المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أرجوك.. لا تمدحيني!


البرنس مديح آل قطب
01-10-2024, 02:43 PM
r:;"]
https://www.raed.net/img?id=389576
<b><b>http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif






أرجوك.. لا تمدحيني!
____________

- لو سمحت أستاذة، ارجوك لا تمدحيني.. فهذا يشعرني بالغرابة والحرج!
- آسفة، ولكن لا أستطيع!! هناك حاجة ملحة في داخلي تجبرني على مدح أي شيء يثير الإعجاب، وإلا شعرت بالاختناق!!
**
كان ذلك كفيلا بنبش ذكريات قديمة، جعلتني أتساءل.. ترى؛ هل كانت هي سبب هذه الحاجة الملحة؟؟!!!
معظم حياتي المدرسية قضيتها بصفتي "الطالبة الجديدة" دائما!! لدرجة أنني أحيانا لم أكن أقضي أكثر من نصف سنة دراسية في مدينة ما، لأكمل النصف الثاني في مدينة أخرى!! دائما متأخرة عن بداية السنة، وغالبا أكون مجرد طالبة جديدة!!
إلى حد ما.. سبب لي هذا أزمة في صغري، متى سأكون طالبة مستقرة و"أصلية"، إلى متى سأظل الطالبة "الدخيلة"؟؟!!
بالطبع عندما كبرت أدركت مقدار الميزات التي اكتسبتها من كثرة الترحال والتنقل؛ فكل ميسر لما خلق له، ولكنني في وقت ما.. تمنيت أن استقر!
مع نهاية المرحلة الابتدائية، انتقلنا لمدينة جديدة مرة اخرى، لكن هذه المرة كنت كغيري من الطالبات تقريبا.. لأول مرة أحضر من بداية السنة، وأنا كغيري.. كلنا طالبات جديدات منتقلات للمرحلة المتوسطة من مختلف المدارس الابتدائية! شعرت بسعادة غامرة! سأفرض نفسي كطالبة اصلية أخيرا!
وهكذا بادرت بزمام التعارف على الجميع، وكونت شبكة معتبرة من الصديقات والحمد لله، ولكن مع نهاية السنة.. جاء القرار المعتاد.. علينا الرحيل!!
- لاااااااااا ليس مرة أخرى!! لقد أحببت هذه المدرسة جدا! لدي الكثير من الصديقات! المعلمات رائعات!! خاصة معلمة العلوم، كنت أحبها كثيرا فقد كانت مربية فصلي!! لأول مرة اشعر بالاستقرار!! هذا ليس عدلا!! هل سأنتقل لبلد جديدة أكون فيها الطالبة الجديدة مرة أخرى!!!
لم يكن باليد حيلة.. وسافرنا إلى بلد أخرى، وكنت الطالبة الجديدة التي تلتحق بمدرسة جديدة بعد بداية السنة كالعادة!!!!
لكن هذه المرة كان الأمر مختلف تماما!!
لأول مرة تقريبا لا أشعر أنني الطالبة الدخيلة رغم وصولي المتأخر!! فقد تهافتت الطالبات لاستقبالي، والترحيب بي بحرارة، وتبرعت إحداهن بمرافقتي في اليوم الأول لتعرفني على أرجاء المدرسة ومعظم الفتيات.. كانت صحبتها ممتعة جدا، لدرجة أن كابوس الغربة تبخر تماما، ولم يعد له وجود في قاموسي!!
كانت من أجمل سنوات حياتي وأكثرها تأثيرا في بناء شخصيتي، ولو أردت الحديث عنها لما كفتني المجلدات؛ ولكن دوام الحال من المحال، ففي نهاية السنة كان علينا الرحيل من جديد!!! ولكن.. هذه المرة كان الوضع استثنائيا.. فسنعود إلى المدينة السابقة، حيث كنت الطالبة الأصلية!!!
كانت مشاعري مختلطة جدا، فقد كنت حزينة لفراق تلك المدرسة التي ألفتها، وفي الوقت نفسه سعيدة للعودة لمدرسة كنت أحبها!
وبسبب ظروف الانتقال وروتين المعاملات الرسمية، تأخرتُ عن بداية السنة الجديدة شهر كامل (كسرت الرقم القياسي هذه المرة!)، حتى خشيت أن تفوتني السنة! ولكنني كنت أطمئن نفسي بأن المعلمات يعرفونني، وأيضا لدي العديد من الصديقات اللاتي قد يساعدنني على تعويض ما فات..
وجاء القبول أخيرا.. ولا زالت لحظة عودتي للمدرسة شاهدة أمامي..
عرفت أن علي التوجه للشعبة 3، وكانت الحصص قد بدأت بالفعل.. صعدت الدرج وأنا أتساءل:
- من من المعلمات سأراها؟
وأي الصديقات سيكنّ معي في الشعبة؟؟
لم أكن استطيع السيطرة على ضربات قلبي من شدة التوتر والحماسة في الوقت نفسه!
طرقت باب الفصل، فتحته بهدوء.. فإذا بها معلمة العلوم! أكثر معلمة أحبها في المدرسة!! وما أن رأتني حتى تهلل وجهها بسعادة وبشر وهتفت بترحيب، يدل على أنها لا زالت تذكرني:
- زينب!!!!
معلماتي.. صديقاتي.. مدرستي.. الجميع.. لقد عدت!
إلى هنا كان كل شيء يبدو سعيدا، ولكن ما لم أنتبه له، انني تغيرت كثيرا!! لم أعد تلك الطالبة نفسها التي كانت قبل سنتين، ولم أكن أدرك إلى أي حد أثّرت بي تلك السنة السابقة، حتى بدأت آثارها تظهر جليا!!
حصة العلوم.. أذكر أنها كانت ممتعة جدا مع هذه المعلمة المفضلة لدي، لماذا تبدو مملة الآن!!
الأكثر من ذلك.. طبيعة المنهج كانت شبه تكرار لمنهج السنة الماضية في البلد الأخرى!.. كل شيء كان يبدو مملا للغاية!!
والأكثر من هذا ما حدث خلال إحدى حصص العلوم، والمعلمة تشرح عن الغازات الخاملة، هنا رفعت يدي:
- لو سمحت معلمتي، درسنا السنة الماضية أن اسم الغازات الخاملة كان يستعمل قديما لأنهم كانوا يظنوها عديمة التفاعل، ولكن تبين أنها تتفاعل بنسب قليلة لذلك اطلق عليها الغازات النبيلة!
طبعا لكم أن تتخيلوا شعور المعلمة وأنا أحدثها بهذه المعلومة أمام الطالبات بكل براءة وعفوية!! بالطبع كنت مخطئة وما كان من الذوق ولا اللباقة أن اتحدث هكذا، لكنني كنت أرى أن من واجبي العلمي تصحيح المعلومات الخاطئة!!!!
بالطبع لا أذكر تماما ما حدث ولكن أظن أن المعلمة ردت عليّ بصرامة:
- هذه وجهات نظر تختلف بين العلماء..
(وطبعا لم يعد مسموحا لي أن أفتح فمي خلال حصة العلوم!!)
ورغم تأخرى شهرا كاملا، ولم يكن يفصلني عن الاختبارات الأولى إلا أيام قليلة، حتى أن المعلمات عرضوا علي تأجيل ذلك، إلا أنني فضلت عدم التأخر أكثر، وبفضل الله أحرزت العلامات النهائية لأكون الأولى بدون منازع!
كنت أشعر أنني حققت انجازا كبيرا، وكنت أتوقع أن المعلمات سيقدرن هذا بشدة، ولكن في حصة العلوم بالذات.. حدث شيء لا تزال آثاره عالقة في نفسي حتى هذه اللحظة!!
أخذت معلمة العلوم تثني على انجاز الطالبات المتفوقات، وقد أحضرت معها كيس مليء بالهدايا، وبدأت تنادي.. طالبة تلو الأخرى.. حتى نادت أكثر من عشرة أو خمسة عشر.. بما فيهم الأقل امتيازا.. ثم صمتت قائلة:
- أما البقية.. فعليهن مراجعة انفسهن..
كنت انظر نحوها كالمصدومة.. وماذا عني أنا!!!
بل إن جميع الطالبات كن يلتفتن نحوي بصدمة لا تقل عن صدمتي... وماذا عن زينب؟؟ لقد أحرزت أعلى الدرجات بدون منازع!!!
بدأت أحدث نفسي:
- هل يعقل أن ملفي التسجيلي لم يكتمل؟ هل يعثل أن الوزارة رفضت انتقالي؟ ألا اعتبرطالبة نظامية!! هل وهل...
لم استطع الاحتمال.. بعد الحصة ذهبت للمعلمة مباشرة أسألها:
- لو سمحت معلمتي، أريد أن أسأل فقط، هل انا مقصرة أم ماذا؟
نظرت إلي وابتسمت:
- آه صحيح.. يبدو أنني نسيتك!
قالتها بكل بساطة وذهبت...
***
قد يبدو الأمر سخيفا.. ولكنني تمالكت نفسي بصعوبة حتى عدت للنزل، لأبكي يومها بكاء مريرا..!
لو فكرت أي معلمة بعقابي على ذنب اقترفته؛ فلن يكون هناك عقاب أقسى ولا أشد ولا أكثر ألما من تصرف معلمة العلوم معي في ذلك اليوم، رغم أنها قد تكون بنظر البعض لم تفعل أي شيء! فهي نسيتني (بحد قولها) وحسب، لتجمعني بخطابها التوبيخي مع المجموعة المهملة، بعد أن استثنت جميع الطالبات المتميزات وحتى الأقل تميزا، باستثنائي! أظنها كانت تريد تأديبي بطريقة ما، لتحطم ذلك الغرور بضربة واحدة؛ بعد أن كانت أحب معلمة إلى قلبي!

ومن لطف الله بي أنني افرغت كل ذلك الحزن في المنزل، ولم تقصّر أمي- جزاها الله خيرا- في مواساتي، مع كومة من النصائح والتوجيهات!

عليك أن تتفهمي موقف المعلمة... لا تنسي أنها كانت تحبك... لا شك أنه بدر منك شيء أجبرها على ذلك... كوني أكثر تواضعا... لا تتفلسفي كثيرا... هذه ليست آخر الدنيا...

وهكذا.. ورغم ذلك الجرح العميق في قلبي، الذي لم تحاول المعلمة مداواته بعد ذلك- كنت أتمنى أن تتدارك ذلك (النسيان) المقصود على ما يبدو، وتصحح الوضع بأية طريقة؛ لكن هذا لم يحدث!- ومع ذلك استمرت الحياة، وقد حاولت التزام حدودي أكثر في حصة العلوم على الأقل، فمن حسن الحظ أن معلمة الرياضيات (أمينة) أعجبتها فلسفاتي الإضافية، واقتراحاتي المتنوعة في الحلول، لدرجة أنها كانت تطلب مني شرح بعض الأفكار للطالبات! والشيء نفسه مع بقية المعلمات تقريبا والحمد لله، بل إن معلمة اللغة العربية كانت تسألني قبل ان تنتقل لجزء جديد في الدرس:

هل لديك أي شيء ترغبين بقوله؟؟^^
ثم جاء التعويض بشكل عجيب، لإحداث بعض التوازن!!

سمعنا أنه ستأتي معلمة جديدة لتدريسنا مادة (التعبير في اللغة العربية) فقط، وأظنها كانت معلمة متدربة، ومع وصول تلك المعلمة للمدرسة بدأ صيتها المرعب ينتشر بين الطالبات بسرعة، إنها صارمة ومخيفة.. لا يمكن لأي أحد أن يجرؤ على التنفس في حصتها! إنها ضخمة وتبدو قوية، كأنها خرجت من تدريبات مصارعة! قد تقتلنا بدم بارد!!

