من العجز والكسل وأقبحه ما كان في أمر الدين والعمل الصالح
فليس للعمر ثمرة أعظم من العمل الصالح
فما أسعد العاملين برضوان أرحم الراحمين يوم يناديهم المنادي { أن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[ لأعراف: من الآية43]
يوم يقال { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [ الحاقة:24]
يوم يسعدهم الرحمن بنعيم الجنات ويسمعون { إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} [ الإنسان:22] .
فيثنون على الله قائلين { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر:74]
ويقولون { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [ فاطر:35]
إنها الخيرات التي سارعوا إليها ، والطاعات التي شمروا إليها ، والقربات التي أكثروا منها
أثقلت الموازين فكانوا من المفلحين .....
فما الذي يقعد بنا ؟
وما الذي يؤخرنا ؟
الحياة كلها مجال للعمل الصالح {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [ الحجر:99]
فلا انقطاع لعمل المؤمن إلا يوم يلقى ربه بخروج روحه من جسده ....
ومن رحمة ربنا أن جعل لعباده مواسم تضاعف فيها الحسنات ويستدرك العبد بها ما فات لها مزيه ليست لغيرها من الأوقات ويتجدد نشاط العبد فيسارع في الخيرات...
ومن ذلك موسم عظيم وأيام مباركة كريمة هي أيام عشر ذي الحجة هذه الأيام التي هي أفضل أيام خلقها الله على الإطلاق بل هي أفضل أيام العام ودلائل فضلها كثيرة منها.
1- إن الله أقسم بها ولا يقسم ربنا إلا بعظيم من المخلوقات أو الأوقات .
{ وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وهي عشر ذي الحجة كما قال أهل التفسير
2- صح فيها حديث ابن عباس عن نبينا صلى الله عليه وسلم (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسه وماله فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء )) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح إبي داود.
وفي حديث أخر (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا ، مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى " . قِيلَ : وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )) سنن الدارمي وحسنه الألباني
3- كذلك يجتمع فيها من أمهات العبادات ما لا يجتمع في غيرها كالحج ، والعمرة ، والصيام ، والصدقة ، والصلاة .
أيها الأخوة إن أدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد فيجب علينا استشعار هذه النعمة واغتنام الفرصة فنخصها بمزيد عناية وتجاهد نفسنا بالطاعة
وقد كان هذا هو حال السلف ....
فقد روى الدارمي أن سعيد بن جبير وهو راوي حديث ابن عباس المتقدم كان إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه وكان يقول لا تطفئوا سرجكم فيها.
مضى امسك الماضي عليك معدلاً *** وأعقبه يوم عليك جديد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة *** فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد
أحبتنا..
على سبيل التذكير هذه بعض الأعمال الصالحة التي يشرع التقرب بها إلى الله تعالى وليعلم أنه من الفطنة والفقه أن يختار المسلم من الأعمال أحبها إلى الله تعالى فيتقرب بها في هذه العشر فالعمل فيها محبوب أياً كان نوعه .
فكيف إذا اجتمع مع كونه محبوباً للزمان كونه محبوباً لذاته وأصله فذلك خير على خير.
فأول أمر وأهمه أن نعلم أنه لفعل الصالحات ..
لابد من ترك السيئات وذلك بالإقلاع عنها والندم على فعلها والعزم الأكيد ألا نعود إليها وهذه هي التوبة وهي عمل عظيم يحبه الله ويحب أهله ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
- غير برنامجك – غير مجالسك – السهرات الفارغة أتركها
آلة المعصية أبعدها
رفقه سوء تخل عنهم واتركهم
مجلس تضييع وقت أبعد عنه .
طاعة تفرط فيها أفعلها وألزم نفسك بها.
وإليك بعض الأعمال
1 - أداء فرائض الله التي افترضها ففي الحديث (( وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه .. ))
وأعظهما التوحيد والإخلاص لله تعالى حقق إيمانك ويقينك واعلم أنه لا إله إلا الله.
ثم المحافظة على الصلوات الخمس وأداءها على وقتها مما يحبه الله تعالى.
فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: ((سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها)). متفق عليه.
ولما كانت الصلاة أحب عمل إلى الله تعالى كانت بقاعها التي تصلى فيها أحب البقاع إليه سبحانه؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا» رواه مسلم.
فلزومها وكثرة الجلوس فيها خاصة في العشر من أفضل الأعمال ودليل على محبتها والتعلق بها ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل قلبه معلق بالمساجد
2 - ومن الفرائض المهمة والتي لا يجوز تأخيرها لمن قدر عليها وهذا أوانها الحج والعمرة.
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن حكم تأخير الحج مع القدرة عليه فأجاب
من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة ، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج ؛ لقول الله سبحانه :( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران/97
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" متفق على صحته (خ/ 8 ، م/ 16 )
مجموع فتاوى الشيخ.
3 - التقرب إلى الله بالنوافل وهذا باب واسع ولكل فريضة نافلة..
فمن ذلك نافلة الصلاة مطلقاً فعن معدان بن أبي طلحة قال : " لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ - أَوْ قَالَ قُلْتُ : بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ - فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً ) رواه مسلم في " صحيحه " (488).
فنحافظ على السنن الرواتب ونصلي الضحى ونتفل بما شاء الله في غير وقت النهي.
وخاصة قيام الليل فهي أفضل الصلاة بعد المكتوبة وصاحبها يحبه الله ففي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثةٌ يحبُّهم اللهُ عزّ وجلّ ، ويضحكُ إليهم ، ويستبشرُ بهم : وذكر منهم الذي له امرأة حسناء ، وفراش لين حسن ، فيقوم من الليل ، فـيذر شهوتَه ، فيذكُرني ويناجيني ، ولو شاءَ رقَدَ ! ) رواه الحاكم في " المستدرك " (1/25)، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/408) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/3478) .
ويختم صلاة الليل بالوتر
ففي حديث عليّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله وتر يحب الوتر فأوتِرُوا يا أهل القرآن . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وأصله في الصحيحين.
4 - قراءة القرآن التجارة التي لن تبور أكثر من قراءته وسماعه وتدبره في هذه العشر وهو عمل مبارك محبوب عند الله ولا شك فكلامه أحسن الكلام وتأمل الأجر المترتب على قراءته فعن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ) رواه الترمذي وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". وهذا أعظم ثواب لكلام يقوله العبد حتى إن الصفحة الواحدة من المصحف ليصل ثواب قراءتها لما يقارب خمسة آلاف حسنة لمن تقبل الله منه.
وكانوا يرون أنه كذلك قال فروة بن نوفل الأشجعي: كنت جارا لخباب بن الأرت رضي الله عنه فخرجت يوما معه إلى المسجد، وهو آخذ بيدي، فقال: يا هناه، تقرب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ، يَجْهَرُ بِهِ) .رواه البخاري ومسلم
والأَذَن : الاستماع .
والمعنى : ما استمع الله لشيء كسماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به. وهذا يدل على محبته لذلك.
وانظر إلى قدر أهل القرآن فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه "إن لله أهلينَ من الناس، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)". أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني. وهو من دلائل محبة الله لهم نسأل الله من فضله.
مع القراءة تدبر ما تقرأ وحرك به قلبك فإن لين القلب صفة يحبها الله والقرآن يلين القلوب ففي الحديث عن أبي عنبة الخولاني يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (( إن لله آنية في الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها )). رواه الطبراني وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
ومن آثار هذا اللين يكون التأثر والبكاء من خشية الرحمن وإن هذه الدموع لقطرات يحبها الله ففي حديث أبي إمامة الباهلي الذي حسنه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه (( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قال في القطرتين ، قطرة دموع من خشية الله .. الحديث رواه الترمذي وحسنه.
أما بعد.
ثبت في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم التعوذ بالله من العجز والكسل وأقبحه ما كان في أمر الدين والعمل الصالح
فليس للعمر ثمرة أعظم من العمل الصالح
فما أسعد العاملين برضوان أرحم الراحمين يوم يناديهم المنادي { أن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[ لأعراف: من الآية43]
يوم يقال { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [ الحاقة:24]
يوم يسعدهم الرحمن بنعيم الجنات ويسمعون { إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً} [ الإنسان:22] .
فيثنون على الله قائلين { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر:74]
ويقولون { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [ فاطر:35]
إنها الخيرات التي سارعوا إليها ، والطاعات التي شمروا إليها ، والقربات التي أكثروا منها
أثقلت الموازين فكانوا من المفلحين .....
فما الذي يقعد بنا ؟
وما الذي يؤخرنا ؟
الحياة كلها مجال للعمل الصالح {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [ الحجر:99]
فلا انقطاع لعمل المؤمن إلا يوم يلقى ربه بخروج روحه من جسده ....
ومن رحمة ربنا أن جعل لعباده مواسم تضاعف فيها الحسنات ويستدرك العبد بها ما فات لها مزيه ليست لغيرها من الأوقات ويتجدد نشاط العبد فيسارع في الخيرات...
ومن ذلك موسم عظيم وأيام مباركة كريمة هي أيام عشر ذي الحجة هذه الأيام التي هي أفضل أيام خلقها الله على الإطلاق بل هي أفضل أيام العام ودلائل فضلها كثيرة منها.
1- إن الله أقسم بها ولا يقسم ربنا إلا بعظيم من المخلوقات أو الأوقات .
{ وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وهي عشر ذي الحجة كما قال أهل التفسير
2- صح فيها حديث ابن عباس عن نبينا صلى الله عليه وسلم (( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسه وماله فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء )) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح إبي داود.
وفي حديث أخر (( مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا ، مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى " . قِيلَ : وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ )) سنن الدارمي وحسنه الألباني
3- كذلك يجتمع فيها من أمهات العبادات ما لا يجتمع في غيرها كالحج ، والعمرة ، والصيام ، والصدقة ، والصلاة .
أيها الأخوة إن أدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد فيجب علينا استشعار هذه النعمة واغتنام الفرصة فنخصها بمزيد عناية وتجاهد نفسنا بالطاعة
وقد كان هذا هو حال السلف ....
فقد روى الدارمي أن سعيد بن جبير وهو راوي حديث ابن عباس المتقدم كان إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه وكان يقول لا تطفئوا سرجكم فيها.
مضى امسك الماضي عليك معدلاً *** وأعقبه يوم عليك جديد
فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة *** فبادر بإحسان وأنت حميد
ولا تبق فعل الصالحات إلى غد *** لعل غداً يأتي وأنت فقيد
أحبتنا..
على سبيل التذكير هذه بعض الأعمال الصالحة التي يشرع التقرب بها إلى الله تعالى وليعلم أنه من الفطنة والفقه أن يختار المسلم من الأعمال أحبها إلى الله تعالى فيتقرب بها في هذه العشر فالعمل فيها محبوب أياً كان نوعه .
فكيف إذا اجتمع مع كونه محبوباً للزمان كونه محبوباً لذاته وأصله فذلك خير على خير.
فأول أمر وأهمه أن نعلم أنه لفعل الصالحات ..
لابد من ترك السيئات وذلك بالإقلاع عنها والندم على فعلها والعزم الأكيد ألا نعود إليها وهذه هي التوبة وهي عمل عظيم يحبه الله ويحب أهله ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
- غير برنامجك – غير مجالسك – السهرات الفارغة أتركها
آلة المعصية أبعدها
رفقه سوء تخل عنهم واتركهم
مجلس تضييع وقت أبعد عنه .
طاعة تفرط فيها أفعلها وألزم نفسك بها.
وإليك بعض الأعمال
1 - أداء فرائض الله التي افترضها ففي الحديث (( وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه .. ))
وأعظهما التوحيد والإخلاص لله تعالى حقق إيمانك ويقينك واعلم أنه لا إله إلا الله.
ثم المحافظة على الصلوات الخمس وأداءها على وقتها مما يحبه الله تعالى.
فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: ((سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها)). متفق عليه.
ولما كانت الصلاة أحب عمل إلى الله تعالى كانت بقاعها التي تصلى فيها أحب البقاع إليه سبحانه؛ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا» رواه مسلم.
فلزومها وكثرة الجلوس فيها خاصة في العشر من أفضل الأعمال ودليل على محبتها والتعلق بها ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل قلبه معلق بالمساجد
2 - ومن الفرائض المهمة والتي لا يجوز تأخيرها لمن قدر عليها وهذا أوانها الحج والعمرة.
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن حكم تأخير الحج مع القدرة عليه فأجاب
من قدر على الحج ولم يحج الفريضة وأخره لغير عذر، فقد أتى منكراً عظيماً ومعصية كبيرة ، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالحج ؛ لقول الله سبحانه :( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آل عمران/97
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" متفق على صحته (خ/ 8 ، م/ 16 )
مجموع فتاوى الشيخ.
3 - التقرب إلى الله بالنوافل وهذا باب واسع ولكل فريضة نافلة..
فمن ذلك نافلة الصلاة مطلقاً فعن معدان بن أبي طلحة قال : " لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ - أَوْ قَالَ قُلْتُ : بِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ - فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ ، فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً ، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً ) رواه مسلم في " صحيحه " (488).
فنحافظ على السنن الرواتب ونصلي الضحى ونتفل بما شاء الله في غير وقت النهي.
وخاصة قيام الليل فهي أفضل الصلاة بعد المكتوبة وصاحبها يحبه الله ففي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثةٌ يحبُّهم اللهُ عزّ وجلّ ، ويضحكُ إليهم ، ويستبشرُ بهم : وذكر منهم الذي له امرأة حسناء ، وفراش لين حسن ، فيقوم من الليل ، فـيذر شهوتَه ، فيذكُرني ويناجيني ، ولو شاءَ رقَدَ ! ) رواه الحاكم في " المستدرك " (1/25)، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/408) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/3478) .
ويختم صلاة الليل بالوتر
ففي حديث عليّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله وتر يحب الوتر فأوتِرُوا يا أهل القرآن . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وأصله في الصحيحين.
4 - قراءة القرآن التجارة التي لن تبور أكثر من قراءته وسماعه وتدبره في هذه العشر وهو عمل مبارك محبوب عند الله ولا شك فكلامه أحسن الكلام وتأمل الأجر المترتب على قراءته فعن عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ) رواه الترمذي وصححه الألباني في "صحيح الترمذي". وهذا أعظم ثواب لكلام يقوله العبد حتى إن الصفحة الواحدة من المصحف ليصل ثواب قراءتها لما يقارب خمسة آلاف حسنة لمن تقبل الله منه.
وكانوا يرون أنه كذلك قال فروة بن نوفل الأشجعي: كنت جارا لخباب بن الأرت رضي الله عنه فخرجت يوما معه إلى المسجد، وهو آخذ بيدي، فقال: يا هناه، تقرب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ، يَجْهَرُ بِهِ) .رواه البخاري ومسلم
والأَذَن : الاستماع .
والمعنى : ما استمع الله لشيء كسماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به. وهذا يدل على محبته لذلك.
وانظر إلى قدر أهل القرآن فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه "إن لله أهلينَ من الناس، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)". أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني. وهو من دلائل محبة الله لهم نسأل الله من فضله.
مع القراءة تدبر ما تقرأ وحرك به قلبك فإن لين القلب صفة يحبها الله والقرآن يلين القلوب ففي الحديث عن أبي عنبة الخولاني يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (( إن لله آنية في الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها )). رواه الطبراني وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
ومن آثار هذا اللين يكون التأثر والبكاء من خشية الرحمن وإن هذه الدموع لقطرات يحبها الله ففي حديث أبي إمامة الباهلي الذي حسنه الألباني قال رسول الله صلى الله عليه (( ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قال في القطرتين ، قطرة دموع من خشية الله .. الحديث رواه الترمذي وحسنه.