الدكتور على حسن
11-20-2023, 01:32 AM
على الرغم من تنوع موضوعات القرآن الكريم وتعددها، فإنه شديد الترابط والتناسب والانسجام، حيث يعرضها كلها بنَظم متنوع ومتميز، وربطٍ محكم بين الألفاظ والمعانى. والذى يمعن النظر فى آيات المواريث، يدرك أنها ليست آيات لتقسيم أنصبة الوارثين فقط، ولكنها فوق ذلك تحمل إعجازًا تشريعيًّا بديعًا، يضاف إلى الإعجاز العام الذى هو سمة كتاب الله العزيز، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
فآيات المواريث كلما تأملت فيها وجدتها كأنها تحمل ردودًا على المزاعم التى يريد بها أصحابها فى زماننا الخروج على أحكام المواريث، بدعوى إنصاف النساء! ولو أنهم كرسوا جهدهم لدراسة علم أصول الفقه مثلًا، لأدركوا بسهولة ويسر أن الحكم الشرعى لأمر من الأمور قد يأتى على نسق أو أكثر من طرق الدلالة المباشرة أو غير المباشرة، وربما يكتفى بذكره مرة أو مرتين، ففرضية الوضوء مثلًا دل عليها قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، فطريق الفرضية هنا فى أمر يتعلق بالصلاة التى هى الركن الأول من أركان الإسلام العملية، جاء بطريق فعل الأمر الدال على الوجوب، فمن المعلوم أن فعل الأمر حيثما ورد فى نصوص الشرع، فإنه يدل على الوجوب، ما لم تكن هناك قرينة صارفة إلى غير الوجوب، وهو فى آية الوضوء كذلك،
حيث لا قرينة تصرفه عن هذا الوجوب.
وهو الطريق نفسه الذى استفيد منه فرضية الصلاة والزكاة، حيث فعل الأمر الدال على الوجوب فى قول الله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، كما أن الصلاة طُلبت بأسلوب آخر، وهو التعبير بالكتابة التى تعنى الفرضية فى قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}، أى فرضًا مؤقتًا بوقت معين، بالإضافة إلى أنها طُلبت بطريق الجزاء على التفريط فى قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، فالويل لا يكون إلا بترك أمر مفروض.
أما دلالة فرضية الحج، فجاءت فى قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، حيث (لام) الملكية والاختصاص فى قوله (لله)، وهى كافية للدلالة على كون الحج دَينًا على المستطيع يجب أن يؤديه لله، وهو الطريق نفسه الذى استفيد منه وجوب قضاء الدَّين فى قول الله عز وجل: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِى اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}.
وعليه، فالآية نفسها- من وجهة نظرى- من أبلغ الدلالات على بطلان دعوى المساواة بين الرجال والنساء فى المواريث، تلك الدعوى التى تهدم منظومة المواريث من أساسها، فضلًا عن أنها لا يمكن أن تنتظم كقاعدة عقلية تحقق عدالة أو إنصافًا، إلا فى أفهام موهومة منفصلة عن الواقع، ولا تجلب إلا ظلمًا للرجال والنساء فى آن واحد، وبخاصة النساء اللائى يزعمون إنصافهن بهذه التسوية
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علــى حســن
فآيات المواريث كلما تأملت فيها وجدتها كأنها تحمل ردودًا على المزاعم التى يريد بها أصحابها فى زماننا الخروج على أحكام المواريث، بدعوى إنصاف النساء! ولو أنهم كرسوا جهدهم لدراسة علم أصول الفقه مثلًا، لأدركوا بسهولة ويسر أن الحكم الشرعى لأمر من الأمور قد يأتى على نسق أو أكثر من طرق الدلالة المباشرة أو غير المباشرة، وربما يكتفى بذكره مرة أو مرتين، ففرضية الوضوء مثلًا دل عليها قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، فطريق الفرضية هنا فى أمر يتعلق بالصلاة التى هى الركن الأول من أركان الإسلام العملية، جاء بطريق فعل الأمر الدال على الوجوب، فمن المعلوم أن فعل الأمر حيثما ورد فى نصوص الشرع، فإنه يدل على الوجوب، ما لم تكن هناك قرينة صارفة إلى غير الوجوب، وهو فى آية الوضوء كذلك،
حيث لا قرينة تصرفه عن هذا الوجوب.
وهو الطريق نفسه الذى استفيد منه فرضية الصلاة والزكاة، حيث فعل الأمر الدال على الوجوب فى قول الله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، كما أن الصلاة طُلبت بأسلوب آخر، وهو التعبير بالكتابة التى تعنى الفرضية فى قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}، أى فرضًا مؤقتًا بوقت معين، بالإضافة إلى أنها طُلبت بطريق الجزاء على التفريط فى قول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}، فالويل لا يكون إلا بترك أمر مفروض.
أما دلالة فرضية الحج، فجاءت فى قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، حيث (لام) الملكية والاختصاص فى قوله (لله)، وهى كافية للدلالة على كون الحج دَينًا على المستطيع يجب أن يؤديه لله، وهو الطريق نفسه الذى استفيد منه وجوب قضاء الدَّين فى قول الله عز وجل: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِى اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}.
وعليه، فالآية نفسها- من وجهة نظرى- من أبلغ الدلالات على بطلان دعوى المساواة بين الرجال والنساء فى المواريث، تلك الدعوى التى تهدم منظومة المواريث من أساسها، فضلًا عن أنها لا يمكن أن تنتظم كقاعدة عقلية تحقق عدالة أو إنصافًا، إلا فى أفهام موهومة منفصلة عن الواقع، ولا تجلب إلا ظلمًا للرجال والنساء فى آن واحد، وبخاصة النساء اللائى يزعمون إنصافهن بهذه التسوية
لكم خالص تحياتى وتقديرى
الدكتور علــى حســن