Şøķåŕą
01-01-2024, 02:42 PM
المراعاة الثقافية
وسبب ثالث يمكن النظر إليه من خلال قابلية هذه المواثيق للتطبيق دون التصادُم المباشر مع الثقافات الأخرى التي لا تقف بالضرورة ضدَّ الفكرة من حيث المبدأ، ولكنها تتحفَّظ على بعض التفاصيل في موادِّ هذه المواثيق، وتجد أنها تتعارض مع مسلمات ثقافية يتعذَّر التنازُل عنها[1]،ولا يعني هذا رفض هذه المواثيق جملة وتفصيلًا، كما هي حال بعض ردود الأفعال المتسرعة، ولكنه يعني بالضرورة إشراك جميع الثقافات بالاستقراء في صياغة مواثيقَ متفق عليها من حيث المبدأ.
لدينا في ثقافتنا الإسلامية أن الحكمة ضالة المؤمن، أنَّى وجدها فهو أحق بها، ومن ذلك البحث عن نماذج حقوقية تفصيلية ذات شمولية في التطبيق، والتماشي مع الاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان ما لم تُفْضِ إلى تناقض أو تعارض مع البديل الإسلامي الذي نعتقد أنه الأولى والأكمل، ومن ثم فإنه في عمومه هو النموذج الحي الذي ينبغي تبنِّيه عند صياغة أي إعلان عالمي يكفُل واقعية التطبيق، لا سيما أنه يترك التفصيلات والفروع للبيئة المراد تطبيق العموميات الحقوقية فيها، دون الخروج عن السمت العام للحقوق الفطرية للحقوق.
يقوم هذا البديل على القاعدة الأصولية في الفقه الإسلامي، التي تنصُّ على أن مقاصد الأحكام مصالح الأنام،ومن هنا نجد أن مفهوم الحقوق في الثقافة الإسلامية يشمل مصلحة الشخص على الشخص، أو الشخص على الجماعة، أو الجماعة على الجماعة، أو الجماعة على الشخص،وعليه فإن الحقوق في الإسلام هي حقوق خالصة لله تعالى، وحقوق للعبد، وحقوق لهما معًا، مع تفصيل في مسألة تقديم حق أحدهما على الآخر[2]، بما يكفُل تحقيق مصالح الأنام،وأداء الحقوق يخضع للممارسة العملية التي ينبني عليها ثواب، كما ينبني على التقصير في أدائها عقاب، بحسب تفصيل علماء الشريعة في ذلك، وتقوم الدولة على تطبيق ذلك دون تمييز[3]،بمعنى أنها ليست تطلُّعاتٍ وأمانيَّ يُتفاخر بها في المحافل الدولية، وتكون مجالًا للمساومات أو الضغوط السياسية، وتطبيقها لا يخضع للكيل بمكيالين، كما هي الحال اليوم في مثل تقرير جولدستون بشأن ما حصل في غزَّة سنة 1429هـ/ 2008م.
وتقتضي مصالح الأنام تحقيق حقوق الأفراد والجماعة بقدر من التوازن، لا يسمح بطغيان أحدهما على الآخر،فلا حقوق للفرد على حساب الجماعة، ولا حقوق للجماعة على حساب الفرد، ولا حقوق للفرد على حساب فرد آخر، ولا حقوق لجماعة على حساب جماعة أو جماعات أخرى[4].
التمييز والعنصرية والعرقية "الإثنية" والتفضيل بين أفراد المجتمع الواحد من هذه المنطلقات يتنافى مع حقيقة حقوق الإنسان،بل إن إيذاء الحيوان دون مسوِّغ يتنافى كذلك مع حقوق الحيوان؛ولذا تمنع بعض الثقافات - كالثقافة الإسلامية - الصيد لغير حاجة الإنسان، وتبيحه بحدود، إذا ما قامت الحاجة لذلك؛ مِن أكل أو لبس أو فرش؛قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قتل عصفورًا عبثًا، عَجَّ إلى الله عز وجل يوم القيامة منه، يقول: يا رب، إن فلانا قتلني عبثًا، ولم يقتُلْني لمنفعةٍ))[5].
ويدخل في هذا المفهوم النهيُ عن إيذاء البيئة دون مسوِّغ الحاجة الفعلية، حتى في أصعب المناسبات كالحروب، ففي الحروب ما يزيد عن عشرة أنواع ينهى الإسلام عن المساس بها، ومنها عدم التعرُّض لغير المحاربين والنساء والأطفال والكبار والنسَّاك والأنعام وقطع الأشجار والعبث بالبيئة،وهذا مما يدخل في مفهوم آداب الحروب وأخلاقياتها - على ما مرَّ ذكره.
وعلى أي حال، ليس المقام هنا الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام، فهذا موضوع قد أُشبع بحثًا من المتخصصين في المجالات ذات العلاقة بالحقوق،ويكفي القول هنا: إن لفظة "الإنسان" وما يدور في فلكها (إنسان، الناس، الإنس، أناسي) قد وردت في دستور الأمة القرآن الكريم أكثرَ من 326مرة[6]، وإن أمين الأمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قد شارك في حِلف في الجاهلية سُمِّي حِلْفَ الفضول؛ حيث تحالفت العرب على أن تردَّ الفضول إلى أهلها، وألا يَعُزَّ - أي يغلِب - ظالمٌ مظلومًا،وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد شهدتُ في دار عبدالله بن جُدعان حِلفًا لو دُعيت به في الإسلام لأجبتُ، تحالفوا أن يردُّوا الفضول إلى أهلها، وألا يَعُزَّ ظالمٌ مظلومًا))[7]، مما يعني أن الحقوق متأصلة في الناس، فيأتي الإسلام ليؤكد عليها ويوجهها الوجهة القابلة للتحقيق، حيث تتماشى مع فطرة الإنسان التي فطر الناس عليها، بخلاف بعض المنظمات الحقوقية المتأخرة التي تفضي بدعوتها إلى قدر من الانحلال الخُلُقي، بما في ذلك إشاعة الشذوذ، مما أدى إلى التفات المسلمين بمنظمات حقوقية تصل إلى مائة وثلاث (103) منظمات حقوقية إسلامية، خاصة منها ما له علاقة بالمرأة والطفل، وهما المجال الأرحب للتعدِّي على الحقوق، لتحذِّر هذه المنظمات المسلمة، ومنها اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، المنبثقة عن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بالقاهرة، من بعض الوثائق التي تخرج عن مؤتمرات دولية تعقدها الأمم المتحدة، وتعبِّر عن وجهة نظر غربية في مفهوم الحقوق العامة، وحقوق المرأة والطفل خاصة.
كما أوضحت رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل المهندسة كاميليا حلمي أن المنظمات الإسلامية، لا سيما النسوية منها، تتعرض للضغوط والإغراءات المالية من أجل ترويج للأفكار المشبوهة في حق المرأة والطفل، التي تفضي إلى تصدع مفهوم الأسرة وتقويض عُرَاها[8].
وسبب ثالث يمكن النظر إليه من خلال قابلية هذه المواثيق للتطبيق دون التصادُم المباشر مع الثقافات الأخرى التي لا تقف بالضرورة ضدَّ الفكرة من حيث المبدأ، ولكنها تتحفَّظ على بعض التفاصيل في موادِّ هذه المواثيق، وتجد أنها تتعارض مع مسلمات ثقافية يتعذَّر التنازُل عنها[1]،ولا يعني هذا رفض هذه المواثيق جملة وتفصيلًا، كما هي حال بعض ردود الأفعال المتسرعة، ولكنه يعني بالضرورة إشراك جميع الثقافات بالاستقراء في صياغة مواثيقَ متفق عليها من حيث المبدأ.
لدينا في ثقافتنا الإسلامية أن الحكمة ضالة المؤمن، أنَّى وجدها فهو أحق بها، ومن ذلك البحث عن نماذج حقوقية تفصيلية ذات شمولية في التطبيق، والتماشي مع الاتفاقيات الدولية حول حقوق الإنسان ما لم تُفْضِ إلى تناقض أو تعارض مع البديل الإسلامي الذي نعتقد أنه الأولى والأكمل، ومن ثم فإنه في عمومه هو النموذج الحي الذي ينبغي تبنِّيه عند صياغة أي إعلان عالمي يكفُل واقعية التطبيق، لا سيما أنه يترك التفصيلات والفروع للبيئة المراد تطبيق العموميات الحقوقية فيها، دون الخروج عن السمت العام للحقوق الفطرية للحقوق.
يقوم هذا البديل على القاعدة الأصولية في الفقه الإسلامي، التي تنصُّ على أن مقاصد الأحكام مصالح الأنام،ومن هنا نجد أن مفهوم الحقوق في الثقافة الإسلامية يشمل مصلحة الشخص على الشخص، أو الشخص على الجماعة، أو الجماعة على الجماعة، أو الجماعة على الشخص،وعليه فإن الحقوق في الإسلام هي حقوق خالصة لله تعالى، وحقوق للعبد، وحقوق لهما معًا، مع تفصيل في مسألة تقديم حق أحدهما على الآخر[2]، بما يكفُل تحقيق مصالح الأنام،وأداء الحقوق يخضع للممارسة العملية التي ينبني عليها ثواب، كما ينبني على التقصير في أدائها عقاب، بحسب تفصيل علماء الشريعة في ذلك، وتقوم الدولة على تطبيق ذلك دون تمييز[3]،بمعنى أنها ليست تطلُّعاتٍ وأمانيَّ يُتفاخر بها في المحافل الدولية، وتكون مجالًا للمساومات أو الضغوط السياسية، وتطبيقها لا يخضع للكيل بمكيالين، كما هي الحال اليوم في مثل تقرير جولدستون بشأن ما حصل في غزَّة سنة 1429هـ/ 2008م.
