المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة إلى المبتلَينَ والمُصابِين


مثلي قليل
04-17-2024, 01:28 AM
إنَّ الله تعالى قوي قادر، وهو حكيم رحيم، يقدِّر ما يشاء، ويَخلق ما يشاء؛ لما تقتضيه حكمته، وهو تعالى يعلم ما يَخرج من الأرض وما ينزل فيها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو ينزِّل بقدَرٍ ما يشاء، ويرفعه حين يشاء.

والله تعالى يَغفِر لصاحب المُصاب الْمُبتلَى، ويرفعه بصبره الدرجات، ويعوِّض صاحبَه في الآخرة بما هو أفضل، لكن هذا للصابر؛ فالمصاب يكفِّر الله تعالى به، وأما رفع الدرجات والعوض العظيم بإذن الله تعالى فهذا منوط بالصبر فبه يُؤجر؛ إذ نفس المصيبة لا يؤجَر عليها، وإنما يؤجر على عملِه؛ كما قال الشيخ العز بن عبدالسلام رحمه الله: والله تعالى أمر بالصبر وجوبًا، وندب إلى الرضا استحبابًا.

وقد أقسم تعالى على أن يَبلونا ليَختبر صبرنا سبحانه، فقال: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ﴾ [البقرة: 155]، ثم خصَّ بالبشارة الصابرين، فقال: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين ﴾ [البقرة: 155].

فالقسمة السيئة أن يَبتلينا تعالى فنجزع ونعصي، فنُحرم نصيب الدنيا، ونُحرم عِوضَ الآخِرة.

ثم لنعلم أن الدنيا بكل ما فيها لا تساوي عند ربنا تعالى شيئًا، وإنما مُتَعها كالأحلام والصور، لا أكثر من ذلك، وتُنسى مع أول نفحَة مِن عذاب رب العالَمين، وقد جاء في الحديث أنه حين يرى أصحابُ العافية يوم القيامة أجْرَ الله تعالى لأصحاب البلاء ودُّوا أن لو قُرضَت جُلودهم في الدنيا بالمقاريض!

إنَّ كل يوم نقترَّب إلى الله تعالى أكثر مِن الذي مضى، والأمر كل يوم يَهون عما سبَقه، واللقاء يدنو، فلماذا نستقبل هذا اللقاء بالمعصية ما دمنا كل يوم تَقصر مدة الصبر المطلوبة مِنا حتى لقاء الله تعالى؟!

ثم إنْ عَلِمَ الله تعالى من عبده خيرًا - من الصبر والرضا والتعفُّف - فتح تعالى له مِن الأبواب والنعيم والتمتُّع واللذة ما يُعوِّضه عما فقَدَ، بل يتضاءَل ما فقَدَ بجانب ما عوَّضه تعالى؛ يقول بعض عُبَّاد السلف: "مساكينُ الملوك وأبناء الملوك، لو عَلِموا ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف"؛ وذلك متعة العبادة ولذة المناجاة، بل قال بعضهم: "والله لولا الليلُ ما أحببْتُ البقاءَ في الدنيا"؛ وذلك لنعيم قيام الليل، وكان معاذ بن جبل يقول عند موته: "اللهمَّ إنك تعلم أني ما أحببتُ البقاء في الدنيا لكَرْي الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن: لظمأ الهواجِرِ - يعني: صيام أيام الحر - وقيام ليالي الشتاء - يعني: لطولها - ومزاحمة العلماء بالرُّكَب عند حِلَق العلم".

والصبر لا يتحقق إلا بمعونة رب العالمين؛ قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127]، فلا بدَّ مِن التوكُّل، ولو صدق فيه لوجد أثرًا عظيمًا، وخفَّ عليه الأمر جدًّا بإذن الله تعالى، وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((ومَن يتصبَّرْ يُصبِّرْهُ الله)).

والبعض قد يقنط أو يَحبط فيستقبل البلاء بالمعصية، والخوف كل الخوف من المعاصي هو إصابتها محلاًّ في القلب قد يَخسَر به الكثير؛ فالذنوب جِراحات، ورُب جُرحٍ وقع في مَقتل، والمقتل هو الزيغ وفقدان أصل الطريق إلى رب العالمين.

ثمَّ لا بدَّ للصبر والرضا من أمور:
أحدها: أن يَثق في حكمة الله تعالى في كل قدره وشرعه، وأن الله تعالى لم يُصبْه بهذا جزافًا أو بغير قصد، بل هو المقصود لحكمة ورحمة، وبقَدر محدَّد، إلى أجل محدَّد يعلمه الله تعالى.
والثاني: أن يَثق أنه لا تخلو أقداره تعالى من الرحمة كما أنها لا تَخلو من الحكمة.
والثالث: أنه هو الذي أعطانا النِّعَم وملَّكنا إياها، ولا نستحق عليه شيئًا، بل هو محْضُ تفضُّله، ومع هذا فيَجزي بالصبر والرضا أجرًا بغير حساب.
والرابع: أن هذا الجسد تالف لا محالة، والمال ذاهب بيقين، ويبقى قلبه وروحه يرتفعان إلى حيث قسم تعالى لهما على قدْر همَّته وسعيه وقصده وتوكله.
الخامس: لو لم ينجَع هذا مع المبتلى فليتذكَّر ذنوبه مع ربه، وأنه لو جازاه بها لأهلَكه واستأصله، ولكنه تعالى جازاه ببعض الذنوب لا بكُلِّها، فليحمد الله.
السادس: أن من العبوديات انتظارَ الفرَج، وإحسانَ الظن، والثقة في الله، واليقين فيه، والتوكل عليه، والرجاء في رحمته، والتعوض به عن كل ما فاته.

عافانا الله تعالى وجميع المسلمين؛ فهو تعالى نِعم المُدبِّر، ونِعم الحكيم، ونِعْم الرحيم!
والله تعالى أعلم وأحكم.

نبضها مطيري
04-17-2024, 02:23 AM
سلمت يمينك..
طرح فاائق الجمال ..والروعه
تحياتي لك

حاء
04-17-2024, 04:05 AM
_


جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المولى الجنّة ونعيمها ض2

هالة
04-17-2024, 08:48 AM
يعطيك الف عافية

شيخة الزين
04-17-2024, 10:08 AM
بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
جعله الله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ المولى

ضامية الشوق
04-17-2024, 10:12 AM
جزاك الله خيرا

البرنس مديح آل قطب
04-17-2024, 12:09 PM
https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif

https://www.raed.net/img?id=743261 (https://www.raed.net/)

جزاكم الله خير الجزاء
طرحكم راق لي جميل ومميز
بارك الله فيكم وأسعدكم في الدارين
ننتظر جديدكم على الدوام
طرح عشرة على عشرة
دمتم برقي وسعادة وطمأنينة
إحتراماتي تعانق روحكم
مع تقديري لكم
ولروحكم الزكية
باقات باتونيا
يسلمواااااااااااااااااااا



https://www.raed.net/img?id=405932


القيصر العاشق:eq-32:
البــــ :hp2: مديح آل قطب :hp2: ــــــرنس
https://www.raed.net/img?id=743221

мя Зάмояч
04-17-2024, 06:47 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

Şøķåŕą
04-18-2024, 12:04 AM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

رحيل
04-18-2024, 04:01 AM
جزاك الله خيرا

عبد الحليم
04-18-2024, 10:26 AM
جزاك الله خيرا
طرح يفوق الجمال لروعته
كعادتك إبداع في مواضيعك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الجمال
لقلبك السعادة والفرح
ودي..

إِيزآبَيل♡
04-18-2024, 11:17 PM
جَزاكِ اللهِ خُيرِ الجَزاء
ونفِعُ بكٌ وبطِرحكَ القيَيم
ولاَ حَرمُكِ الاًجَر
بُاركِ اللهِ فيُك ..~

الفاتنة
04-20-2024, 04:27 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك
ونفعا الله وإياك بما تقدمه

غـرام الشوق
04-20-2024, 05:57 PM
لَا تَأْتِي إِلَّا بِالْجَمَالِ . . سُلَّمُ فِكْرِكَ
وَدَامَ تَوَاصُلُكَ اَلْمُبْهِجُ . .
أَرَقُ اَلتَّحَايَا لِقَلْبِكَ

روحي تبيك
04-21-2024, 05:12 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورلإيمان
أحترآمي لــ/سموك

إيلين
04-22-2024, 02:36 PM
-







موضوعٌ فِي قمة الجَمال
وأضَاء بجمالِه أرجاء المكانِ ، شكرا للإبدَآعِ
يعطِيك العّآفية:64:.

☆Šømă☆
04-30-2024, 07:17 AM
طرح رائع وَ أختيار مميز
شكراً جزيلاً لك
يعطيك العافية ..

رزان
05-02-2024, 10:31 AM
سلمت الأيادي عالطرح

ڤايَ
05-06-2024, 01:55 AM
جزاكم الله خير الجزاء
شكرا لكم

ألِيونَا
05-07-2024, 11:40 PM
جزاكم الله خيرا ووضعه في ميزان حسناتكم
لكم مني الود والورد
تحياتي

كارا
05-12-2024, 09:20 PM
اسراب امتنان وعناقيد ورد
لروحك الأمان :hh7:

نور القمر
10-23-2024, 12:31 PM
يسلم يدينك ويعطيك العافيه
على الطرح والمجهود الجميل
تقديري لك

Şøķåŕą
02-25-2025, 06:19 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير