تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : القرآن كتاب الحياة الطيبة


عازف الليل مونامور
10-06-2018, 02:55 PM
القرآن كتاب الحياة الطيبة

القرآن هو كلام الله العزيز و المعجزة الإلهية 1 الخالدة التي زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، و هو الميراث الإلهي العظيم و المصدر الأول للعقيدة و الشريعة الإسلاميتين ، و الذي لا يُعْدَلُ عنه إلى غيره من المصادر مطلقاً .
و من تتبع آي الذكر الحكيم ، و تدبر معانيها يجد وراءها مقسماً مشتركاً ، و إطاراً عاماً يربط بين جميع قواعده و مبادئه ، و سوره و آياته ، و هذا الرابط هو الدعوة إلى أن يحيا الناس ، كل الناس ، حياة طيبة يسودها الأمن و العدل ، و يغمرها الخصب و السلام : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ... ﴾ 2 .
و لدعوة اللّه و الرسول إلى الحياة أسلوب خاص ، و ركائز تقوم عليها ، أما أسلوب الدعوة فقد حدده اللّه سبحانه بقوله لنبيه الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) : ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... ﴾ 3 .
و المراد هنا بالحكمة و الموعظة الحسنة أن يخاطب القلب و العقل ، و يعرض في دعوته إلى اللّه بدائع المخلوقات ، و عجائب الكائنات : ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ... ﴾ 4 .
و أن يحذِّر المشاغبين و المعاندين من سوء العاقبة و المصير ، و يضرب لهم الأمثال من الأمم السابقة ، كما فعل شعيب ، حيث قال لقومه : ﴿ وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ﴾ 5 . فإن أصروا على العناد تركهم و شأنهم ، حيث لا مزيد من البينات و البراهين : ﴿ فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ... ﴾ 6 ، ﴿ ... فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾ 7 .
أما ركائز الدعوة إلى الحياة الطيبة فنذكر منها ما يلي :

1 ـ إن الإنسان لم يوجد في هذه الحياة صدفة و من غير قصد : ﴿ وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ... ﴾ 8 .

2 ـ إن اللّه سبحانه لم يترك الإنسان سدى تتحكم فيه الأهواء و النزوات ، بل اختط له طريقا سويا لا يجوز أن يتخطاه و يتعداه : ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ﴾ 9 . ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ 10 .

3 ـ الأمن و صيانة النظام ، و من أخل به و سعى في الأرض الفساد عوقب بأشد العقوبات في الدنيا ، و له في الآخرة عذاب أليم : ﴿ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ 11 .
4 ـ إن صيانة الأمن و النظام لا تتحقق و لن تتحقق إذا لم يكن كل إنسان أمينا على نفسه و كرامته ، لأن المجتمع الصالح في منطق القرآن هو الذي لا يوجد فيه بذرة واحدة من بذور الفساد : ﴿ ... مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ... ﴾ 12 .
ذلك إن حقيقة الإنسانية تقوم بكل فرد ، تماما كقيامها في جميع الأفراد ، فمن أساء إلى واحد منها فقد أساء إلى الإنسانية بكاملها ، و من أحسن إليه فقد أحسن إليها كذلك . و قوله تعالى ﴿ ... مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ ... ﴾ 12 إشارة إلى أن لكل فرد قدسيته الإنسانية ، و انه في حرم محرم ، حتى ينتهك هو حرمة نفسه بارتكاب جريمة ترفع عنه تلك القدسية و الحصانة الإنسانية .

5 ـ إن العلاقات بين الناس تقوم على أساس حصانة الكرامة و صيانتها لكل فرد من غير فرق بين الذكر و الأنثى ، و الأسود و الأبيض ، و الغني و الفقير . . من أي ملة كان و يكون ، و قد أقر اللّه هذه الحقيقة بأوجز عبارة و أبلغها : ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ... ﴾ 13 . و من استهان بمن كرمه اللّه سبحانه فقد استهان باللّه و شريعته .

6 ـ إن الإيمان باللّه ، و نبوة محمد ، و اليوم الآخر ، و ما إلى ذاك من الأصول و الفروع ليس مجرد شعار ديني يرفعه القرآن ، بل أن لكل أصل من أصول الإسلام ، و كل حكم من أحكامه ثمرات و حقائق يجمعها الخلق الكريم ، و العمل النافع . . فلقد قرن اللّه الإيمان به بالعمل الصالح في العديد من الآيات ، أما الإيمان بنبوة محمد ( صلى الله عليه و آله ) فهو إيمان بالإنسانية و رفاهيتها : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ 14 . أما دخول الجنة فيرتبط أقوى ارتباط بالجهاد و العمل الصالح في هذه الحياة : ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُ

لُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ 15 .
و هكذا يرسم القرآن الطريق الايجابي لبلوغ مقاصده ، و استجابة الدعوة إلى الحياة التي أشار إليها بقوله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ... ﴾ 2 .
و هذا دليل واضح على أن أية دعوة لا تمت إلى الحياة بصلة فما هي من الدين في شي‏ء ، و من نسبها إلى اللّه و رسوله فقد افترى على الدين كذبا .. 16 .
فالحياة الطيبة هي الحياة التي يدعو لها القرآن الكريم و هي لا تحصل إلاَّ بالايمان بالله عَزَّ و جَلَّ و العمل الخالص بما أمر به ، فهو القائل جَلَّ جَلالُه : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ 17 .

#الهوامش

1. تعتبر المعجزة من الدلائل المهمة التي تثبُت بها نبوة النبي ، و هي بمثابة أوراق اعتماده و هويته التي تؤيد صدق دعواه و ارتباطه بالله تعالى ، فلذلك نرى أن الأنبياء ( عليهم السَّلام ) إلى جانب ما أقاموه من الدلائل و البراهين على صدق دعواهم قد اظهروا معاجز تؤكد صدق ادعائهم و لا تدع مجالا للشك في حقانية نبوتهم .
و المعجزة كما عرَّفها العلماء : " أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدِّي ، مع عدم المعارضة ، مع دعوى النبوة " .
و المعجزة هي : العمل الخارق للعادة ، الذي يعجز البشر حتى النوابغ و العباقرة عن الإتيان به .
و للنبي المصطفى محمد ( صلى الله عليه و آله ) معاجز كثيرة جداً و هي أكثر من أن تُحصى .
و من أهم تلك المعاجز هي معجزة القرآن الكريم ، و هو المعجزة الإلهية الخالدة التي زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) لتكون وثيقة حيَّة على صدق النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) إلى يوم القيامة ، و لكي يتحدى به من يشك في معجزيَّة هذا الكتاب الإلهي العظيم ، فهو معجزة عظيمة جداً يزخر بمعاجز كبرى .

2 : سورة الأنفال ( 8 ) ، الآية : 24 ، الصفحة : 179

3 : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 125 ، الصفحة : 281 .

4 : سورة فصلت ( 41 ) ، الآية : 53 ، الصفحة : 482 .

5 : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 89 ، الصفحة : 232 .

6: سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 20 ، الصفحة : 52 .

7. القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 40 ، الصفحة : 254 .

8 : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 70 ، الصفحة : 274 .

9 : سورة القيامة ( 75 ) ، الآية : 36 ، الصفحة : 578 .

10: سورة الحجر ( 15 ) ، الآية : 92 و 93 ، الصفحة : 267 .

11: سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 113 .

12: سورة المائدة ( 5 ) الآية : 32 ، الصفحة : 113 .

13: سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 70 ، الصفحة : 289 .

14 : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 107 ، الصفحة : 331 .

15 : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 142 ، الصفحة : 68 .

16. تفسير الكاشف : 1 / 11 .

17 : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 97 ، الصفحة : 278 .

الاقشر
10-06-2018, 03:09 PM
بارك الله فيك على طرحك الطيب :241:

نوف
10-06-2018, 03:48 PM
جزاك الله خير
وفي موازينك يوم العرض

روحي تبيك
10-06-2018, 04:15 PM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

غـُـلايےّ
10-06-2018, 05:42 PM
طررح يفوق آلجمآل ,
‎كعآدتك إبدآع في صفحآتك ,
‎يعطيك آلعآفيـه يَ رب ,
‎وبِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
‎لقلبك السعآده والفـرح ..
‎ودي

عازف الليل مونامور
10-06-2018, 06:15 PM
كل التقدير والامتنان
لجمال حضوركم ومتابعتكم
دمتم بكل الود والمحبة

خالد
10-07-2018, 12:45 AM
جزاك الله خير
وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنور الايمان
تحياتي لك

عازف الليل مونامور
10-07-2018, 01:36 PM
كل الامتنان لكم ولجمال
حضوركم ومتابعتكم
لاعدمنا اشراقتكم
تحيتي وودي

حلوة الروح
10-07-2018, 06:12 PM
https://www.up4.cc/image99105.html
\\
//
\\

ينطيكك الف عافيه ع الموشاركه اللؤلؤيه



حلوة :eq-33: الروح

فيّ
10-07-2018, 07:33 PM
جزاك الله خير :241:

انثى برائحة الورد
10-07-2018, 07:39 PM
جزاك الله خير
وبارك الله فيك
ودي لك

عازف الليل مونامور
10-08-2018, 12:53 AM
كل الامتنان لكم ولجمال
حضوركم ومتابعتكم
لاعدمنا اشراقتكم
تحيتي وودي

حاء
10-08-2018, 03:26 AM
جوزيت خيرا

عازف الليل مونامور
10-08-2018, 05:34 PM
كل الامتنان لكم ولجمال
حضوركم ومتابعتكم
لاعدمنا اشراقتكم
تحيتي وودي

أبو علياء
10-09-2018, 04:27 PM
جزاكم الله خيراً ونفع بكم
على الموضوع الرائع والمميز
وجعل كل ما تقدمونه في موازين حسناتكم
لكم مني ارق المنى
وخالص التقدير والاحترام

دلوعة عشق
10-09-2018, 04:54 PM
يعجز القلم على الاطراء
ويعجز النبض على التعبير بما كتبت وبما طرحت
بارك الله فيك وجعله فى موزين حسناااااااتك
وجزيت الجنه ونعيمها

sham
10-09-2018, 09:02 PM
‘*

انتقاء بآذخ الجمآل ,
بِ إنتظآر المزيد من هذآ الفيض ,
لك من الشكر وافره,~

عازف الليل مونامور
10-10-2018, 12:05 AM
كل الامتنان لكم ولجمال
حضوركم ومتابعتكم
لاعدمنا اشراقتكم
تحيتي وودي

شيخة رواية
10-10-2018, 05:45 PM
سلمتم على
رقي الطرح و جمال الإنتقاء
ذائقة باذخة لا تضاهى
ودي وتقديري

عازف الليل مونامور
10-11-2018, 12:46 AM
كل الامتنان لكم
ولجمال متابعتكم وتواجدكم
دمتم بكل الود والمحبة تحيتي وودي

ريُـ‘ـُآحُـ‘ـُ آلُـ‘ـُشُـ‘ـُۅقُـ‘ـُ
10-12-2018, 09:07 AM
جزاكم ربي خير الجزاء
ونفع الله بكم وسدد خطاكم
وجعلكم من أهل جنات النعيم
اللهم آآآآمين

عازف الليل مونامور
10-13-2018, 01:51 AM
كل الشكر لكم ولجمال
متابعتكم وحضوركم
دمتم بالمحبة

الوسيم
10-13-2018, 07:30 PM
الله يجزاك كل خير على مجهودك
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك
ننتظر جديدك

عازف الليل مونامور
10-14-2018, 01:06 AM
كل الشكر لكم ولجمال
متابعتكم وحضوركم
دمتم بالمحبة

شيخة رواية
10-14-2018, 04:40 AM
يَآَ مَآَلْ اََلَعَآَفِيَهَ
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ
:241:

صاحبة السمو
10-14-2018, 05:00 PM
جزاك الله خيرا على هذا الطرح القيم
تسلم ايدك
تقديري وتحيتي :241:

sham
10-14-2018, 06:18 PM
احسنت الإنتقاء
جزاك الله خير الجزاء .

,:241:

عازف الليل مونامور
10-14-2018, 09:18 PM
كل الامتنان لكم لجمال
حضوركم ومتابعتكم
دمتم بالمحبة

Şøķåŕą
09-08-2023, 04:47 PM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

Şøķåŕą
07-04-2024, 12:24 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

نور القمر
07-22-2024, 12:36 PM
موضوع قيم
وإنتقاء رائع .،
سلمت الاكف على الطرح الجميل .،
ويعطيك العافية .،
دمت بود

Şøķåŕą
08-08-2024, 06:57 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير