زمردة ❥
10-01-2023, 01:02 PM
يقرأ الكثيرون آيات القرآن الكريم من منطلق جمع عدد أكبر من الحسنات. وللأسف فإن العديد من هؤلاء ينسى أن الهدف الحقيقي للقراءة هي الفهم والتدبر كما جاء في الآية الكريمة (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) (سورة محمد (24)).
وتعودنا، أو تعود الكثيرون منا، على قراءة القَصص القرآني كقِصص أو "حكاية" مجردة من الفهم الأعمق للهدف المنشود أو للأهداف المنشودة من ذكر القصة في القرآن.
ومن الأمور الجميلة أن الكثير من القصص القرآنية التي نحكيها للأطفال كي يتعلموها تحمل في طياتها العديد من العبر والمفاهيم العميقة التي ينبغي أن يقف من يقرؤون القرآن أمامها بتأمل وتدبر وتفكر.
وحين نقرأ قصص القرآن علينا أن نقرأ أيضاً ما وراء الكلمات لنفهم العبرة من القصة. فالقصة في القرآن ليست فقط بهدف سرد لأحداث تاريخية ولكن كما ذكرنا أعلاه هي لأخذ العبرة من هذه القصص، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} ( سورة يوسف (111)).
فعلى سبيل المثال لا الحصر، حين نقرأ قصة الهدهد وسيدنا سليمان في سورة النمل نتعلم منها (أي من هذه القصة) الاستماع الى الطرف الآخر قبل إصدار الأحكام عليه.
فها هو الملك سليمان ينتظر ليسمع من طائر صغير قبل أن يصدر حكماً نهائياً عليه، فيقول {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} ( سورة النمل(20-21)). أي أن سيدنا سليمان انتظر ليسمع رأي الهدهد أولاً، فقال " أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ".
ولقد كان نبي الله، سليمان، قادراً على أن يعاقب "الهدهد" دون أن يستمع للرأي الآخر كما يفعل البعض في عصرنا هذا فيتسرعون بالحكم على غيرهم دون أن يستمعوا لهم ولرأيهم، ولكن نبي الله سليمان لم يسترسل في الغضب وأوقف انفعاله حتى يستمع إلى ما سيقوله الهدهد.
فالأمر في القصة ليس فقط قضية "هدهد"، بل أيضاً قضية إعطاء الآخرين، حتى لو ظننا أنهم مخطئون، الفرصة الكاملة لشرح موقفهم.
وياليت الكثيرين منا يتعاملون مع غيرهم فيعطونهم فرصة كاملة لعرض رأيهم، كما فعل سليمان مع طائر ضعيف! فنحن نُصدِر الأحكام على غيرنا أحياناً وقد نتخذ إجراءات لمعاقبتهم دون حتى أن نعطيهم أي فرصة لإبداء رأيهم.
وأيضاً حين نقرأ قصة فرعون نتعلم منها أن أبشع جريمة تغضب الله عز وجل هي استضعاف الأقليات الدينية والعرقية، فكما رأينا في القصة أن السبب الرئيسي في غضب الله عز وجل على فرعون أنه استضعف بني إسرائيل كما ذكر القرآن {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ} (سورة القصص (4)).
ونتعلم من القصة السابقة عبرة هامة وهي أننا سنكون مغضوبا علينا مثل "فرعون" إذا استضعفنا غيرنا من الناس، لأنهم مختلفون عنا. فمن يقرأ القرآن ويدرك مدى غضب الله على فرعون بسبب استضعافه لبني إسرائيل يدرك كيف أن استضعاف الآخرين وحرمانهم من حقوقهم هو من أكبر الجرائم عند الخالق.
وأيضاً حين نقرأ قصة خليل الرحمن إبراهيم نرى أن قومه كادوا أن يعترفوا بأنهم هم المخطئون حينما كلمهم إبراهيم بالمنطق والعقل فحين قال لهم {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (سورة الأنبياء (63))، كان ردهم على ذلك هو { فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ} (سورة الأنبياء (64-65)).
وعلى العكس من ذلك تماماً فلما هاجمهم إبراهيم بقوله {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (سورة الأنبياء (67))، كان رد فعلهم على ذلك بأن قالوا {حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ} (سورة الأنبياء (68)).
ومن ذلك نتعلم أن أفضل طريقة للحوار مع الآخرين هي استخدام الحجة والمنطق، وليس التهجم عليهم بالكلمات.
وقد تعلم إبراهيم نفسه الدرس من قصته فحين خاطب النمرود بعد عشرات السنين من القصة المذكورة خاطبه بالمنطق والحجة كما جاء فى الآية الكريمة {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (سورة البقرة (258)).
فباختصار شديد فإن قراءة القرآن لا ينبغي أن تكون فقط لأن الحرف يعطي عشر حسنات، كما يقولون، بل ينبغي أن تكون بهدف فهم المبادئ العليا للقرآن وأخذ العبرة من قصصه!
وتعودنا، أو تعود الكثيرون منا، على قراءة القَصص القرآني كقِصص أو "حكاية" مجردة من الفهم الأعمق للهدف المنشود أو للأهداف المنشودة من ذكر القصة في القرآن.
ومن الأمور الجميلة أن الكثير من القصص القرآنية التي نحكيها للأطفال كي يتعلموها تحمل في طياتها العديد من العبر والمفاهيم العميقة التي ينبغي أن يقف من يقرؤون القرآن أمامها بتأمل وتدبر وتفكر.
وحين نقرأ قصص القرآن علينا أن نقرأ أيضاً ما وراء الكلمات لنفهم العبرة من القصة. فالقصة في القرآن ليست فقط بهدف سرد لأحداث تاريخية ولكن كما ذكرنا أعلاه هي لأخذ العبرة من هذه القصص، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} ( سورة يوسف (111)).
فعلى سبيل المثال لا الحصر، حين نقرأ قصة الهدهد وسيدنا سليمان في سورة النمل نتعلم منها (أي من هذه القصة) الاستماع الى الطرف الآخر قبل إصدار الأحكام عليه.
فها هو الملك سليمان ينتظر ليسمع من طائر صغير قبل أن يصدر حكماً نهائياً عليه، فيقول {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} ( سورة النمل(20-21)). أي أن سيدنا سليمان انتظر ليسمع رأي الهدهد أولاً، فقال " أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ".
ولقد كان نبي الله، سليمان، قادراً على أن يعاقب "الهدهد" دون أن يستمع للرأي الآخر كما يفعل البعض في عصرنا هذا فيتسرعون بالحكم على غيرهم دون أن يستمعوا لهم ولرأيهم، ولكن نبي الله سليمان لم يسترسل في الغضب وأوقف انفعاله حتى يستمع إلى ما سيقوله الهدهد.
فالأمر في القصة ليس فقط قضية "هدهد"، بل أيضاً قضية إعطاء الآخرين، حتى لو ظننا أنهم مخطئون، الفرصة الكاملة لشرح موقفهم.
وياليت الكثيرين منا يتعاملون مع غيرهم فيعطونهم فرصة كاملة لعرض رأيهم، كما فعل سليمان مع طائر ضعيف! فنحن نُصدِر الأحكام على غيرنا أحياناً وقد نتخذ إجراءات لمعاقبتهم دون حتى أن نعطيهم أي فرصة لإبداء رأيهم.
وأيضاً حين نقرأ قصة فرعون نتعلم منها أن أبشع جريمة تغضب الله عز وجل هي استضعاف الأقليات الدينية والعرقية، فكما رأينا في القصة أن السبب الرئيسي في غضب الله عز وجل على فرعون أنه استضعف بني إسرائيل كما ذكر القرآن {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ} (سورة القصص (4)).
ونتعلم من القصة السابقة عبرة هامة وهي أننا سنكون مغضوبا علينا مثل "فرعون" إذا استضعفنا غيرنا من الناس، لأنهم مختلفون عنا. فمن يقرأ القرآن ويدرك مدى غضب الله على فرعون بسبب استضعافه لبني إسرائيل يدرك كيف أن استضعاف الآخرين وحرمانهم من حقوقهم هو من أكبر الجرائم عند الخالق.
وأيضاً حين نقرأ قصة خليل الرحمن إبراهيم نرى أن قومه كادوا أن يعترفوا بأنهم هم المخطئون حينما كلمهم إبراهيم بالمنطق والعقل فحين قال لهم {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ} (سورة الأنبياء (63))، كان ردهم على ذلك هو { فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ} (سورة الأنبياء (64-65)).
وعلى العكس من ذلك تماماً فلما هاجمهم إبراهيم بقوله {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (سورة الأنبياء (67))، كان رد فعلهم على ذلك بأن قالوا {حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ} (سورة الأنبياء (68)).
ومن ذلك نتعلم أن أفضل طريقة للحوار مع الآخرين هي استخدام الحجة والمنطق، وليس التهجم عليهم بالكلمات.
وقد تعلم إبراهيم نفسه الدرس من قصته فحين خاطب النمرود بعد عشرات السنين من القصة المذكورة خاطبه بالمنطق والحجة كما جاء فى الآية الكريمة {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (سورة البقرة (258)).
فباختصار شديد فإن قراءة القرآن لا ينبغي أن تكون فقط لأن الحرف يعطي عشر حسنات، كما يقولون، بل ينبغي أن تكون بهدف فهم المبادئ العليا للقرآن وأخذ العبرة من قصصه!