(للتوضيح: نأخذ مادة التعبير مرة واحدة في الاسبوع فقط، وهناك بعض الشعب تأخذ الحصة قبل الشعب الأخرى، ومن هنا يتم تناقل الأخبار^^)

المهم.. جاء دورنا في حصة التعبير، ودخلت علينا تلك المعلمة المرعبة لأول مرة، إحدى الفتيات لم تتمالك نفسها من الضحك من هول الموقف!! (لا أدري كيف!!) مما جعل المعلمة تصب جام غضبها علينا جميعا من أول لقاء..

الجميع وقوف..

وقفنا جميع، وهي تقلب بصرها بيننا بعينين حادتين ثاقبتين مرعبتين، لا أدري كم مر علينا من الدقائق ونحن متجمدات هكذا!!

وحتى لا تضيع الحصة برأي المعلمة، قررت أن تبدأ الدرس ونحن واقفات، وممنوع إصدار أي همس!!!!!! حتى النَفَس.. تعلموا كيف تتنفسوا بهدوء!

كانت معلمة غريبة الأطوار بمعنى الكلمة!!!!

ثم بدأت الدرس.. وسألت أسئلة، رفعت يدي وأجبت..

تفضلي اجلسي..

وهكذا.. كلما أجاب أحد على سؤال تطرحه تسمح له بالجلوس، حتى تم العفو عنا جملة وتفصيلا!

ثم طلبت منا تسليم موضوع التعبير مع نهاية الحصة، أو في اليوم التالي..

وقمنا بتسليم الدفاتر في الموعد كما طلبت؛ حتى إذا ما جاءت الحصة التالية، أخذت تسأل:

- أين زينب؟؟

رفعت يدي، أنا هنا.. وفي نفسي اردد اللهم اجعله خيرا!

ما أن رأتني حتى انهالت عليّ بالمدائح بشكل غير طبيعي، لدرجة أنني كدت أموت من الخجل!! وليس هذا وحسب، بل قالت:

لا أحد فيكم إطلاقا ارضاني موضوعه غير زينب.. جميعكم عليكم أن تتعلموا الكتابة منها!!!

(يعني إذا كانت معلمة العلوم قد فرّطت في الثناء على تفوقي، فهذه المعلمة أفرطت بالمدائح على كتابتي بشكل لا يصدق!!! إنه المعنى الحقيقي للتطرف في كلا الجانبين!)

ثم ناولتني دفتري وطلبت مني قراءة موضوعي أمام الجميع، ولم نفعل أي شيء في تلك الحصة سوى الحديث عن موضوعي وكتابتي وأفكاري، وكأنه لا توجد غير (زينب) في الفصل!!!

هذا أسعدني بلا شك.. ولكن أيضا؛ قد لا يكون من الجيد أن يتم هذا على حساب الأخريات!!

في البداية.. ظننت أن الأمر انتهى عند هذا الحد، لكن فيما بعد، تفاجأت بعدد كبير من الطالبات من بقية الشعب يرغبن برؤية موضوعي في التعبير، حتى الطالبة التي سمعت أنها كانت الأولى على المدرسة في السنة الماضية، ولم أكن أعرفها سابقا؛ جاءت بنفسها لتتعرف عليّ وتطلب مني رؤية دفتري!!

عرفت فيما بعد أن تلك المعلمة لم تترك فصلا ولا مكانا إلا ومدحتني فيه، بل وصرحت بصريح العبارة أمام الجميع (من جميع الشعب بدون استثناء) أن الطالبة الوحيدة التي استطاعت ارضائها هي فقط (زينب)!!!!!!!

في الحصة التالية.. وكنوع من العدل الذي حاولت المعلمة تطبيقه مع الجميع، أعطت الفرصة لعدد من الطالبات لقراءة اجزاء قصيرة من مواضيهن، لكنها فجأة قالت:

اعذروني.. أريد لزينب أن تقرأ موضوعها كاملا هذا اليوم أيضا! (طبعا مواضيعي نادرا ما تكون قصيرة، مما يعني أن الحصة ستنتهي معي فقط، وقد أحرجني هذا أمام الطالبات!!)

وطبعا.. لم تقصّر المعلمة في كتابة موشحات المدائح على دفتري، نصف صفحة تقريبا من المديح والثناء، ذكرت في نهايتها ملاحظة صغيرة:

ولكن أتمنى أن تحسنى خطك أكثر!

(وطبعا لكم أن تتخيلي أي طاقة تلك التي ستجعلني افجر موهبة الخطاطة في أعماقي حتى ولو لم تكن موجودة أصلا!^^)

وهكذا.. عزمت على تحسين خطي، وكتبت الموضوع التالي بخط جميل جدا لأول مرة في حياتي، لدرجة أنني شككتُ بأنه خطي!! وكنت متحمسة جدا للحصة التالية؛ حتى أري المعلمة خطي الذي حسّنته فقط من أجلها، فلم يكن يهمني أمر الخط إطلاقا قبل ذلك، وبالطبع بذلت جهدا إضافيا في كتابة الموضوع الجديد، لأتفوق على نفسي في الكتابة أيضا..!

وهنا.. كانت الصدمة الجديدة!!

معلمة التعبير غائبة.. لا توجد حصة اليوم..

الجميع سعداء بالطبع.. لكنها كانت خيبة أمل كبيرة، وتمنيت أن تكون المعلمة بخير!

وانتشر خبر.. معلمة التعبير لم تحضر لأي حصة هذا الاسبوع.. لقد تغيبت عن جميع الحصص!

ماذا حدث لها؟ اللهم اجعله خير..

انتظرت للأسبوع التالي، ربما تأتي.. لكن بدل أن تأتي هي، جاءت معلمة جديدة، تناولت دفاترنا بسرعة، قيّمتها على عجل.. وأعادتها لنا..
فتحت دفتري لأرى ما نوعية الملاحظة التي كتبتها على موضوعي الرائع الذي كتبته بخط جميل لأول مرة، فلم أجد أكثر من كلمة واحدة:
(نُظِر)

أي أنها نظرت إليه وهذا يكفي!

لم يعرف أحد ما الذي حل بمعلمة التعبير تلك، ولا أظن أن هناك من افتقدها غيري.. وحتى هذه اللحظة.. لا أعرف ما الذي جرى لها، ولماذا اختفت فجأة، ومع ذلك لا أملك إلا أن أدعو لها بالخير! أما أثر ذلك الاختفاء الصادم؛ فلم يكن سهلا على نفسي أبدا، وظهرت آثاره بوضوح على خطي الذي انكسر بشدة بعد ذلك!

- لماذا خطك مائل ومعقد هكذا!

- لا أعرف.. لقد مال وتعقد فجأة، ولم أعد استطيع الكتابة بشكل معتدل!

في ذلك الوقت.. شعرت وكأنني فقدت عزيزا، دون أن امتلك الفرصة لتوديعه أو شكره! كنت أتمنى أن اسلم عليها على الأقل، وأخبرها أنني قمت بعمل لم أقم به في حياتي كلها (تحسين خطي) تقديرا لها!

بعدها.. شعرت وكأن تلك المعلمة لم تأتِ إلا لهدف واحد، فلئن كنتُ قد كسرت بشدة بسبب معلمة العلوم، فقد كان دور هذه المعلمة جبر هذا الكسر، لينتهي دورها بعدها بكل بساطة! لقد جبر كسري بالفعل وانتهى الأمر! وإلا.. فالمبالغة قد تؤدي بي إلى جهة أخرى لا يحمد عقباها! كانت الرسالة هي إحداث بعض التوازن وحسب..!

حدثت الكثير من الأحداث بعدها، وهناك العديد من التفاصيل التي لا يتسع المجال لذكرها، حتى انتهت تلك السنة النهائية من المرحلة المتوسطة (الإعدادية)، وجاءت فترة الاختبارات النهائية التي سننتقل بعدها للمرحلة الثانوية..

لم أشأ أن تنتهي قصتي مع معلمة العلوم بتلك الطريقة الباردة، لا أحد يعلم ما الذي سيحدث معه مستقبلا، وهي بلا شك كانت معلمة قديرة جدا، وكانت لها مكانة كبيرة عندي، ولكنه سوء فهم يجب عليّ إزالته..

وهكذا.. قررت أن اكتب لها رسالة طويلة، ضمّنتها قصة حياتي على ما يبدو!

اعتذرت لها فيها إن بدر مني شيء أساءها، وبينت لها أنه لم يكن بقصد، وإنما حماسة العلم والمعرفة.. وكيف أن انتقالي لتلك البلد الأخرى اكسبني شغفا جديدا، جعلني لا أقاوم النقاش والمحاورة! ومع ذلك.. لا زلت احترمها ولن أنسى أنها كانت صاحبة فضل عليّ ذات يوم.. حدثتها عن أهدافي وآمالي.. وعن الكتاب الذي أتمنى كتابته ذات يوم:

(كتاب بلا اسم محدود.. جاوز الحدود)..

بالطبع.. حرصت على إرسال تلك الرسالة بعد اختبار العلوم النهائي، وبعد أن عرفت أنه تم تصحيح أوراقنا..

لم يكن مسموحا لنا خلال تلك الفترة الذهاب لمكاتب المعلمات، فاكتفيت بإرسال الرسالة مع إحدى طالبات النظام أو مع إحدى العاملات..

ارسلت الرسالة وشعرت أنني أزحتُ عبئا ثقيلا، كان جاثما على صدري!

ولم يخطر ببالي أن المعلمة سترد علي بأي شكل هذه المرة!

لكن المفاجأة كانت عندما نادتني إحدى الطالبات ونحن في ساحة الانتظار، في آخر يوم من أيام الاختبارات..

- زينب.. لك أمانة من معلمة العلوم..

كانت هدية مغلفة، الصقت عليها بطاقة بعبارات مؤثرة جدا..

اذكر منها الآن بمعنى: (أرجو أن أراك عالمة عظيمة..)

وكان ذلك كالبلسم الشافي، الذي طويت معه تلك الصفحة من المرحلة المتوسطة، لأنتقل بعدها للمرحلة الثانوية بهمة جديدة، وتوازن أكبر بفضل الله!

من الجدير بالذكر أنني عرفت بأن عمل أبي سينتقل من جديد، وكان عليّ توديع صديقاتي في آخر يوم دراسي، واللاتي كنت أتمنى أن انتقل معهن للثانوية، لكن فراق صديقاتي عز عليّ بشدة هذه المرة:

- زينب.. هل سترحلين حقا!! كنا نتمنى ان نبقى معا في الثانوية

- جميعنا سننتقل لنفس الثانوية هذه المرة، إنها تابعة لهذه المتوسطة وبها معلمات رائعات أنت تعرفينهن..

- سنكون ثاني دفعة فقط في تلك الثانوية فهي جديدة.. يقولون إنها ستكون مميزة جدا.. حتى بنائها مميز..

- لا تنسينا..

لأول مرة.. شعرت بأنني لا أرغب بالرحيل وبشدة!
لماذا لا أدعو إذا؟ أليس الله قادر على كل شيء!!

وهكذا.. دعوت الله كما لم أدعوه من قبل.. يارب يارب..

ويبدو أنني كنت في حالة المضطر، فجاءت الإجابة الفورية بفضل الله..

لقد ألغت الشركة قرار النقل، بعد أن تم استلام مشروع مدته لا تقل عن ثلاث سنوات!!

وهكذا.. عرفت معنا الاستقرار لأول مرة بفضل الله، امضيت المرحلة الثانوية كاملة في مدرسة واحدة بشكل متصل (ثلاث سنوات)، كانت بمثابة فترة "المجد" بالنسبة لي..
ويكفي أن تعلموا أن رواية "مدرسة الفروسية"، ولدت في تلك الفترة الذهبية، من المرحلة الثانوية، بفضل الله ^^

بقي مشهد أخير، سأختم به هذه القصة بعد شارة النهاية... ^^
____

مرت السنوات.. وحان موعد انتقالنا من تلك المدينة، ولكن هذه المرة لم يؤثر قرار النقل عليّ كثيرا، فقد كنت قد التحقت بالسنة الأولى الجامعية، وقتها أخذت إذنا من الجامعة لأجل اجراء بعض المعاملات الرسمية، في تلك البلد قلت لأمي:

- لم ازر المتوسطة منذ أن غادرتها، فلم يكن التوقيت مناسبا إطلاقا، اتمنى أن أرى المعلمات قبل رحيلنا..

وبصعوبة.. استطعنا إيجاد وقت مناسب، لكنه كان نهاية الدوام.. بدت المدرسة فارغة.. الجميع غادروا بالفعل..

مشينا قليلا في الممر وكنا على وشك العودة، لكننا لمحنا إحداهن تصلي في غرفة استراحة جانبية..

انتظرنا قليلا ريثما تنهي صلاتها ونسألها عن مواعيد المعلمات أو ما إلى ذلك..

المفاجأة..

كانت معلمة العلوم!!

(وكانت هذه أول مرة أراها بعد أن أرسلت لها الرسالة، فحتى هي عندما ارسلت لي الهدية؛ ارسلتها مع طالبة.. ولم اتمكن من رؤيتها بعد ذلك!)

هتفت المعلمة بانفعال واضح لرؤيتي واحتضنتني بشدة:

- زينب!!!

سبحان الله!! ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا!!

(صحيح.. أنني لم أصبح عالمة عظيمة بعد، فلا زلت أحبو على طريق العلم الطويل، ولكنني آمل من الله أن يحقق دعوة معلمتي لي يوما ما!)

وكان هذا هو أفضل مشهد نسدل بعده الستار على قصتنا..^^

آملة أن تجدوا فيها العظة والعبرة، فما الحاضر إلا ثمار الماضي، وهو بدوره من يصنع المستقبل المشرق بإذن الله 😊

ولا تنسونا من صالح دعائكم 🙂
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


</b></b>


https://www.raed.net/img?id=389575
https://www.raed.net/img?id=578460

ناطق العبيدي
01-10-2024, 03:58 PM
تسلم أناملك عالطرح الرائـع
لآحرمنـا الله روعة موأضيعك
شكرا لمجهودك المميـز
دمت قلماا مبدعا بين طيات المنتدى

حاء
01-10-2024, 06:53 PM
-


شُكرًا على جمـال طرحك المميز :x37:
لا حرمنا الله من إبداعك المُستمر
و الله يعطيكِ الف عافيه .
لك :f15:

إيلين
01-10-2024, 07:55 PM
:









:

كُتلة شُكر تنحنِي لـِ روعة ماقدمته
سلِمت الأكُف .. وسلِم لنا هَذا الطِرح المُميز
اسعَدك الله , و لَك الإمتنَان أبدًا وَ مددًا ..كُل الوّد و التقدِير لشخصّك.
أعَـذب تحـايّاي

إيلين
01-10-2024, 08:38 PM
:









:

كُتلة شُكر تنحنِي لـِ روعة ماقدمته
سلِمت الأكُف .. وسلِم لنا هَذا الطِرح المُميز
اسعَدك الله , و لَك الإمتنَان أبدًا وَ مددًا ..كُل الوّد و التقدِير لشخصّك.
أعَـذب تحـايّاي

Şøķåŕą
01-10-2024, 11:31 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

جوهرة القصيد
01-11-2024, 05:07 PM
قصه مميزه
راقت لي
سلمت:96:

البرنس مديح آل قطب
01-11-2024, 07:40 PM
r:;"]
https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif





اسعدني حضوركم اخوتي الكرام :eq-34:
واثلجت صدري تعليقاتكم وطيب دعاءكم :hp2:
اسعد الله قلوبكم وبلغكم ما تتمنوا وزيادة :w-12:
دمتم بود ورقي وسعادة .. اشكركم :eq-34:
لكم تقديري واحترامي :242:
يسلموااااااااااااااااااااااااااا :hp2:


















https://www.raed.net/img?id=405932
القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif
البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس


https://www.raed.net/img?id=389575
https://www.raed.net/img?id=578460

نبضها مطيري
01-12-2024, 01:55 AM
سلمت أنآملك ع الطرح الرائعة
الله يعطيك العافيه
ولا تحرمنا جديدك

نبُض جآمح ❥
01-12-2024, 04:20 AM
-











يعطيك العافيه على طرحك
عساك على القوهه ..

نور القمر
01-12-2024, 05:21 PM
أسطُر مليئة بِ الأحرف الذهبية
سلمت أناملك ويعطيك ألف عافية
لروحك عقد البيلسان .

☆Šømă☆
01-14-2024, 08:14 AM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

| |

البرنس مديح آل قطب
01-17-2024, 03:35 PM
r:;"]
https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif





اسعدني حضوركم اخوتي الكرام :eq-34:
واثلجت صدري تعليقاتكم وطيب حضوركم :hp2:
اسعد الله قلوبكم وبلغكم ما تتمنوا وزيادة :w-12:
دمتم بود ورقي وسعادة .. اشكركم :eq-34:
لكم تقديري واحترامي :242:
يسلموااااااااااااااااااااااااااا :hp2:


















https://www.raed.net/img?id=405932
القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif
البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس


https://www.raed.net/img?id=389575
https://www.raed.net/img?id=578460

بنت العز
01-17-2024, 06:11 PM
سلمت أناملك على الطرح المميّز
ويعطيك العافية على المجهود المبذول

البرنس مديح آل قطب
01-17-2024, 07:41 PM
r:;"]
https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif





اسعدني حضوركم اخوتي الكرام :eq-34:
واثلجت صدري تعليقاتكم وطيب حضوركم :hp2:
اسعد الله قلوبكم وبلغكم ما تتمنوا وزيادة :w-12:
دمتم بود ورقي وسعادة .. اشكركم :eq-34:
لكم تقديري واحترامي :242:
يسلموااااااااااااااااااااااااااا :hp2:


















https://www.raed.net/img?id=405932
القيصرالعاشق http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u10.gif
البـــــ http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gifمديح آل قطبhttp://www.r-eshq.com/vb/images/icons/q68.gif ـــــــرنس


https://www.raed.net/img?id=389575
https://www.raed.net/img?id=578460

غـرام الشوق
02-06-2024, 03:03 AM
وأيّ بَذخ يَسكن هُنَا
قَنادِيل من جمآل
تُشعل فينَا الدَهشَة بِلا تَوقّف
سلمَ بَنَانَكم
وَ دَام وَابِل سَحائبكم كَرِيماً

رزان
02-22-2024, 02:37 PM
سلمت الأيادي
وشكرا لكم

مثلي قليل
04-20-2024, 03:00 AM
يسلمو على الطرح المتميز
يسعدك ربي

إِيزآبَيل♡
06-09-2024, 12:30 AM
طرح رائع وَ أنتقاء مميز
جزيل الشكر وَ التقدير لك
يعطيك العافية

Şøķåŕą
06-09-2024, 12:30 AM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

نور القمر
01-22-2025, 12:39 PM
سلمت الأيَادي وَ يعطيك العَافية
لرُّوحك إكليل الوَرد https://a-al7b.com/vb/images/smilies/131.gif.

نور القمر
04-14-2025, 03:01 PM
سلمت كفوفك ..
لطيب الجهد وَ تمُيز العطاء
لاحرمنا الله روائِع مجهوداتك
لقلبك الفرح.