Şøķåŕą
03-04-2024, 07:58 PM
إنَّ أُمَّتنا هذه أمَّةٌ أبيَّةٌ، لا تَرْضى الذُّل والهوان، إنَّ هذه الأمَّة فيها خيرٌ عظيم؛ قَالَ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أُمَّتي مثل المطَر، لا يُدرَى أوَّلُه خيرٌ أم آخره))؛ رواه أحمد والترمذي.
فالخير باقٍ في هذه الأمَّة؛ كما كان من أوَّلِها.
قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: ومعنى الحديث: أنَّه يكون في آخِر الأُمَّة مَن يقارب أوَّلَهم في الفضل، وإن لم يكن منهم حتَّى يشتبه على النَّاظر أيهما أفضل، وإن كان الله يعلم أنَّ الأوَّل أفضل[1].
وهذه الأُمَّة لا يزال الله يَغْرس فيها غرسًا إلى يوم القيامة، يَظْهر فيها مَن يُظهِر دينه:
قال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((لا يزال الله يَغْرس في هذا الدِّين غَرْسًا يستعمِلُهم في طاعته))؛ رواه ابن ماجَهْ وأحمد، حديث صحيح.
وقال: ((إنَّ الله يبعث لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنةٍ مَن يُجدِّد لها دينها))؛ رواه أبو داود، حديث صحيح.
وهكذا لَمَّا قالت امرأةٌ هاشميَّة من بني هاشم: "وا معتصماه!"، وهي أسيرةٌ في يد الرُّوم لَمَّا أهانوها، بلَغَ نِداؤُها المُعتَصِم، فقال: لبَّيكِ لبَّيك، ونهض من ساعته، وصاحَ في قصره: النَّفيرَ النفير، وجمعَ العساكر، وأحضر قاضِيَيْ بغداد؛ عبدَالرحمن بن إسحاق، وشعيب بن سهل، ومعهما ثلاثمائة وثمانية وعشرون رجلاً من أهل العدالة، فأشهدَهم على أمواله، فجعَلَ ثلثًا لولده، وثلثًا لله تعالى، وثلثًا لِمَواليه، فقال: أي بلاد الروم أمنع وأحصن؟ فقيل: عَمُّورية، لم يَعْرض لها أحَدٌ منذ كان الإسلام، وهي عين النَّصرانية، وهي أشرَفُ عندهم من القُسْطنطينيَّة، فسار المعتَصِمُ، وتَجهَّز جهازًا لم يتجهَّزْه خليفةٌ قبله قطُّ من السِّلاح، والعدد، والآلة، وغير ذلك، ثم جاهَدَ ففتَح عَمُّورية[2] اهـ.
وعندما كتب نقفور إلى هارون الرَّشيد، يقول له: "من نقفور ملك الرُّوم إلى هارون ملك العرب، أمَّا بعد، فإنَّ المَلِكة التي كانت قبلي أقامَتْك مقامَ الرُّخ، وأقامت نفْسَها مقام البَيْدق" - والرُّخ والبيدَقُ حجَران من حجارة الشِّطْرنج؛ الرُّخ: القلعة، والبيدق: هو هذا الجنديُّ في المقدِّمة، والبيدق ضعيفٌ، والرُّخ أقوى - فحملَتْ إليك من أموالِها ما كنتَ حقيقًا بحمل أَمْثالِها إليها، لكن ذاك ضعف النِّساء وحُمْقهن، فإذا قرَأْتَ كتابي هذا، فاردُدْ إلَيَّ ما حملَتْ إليك من الأموال، وافْتَدِ نفسك به، وإلاَّ فالسَّيف بيننا وبينك".
فلمَّا قرأ هارونُ الخِطَاب، أخَذَه الغضب الشَّديد، حتَّى لم يستَطِع أحدٌ أن ينظر إليه، ولا أن يُخاطبه، وأشفق جلساؤه عليه، ثُمَّ استدعى بدواة وكَتَب على ظهر الكتاب: "بسم الله الرَّحمن الرحيم، من هارونَ أمير المؤمنين، إلى نقفور كَلْب الروم، قد قرأتُ كتابك يا بْنَ الكافرة، والجوابُ ما تراه دُون ما تسمَعُه، والسَّلام".
ثم سار حتَّى نزل بباب هرقل، وفتَحَها، وغَنِمَ من الأموال شيئًا كثيرًا، حتَّى طلبَ نقفور المُوادَعة على خَراجٍ يُؤدِّيه إليه في كلِّ سنَة، فأجابه الرَّشيد ورجَع[3] اهـ.
وقِصَّة صلاح الدِّين الأيوبي - رحمه الله - مع أرناط[4].
كما قال الإمام الذهبِيُّ - رحمه الله -: في سنة ثلاثٍ وثَمانين افتتَحَ صلاحُ الدِّين بلاد الفرنج، وقهَرَهم، وأباد خَضْراءهم، وأَسَر ملوكهم على حِطِّين.
وكان قد نذَرَ أن يقتل أرناط صاحب الكرك، فأسَرَه يومئذٍ، كان قد مرَّ به قومٌ مِن مصر في حال الهدنة، فغَدر بهم، فناشَدوه الصُّلح، فقال ما فيه استِخْفافٌ بالنَّبِي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقتلهم، فاستحضرَ صلاحُ الدِّين الملوك.
ثم استحضر البرنس أرناط في مجلسٍ آخر، وقال: أنا أنتصر لِمُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - منك، ثم عرضَ عليه الإسلام، فأبَى، فحلَّ كتفه بالنيمجاه[5]، وافتتحَ عامَّة ما لم يفتحه ملك، وطار صيتُه في الدُّنيا، وهابَتْه المُلوك[6].
وَكُنَّا حِينَ يَأْخُذُنَا وَلِيٌّ
بِطُغْيَانٍ نَدُوسُ لَهُ الْجَبِينَا
فالخير باقٍ في هذه الأمَّة؛ كما كان من أوَّلِها.
قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: ومعنى الحديث: أنَّه يكون في آخِر الأُمَّة مَن يقارب أوَّلَهم في الفضل، وإن لم يكن منهم حتَّى يشتبه على النَّاظر أيهما أفضل، وإن كان الله يعلم أنَّ الأوَّل أفضل[1].
وهذه الأُمَّة لا يزال الله يَغْرس فيها غرسًا إلى يوم القيامة، يَظْهر فيها مَن يُظهِر دينه:
قال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((لا يزال الله يَغْرس في هذا الدِّين غَرْسًا يستعمِلُهم في طاعته))؛ رواه ابن ماجَهْ وأحمد، حديث صحيح.
وقال: ((إنَّ الله يبعث لهذه الأمَّة على رأس كلِّ مائة سنةٍ مَن يُجدِّد لها دينها))؛ رواه أبو داود، حديث صحيح.
وهكذا لَمَّا قالت امرأةٌ هاشميَّة من بني هاشم: "وا معتصماه!"، وهي أسيرةٌ في يد الرُّوم لَمَّا أهانوها، بلَغَ نِداؤُها المُعتَصِم، فقال: لبَّيكِ لبَّيك، ونهض من ساعته، وصاحَ في قصره: النَّفيرَ النفير، وجمعَ العساكر، وأحضر قاضِيَيْ بغداد؛ عبدَالرحمن بن إسحاق، وشعيب بن سهل، ومعهما ثلاثمائة وثمانية وعشرون رجلاً من أهل العدالة، فأشهدَهم على أمواله، فجعَلَ ثلثًا لولده، وثلثًا لله تعالى، وثلثًا لِمَواليه، فقال: أي بلاد الروم أمنع وأحصن؟ فقيل: عَمُّورية، لم يَعْرض لها أحَدٌ منذ كان الإسلام، وهي عين النَّصرانية، وهي أشرَفُ عندهم من القُسْطنطينيَّة، فسار المعتَصِمُ، وتَجهَّز جهازًا لم يتجهَّزْه خليفةٌ قبله قطُّ من السِّلاح، والعدد، والآلة، وغير ذلك، ثم جاهَدَ ففتَح عَمُّورية[2] اهـ.
وعندما كتب نقفور إلى هارون الرَّشيد، يقول له: "من نقفور ملك الرُّوم إلى هارون ملك العرب، أمَّا بعد، فإنَّ المَلِكة التي كانت قبلي أقامَتْك مقامَ الرُّخ، وأقامت نفْسَها مقام البَيْدق" - والرُّخ والبيدَقُ حجَران من حجارة الشِّطْرنج؛ الرُّخ: القلعة، والبيدق: هو هذا الجنديُّ في المقدِّمة، والبيدق ضعيفٌ، والرُّخ أقوى - فحملَتْ إليك من أموالِها ما كنتَ حقيقًا بحمل أَمْثالِها إليها، لكن ذاك ضعف النِّساء وحُمْقهن، فإذا قرَأْتَ كتابي هذا، فاردُدْ إلَيَّ ما حملَتْ إليك من الأموال، وافْتَدِ نفسك به، وإلاَّ فالسَّيف بيننا وبينك".
فلمَّا قرأ هارونُ الخِطَاب، أخَذَه الغضب الشَّديد، حتَّى لم يستَطِع أحدٌ أن ينظر إليه، ولا أن يُخاطبه، وأشفق جلساؤه عليه، ثُمَّ استدعى بدواة وكَتَب على ظهر الكتاب: "بسم الله الرَّحمن الرحيم، من هارونَ أمير المؤمنين، إلى نقفور كَلْب الروم، قد قرأتُ كتابك يا بْنَ الكافرة، والجوابُ ما تراه دُون ما تسمَعُه، والسَّلام".
ثم سار حتَّى نزل بباب هرقل، وفتَحَها، وغَنِمَ من الأموال شيئًا كثيرًا، حتَّى طلبَ نقفور المُوادَعة على خَراجٍ يُؤدِّيه إليه في كلِّ سنَة، فأجابه الرَّشيد ورجَع[3] اهـ.
وقِصَّة صلاح الدِّين الأيوبي - رحمه الله - مع أرناط[4].
كما قال الإمام الذهبِيُّ - رحمه الله -: في سنة ثلاثٍ وثَمانين افتتَحَ صلاحُ الدِّين بلاد الفرنج، وقهَرَهم، وأباد خَضْراءهم، وأَسَر ملوكهم على حِطِّين.
وكان قد نذَرَ أن يقتل أرناط صاحب الكرك، فأسَرَه يومئذٍ، كان قد مرَّ به قومٌ مِن مصر في حال الهدنة، فغَدر بهم، فناشَدوه الصُّلح، فقال ما فيه استِخْفافٌ بالنَّبِي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقتلهم، فاستحضرَ صلاحُ الدِّين الملوك.
ثم استحضر البرنس أرناط في مجلسٍ آخر، وقال: أنا أنتصر لِمُحمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - منك، ثم عرضَ عليه الإسلام، فأبَى، فحلَّ كتفه بالنيمجاه[5]، وافتتحَ عامَّة ما لم يفتحه ملك، وطار صيتُه في الدُّنيا، وهابَتْه المُلوك[6].
وَكُنَّا حِينَ يَأْخُذُنَا وَلِيٌّ
بِطُغْيَانٍ نَدُوسُ لَهُ الْجَبِينَا