تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لعل الله أن يتجاوز عنا


نبضها مطيري
09-03-2023, 10:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم





عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( إن رجلا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه ، فقيل له : هل عملت من خير ؟ ، قال : ما أعلم ، قيل له : انظر ، فقال : ما أعلم شيئا ، غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم ، فأنظر الموسر ، وأتجاوز عن المعسر ، فأدخله الله الجنة ) رواه البخاري .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( كان تاجر يداين الناس ، فإذا رأى معسرا قال لفتيانه : تجاوزوا عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه ) رواه البخاري .


معاني المفردات

فأنظر الموسر : أي أؤجل مطالبته بالدين
يداين الناس : يقرض الناس
يتجاوز عن المعسر : أي يسقط عنه بعض الدين أو كله .


تفاصيل القصّة

قلوبٌ نديّةٌ ، وأنفسٌ سخيّةٌ ، سخّرها الله تعالى لتكون عوناً للفقراء ، وتزول على يدها ملامح البؤس والشقاء ، فكان أصحابها كالنهر المتدفّق عطاءً ، يواسون الضعيف ، ويهرعون لنجدته ، ويتجاوزون عن المعسر ، ويعينونه على دفع كربته ، أولئك هم خيرة الخلق للخلق ، وأحبّ الناس إلى الخالق :

وأسعد الناس بين الورى رجل **** تقضى على يده للناس حاجات

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم **** وعاش قوم وهم بين الناس أموات

ولم تخلُ البشريّة يوماً من أصحاب الأيادي البيضاء ، ممّن نذروا أنفسهم لقضاء حوائج الخلق وتفريج كرباتهم ، فسيرتهم في الناس محمودة ، وصفاتهم بالخير مسطورة ، هذا حالهم في الأرض ، فكيف بحالهم في السماء ؟ ،

قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربة ، أو يقضي عنه دينا ) رواه الطبراني ، وفي حديث آخر : ( إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد ) رواه الطبراني .

ومن جملة هؤلاء الأخيار ، رجلٌ أراد الله أن يخلّد ذكره في العالمين ، فتمّ له ذلك من خلال ذكر رسول الله – صلى الله عليه وسلّم – لقصّته ، ليكون مثالاً يقتدي به الناس ويتأسون بفعله ذلك .

لم يكن لذلك الرجل كثير عبادة وصلاح ، ولكنّ الله منّ عليه بالمال الوفير والعطاء الكثير ، فأوسع عليه رزقه حتى غدا من كبار التجّار الذين يُشار إليهم بالبنان ، وكلما زاد رزقه ، زاد لله شكره ، بلسانه حمداً وثناءً ، وبماله منحاً وعطاءً ، ومن كثُرت نعمته انصرفت وجوه الناس إليه ، فكانوا يقصدون بابه يقترضون منه المال ، فإذا جاءه أحدهم نظر في حاله ، إن كان موسراً لم يُعجّل في طلب ماله منه ، وإن كان معسراً تجاوز عنه فأسقط عنه بعض الدين أو كلّه ، واستمرّ على ذلك القانون الفريد الذي وضعه لنفسه طيلة حياته .

وعندما حانت لحظة الوفاة ، وتلقّفته ملائكة الموت ، سألته عن أرجى عملٍ يراه في حياته ، فلم يستحضر شيئاً يرى أنه مُستحقّاً للذكر ، فكرّر الملائكة عليه السؤال ، فتذكّر صنيعه بالمقترضين ، فأخبرهم بالطريقة التي عاملهم بها ، وهو يرى في قرارة نفسه أن العمل أقلّ من أن يُذكر ، لكنّ الله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين وأرحمهم ، فقد كافأه على صنيعه فتجاوز عنه وأدخله الجنة ، فيا له من أجر ، ويا له من تكريم .


وقفات مع القصّة

تتراءى للناظر في هذه القصّة العديد من الدروس والوقفات التي يمكن أن نستلهمها للعظة والعبرة ، ونبدأ بتناول صفةٍ إلهيّةٍ عظيمة أرشد إليها الحديث ، وهي الرحمة الإلهيّة التي وسعت كلّ شيء ، وما من أحدٍ إلا ويتقلّب في رحمة الله في ليله ونهاره ، وقد تجلّت رحمته سبحانه في آلائه ونعمه ، ورزقه وتدبيره ، وهدايته لمن شاء من خلقه ، وقبوله لتوبة التائبين ، وستره وإمهاله للعصاة والمذنبين ، فسبقت رحمته غضبه ، وجماع ذلك قوله تعالى :

{ ورحمتي وسعت كل شيء } ( الأعراف : 156 ).

ومن دلالات القصّة ، الإشارة إلى السنّة الكونيّة التي لا تتغيّر ولا تتبدّل ، وهي أن الجزاء من جنس العمل ، فرأينا أن الله سبحانه وتعالى قد تجاوز عن ذلك التاجر لتجاوزه عن الناس ، وهكذا يجد كل عامل جزاء عمله ، فإن عمل خيراً وجد مثله ، وإن عمل شرّاً وجد عاقبة فعله ، ومن زرع الشوك لن يجتني العنب .

ووقفة ثالثة مع الرسالة التي تضمّنتها هذه القصّة العظيمة من الدعوة إلى التيسير على الناس وإقرار مبدأ التراحم ، فمشاقّ الحياة كثيرة ينوء عن حملها الكثير من الناس ، لا سيّما الضعفاء والمعسرين ، واليتامى والمساكين ، ومن هنا جاءت تعاليم الإسلام لتحثّ الناس على السماحة في معاملاتهم ،

كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( رحم الله عبدا سمحاً إذا باع ، سمحاً إذا اشترى ، سمحاً إذا قضى ، سمحا إذا اقتضى ) رواه البخاري ، وكذلك بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – أجر أهل السماحة فقال : ( من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ) رواه مسلم ، وقال أيضاً : ( من نفس عن غريمه أو محا عنه ، كان في ظل العرش يوم القيامة ) رواه أحمد .

وللأسف الشديد فإن المشاهد من أحوال بعض الناس خلاف ما دعت إليه القصّة ، فهم لا يلتفتون إلى هذه المعاني السامية ، حتى كأنهم وحوش في ثيابٍ آدمية ، فيسحقون الضعفاء ويدخلونهم في دوّامة لا تنتهي من الديون الرّبوية التي يأخذونها من غير حق ، ويدفعهم الجشع والطمع إلى زيادة الدين مقابل التأجيل ، فأين ما يفعلونه من تعاليم الوحي :

{ وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون } ( البقرة : 280 ).

وآخيراً نقول : أيها المسلم ، لا تحقرنّ من المعروف شيئاً مهما كان صغيراً ، فلعله يكون عند الله كبيراً ، يغفر الله لك به ، ويكون الطوق الذي تنجو به من عذاب السعير .

البرنس مديح آل قطب
09-03-2023, 12:14 PM
https://g.top4top.io/p_2684v1ps61.png
https://h.top4top.io/p_2075gu9pn1.gif






https://www.raed.net/img?id=341604 (https://www.raed.net/)




•.





جَلبٌ رَائع
وعِلمٌ نَافِع
ومَعلومَاتٍ احضَرتَها مِن عُمقِ المَنابِع
فـ شُكرًا لـ هَذِهِـ الجُهُود
والعَطَاءِ اللَّامَحدُود






https://www.raed.net/img?id=349120

http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/160166321811931.gif

https://j.top4top.io/p_2720snbft1.gifhttps://j.top4top.io/p_2720snbft1.gif

نور القمر
09-03-2023, 05:17 PM
طرحَ عَذب ..!!
أختيآر أنيق وحضور صآخب
سلة من الوردَ وآنحناءة شكر لسموك

أمير الذوق
09-03-2023, 05:48 PM
جزاك الله كل خير
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر

мя Зάмояч
09-03-2023, 06:16 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

حاء
09-03-2023, 08:39 PM
-


جزاك الله خيرًا
جعله الله في ميزان حسناتك
و شكرًا على طرحك المُفيد :x37:
و لا حرمنا الله من جديدك الرائع
و الله يعطيك الف عافيه
لك :f15:

حسان
09-03-2023, 09:14 PM
بارك الله فيك
وفي طرحك القيم
جزاك الله خيرا

نبضها مطيري
09-04-2023, 02:28 AM
منورين

روحي تبيك
09-04-2023, 05:58 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

زمردة ❥
09-04-2023, 07:23 AM
موضوع رائع
يعطيكـ العافيهـ \ الف شكر ع طرحك
".بشوق لجديدكـ

سهاد
09-04-2023, 07:30 AM
بارك الله فيك
جزيت الجنة
:242:

منَار
09-04-2023, 08:35 AM

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

_ سَلِمت الأنَامِل المِعطَاءة علَى هذهِ الجهُود
دَام الإبدَاع والحضُور المُختلِف
لِقَلبك السَّعادَة :20:.

sham
09-04-2023, 04:05 PM
جزاك الله كل خير
مودتي :642::130:

نور القمر
09-04-2023, 04:15 PM
سلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
لك الود وباقة ورد ,,~ https://a-al7b.com/vb/images/smilies/ff1%20(12).pnghttps://a-al7b.com/vb/images/smilies/241.gif

حلوة الروح
09-06-2023, 09:48 PM
جزاك الله خير وبوركت ماجليته كفيك
متصفح طيب وقيم
فلك نفحات من عبق الورود



http://files.fatakat.com/2010/7/1280436668.gif

اميرة الصمت
09-07-2023, 09:17 PM
جزاك الله خيرًا
جعله الله في ميزان حسناتك
يعطيك العافيه لطرحك القيم
و لا حرمنا الله من جديدك
ولك احترامي وتقديري:570:

Şøķåŕą
09-09-2023, 12:08 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

☆Šømă☆
09-10-2023, 09:26 AM
جزاكم الله خير
وشكرا اكم

بسمة فجر
09-12-2023, 12:25 AM
بارك الله فيك ع موضوعك القيم والمميز
وبانتظار جديدك القادم
ارق التحايا لك

إيلين
09-14-2023, 10:09 PM
،


موْضُوعٌ جَميلٌ ومُميًز
يعًطيكٍ الْعَآفِيهٌ ولآً نْنحِرمٌ مِن جَديٍدكٌ
سَلمٍتْ :eq-34:

كارا
09-15-2023, 07:58 PM
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
ودي ووردي

بنت العز
09-27-2023, 12:34 PM
شكرًا على الطرح الجميل

رزان
09-30-2023, 10:37 AM
سلمت الأيادي
شكرا لك

Şøķåŕą
05-03-2024, 11:56 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

كارا
06-12-2024, 02:03 PM
فيضَ مَنَ الجَمــالْ الَذي سكبتهْ
تِلَكَ الَـأنــاملْ الَاَلمَــاَسيَةَ ..!
طًرّحٌ مٌخملَي ..,
كُلْ شَئَ مختلفْ هُنــا
يعطَيكـًم العآفية ..ولـآحرَمنآ منَكـًم
بإنتظَآرَجَديِدكًـم بشغفَ

Şøķåŕą
06-17-2024, 11:27 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير