تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كن للود حافظاً


إيلين
01-27-2024, 10:50 AM
الحمدُ للهِ الذي نِعمُه لا تُحْصَى، وشكرُه لا يُؤَدَّى، وليِّ النَّعَم كلَّها دون مَنْ سواه، ولا عِصمة إلا لمن هداه، ولا نجاةَ إلا لمن عَصَمه من اتباع هواه، وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمدٍ عبدِه الذي ارتضاه، ورسولهِ الذي اختاره واصطفاه، وخصَّه بِخَتْم النبوَّة وحَبَاه، وأَبَانَه بأعلى منازلِ الفضلِ على كل آدميٍّ سواه، وعلى آلِه وصحبِه الطيبين الهُداة.
وبعد أيها الكرامُ السادة، فقد غاب صديقي النَّبيهُ عن مجلسنا على غير العادة، فقلت: أذهبُ الليلةَ إليه، فأسأل عنه وأطمِئنُّ عليه، فأتيتُه في المساء، بعد أن أدَّيْنا صلاةَ العشاء، فرأيتُه وهو مكتئبٌ حزين، كاسفُ البال مُقَّطَبُ الجبين.
فقلتُ: أَيَا صاحبي! ما الذي دهاك؟، وعن مجلس الأصحابِ والأحبابِ صرفك وزَوَاك؟
قال: ليس لي أصحابٌ ولا أحباء، وحقٌّ ما قال بعضُ البلغاء:

ما ودَّك مَنْ أهمل وُدَّك --- ولا أحبَّك مَنْ أبغضَ حبَّك

وقد قيل: عِلَّةُ المعاداة، تكون في قِلَّة المبالاة.

وكلُّ أخٍ عند الهُوَيْنَى مُلاطِفٌ --- ولكنَّما الإخوانُ عند الشدائد

قلت: هذا كلامٌ خطير، فما الذي أدَّى لكل هذا التغيير؟
قال: أَوَمَا سمعتَ قبل يومين أخانا عدنان، حين ساءني واستهزأ بي بين الإخوان؟ وليست هذه المرةَ الأولى، فله في السخريةِ مني يدٌ طولَي، وكم حدَّثتُ نفسي بالصبر على هذا الفعل، ولكني قد فاض بي الكَيْل، ومع أنى أردُّ عن كلَّ إخواني السُّخفَ والجَهْل، فلم أجدْ من أحدٍ منهم الردَّ والوفاء، فتيقَّنتُ ما قال بعض الشعراء:

ما كِدْتُ أفحصُ عن أخي ثقةٍ --- حتى ذَممْتُ عواقبَ الفحصِ
قُل للذين صَحِبْناهم فلم نَرَهُمْ--- يَرْضَوْن لمن صحبوا بغير الدُّونِ
سلامةُ الدين والدنيا فراقُكم--- وفراقُكم راحةُ الدنيا والدين

ولهذا فقد قررتُ تركَ مجالس الإخوان، والانفرادَ بنفسي عن أبناء الزمان.
قلت: أخطأتَ يابنَ الكرام، وجانبْتَ الصوابَ في الفعل وفي الكلام، فقد قال الحكيمُ ونعم ما قال: الرجلُ بلا صديق كاليمين بلا شمال.

وكنتُ إذا الصديقُ أراد غيْظِي--- وأَشْرَقَنِي على حَنَقٍِ بريقي
صفحْتُ ذنوبَه وعفوْتُ عنه--- مخافةَ أن أعيشَ بلا صديقِِ

إن الأخ يا صديقي إنسانٌ هو أنت إلا أنه غيرُك، فلا تكن في شكًّ من الإخوان ولا يلتبسْ عليك أمرُك، ولعمري إن إخوانَ الصدق لمن أنفَس الذخائر، وأفضل العُدَد للزمان أيها الذكيُّ الماهر، وقد جاء في معنى الحديث الشريف، أيها الصديقُ النبيهُ اللطيف:

للهِ في الأرضِ أجنادٌ مُجَنَّدةٌ --- أرواحُها بينها بالصدقِ تعترفُ
فما تناكر منها فهو مختلفٌ --- وما تعارف منها فهو مؤتلفُ

وفي الحكمة قيل، أيها الصديقُ النبيل: مَنْ استصلح عدوَّه زاد في عُددَه، ومن استفسد صديقَه نقص من عُدَدِه،أوَ ما دَرَيْتَ أنَّ مَنْ قطع الإخوانَ دفعهم ليقطعوه، ومَنْ ضيَّعهم كان أحَرْى أن يُضَيِّعوه، وعزَّ عليه أن يُعوِّضَهم وسهُل عليهم أن يُعوِّضوه.

يمضي أخوك فلا تلقَى له خلَفاً --- والمالُ بعد ذهابِ المالِ مُكْتَسَبُ

والأخ بين إخوانه يا زيْنَ الأصدقاء، كالسمكِ السابحِ في لطيف الماء، فإن غادره ضاق به واسعُ الفضاء.
قال صديقي فَرَّج اللهُ عنه الضيق: لكنني يا شيخَنا قد صاحبتُ أكثرَ من صديق، فما رأيتُ أكثرهم غَفَر لي ذنبا، ولا ستَر لي عَيْبا، ولا حفظ لي غَيْبا، ولا أقال لي عَثْرة، ولا بذل لي نُصْرة، لقد خَبُثَتْ من القوم السرائر، وخالفتْ في غالب الأحوال الظواهر، حتى فَنِيَ يا شيخَنا ميراثُ النبوَّة، وفُقِدتْ من الناس المروءةُ والفُتُوّة.

صديقُك لا يُثْنِي عليك بطائلٍ --- فماذا ترى فيك العدوُّ يقول

قلت: اسمع أيها الصديقُ الطيبُ الزَّيْن، لا تزهد في صديقِك لِخُلُقٍ تنكره أو خلُقيْن، طالما رضيتَ من أخلاقِه الكثير، فإن اليسيرَ من الأخطاء مغفور، والذنبَ في خِضَمَّ الحسنات مغمور.

لا يُؤْيِسَنَّك من صديقٍ نبوةٌ --- يَنْبُو الفتى وهو الجَواد الخِضْرِمُ
فإذا نَبَا فاسْتَبِقِه وتَأَنَّه --- حتى تفيءَ به وطبعُك أكرمُ

فلا يزهدنَّك في صديقٍ حمدتَ سيرتَه، وارتضيت وتيرته، وعرفت أدبَه وفضلَه، وخَبَرْتَ عقلَه ونُبْلَه، عيبٌ تحيط به كثرةُ فضائِلِه، أو ذنبٌ صغيرٌ تستغفر له قوةُ وسائله، فإنك لن تجد أبداً ما بقيتَ مُهَذَّباً لا يكون فيه عَيْب، أو معصوماً محفوظاً لا يقع منه ذنب.

أتطلبُ صاحباً لا عيبَ فيه --- وأيُّ الناس مَنْ ليس له عُيوبُ

إنَّ من حق الإخوان أن تغفرَ زَلَّتهم، وأن تسترَ يا صديقي هفوتَهم، لأنَّ مَنْ رام بريئاً من الزلات، وطلب سليماً من الهفوات، رام أمراً مُعْوِزاً، واقترح وصفاً معجزا، فلا صديقَ بلا هَفْوة، ولا جوادَ بلا كَبْوة، ولا صارمَ بلا نَبْوة.

ومَنْ ذا الذي تُرضِي سجاياه كلُّها ---- كفى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدّ معايِبُه
إذا كنتَ في كلِّ الأمورِ مُعاتِباً--- صديقَك لم تلقَ الذي لا تعاتِبُه
فعِشْ واحداً أوْ صِلْ أخاك--- فإنه مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانِبُه

قال صديقي أتَّم الله سعادتَه: فإني أرى نفسي لا تنسى مساءَته، وإن كانت لا تضمر أبداً عداوتَه، فكيف أُرْضيها وأصفِّيها، ومن الضيق أخلِّصُها و أنقِّيها؟
قلت: سامحك الله! أَوَمَا قرأتَ قولَ الله: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَي الله﴾؟ ألم تقرأ قول الحق الواضح الأبين: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.

وكُنْ معدناً للخيرِ واصفَحْ عن الأذى --- فإنك راءٍ ما علمتَ وسامعُ
وأحبِبْ إذا أحببْتَ حبّاً مقارباً --- فإنك لا تدري متى أنت نازِعُ
وأبغِضْ إذا أبغضتَ غير مُبايِنٍ --- فإنك لا تدرِي متى أنت راجِعُ

وفى الحديث يابنَ الكرام، عن بدرِ التمامِ ومِسْكِ الختامِ وزَيْنِ الأنام: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ».
استُرْ أخاك وغَطِّ على عيوبِه، واعلم بأن الحِلْمَ عند الغيظِ أحسنُ من ركوبِه.
وفى معنى هذا الحديث الشريف يا قرةَ العَيْن: تُعْرَض الأعمالُ كلَّ يومِ خميسٍ واثنين، فيُغفرَ للمسلمين جميعاً إلا رجلين، كانت بين أحدهما وبين الآخر شَحْناء، فيقال: أخِّروا هذين حتى يصطلحا وتذهبَ البغضاء.

لكلِّ شيءٍ فقدتَه عِوَضٌ --- وما لِفَقْدِ الصديق من عِوَض

واسمع أيها الحبيبُ الألمعي، ما قاله إمامُنا الشافعي:

أحبُّ من الإخوانِ كلَّ مُوَاتي--- وكلَّ غضِيض الطرفِ عن عثراتي
يُطاوِعُني في كل خيرٍ أريدُه--- ويحفظُني حياً وبعد وفاتي
فمَنْ لي بهذا؟ ليتَ أنَي أصبتُه--- فقاسمتُه ما لي من الحسنات
تصفحتُ إخواني فكان أقلَّهم--- على كثرةِ الإخوانِ أهلُ ثقاتي

وفي ختام الكلام يا أصيلُ يا ابنَ الأصيل، اسمع إلى ما يقول المولى الجليل: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾. قال الإمام علي رضي الله عنه يا أولي الألباب: الصفحُ الجميلُ هو الرضا بغير عتاب.

هَبْني أسأتُ كما زعمتَ--- فأين عاطفةُ الأخُوَّة
أو إن أسأتُ كما أسأتَ --- فأين فضلُك والمُرُوَّة

قال صديقي الطيبُ الأمين: شفيتَني شفاك اللهُ ربُّ العالمين، وجزاك عني خيرا يا زينَ الناصحين، وأما أخي عدنان، فقد عفوتُ عنه ما كان، وأنا عائدٌ بإذنِ ربي إلى مجالس الإخوان، وعائذٌ بالله ربي من نَزْغِ الشيطان، وسائلٌ إلهي أن يجمعني مع إخواني في الدنيا على الإيمان، وفي الآخرة إخواناً على سُرُر الجنان.
وفي الختام، أزكى صلاتِنا وأتَمُّ السلام، على البدرِ المنيرِ في الظلمات، سيدِنا محمدٍ سيدِ الكائنات، وعلى الآلِ والصحبِ والزوجات، والحمدُ لربي قاضي الحاجات، ومُذْهِبِ الأضغانِ والعداوات

شيخة الزين
01-27-2024, 12:50 PM
بارك الله فيك وفي طرحك الطيب
جعله الله في ميزان حسناتك
دمت بحفظ المولى

حسان
01-27-2024, 01:02 PM
بارك الله فيك
وفي طرحك القيم
جزاك الله خيرا

البرنس مديح آل قطب
01-27-2024, 01:56 PM
r:;"]
https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif





جزاكم الله خير الجزاء ..وبارك فيكم :154:
طرح للموضوع عشرة على عشرة :h10:
ننتظر كل جديد لكم على الدوام :w-12:
اسعد الله قلوبكم وبلغكم ما تتمنيا وزيادة :fh21:
دمتم بود ورقي وسعادة .. وراحة البال :154:
لكم تقديري واحترامي :hp2:
وباقات جلاديالياس :242:
يسلمواااااااااااااااااااااااااا :x98:

































https://www.raed.net/img?id=405932 القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif




البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس

























https://www.raed.net/img?id=389575
https://www.raed.net/img?id=578460

سيف الحق
01-27-2024, 02:02 PM
https://www.alukah.net/images/content/full/115699/115699_180x180.jpg

نور القمر
01-27-2024, 05:10 PM
سلمتِ على حسن الاقتطافة
بوركتِ وبوركت جهودك العظيمة
تقديري ..
https://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/rose.gifhttps://www.a-al7b.com/vb/images/smilies/rose.gif

мя Зάмояч
01-27-2024, 05:45 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

بروووج
01-27-2024, 11:49 PM
طرح رائع
يعطيك الف عافيه
اتمنى لك مزيد من التميز والابداع
مودتي.

عاشق الغيم
01-28-2024, 01:09 AM
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك على ماطرحت
وجعله الله في موازين حسناتك
إحترامي وتقديري

نبضها مطيري
01-28-2024, 03:02 AM
الف شكر لك على الطرح القيّم
سلمت يمينك وبوركت جهودك الرائعة
تحيتي واحترامي

الياقوتة
01-28-2024, 01:27 PM
جزاك الله خير
وجعله فى ميزان حسناتك
وانار دربك بالايمان
ويعطيك العافيه على طرحك
ماننحرم من جديدك المميز

Şøķåŕą
01-29-2024, 12:47 AM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

حاء
01-29-2024, 03:29 AM
-


جزاك الله خيرًا
جعله الله في ميزان حسناتك
و شكرًا على طرحك المُفيد :x37:
و لا حرمنا الله من جديدك الرائع
و الله يعطيك الف عافيه
لك :f15:

ألِيونَا
01-29-2024, 06:22 AM
- :j1: ..












كُل الشُكر لَك ولإدراجك.
لِ روحك عَناقيد الجُوري :642::130: ,

نبُض جآمح ❥
01-29-2024, 12:46 PM
-







جزاك الله خيرا
وجعله في ميزان حسناتك

ضامية الشوق
01-29-2024, 01:03 PM
جزاك الله خيرا

رزان
01-30-2024, 02:21 AM
سلمت الأيادي
وشكرا لكم

غـرام الشوق
01-30-2024, 03:52 AM
وأيّ بَذخ يَسكن هُنَا
قَنادِيل من جمآل
تُشعل فينَا الدَهشَة بِلا تَوقّف
سلمَ بَنَانَكم
وَ دَام وَابِل سَحائبكم كَرِيماً

بنت العز
01-30-2024, 08:03 AM
يعطيك الف عافيه على الطرح الجميل
سلمت

هالة
01-30-2024, 02:39 PM
جزاك الله خيرا
في ميزان حسناتك

روحي تبيك
02-01-2024, 05:09 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورلإيمان
أحترآمي لــ/سموك

☆Šømă☆
02-08-2024, 08:51 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

ألِيونَا
05-08-2024, 02:14 AM
- ..











كُل الشُكر لَك ولإدراجك
لِ روحك عَناقيد الجُوري ,

كارا
05-13-2024, 03:37 AM
اسراب امتنان لعطائك
لروحك عناقيد الورد

إِيزآبَيل♡
06-07-2024, 08:43 AM
-








جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك

مثلي قليل
11-29-2024, 04:17 AM
جزاك الله خير
بارك الله فيك

Şøķåŕą
12-20-2024, 10:41 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير