Şøķåŕą
08-30-2023, 01:35 PM
مجاز القرآن
تمهيد:
مجاز القرآن: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصح[1]، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴾[2]، وهذا مجاز، لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه[3]، وذهب جمهور العلماء إلى وجود المجاز في القرآن، لأن القرآن نزل بلغة العرب الذين يستعملون المجاز في لغتهم[4].
ويُحمل الكلام على المعنى المجازي عند امتناع حمل اللفظ على الحقيقة[5] [6] [7] [8] [9] [10]، فمتى أمكن حمل اللفظ على الحقيقة امتنع حمله على المجاز، ووجب حمله على الحقيقة[11]، ومتى امتنع حمله على الحقيقة حمل على المجاز مع وجود القرينة الدالة على هذا الامتناع، والمجاز لا يدخل آيات الصفات، إذ من الممكن حملها على حقيقتها إذ لا يلزم منه محال، فوجب لأجل ذلك حمل هذه الصفات على الحقيقة، وامتنع حملها على المجاز، وهذا مذهب السلف[12] [13] [14] [15] [16] [17]، إذا علم أن المجاز غير واقع في آيات الصفات، فإن ما عدا آيات الصفات يدخله المجاز بشرطه، وهو أن يتعذر حمل الكلام على الحقيقة، وهذا مذهب طائفة من أهل السنة[18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26]، وآيات القرآن على قسمين، قسم لا يجوز دخول المجاز فيه، وهو آيات الصفات، وقسم يجوز دخول المجاز فيه، وهو ما عدا آيات الصفات[27] [28] [29] [30].
التعريف الإفرادي:
المجاز لغة: مأخوذ من جاز، يجوز، جوزًا، وجوازًا، يقال: جاز المكان، إذا سار فيه، وأجازه: قطَعه، ويقال: أجاز الشيء، أي: أنفَذه، وجاوزت الشيء وتجاوزته: تعدَّيته، وتجاوزت عن المسيء: عفوتُ عنه وصفحت، قال ابن فارس: جوز الـ) ج و ز) أصلانِ: أحدهما: قطعُ الشيء، والآخر: وسط الشيء، فأما الوسط، فجَوْز كل شيء وسَطه، والأصل الآخر: جُزت الموضع، سِرْت فيه، وأجزته: خلَّفته وقطعتُه، وأجزته أنفذته[31] [32] [33] [34].
المجاز اصطلاحا: هو اسم لِما أريد به غيرُ ما وُضِع له لمناسبةٍ بينهما[35]، وأن تكون هناك علاقةٌ بين اللفظ الموضوع له والمستعمل فيه، فيخرج من المجاز ما لا مناسبةَ بينهما[36].
القرآن لغةً: مصدر قرأ يقرأ قراءةً أو قرآناً[37]، واتفق العلماء أن لفظ القرآن اسم وليس فعل ولا حرف، وشأنه شأن الأسماء في العربية، إما أن يكون جامداً أو مشتقاً[38].
القرآن اصطلاحاً: هو "كلام الله المعجز[39]، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته"[40].
التعريف المركب:
مجاز القرآن: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصح[41]، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴾[42]، وهذا مجاز، لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه[43].
المجاز في القرآن:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الله سبحانه وتعالى خاطب عباده في القرآن بالمجاز، بينما نفى بعض أهل الظاهر ذلك، لقولهم إن المجاز يعني عجز المتكلم عن إيجاد اللفظة المناسبة التي يريدها، وحاشاه الله عزَّ وجلَّ عن هذا، ولقولهم إن المجاز لا يُغني عن المعنى الحقيقي، ولو جاء به القرآن لكان هناك التباس، ولأن القرآن حق فيجب أن يكون كله حقيقة، أما جمهور العلماء فذهبوا إلى وجود المجاز في القرآن، لأن القرآن نزل بلغة العرب الذين يستعملون المجاز في لغتهم، وفيما يأتي ذكر بعض الآيات التي ورد فيها المجاز[44]:
1) قوله تعالى: ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[45].
2) قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾[46].
3) قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ﴾[47].
4) قوله تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين ﴾[48].
5) قوله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾[49].
6) قوله تعالى: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾[50].
7) قوله تعالى: ﴿ وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي ﴾[51] [52].
شرط حمل الكلام على المجاز:
القاعدة في حمل الكلام على المعنى المجازي: أن المجاز لا يصار إليه إلا عند امتناع حمل اللفظ على الحقيقة[53] [54] [55] [56] [57] [58]، فمتى أمكن حمل اللفظ على الحقيقة امتنع حمله على المجاز، ووجب حمله على الحقيقة[59]، ومتى امتنع حمله على الحقيقة حمل على المجاز مع وجود القرينة الدالة على هذا الامتناع.
قال ابن النجار: "كالأسد مثلاً، فإنه للحيوان المفترس حقيقة، وللرجل الشجاع مجازاً، فإذا أطلق ولا قرينة كان للحيوان المفترس، لأن الأصل الحقيقية، والمجاز خلاف الأصل"[60].
المجاز منتف عن آيات الصفات:
إذا علم ما مضى فإن المجاز لا يدخل آيات الصفات، إذ من الممكن حملها على حقيقتها إذ لا يلزم منه محال فوجب لأجل ذلك حمل هذه الصفات على الحقيقة وامتنع حملها على المجاز، وهذا مذهب السلف[61] [62] [63] [64] [65] [66].
المجاز واقع في القرآن فيما عدا آيات الصفات:
إذا علم أن المجاز غير واقع في آيات الصفات، فإن ما عدا آيات الصفات يدخله المجاز بشرطه، وهو أن يتعذر حمل الكلام على الحقيقة، وهذا مذهب طائفة من أهل السنة[67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75].
قال الإمام الشافعي "باب الصنف الذي يبين سياقه معناه، قال تعالى: ﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون ﴾[76] [77]، فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال: ﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ﴾[78]، دل على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون"[79].
وقال الخطيب البغدادي مستدلاً لوقوع المجاز في القرآن: لأن المجاز لغة العرب وعادتها، فإنها تسمى باسم الشيء إذا كان مجاوراً له، أو كان منه بسبب، وتحذف جزءاً من الكلام طلباً للاختصار إذا كان فيما أبقي دليل على ما ألقي، وتحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه، وتعربه بإعرابه، وغير ذلك من أنواع المجاز، وإنما نزل القرآن بألفاظها ومذاهبها ولغاتها، قال تعالى: ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[80]، ونحن نعلم ضرورة أن الجدار لا إرادة له"[81].
إثبات المجاز لا يلزم منه تأويل الصفات أو نفيها:
آيات القرآن على قسمين:
• قسم لا يجوز دخول المجاز فيه، وهو آيات الصفات.
• قسم يجوز دخول المجاز فيه، وهو ما عدا آيات الصفات، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾[82]، فهذا كله مجاز، لأنه استعمال للفظ في غير موضوعه[83]، لوجود قرينة منعت من استعماله في حقيقته[84] [85] [86].
وإذا علم ذلك فلا تلازم بين القسمين، إذ يمكن إثبات صفات الله تعالى على حقيقتها ووجهها اللائق به سبحانه ونفي المجاز عنها، وفي الوقت نفسه يمكن إثبات المجاز فيما عدا آيات الصفات، كقوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾[87]، إذ لا يلزم من إثبات المجاز في أحد القسمين إثباته في القسم الآخر، لأن إثبات المجاز يحتاج إلى قرينة، وهذه القرينة عند أهل السنة منتفية عن آيات الصفات[88] [89]، أما من عدا أهل السنة فإنهم يثبتون المجاز في آيات الصفات لوجود القرينة المانعة من حمل اللفظ على حقيقته[90]، وبذلك يعلم أن المثبتين للمجاز في القرآن فريقان:
• فريق لم يحمله إثباته للمجاز في القرآن على نفي الصفات أو تأويلها، بل أثبت صفات الله الواردة في القرآن على حقيقتها اللائقة به سبحانه، ومنع من دخول المجاز فيها، وهذا مذهب المثبتين للمجاز من أهل السنة.
• الفريق الآخر حمله ما تقرر لديه من شبهات عقلية وغيرها على تأويل صفات الله سبحانه الواردة في القرآن، أو نفي حقيقتها فأثبت المجاز فيها، وهذا مذهب المثبتين للمجاز من المتكلمين ومن وافقهم، ومن هنا كان القول بالمجاز عند هؤلاء فقط ذريعة إلى تأويل الصفات أو نفيها.
