الدكتور على حسن
03-12-2024, 05:10 PM
كنت أتأمل كثيرا قول الله تعالي:
«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»
(سورة البقرة، آية 185).
ولفت نظرى قوله تعالي:
(هُدًى لِّلنَّاسِ)،
وكيف أنه اختار كلمة (الناس) وعبر بها،
فلم يقل مثلا هدى للصائمين أو المسلمين
أو العرب أو المؤمنين به،
بل قصد إلى أوسع دوائر العطاء،
فقال: (للناس)،
فعكفت كثيرا على تأمل هذه الكلمة
الحكيمة من القرآن،
وما وراءها مما هو مخزون فيها
من أسرار القرآن وحكمته،
فى توسيع دوائر الهداية ومجالاتها،
لكى تشمل الناس جميعا
باختلاف ثقافاتهم وحضاراتهم
وشعوبهم وثقافاتهم،
وكيف أن من وراء هذا التعبير كرم عظيم،
يأبى أن يقتصر العطاء فيه
على المؤمن فقط أو المسلم فقط
بل يفيض بالكرم حتى يستوعب
الناس جميعا.
وصرت كثيرا التأمل لقضية الهداية هذه،
كثير المطالعة والتفكر فى أبعادها،
حتى اتضح لى أنها مقصود عظيم
–إن لم يكن المقصود الأعظم-
لهذا الشرع الشريف، وكيف أن
الهداية هى المحرك الأعظم لكافة
معانى الشريعة وأحكامها.
ووجدت أن قضية الهداية محورًا
من المحاور العظمى التى تعرض
لها القرآن الكريم، وعرضها بصور شتي،
وضرب من أجلها الأمثال،
وساق من أجلها القصص،
وأمر من أجلها بالسير فى الأرض،
وترديد النظر فى السماوات والأرض،
وصنوف الخلق، والعوالم العلوية والسفلية،
ودعا إليها تصريحًا وتلميحًا
بحيث غدت من أبرز القضايا القرآنية
على الإطلاق.
ونظرية الهداية فى القرآن الكريم تقوم
على هيكل عام تندرج تحته محاور،
تشتمل على فروع، تنشعب إلى أوامر ونواه،
وحكم وأمثال، وقصص ومواعظ،
ونُظُم وقيم، إلى غير ذلك من المعانى،
التى هى مكونات نظرية الهداية
فى القرآن الكريم.والهداية فى القرآن
الكريم لها مستويان:
الأول:
هدايةٌ هى خلقٌ وإيجادٌ للبواعث التى تميل
بالإنسان إلى الإيمان بالله وطاعته،
وهى أيضًا توفيقٌ وإعانة على اعتناق
شرعه، واتباع رسله،
وهذا المستوى تصرفٌ إلهيٌّ محضٌ،
لا يملكه أحد من الخلق،
وهذا المعنى سماه الله تعالى هداية،
ونسبه سبحانه إلى نفسه،
وأبى أن يبيحه لأحد من خلقه،
حتى أحبهم إليه، وأرضاهم عنده،
فنفاه عن سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم فقال:
«إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»
سورة القصص، آية 56).
الثاني:
هدايةٌ هى عرضٌ وبيانٌ،
ودعوةٌ ودلالةٌ، ومناقشةٌ وتدليلٌ،
وإقامةُ براهين، وإيرادُ حجج،
ودحضُ شبه، دون أن يملك
من يقوم بذلك كله تأثيرًا فى القلوب،
يحملها به حملًا على التصديق بذلك
أو القناعة به، وهذا المعنى هو الذى
أمر الله تعالى أنبياءه ورسله
أن يقوموا به، وسماه هداية،
ونسبه إليهم، فقال فى حق
المصطفى صلى الله عليه وسلم:
«وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
(سورة الأعراف، آية 159)،
ونسبه إلى أتباع الأنبياء فقال:
«وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ
بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»
(سورة الأعراف، آية 159)
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــــان كريــــــــم
الدكتــور علـــى
«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ»
(سورة البقرة، آية 185).
ولفت نظرى قوله تعالي:
(هُدًى لِّلنَّاسِ)،
وكيف أنه اختار كلمة (الناس) وعبر بها،
فلم يقل مثلا هدى للصائمين أو المسلمين
أو العرب أو المؤمنين به،
بل قصد إلى أوسع دوائر العطاء،
فقال: (للناس)،
فعكفت كثيرا على تأمل هذه الكلمة
الحكيمة من القرآن،
وما وراءها مما هو مخزون فيها
من أسرار القرآن وحكمته،
فى توسيع دوائر الهداية ومجالاتها،
لكى تشمل الناس جميعا
باختلاف ثقافاتهم وحضاراتهم
وشعوبهم وثقافاتهم،
وكيف أن من وراء هذا التعبير كرم عظيم،
يأبى أن يقتصر العطاء فيه
على المؤمن فقط أو المسلم فقط
بل يفيض بالكرم حتى يستوعب
الناس جميعا.
وصرت كثيرا التأمل لقضية الهداية هذه،
كثير المطالعة والتفكر فى أبعادها،
حتى اتضح لى أنها مقصود عظيم
–إن لم يكن المقصود الأعظم-
لهذا الشرع الشريف، وكيف أن
الهداية هى المحرك الأعظم لكافة
معانى الشريعة وأحكامها.
ووجدت أن قضية الهداية محورًا
من المحاور العظمى التى تعرض
لها القرآن الكريم، وعرضها بصور شتي،
وضرب من أجلها الأمثال،
وساق من أجلها القصص،
وأمر من أجلها بالسير فى الأرض،
وترديد النظر فى السماوات والأرض،
وصنوف الخلق، والعوالم العلوية والسفلية،
ودعا إليها تصريحًا وتلميحًا
بحيث غدت من أبرز القضايا القرآنية
على الإطلاق.
ونظرية الهداية فى القرآن الكريم تقوم
على هيكل عام تندرج تحته محاور،
تشتمل على فروع، تنشعب إلى أوامر ونواه،
وحكم وأمثال، وقصص ومواعظ،
ونُظُم وقيم، إلى غير ذلك من المعانى،
التى هى مكونات نظرية الهداية
فى القرآن الكريم.والهداية فى القرآن
الكريم لها مستويان:
الأول:
هدايةٌ هى خلقٌ وإيجادٌ للبواعث التى تميل
بالإنسان إلى الإيمان بالله وطاعته،
وهى أيضًا توفيقٌ وإعانة على اعتناق
شرعه، واتباع رسله،
وهذا المستوى تصرفٌ إلهيٌّ محضٌ،
لا يملكه أحد من الخلق،
وهذا المعنى سماه الله تعالى هداية،
ونسبه سبحانه إلى نفسه،
وأبى أن يبيحه لأحد من خلقه،
حتى أحبهم إليه، وأرضاهم عنده،
فنفاه عن سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم فقال:
«إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ
وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»
سورة القصص، آية 56).
الثاني:
هدايةٌ هى عرضٌ وبيانٌ،
ودعوةٌ ودلالةٌ، ومناقشةٌ وتدليلٌ،
وإقامةُ براهين، وإيرادُ حجج،
ودحضُ شبه، دون أن يملك
من يقوم بذلك كله تأثيرًا فى القلوب،
يحملها به حملًا على التصديق بذلك
أو القناعة به، وهذا المعنى هو الذى
أمر الله تعالى أنبياءه ورسله
أن يقوموا به، وسماه هداية،
ونسبه إليهم، فقال فى حق
المصطفى صلى الله عليه وسلم:
«وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ»
(سورة الأعراف، آية 159)،
ونسبه إلى أتباع الأنبياء فقال:
«وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ
بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ»
(سورة الأعراف، آية 159)
لكم خالص تحياتى وتقديرى
و
رمضــــان كريــــــــم
الدكتــور علـــى