Şøķåŕą
12-07-2023, 01:49 PM
صورة المسألة: أن يسلِمَ عبدُالله إلى عبدالعزيز مائة صاعٍ من البرِّ حالَّةً، على أن يسلِّمَه عبدالعزيز بعد عامٍ (200) مائتي جرام من الذَّهب، عيار 24 أربعةٍ وعشرين.
فالمسلَّم: هو البُرُّ.
والمسلَّم فيه: الذَّهب وقدره ها هنا: مئتا جرام.
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن السَّلم في النَّقد لا يجوز، وبهذا قال الحنفيَّة[2].
القول الثاني: أنَّ السَّلم في النَّقد جائزٌ، وبهذا قال المالكيَّة[3]، والشافعيَّة[4]، والحنابلة[5]، وابن حزمٍ الظاهريُّ[6].
دليل أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: أنَّ عقد السَّلم مخالفٌ للقياس، وقد رخَّص به الشَّارع للحاجة، ومن أوجه الرُّخصة فيه كون الثَّمن مقدَّمًا، والمثمن مؤخَّرًا، فهذا وجه مخالفته للقياس، فرخَّص فيه الشَّارع من هذا الوجه، وفي صورة السَّلم في النُّقود وُجِدَ العقدُ موافقًا للقياس، من جهة أن الثَّمن - وهو الذَّهب والفضَّة وشبههما - مؤجَّلٌ والمثمن - وهي الأصواع هنا - مقدَّمة، فلم يُحتَج إلى السَّلم[7].
ونوقش من وجهين:
الأول: عدم التَّسليم بأن عقد السَّلم على خلاف القياس، بل هو موافقٌ للقياس[8].
الثاني: عدم التَّسليم بأنَّ الثَّمن في هذه الصُّورة هو الدَّراهم أو الدَّنانير، بل الثَّمن هي الأصواع، لأنَّها المقدَّمة، وقد قرَّرتم في مذهبكم أنَّ الثَّمن ما كان في الذِّمَّة دَينًا، ثم خالفتم أصلكم في باب السَّلم فجعلتم المسلَّم فيه - مع كونه ثابتًا في الذِّمَّة لا معيَّنًا - مثمَّنًا، ثم جعلتم الدَّراهم والدَّنانير وشبهها؛ حيث وُجِدَت ثمنًا ولو كانت مقدَّمة أو مؤخَّرة[9]، كما خالفتم أصلكم في عقد الصَّرف إذ صحَّ عندكم مع أنَّ كلًّا العوضين من الأثمان، وهذا تحكُّمٌ[10].
الدليل الثاني: أنَّ السَّلم كما تقدَّم مخالفٌ للقياس، ومن أوجه الرُّخصة فيه – كذلك - وقوعه على غير معيَّنٍ، فرخَّص فيه الشَّارع للحاجة، والدَّراهم والدَّنانير وشبهها لا تتعيَّن بالتعيين أصلًا في عقد البيع، ويجوز أن يُشترَى بها نسيئةً؛ وعليه فلا حاجة للسَّلَم فيهما ولا فيما أشبههما[11].
ونُوقش: بعدم التَّسليم بأن السَّلَم مخالفٌ للقياس كما سبق، كما أنَّ كون الدَّراهم والدَّنانير لا تتعيَّن بالتعيين ليس بحجَّة على أن السَّلم فيهما لا يجوز، بل هو أَدْعى إلى القول بالجواز؛ إذ لا محظور منه.
وعلى سبيل التَّسليم بما ذكرتم في دليلكم الأول: فغاية صورة السَّلم في النُّقود أنَّ الثَّمن صار مؤجَّلًا، وأيُّ محظور في ذلك، وقد قرَّرتم جواز البيع بالثَّمن المؤجَّل[12]، وحيثما أمكن تصحيح العقود، فهو أولى من إبطالها.
دليل أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: أنَّ الأصل في العقود والمعاملات الحِلُّ؛ وقد قال تبارك وتعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، والسَّلَم في النُّقود من جنس عقود المعاوضات الدَّاخلة في مسمى البيع بالمعنى العامِّ، والمسلَّم فيه أحد العِوَضَين فجاز كونه مقدَّمًا أو مؤخَّرًا، ولا دليل على اشتراط كون المسلَّم فيه من العروض لا من الأثمان وشبهها، ولا محظور في ذلك ليُجتنب، وعلى مدَّعي ذلك الدليل.
الدليل الثاني: أنَّ النَّقود وشبهها يَسْهُلُ ضبطها، وغايَةُ السَّلَم في النقود ثبوتها في الذَّمة، وقد جاز ثبوتها في الذمة في القرض والصَّدَاق وفي البيع المؤجَّل، ولا دليل على التَّفريق بينهما[13].
الترجيح:
يظهر للباحث أنَّ الراجح هو القول الثاني؛ لقوة أدلَّتهم وسلامتها من المعارضة، ولأنَّ مبنى قول المانعين على مقدِّمة غير مسلَّمة؛ وهي كون السَّلَم مخالفًا للقياس، وقد تقدَّم بيان أدلة كونه موافقًا للأصول الشرعيَّة التي بها يُعرَف كون العقد موافقًا للقياس أو مخالفًا، ولم تتضمَّن هذه الصُّورة محظورًا شرعيًّا.
وسبب الخلاف في المسألة:
أنَّ القائلين بالمنع بَنَوا قولَهم على أنَّ السَّلَم مخالفٌ للقياس، ولم يجُز إلا للحاجة، وأنَّ الحاجة تُقدَّر بقدرها، ويخالفهم في ذلك أصحاب القول الثاني؛ إذ إنَّ العقد عندهم موافق للقياس لموافقته للأدلَّة الشرعيَّة، ولا قياس مع النصِّ.
فالمسلَّم: هو البُرُّ.
والمسلَّم فيه: الذَّهب وقدره ها هنا: مئتا جرام.
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن السَّلم في النَّقد لا يجوز، وبهذا قال الحنفيَّة[2].
القول الثاني: أنَّ السَّلم في النَّقد جائزٌ، وبهذا قال المالكيَّة[3]، والشافعيَّة[4]، والحنابلة[5]، وابن حزمٍ الظاهريُّ[6].
دليل أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: أنَّ عقد السَّلم مخالفٌ للقياس، وقد رخَّص به الشَّارع للحاجة، ومن أوجه الرُّخصة فيه كون الثَّمن مقدَّمًا، والمثمن مؤخَّرًا، فهذا وجه مخالفته للقياس، فرخَّص فيه الشَّارع من هذا الوجه، وفي صورة السَّلم في النُّقود وُجِدَ العقدُ موافقًا للقياس، من جهة أن الثَّمن - وهو الذَّهب والفضَّة وشبههما - مؤجَّلٌ والمثمن - وهي الأصواع هنا - مقدَّمة، فلم يُحتَج إلى السَّلم[7].
ونوقش من وجهين:
الأول: عدم التَّسليم بأن عقد السَّلم على خلاف القياس، بل هو موافقٌ للقياس[8].
الثاني: عدم التَّسليم بأنَّ الثَّمن في هذه الصُّورة هو الدَّراهم أو الدَّنانير، بل الثَّمن هي الأصواع، لأنَّها المقدَّمة، وقد قرَّرتم في مذهبكم أنَّ الثَّمن ما كان في الذِّمَّة دَينًا، ثم خالفتم أصلكم في باب السَّلم فجعلتم المسلَّم فيه - مع كونه ثابتًا في الذِّمَّة لا معيَّنًا - مثمَّنًا، ثم جعلتم الدَّراهم والدَّنانير وشبهها؛ حيث وُجِدَت ثمنًا ولو كانت مقدَّمة أو مؤخَّرة[9]، كما خالفتم أصلكم في عقد الصَّرف إذ صحَّ عندكم مع أنَّ كلًّا العوضين من الأثمان، وهذا تحكُّمٌ[10].
الدليل الثاني: أنَّ السَّلم كما تقدَّم مخالفٌ للقياس، ومن أوجه الرُّخصة فيه – كذلك - وقوعه على غير معيَّنٍ، فرخَّص فيه الشَّارع للحاجة، والدَّراهم والدَّنانير وشبهها لا تتعيَّن بالتعيين أصلًا في عقد البيع، ويجوز أن يُشترَى بها نسيئةً؛ وعليه فلا حاجة للسَّلَم فيهما ولا فيما أشبههما[11].
ونُوقش: بعدم التَّسليم بأن السَّلَم مخالفٌ للقياس كما سبق، كما أنَّ كون الدَّراهم والدَّنانير لا تتعيَّن بالتعيين ليس بحجَّة على أن السَّلم فيهما لا يجوز، بل هو أَدْعى إلى القول بالجواز؛ إذ لا محظور منه.
وعلى سبيل التَّسليم بما ذكرتم في دليلكم الأول: فغاية صورة السَّلم في النُّقود أنَّ الثَّمن صار مؤجَّلًا، وأيُّ محظور في ذلك، وقد قرَّرتم جواز البيع بالثَّمن المؤجَّل[12]، وحيثما أمكن تصحيح العقود، فهو أولى من إبطالها.
دليل أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: أنَّ الأصل في العقود والمعاملات الحِلُّ؛ وقد قال تبارك وتعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، والسَّلَم في النُّقود من جنس عقود المعاوضات الدَّاخلة في مسمى البيع بالمعنى العامِّ، والمسلَّم فيه أحد العِوَضَين فجاز كونه مقدَّمًا أو مؤخَّرًا، ولا دليل على اشتراط كون المسلَّم فيه من العروض لا من الأثمان وشبهها، ولا محظور في ذلك ليُجتنب، وعلى مدَّعي ذلك الدليل.
الدليل الثاني: أنَّ النَّقود وشبهها يَسْهُلُ ضبطها، وغايَةُ السَّلَم في النقود ثبوتها في الذَّمة، وقد جاز ثبوتها في الذمة في القرض والصَّدَاق وفي البيع المؤجَّل، ولا دليل على التَّفريق بينهما[13].
الترجيح:
يظهر للباحث أنَّ الراجح هو القول الثاني؛ لقوة أدلَّتهم وسلامتها من المعارضة، ولأنَّ مبنى قول المانعين على مقدِّمة غير مسلَّمة؛ وهي كون السَّلَم مخالفًا للقياس، وقد تقدَّم بيان أدلة كونه موافقًا للأصول الشرعيَّة التي بها يُعرَف كون العقد موافقًا للقياس أو مخالفًا، ولم تتضمَّن هذه الصُّورة محظورًا شرعيًّا.
وسبب الخلاف في المسألة:
أنَّ القائلين بالمنع بَنَوا قولَهم على أنَّ السَّلَم مخالفٌ للقياس، ولم يجُز إلا للحاجة، وأنَّ الحاجة تُقدَّر بقدرها، ويخالفهم في ذلك أصحاب القول الثاني؛ إذ إنَّ العقد عندهم موافق للقياس لموافقته للأدلَّة الشرعيَّة، ولا قياس مع النصِّ.