البرنس مديح آل قطب
01-05-2024, 03:54 PM
https://www.raed.net/img?id=389576
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
وَحْشِيّ بن حَرْب الحَبَشي، مولى لابنة الحارث بن عامر بن نَوْفَل، وقيل: مولى لطعيمة بن عَدِيّ، وقيل: مولى جُبَير بن مُطْعِم بن عَدِيّ القرشي النوفلي:
يكنى أبا سلمة، وقيل: أبو حَرب، وأكثرهم قال: يُكْنَى أبا دَسْمة. وكان أَسْود من سُوَدان مكة، ونزل ولده حمص. وقال أبو عمر: رُويت عنه أحاديث مسندة مخرجها عن ولده وَحْشيّ بن حرب بن وحشيّ بن حرب، عن أبيه حرب بن وحشي، عن أبيه وحشي، وقد ظنَّ بعضُ أَهلِ الحديث أنّ هذا الإسناد: وحشي بن حرب بن وحشيّ بن حرب عن أبيه عن جدّه ليس هو وحشي هذا فغلط، والله أعلم، وزعم محمد بن الحسين الأزديّ الموصليّ أنّ وَحْشي بن حرب الذي يروي عنه ولده وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب غير أبي دَسمة قاتل حمزة، وأنّ ذلك كان يسكن دمشق، وهذا الّذي روى عنه ولده سكن حِمْص، وليس كما قال، والذي سكن حمص هو الذي قتل حمزة، ولا يصحُّ وحشي بن حرب غيره؛ والدّليل على ذلك ما قاله جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري: خرجت أَنا وعُبيدُ اللّه بن عَدِيّ بن الخيار مُدْرِبين في زمن معاوية، فلما قفلنا مَرَرْنا بحمص، وكان وحشي قد سكنها، فلما قدمنا قال لي عُبَيد اللّه بن عَدِيّ: هل لك أَن نأْتي وحشيًا فنسأَله عن قتل حمزة، كيف قتله؟ فقلت: إِن شئتَ، فخرجنا نسأَل عنه بحمص، فقال لنا رجل ونحن نسأَل عنه: إِنكما ستجدانه بفناء داره، فإِن تجداه صاحيًا تجداه رجلًا عربيًا، وتصيبا عنده ما تريدان، وإِن تجداه وبه بعض ما يكون به، فانصرفا عنه ودعاه، فخرجنا نمشي حتى جئنا، فوجدناه بفناء داره، فسلمنا عليه فرفع رأْسه إِلى عُبَيد اللّه بن عَدِيّ فقال: ابنٌ لعَدِيّ بن الخيار أَنتَ؟ قال: نعم، قال: أَما والله ما رأَيتُك مذ ناولتك السعديّة التي أَرضعتك، فإِني ناولتها إِياك بذي طُوًى، فَلمَعت لي قدماك حين رفعتُك إِليها، فوالله ما هو إِلا أَن وقفتَ عليَّ فعرفتهما، فقلنا له: جئناك لتحدّثنا عن قتلكَ حمزةَ بن عبد المطلب، كيف قتلتَه؟ فقال: أَما إِني سأَحدّثكما كما حدّثتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم حين سأَلني عن ذلك... وذكر تمام الخبر؛ وفي هذا ما يدل على أنَّ وحشيًا قاتل حمزة سكن حِمْص، وهو الذي يحدِّث عنه ولده، وهو إسنادٌ ضعيف لا يحتج به، وقد جاء بذلك الإسناد أحاديث مُنْكَرة لم تُرْوَ بغير ذلك الإسناد، والله أعلم.
شهد مع المشركين بدرًا، فلما سارت قريش إِلى أُحد قال له جبير بن مطعم: إِن قتلتَ حمزة عم محمد بعمي فأَنت عَتِيق ــ وكان عَمّه طعَيمة بن عدي قد قُتِل يوم بدر ــ أو قالت له ابنة الحارث بن عامر بن نوفل: إنّ أَبِي قُتِلَ يوم بدر، فإن أنت قَتلتَ أَحَدَ الثلاثة فأنت حُرّ إن قتلتَ محمدًا، أو حمزةَ بن عبد المطلب، أو عليَّ بن أبي طالب، فإني لا أرى في القوم كُفْؤًا لأَبِي غيرهم، فخرج مع الناس حين خرجوا إِلى أُحد، فقال وَحشيّ: أَمّا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فإني قد عرفت أَنِّي لا أَقدر عليه، وأَنَّ أصحابه لن يُسْلِموه، وأما حمزة فقلت: والله لو وجدتُه نائمًا ما أيقظتُه مِن هَيْبَتِه، وأما عَلِيّ فقد كنتُ ألتمسُه، فبينا أنا في الناس ألتمس عليًا، إلى أن طلع عليّ رجلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ، كثير الالتفات، فقلت: ما هذا صاحبي الذي ألتمس! فكان حمزة، فجعل ينظر إليه ويتبصَّره، حتى رآه مثل الجمل الأَورَقِ في عُرْضِ الناس يَهُذُّ الناس بسيفه هَذًا، ما يقوم له شيء، قال وحشي: فوالله إِني لأَريده واستترت منه بشجرة ـــ أَو: بحَجَر ـــ ليدنو مني، وتقدّمني إِليه سباع بن عبد العُزَّى، أو ابن أُمّ أَنْمار وكانت أُمُّه خَتَّانة بمكة، مولاة شَرِيق بن عِلاج بن عَمْرو الثَّقَفِيّ، وكان سِبَاع يُكنَى أبا نِيَار فقال حمزة: وأنت أيضًا يابن مُقطِّعة البُظُور مِمّن يُكثر علينا، هلم إِلَيَّ! فاحتمله حتى إذا بَرِقَت قدماه رَمَى به، فبَرَك عليه فَشَحَطَه شَحْطَ الشاة، ثم أَقْبلَ إليه مُكْبِسًا حين رآه، فلما بلغ المَسِيلَ وطيء عَلَى جُرُفٍ فَزَلَّت قدمه، فهز وحشي حَرْبته حتى رضي منها، فضرب بها في خاصِرِته حتى خرجتْ مِن مَثَانته، وكَرّ عليه طائفة من أصحابه، فسمعهم يقولون: أبا عُمارة! فلا يُجيب، فقال: قد والله مات الرجل! وتكشف عنه أصحابه حين أَيقنوا بموته ولا يروا وحشي، وذكر وجدَ هند على أبيها وعمها وأخيها، فكر عليه فشق بَطْنَه فأخرج كَبده، حتى قدم بذلك مكة، فرجع إِلى العسكر، ولم يكن له بغيره حاجة، وقال لهند بنت عُتْبة: ماذا لِي إن قتلتُ قَاتِلَ أبيك؟ قالت: سَلَبي! فقال: هذه كبد حمزة، فَأَخَذَتها فمضغتْها، ثم لَفَظَتها، فلا يدري وحشي أهي لَمْ تُسِغْها أو قَذِرَتها، فأعتَقته ونزعتْ ثيابَها وحليَّها فأَعْطَتْنه، ثم قالت له: إذا جئتَ مكة فلك عشرة دنانير، أَرني مصرعه! فأَراها مصرعه، فقطعت مَذَاكيره، وجَدَعَت أَنفه، وقطعت أُذُنيه، ثم جعلت منه مَسَكَتَين ومِعْضَدَتين وَخَدَمَتين، ثم أَقام بمكة حتى افتتحها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بقتل وَحْشِيٍّ مع النفر الذين أمر بقتلهم، ولم يكن المسلمون على أحد أحرص منهم عَلَى وَحْشِيّ، فهرب وحشي إلى الطائف، فلم يزل بها مُقِيمًا حتى ضاقت عليه الأَرض وقال: أَلحق بالشام أَو باليمن، أَو بِبعض البلاد، وإِنه لفي ذلك إِذ قال له رجل: ويحك! إِنه والله ما يقتل أَحدًا من الناس دَخَل في دينه، فلما قال له ذلك خرج في وفد الطائف على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ليسلموا، حتى قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينةَ، فلم يَرُعه إِلا وهو قائم على رأْسه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله فقال: "وحشي؟!"، قال: نعم، قال: "اجلسْ، حَدِّثني كيف قتلتَ حمزة"، فأخبره فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "غَيِّبْ عَنِّي وجهَك، فَلَا أَرَاكَ "، قال وحشي: فكنت إذا رأيته تواريت عنه، فلم يرني حتى قبضه الله تعالى. وشهد وحشي أيضًا الخندق مع المشركين، فقتل الطُّفيل بن النعمان الأنصاري ثم أحد بني سلمة، فكان يقول بعد أن أسلم: أكرم الله بحربتي حمزةَ، وطفيلًا ولم يهني بأيديهما ــ يعني: يقتلاني مشركًا. وعاش وحشي إلى خلافة عثمان.
وقال وحشيّ بن حرب: لمّا عَقَدَ أبو بكر رضي الله عنه لخالد بن الوليد على أهل الرّدّة قال لي: يا وحشيّ اخرج مع خالد فقاتل في سبيل الله كما كنت تقاتل لتَصُدّ عن سبيل الله، فخرجت معه، فلقينا بني حنيفة فهزموا المسلمين مرّتين أو ثلاثًا، ثمّ تاب الله عليهم فصبروا لوقع السيوف على رءوسهم حتّى رأيتُ شُهُب النّار تخرج من خلال السيوف حتّى سمعتُ لها أصواتًا كأصوات الأجراس، فضربتُ بسيفي حتّى غَرِيَ قائمُه بيَدي من الدم، فأنزل الله تبارك وتعالى نصره فهزم الله بني حنيفة، وقتل الله مُسيلمة؛ فدفعت إليه فَزَرقته بالحَرْبَة، وضربه رجل من الأنصار، فربُّك أعلم أَيّنا قتله، إلا أني سمعتُ امرأة من فوق الدير تقول: قتله العبد الحبشي، وقال أبو بكر رضي الله عنه: فسمعتُ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "خالد سيف من سيوف الله صبّه الله تبارك وتعالى على المشركين"، وكانَ وَحْشِيّ يقول: قتلتُ خير الناس، وقتلتُ شر الناس يعني حمزة بن عبد المطلب، ومُسَيْلِمَة الكذاب. وقال أبو الحويرث: ما رأيت أحدًا يشك أن عبد الله بن زيد ضربه وزرقه وحشي فقتلاه جميعًا. وشهد وَحشي اليرموك. قال محمد بن عمر: ثم إن وحشيًا بعد ذلك خرج إلى الشام حين خرج المسلمون، فلم يزل معهم في تلك المواضع والمشاهد حتى فتحت حمص فنزلها، ولبس المعصفر المصقول، فكان أول من لبس المعصفرات بالشام، وليس بينهم في ذلك اختلاف.
صحب وحشيُّ النّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم، وسمع منه أحاديث، وروى عنه ابنه حَرْب، وعبد الله بن عدي بن الخيار، وجعفر بن عمرو الضَّمْريّ، ومات وحشيُّ بحمص.
https://www.raed.net/img?id=389575
https://up6.cc/2024/01/170442848082963.png
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
http://www.r-eshq.com/vb/images/icons/u11.gif
وَحْشِيّ بن حَرْب الحَبَشي، مولى لابنة الحارث بن عامر بن نَوْفَل، وقيل: مولى لطعيمة بن عَدِيّ، وقيل: مولى جُبَير بن مُطْعِم بن عَدِيّ القرشي النوفلي:
يكنى أبا سلمة، وقيل: أبو حَرب، وأكثرهم قال: يُكْنَى أبا دَسْمة. وكان أَسْود من سُوَدان مكة، ونزل ولده حمص. وقال أبو عمر: رُويت عنه أحاديث مسندة مخرجها عن ولده وَحْشيّ بن حرب بن وحشيّ بن حرب، عن أبيه حرب بن وحشي، عن أبيه وحشي، وقد ظنَّ بعضُ أَهلِ الحديث أنّ هذا الإسناد: وحشي بن حرب بن وحشيّ بن حرب عن أبيه عن جدّه ليس هو وحشي هذا فغلط، والله أعلم، وزعم محمد بن الحسين الأزديّ الموصليّ أنّ وَحْشي بن حرب الذي يروي عنه ولده وحشي بن حرب بن وحشي بن حرب غير أبي دَسمة قاتل حمزة، وأنّ ذلك كان يسكن دمشق، وهذا الّذي روى عنه ولده سكن حِمْص، وليس كما قال، والذي سكن حمص هو الذي قتل حمزة، ولا يصحُّ وحشي بن حرب غيره؛ والدّليل على ذلك ما قاله جعفر بن عمرو بن أمية الضّمري: خرجت أَنا وعُبيدُ اللّه بن عَدِيّ بن الخيار مُدْرِبين في زمن معاوية، فلما قفلنا مَرَرْنا بحمص، وكان وحشي قد سكنها، فلما قدمنا قال لي عُبَيد اللّه بن عَدِيّ: هل لك أَن نأْتي وحشيًا فنسأَله عن قتل حمزة، كيف قتله؟ فقلت: إِن شئتَ، فخرجنا نسأَل عنه بحمص، فقال لنا رجل ونحن نسأَل عنه: إِنكما ستجدانه بفناء داره، فإِن تجداه صاحيًا تجداه رجلًا عربيًا، وتصيبا عنده ما تريدان، وإِن تجداه وبه بعض ما يكون به، فانصرفا عنه ودعاه، فخرجنا نمشي حتى جئنا، فوجدناه بفناء داره، فسلمنا عليه فرفع رأْسه إِلى عُبَيد اللّه بن عَدِيّ فقال: ابنٌ لعَدِيّ بن الخيار أَنتَ؟ قال: نعم، قال: أَما والله ما رأَيتُك مذ ناولتك السعديّة التي أَرضعتك، فإِني ناولتها إِياك بذي طُوًى، فَلمَعت لي قدماك حين رفعتُك إِليها، فوالله ما هو إِلا أَن وقفتَ عليَّ فعرفتهما، فقلنا له: جئناك لتحدّثنا عن قتلكَ حمزةَ بن عبد المطلب، كيف قتلتَه؟ فقال: أَما إِني سأَحدّثكما كما حدّثتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم حين سأَلني عن ذلك... وذكر تمام الخبر؛ وفي هذا ما يدل على أنَّ وحشيًا قاتل حمزة سكن حِمْص، وهو الذي يحدِّث عنه ولده، وهو إسنادٌ ضعيف لا يحتج به، وقد جاء بذلك الإسناد أحاديث مُنْكَرة لم تُرْوَ بغير ذلك الإسناد، والله أعلم.
شهد مع المشركين بدرًا، فلما سارت قريش إِلى أُحد قال له جبير بن مطعم: إِن قتلتَ حمزة عم محمد بعمي فأَنت عَتِيق ــ وكان عَمّه طعَيمة بن عدي قد قُتِل يوم بدر ــ أو قالت له ابنة الحارث بن عامر بن نوفل: إنّ أَبِي قُتِلَ يوم بدر، فإن أنت قَتلتَ أَحَدَ الثلاثة فأنت حُرّ إن قتلتَ محمدًا، أو حمزةَ بن عبد المطلب، أو عليَّ بن أبي طالب، فإني لا أرى في القوم كُفْؤًا لأَبِي غيرهم، فخرج مع الناس حين خرجوا إِلى أُحد، فقال وَحشيّ: أَمّا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فإني قد عرفت أَنِّي لا أَقدر عليه، وأَنَّ أصحابه لن يُسْلِموه، وأما حمزة فقلت: والله لو وجدتُه نائمًا ما أيقظتُه مِن هَيْبَتِه، وأما عَلِيّ فقد كنتُ ألتمسُه، فبينا أنا في الناس ألتمس عليًا، إلى أن طلع عليّ رجلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ، كثير الالتفات، فقلت: ما هذا صاحبي الذي ألتمس! فكان حمزة، فجعل ينظر إليه ويتبصَّره، حتى رآه مثل الجمل الأَورَقِ في عُرْضِ الناس يَهُذُّ الناس بسيفه هَذًا، ما يقوم له شيء، قال وحشي: فوالله إِني لأَريده واستترت منه بشجرة ـــ أَو: بحَجَر ـــ ليدنو مني، وتقدّمني إِليه سباع بن عبد العُزَّى، أو ابن أُمّ أَنْمار وكانت أُمُّه خَتَّانة بمكة، مولاة شَرِيق بن عِلاج بن عَمْرو الثَّقَفِيّ، وكان سِبَاع يُكنَى أبا نِيَار فقال حمزة: وأنت أيضًا يابن مُقطِّعة البُظُور مِمّن يُكثر علينا، هلم إِلَيَّ! فاحتمله حتى إذا بَرِقَت قدماه رَمَى به، فبَرَك عليه فَشَحَطَه شَحْطَ الشاة، ثم أَقْبلَ إليه مُكْبِسًا حين رآه، فلما بلغ المَسِيلَ وطيء عَلَى جُرُفٍ فَزَلَّت قدمه، فهز وحشي حَرْبته حتى رضي منها، فضرب بها في خاصِرِته حتى خرجتْ مِن مَثَانته، وكَرّ عليه طائفة من أصحابه، فسمعهم يقولون: أبا عُمارة! فلا يُجيب، فقال: قد والله مات الرجل! وتكشف عنه أصحابه حين أَيقنوا بموته ولا يروا وحشي، وذكر وجدَ هند على أبيها وعمها وأخيها، فكر عليه فشق بَطْنَه فأخرج كَبده، حتى قدم بذلك مكة، فرجع إِلى العسكر، ولم يكن له بغيره حاجة، وقال لهند بنت عُتْبة: ماذا لِي إن قتلتُ قَاتِلَ أبيك؟ قالت: سَلَبي! فقال: هذه كبد حمزة، فَأَخَذَتها فمضغتْها، ثم لَفَظَتها، فلا يدري وحشي أهي لَمْ تُسِغْها أو قَذِرَتها، فأعتَقته ونزعتْ ثيابَها وحليَّها فأَعْطَتْنه، ثم قالت له: إذا جئتَ مكة فلك عشرة دنانير، أَرني مصرعه! فأَراها مصرعه، فقطعت مَذَاكيره، وجَدَعَت أَنفه، وقطعت أُذُنيه، ثم جعلت منه مَسَكَتَين ومِعْضَدَتين وَخَدَمَتين، ثم أَقام بمكة حتى افتتحها رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأمر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم فتح مكة بقتل وَحْشِيٍّ مع النفر الذين أمر بقتلهم، ولم يكن المسلمون على أحد أحرص منهم عَلَى وَحْشِيّ، فهرب وحشي إلى الطائف، فلم يزل بها مُقِيمًا حتى ضاقت عليه الأَرض وقال: أَلحق بالشام أَو باليمن، أَو بِبعض البلاد، وإِنه لفي ذلك إِذ قال له رجل: ويحك! إِنه والله ما يقتل أَحدًا من الناس دَخَل في دينه، فلما قال له ذلك خرج في وفد الطائف على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ليسلموا، حتى قدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المدينةَ، فلم يَرُعه إِلا وهو قائم على رأْسه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله فقال: "وحشي؟!"، قال: نعم، قال: "اجلسْ، حَدِّثني كيف قتلتَ حمزة"، فأخبره فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "غَيِّبْ عَنِّي وجهَك، فَلَا أَرَاكَ "، قال وحشي: فكنت إذا رأيته تواريت عنه، فلم يرني حتى قبضه الله تعالى. وشهد وحشي أيضًا الخندق مع المشركين، فقتل الطُّفيل بن النعمان الأنصاري ثم أحد بني سلمة، فكان يقول بعد أن أسلم: أكرم الله بحربتي حمزةَ، وطفيلًا ولم يهني بأيديهما ــ يعني: يقتلاني مشركًا. وعاش وحشي إلى خلافة عثمان.
وقال وحشيّ بن حرب: لمّا عَقَدَ أبو بكر رضي الله عنه لخالد بن الوليد على أهل الرّدّة قال لي: يا وحشيّ اخرج مع خالد فقاتل في سبيل الله كما كنت تقاتل لتَصُدّ عن سبيل الله، فخرجت معه، فلقينا بني حنيفة فهزموا المسلمين مرّتين أو ثلاثًا، ثمّ تاب الله عليهم فصبروا لوقع السيوف على رءوسهم حتّى رأيتُ شُهُب النّار تخرج من خلال السيوف حتّى سمعتُ لها أصواتًا كأصوات الأجراس، فضربتُ بسيفي حتّى غَرِيَ قائمُه بيَدي من الدم، فأنزل الله تبارك وتعالى نصره فهزم الله بني حنيفة، وقتل الله مُسيلمة؛ فدفعت إليه فَزَرقته بالحَرْبَة، وضربه رجل من الأنصار، فربُّك أعلم أَيّنا قتله، إلا أني سمعتُ امرأة من فوق الدير تقول: قتله العبد الحبشي، وقال أبو بكر رضي الله عنه: فسمعتُ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "خالد سيف من سيوف الله صبّه الله تبارك وتعالى على المشركين"، وكانَ وَحْشِيّ يقول: قتلتُ خير الناس، وقتلتُ شر الناس يعني حمزة بن عبد المطلب، ومُسَيْلِمَة الكذاب. وقال أبو الحويرث: ما رأيت أحدًا يشك أن عبد الله بن زيد ضربه وزرقه وحشي فقتلاه جميعًا. وشهد وَحشي اليرموك. قال محمد بن عمر: ثم إن وحشيًا بعد ذلك خرج إلى الشام حين خرج المسلمون، فلم يزل معهم في تلك المواضع والمشاهد حتى فتحت حمص فنزلها، ولبس المعصفر المصقول، فكان أول من لبس المعصفرات بالشام، وليس بينهم في ذلك اختلاف.
صحب وحشيُّ النّبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم، وسمع منه أحاديث، وروى عنه ابنه حَرْب، وعبد الله بن عدي بن الخيار، وجعفر بن عمرو الضَّمْريّ، ومات وحشيُّ بحمص.
https://www.raed.net/img?id=389575
https://up6.cc/2024/01/170442848082963.png