Şøķåŕą
11-10-2023, 07:05 PM
زكاة الزيتون
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أقسم الله عز وجل بالتين والزيتون، وله أن يُقسِمَ بما شاء من مخلوقاته سبحانه وتعالى، وأمرنا بشكره على نِعَمِهِ التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]، ووعد الشاكرين بالمزيد فقال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، ومن شُكْرِهِ سبحانه على نعمة الزروع والثمار إخراجُ زكاتها.
وحديثنا اليوم عن زكاة الزيتون، ونحن في زمن جَنْيِهِ؛ تنويرًا للسائلين عن زكاته، وتذكيرًا للغافلين.
عباد الله: لأن الزيتون حَبٌّ؛ فهو يُقاس بزكاة الحبوب والثمار، وحتى أقرِّب لكم فِقْهَ هذه الزكاة؛ سأصوغها على شكل أسئلة، وبالله التوفيق:
السؤال الأول: ما حكم إخراج زكاة الزيتون؟ ومتى أُخْرِجها؟
حكمها واجب؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141]، والأمر يدل على الوجوب؛ ولذلك ذهب أكثر أهل العلم إلى وجوب الزكاة في الزيتون، ومنهم الإمام مالك، وهو الراجح إن شاء الله؛ لأنه مما يُقتات ويُدَّخر.
السؤال الثاني: متى أُخرِج زكاة الزيتون؟
قال تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141]، فوقت إخراجها كما دلت عليه الآية هو عند جَنْيِهِ أو عَصْرِهِ.
السؤال الثالث: ما هو المقدار الذي سأُخرجه من زكاة الزيتون؟ وهو ما يعبِّر عنه الفقهاء بالنِّصاب، ونصابه هو خمسة أوسُقٍ فما فوق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسُقٍ صدقة))[1]؛ أي: ستين صاعًا، وخمسة الأوسق أو الستون صاعًا تساوي في زماننا هذا (653) كيلوغرامًا على وجه التقريب؛ بمعنى إذا كان عندك ما يساوي 653 كيلو أو أكثر؛ أي: ستة قناطر ونصف، فيجب عليك إخراج زكاة الزيتون، وما دونها فليس عليك زكاة، إلا أن تتطوع ببعض الصدقة.
السؤال الرابع: كم سأُخرج للمستحقين إذا بلغت النصاب؟ ننظر ونسأل: هل زيتونك مسقِيٌّ بالأمطار (بُورِي)، أم أنك تتولى سقيَهُ بالآلات المعروفة، وتنفق عليه لأجل سقيه؟ فإن كان الأول فيجب عليك فيه العشر (10 %)، وإذا كان الثاني فيجب عليك فيه نصف العشر (5 %)، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فيما سَقَتِ السماء والعيون أو كان عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنضح نصف العشر))[2]، وأما إذا كانت تسقى بعض السنة بماء المطر، وبعضها الآخر بوسائل الري المعروفة، ففيها ثلاثة أرباع العشر (سبعة فاصل خمسة 7.5%).
السؤال الخامس: قدِّم لي مثالًا توضح فيه ما ذكرت؟ مثال: فلاح أخذ من زيتونه هذا العام 200 كيلو، هل تجب عليه الزكاة؟ نقول: لا؛ لأنه لم يبلغ النصاب، فلو أخذ مثلًا: 1000 كيلو أي: طنًّا من الزيتون حبًّا، نقول: فيه الزكاة؛ لأنه فات النصاب، كم سيُخرج من الألف أو الطن؟ نقول: إذا سُقِيَت بالأمطار تخرج 100 كيلو، وهو نتاج قسمة الألف على عشرة، لاستخراج العشر، وإذا سقيت بالآلات تخرج 50 كيلو، وهو نتاج قسمة الألف على عشرين، لاستخراج نصف العشر، وإذا كان مختلطًا تخرج 75 كيلو، وهو نتاج ضرب الألف في 7.5 مقسوم على 100، لاستخراج ثلاثة أرباع العشر، وعلى هذا المثال نقيس على كل مقدار من الزيتون قد فات النصاب.
السؤال السادس: وما العمل إذا طحنته زيتًا؟ يجوز للفلاح أن يُخرِجَ المقدار الواجب من زكاة الزيتون حَبًّا إن أراد أو زيتًا، وينبغي أن يكون ما يخرجه هو الأنفع للفقراء والمحتاجين، والأيسر على الفلاحين، والمعروف اليوم أن كثيرًا من الفلاحين يعصرون الزيتون، فيُخرجون من الزيت المقدار الواجب، لكن بشرط أن يكون الحَبُّ قد بلغ نصابًا، فإذا عصرت مثلًا 1000 كيلو، وأعطى لك 100 لتر، فإذا سُقِيَ بالأمطار تخرج منه العشر؛ أي عشرة لترات، أو خمسة لترات إذا سُقِيَ بالآلة.
فاللهم فقِّهنا في ديننا، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فالسؤال السابع: هل يمكن إذا عرفت المقدار الذي سأُخرجه من الحَبِّ أو الزيت أن أُخرِجه نقودًا؟ يجوز للفلاح أن يدفع قيمة المقدار الواجب من الزكاة نقدًا، ولا بأس في ذلك، كما هو القول المشهور عند المالكية، وقد يكون أحيانًا إخراج القيمة أنفع للفقراء والمحتاجين من إخراج الأعيان، ويجب على الفلاح ألَّا يبخس المستحقين للزكاة حقَّهم، فيقدر القيمة بما عليه السعر في السوق يوم إخراج الزكاة؛ أي: سعر الكيلو أو سعر اللتر.
السؤال الثامن: أنا اشتريت زيتونًا أو أعمل أجيرًا بالربع أو النصف، فهل تجب عليَّ زكاة الزيتون؟ زكاة الزيتون تكون على المالك دون المشتري أو الأجير، وليس على المالك أن يخصم نفقات الري والسقي؛ لأنه عِوَضَ ذلك عَدَلَ له الشارع الحكيم من العشر إلى نصف العشر، أما النفقات الأخرى، فهي محل اختلاف بين أهل العلم، نعم، التاجر في الزيت يلحق بزكاة عروض التجارة، فعليه إحصاء أمواله، فإذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول، فتجب عليه الزكاة.
السؤال التاسع: لمن أُعطي زكاة الزيتون؟ زكاتك تقدَّم للأصناف الذين تُعطى لهم الزكاة عمومًا، والذين ذكرهم الله تعالى في سورة التوبة، فقال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]؛ فالفقراء هم الذين لا يملكون شيئًا، والمساكين هم الذين يملكون، ولكن لا يكفيهم؛ كالموظفين البسطاء الذين لا تكفيهم أجرتهم لتغطية النفقات الضرورية، والعاملين عليها هم الذين يجمعون الزكاة، ويوزعونها فيدخل فيه أجرة من كلَّفتَ لتوصيل زيت الزيتون إلى جهة معينة، وفي الرقاب؛ أي: تحرير العبيد، ويدخل فيه اليوم فداء الأسرى من العدو، والغارمون الذين عليهم ديون في الحلال، ولا يستطيعون أداءها، وفي سبيل الله كإيصال زيت الزكاة أو قيمتها للمجاهدين، أو طلبة العلم، أو حفظة القرآن الكريم المتفرغين له، وابن السبيل؛ كالغريب عن بلده، مثل اللاجئين في دولة أخرى، والمهجَّرين من بلدانهم، كما يفعل اليوم اليهود بإخواننا في فلسطين.
فاللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
(تتمة الدعاء).
الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أقسم الله عز وجل بالتين والزيتون، وله أن يُقسِمَ بما شاء من مخلوقاته سبحانه وتعالى، وأمرنا بشكره على نِعَمِهِ التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]، ووعد الشاكرين بالمزيد فقال: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، ومن شُكْرِهِ سبحانه على نعمة الزروع والثمار إخراجُ زكاتها.
وحديثنا اليوم عن زكاة الزيتون، ونحن في زمن جَنْيِهِ؛ تنويرًا للسائلين عن زكاته، وتذكيرًا للغافلين.
عباد الله: لأن الزيتون حَبٌّ؛ فهو يُقاس بزكاة الحبوب والثمار، وحتى أقرِّب لكم فِقْهَ هذه الزكاة؛ سأصوغها على شكل أسئلة، وبالله التوفيق:
السؤال الأول: ما حكم إخراج زكاة الزيتون؟ ومتى أُخْرِجها؟
حكمها واجب؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141]، والأمر يدل على الوجوب؛ ولذلك ذهب أكثر أهل العلم إلى وجوب الزكاة في الزيتون، ومنهم الإمام مالك، وهو الراجح إن شاء الله؛ لأنه مما يُقتات ويُدَّخر.
السؤال الثاني: متى أُخرِج زكاة الزيتون؟
قال تعالى: ﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141]، فوقت إخراجها كما دلت عليه الآية هو عند جَنْيِهِ أو عَصْرِهِ.
السؤال الثالث: ما هو المقدار الذي سأُخرجه من زكاة الزيتون؟ وهو ما يعبِّر عنه الفقهاء بالنِّصاب، ونصابه هو خمسة أوسُقٍ فما فوق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ليس فيما دون خمسة أوسُقٍ صدقة))[1]؛ أي: ستين صاعًا، وخمسة الأوسق أو الستون صاعًا تساوي في زماننا هذا (653) كيلوغرامًا على وجه التقريب؛ بمعنى إذا كان عندك ما يساوي 653 كيلو أو أكثر؛ أي: ستة قناطر ونصف، فيجب عليك إخراج زكاة الزيتون، وما دونها فليس عليك زكاة، إلا أن تتطوع ببعض الصدقة.
السؤال الرابع: كم سأُخرج للمستحقين إذا بلغت النصاب؟ ننظر ونسأل: هل زيتونك مسقِيٌّ بالأمطار (بُورِي)، أم أنك تتولى سقيَهُ بالآلات المعروفة، وتنفق عليه لأجل سقيه؟ فإن كان الأول فيجب عليك فيه العشر (10 %)، وإذا كان الثاني فيجب عليك فيه نصف العشر (5 %)، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فيما سَقَتِ السماء والعيون أو كان عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنضح نصف العشر))[2]، وأما إذا كانت تسقى بعض السنة بماء المطر، وبعضها الآخر بوسائل الري المعروفة، ففيها ثلاثة أرباع العشر (سبعة فاصل خمسة 7.5%).
السؤال الخامس: قدِّم لي مثالًا توضح فيه ما ذكرت؟ مثال: فلاح أخذ من زيتونه هذا العام 200 كيلو، هل تجب عليه الزكاة؟ نقول: لا؛ لأنه لم يبلغ النصاب، فلو أخذ مثلًا: 1000 كيلو أي: طنًّا من الزيتون حبًّا، نقول: فيه الزكاة؛ لأنه فات النصاب، كم سيُخرج من الألف أو الطن؟ نقول: إذا سُقِيَت بالأمطار تخرج 100 كيلو، وهو نتاج قسمة الألف على عشرة، لاستخراج العشر، وإذا سقيت بالآلات تخرج 50 كيلو، وهو نتاج قسمة الألف على عشرين، لاستخراج نصف العشر، وإذا كان مختلطًا تخرج 75 كيلو، وهو نتاج ضرب الألف في 7.5 مقسوم على 100، لاستخراج ثلاثة أرباع العشر، وعلى هذا المثال نقيس على كل مقدار من الزيتون قد فات النصاب.
السؤال السادس: وما العمل إذا طحنته زيتًا؟ يجوز للفلاح أن يُخرِجَ المقدار الواجب من زكاة الزيتون حَبًّا إن أراد أو زيتًا، وينبغي أن يكون ما يخرجه هو الأنفع للفقراء والمحتاجين، والأيسر على الفلاحين، والمعروف اليوم أن كثيرًا من الفلاحين يعصرون الزيتون، فيُخرجون من الزيت المقدار الواجب، لكن بشرط أن يكون الحَبُّ قد بلغ نصابًا، فإذا عصرت مثلًا 1000 كيلو، وأعطى لك 100 لتر، فإذا سُقِيَ بالأمطار تخرج منه العشر؛ أي عشرة لترات، أو خمسة لترات إذا سُقِيَ بالآلة.
فاللهم فقِّهنا في ديننا، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فالسؤال السابع: هل يمكن إذا عرفت المقدار الذي سأُخرجه من الحَبِّ أو الزيت أن أُخرِجه نقودًا؟ يجوز للفلاح أن يدفع قيمة المقدار الواجب من الزكاة نقدًا، ولا بأس في ذلك، كما هو القول المشهور عند المالكية، وقد يكون أحيانًا إخراج القيمة أنفع للفقراء والمحتاجين من إخراج الأعيان، ويجب على الفلاح ألَّا يبخس المستحقين للزكاة حقَّهم، فيقدر القيمة بما عليه السعر في السوق يوم إخراج الزكاة؛ أي: سعر الكيلو أو سعر اللتر.
السؤال الثامن: أنا اشتريت زيتونًا أو أعمل أجيرًا بالربع أو النصف، فهل تجب عليَّ زكاة الزيتون؟ زكاة الزيتون تكون على المالك دون المشتري أو الأجير، وليس على المالك أن يخصم نفقات الري والسقي؛ لأنه عِوَضَ ذلك عَدَلَ له الشارع الحكيم من العشر إلى نصف العشر، أما النفقات الأخرى، فهي محل اختلاف بين أهل العلم، نعم، التاجر في الزيت يلحق بزكاة عروض التجارة، فعليه إحصاء أمواله، فإذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول، فتجب عليه الزكاة.
السؤال التاسع: لمن أُعطي زكاة الزيتون؟ زكاتك تقدَّم للأصناف الذين تُعطى لهم الزكاة عمومًا، والذين ذكرهم الله تعالى في سورة التوبة، فقال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]؛ فالفقراء هم الذين لا يملكون شيئًا، والمساكين هم الذين يملكون، ولكن لا يكفيهم؛ كالموظفين البسطاء الذين لا تكفيهم أجرتهم لتغطية النفقات الضرورية، والعاملين عليها هم الذين يجمعون الزكاة، ويوزعونها فيدخل فيه أجرة من كلَّفتَ لتوصيل زيت الزيتون إلى جهة معينة، وفي الرقاب؛ أي: تحرير العبيد، ويدخل فيه اليوم فداء الأسرى من العدو، والغارمون الذين عليهم ديون في الحلال، ولا يستطيعون أداءها، وفي سبيل الله كإيصال زيت الزكاة أو قيمتها للمجاهدين، أو طلبة العلم، أو حفظة القرآن الكريم المتفرغين له، وابن السبيل؛ كالغريب عن بلده، مثل اللاجئين في دولة أخرى، والمهجَّرين من بلدانهم، كما يفعل اليوم اليهود بإخواننا في فلسطين.
فاللهم أرِنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
(تتمة الدعاء).