وتقتضي مصالح الأنام تحقيق حقوق الأفراد والجماعة بقدر من التوازن، لا يسمح بطغيان أحدهما على الآخر،فلا حقوق للفرد على حساب الجماعة، ولا حقوق للجماعة على حساب الفرد، ولا حقوق للفرد على حساب فرد آخر، ولا حقوق لجماعة على حساب جماعة أو جماعات أخرى[4].
التمييز والعنصرية والعرقية "الإثنية" والتفضيل بين أفراد المجتمع الواحد من هذه المنطلقات يتنافى مع حقيقة حقوق الإنسان،بل إن إيذاء الحيوان دون مسوِّغ يتنافى كذلك مع حقوق الحيوان؛ولذا تمنع بعض الثقافات - كالثقافة الإسلامية - الصيد لغير حاجة الإنسان، وتبيحه بحدود، إذا ما قامت الحاجة لذلك؛ مِن أكل أو لبس أو فرش؛قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قتل عصفورًا عبثًا، عَجَّ إلى الله عز وجل يوم القيامة منه، يقول: يا رب، إن فلانا قتلني عبثًا، ولم يقتُلْني لمنفعةٍ))[5].
ويدخل في هذا المفهوم النهيُ عن إيذاء البيئة دون مسوِّغ الحاجة الفعلية، حتى في أصعب المناسبات كالحروب، ففي الحروب ما يزيد عن عشرة أنواع ينهى الإسلام عن المساس بها، ومنها عدم التعرُّض لغير المحاربين والنساء والأطفال والكبار والنسَّاك والأنعام وقطع الأشجار والعبث بالبيئة،وهذا مما يدخل في مفهوم آداب الحروب وأخلاقياتها - على ما مرَّ ذكره.
وعلى أي حال، ليس المقام هنا الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام، فهذا موضوع قد أُشبع بحثًا من المتخصصين في المجالات ذات العلاقة بالحقوق،ويكفي القول هنا: إن لفظة "الإنسان" وما يدور في فلكها (إنسان، الناس، الإنس، أناسي) قد وردت في دستور الأمة القرآن الكريم أكثرَ من 326مرة[6]، وإن أمين الأمة محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قد شارك في حِلف في الجاهلية سُمِّي حِلْفَ الفضول؛ حيث تحالفت العرب على أن تردَّ الفضول إلى أهلها، وألا يَعُزَّ - أي يغلِب - ظالمٌ مظلومًا،وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد شهدتُ في دار عبدالله بن جُدعان حِلفًا لو دُعيت به في الإسلام لأجبتُ، تحالفوا أن يردُّوا الفضول إلى أهلها، وألا يَعُزَّ ظالمٌ مظلومًا))[7]، مما يعني أن الحقوق متأصلة في الناس، فيأتي الإسلام ليؤكد عليها ويوجهها الوجهة القابلة للتحقيق، حيث تتماشى مع فطرة الإنسان التي فطر الناس عليها، بخلاف بعض المنظمات الحقوقية المتأخرة التي تفضي بدعوتها إلى قدر من الانحلال الخُلُقي، بما في ذلك إشاعة الشذوذ، مما أدى إلى التفات المسلمين بمنظمات حقوقية تصل إلى مائة وثلاث (103) منظمات حقوقية إسلامية، خاصة منها ما له علاقة بالمرأة والطفل، وهما المجال الأرحب للتعدِّي على الحقوق، لتحذِّر هذه المنظمات المسلمة، ومنها اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، المنبثقة عن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بالقاهرة، من بعض الوثائق التي تخرج عن مؤتمرات دولية تعقدها الأمم المتحدة، وتعبِّر عن وجهة نظر غربية في مفهوم الحقوق العامة، وحقوق المرأة والطفل خاصة.
كما أوضحت رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل المهندسة كاميليا حلمي أن المنظمات الإسلامية، لا سيما النسوية منها، تتعرض للضغوط والإغراءات المالية من أجل ترويج للأفكار المشبوهة في حق المرأة والطفل، التي تفضي إلى تصدع مفهوم الأسرة وتقويض عُرَاها[8].