وبذلك تتبين خطورة إثبات المجاز في القرآن مطلقا دون تفصيل[91]، ويعلم أيضا أن الخلاف لفظي بين أهل السنة في إثبات المجاز في القرآن ونفيه.
الخلاف بين أهل السنة في إثبات المجاز ونفيه خلاف لفظي:
وبيان ذلك فيما يلي[92]:
أن تأويل صفات الله تعالى ونفيها باب واسع، يمكن الدخول إليه عن طريق المجاز كما فعل ذلك أهل التعطيل والتأويل، ويمكن ذلك عن طريق التأويل، وعن طريق القول بأن نصوص الكتاب والسنة أدلة لفظية، لا تفيد اليقين فلا تثبت بها العقائد، وغير ذلك[93].
ولما كان المجاز من أعظم الطرق وأكثرها استعمالاً، ومن أوسع الأبواب التي ولج منها المؤولون للصفات والنافون لها، قام بسد هذا الباب، وقطع هذا الطريق، وقال بمنع وقوع المجاز مطلقاً في القرآن وفي اللغة بعض علماء أهل السنة، لذلك عد ابن القيم المجاز طاغوتاً فقال "فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز"[94].
قال ابن رجب:
• "ومن أنكر المجاز من العلماء، فقد ينكر إطلاق اسم المجاز لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنة ومدلولاتهما.
• وغالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة، ونحوهم من أهل البدع، وتطرفوا بذلك إلى تحريف الكلم من مواضعه، فيمتنع من التسمية بالمجاز، ويجعل جميع الألفاظ حقائق[95] [96].
• اللفظ إن دل بنفسه فهو حقيقة لذلك المعنى، وإن دل بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الآخر، فهو حقيقة في الحالين[97].
وقد صرح ابن قدامة بكون هذا الخلاف لفظياً، فقال بعد أن ذكر أمثلة على وقوع المجاز واستعماله في القرآن، وذلك كله مجاز، لأنه استعمال للفظ في غير موضوعه، ومن منع فقد كابر، ومن سلم وقال لا أسميه مجازا[98] فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه"[99] [100] [101].
تمهيد:
مجاز القرآن: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصح[1]، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴾[2]، وهذا مجاز، لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه[3]، وذهب جمهور العلماء إلى وجود المجاز في القرآن، لأن القرآن نزل بلغة العرب الذين يستعملون المجاز في لغتهم[4].
ويُحمل الكلام على المعنى المجازي عند امتناع حمل اللفظ على الحقيقة[5] [6] [7] [8] [9] [10]، فمتى أمكن حمل اللفظ على الحقيقة امتنع حمله على المجاز، ووجب حمله على الحقيقة[11]، ومتى امتنع حمله على الحقيقة حمل على المجاز مع وجود القرينة الدالة على هذا الامتناع، والمجاز لا يدخل آيات الصفات، إذ من الممكن حملها على حقيقتها إذ لا يلزم منه محال، فوجب لأجل ذلك حمل هذه الصفات على الحقيقة، وامتنع حملها على المجاز، وهذا مذهب السلف[12] [13] [14] [15] [16] [17]، إذا علم أن المجاز غير واقع في آيات الصفات، فإن ما عدا آيات الصفات يدخله المجاز بشرطه، وهو أن يتعذر حمل الكلام على الحقيقة، وهذا مذهب طائفة من أهل السنة[18] [19] [20] [21] [22] [23] [24] [25] [26]، وآيات القرآن على قسمين، قسم لا يجوز دخول المجاز فيه، وهو آيات الصفات، وقسم يجوز دخول المجاز فيه، وهو ما عدا آيات الصفات[27] [28] [29] [30].
التعريف الإفرادي:
المجاز لغة: مأخوذ من جاز، يجوز، جوزًا، وجوازًا، يقال: جاز المكان، إذا سار فيه، وأجازه: قطَعه، ويقال: أجاز الشيء، أي: أنفَذه، وجاوزت الشيء وتجاوزته: تعدَّيته، وتجاوزت عن المسيء: عفوتُ عنه وصفحت، قال ابن فارس: جوز الـ) ج و ز) أصلانِ: أحدهما: قطعُ الشيء، والآخر: وسط الشيء، فأما الوسط، فجَوْز كل شيء وسَطه، والأصل الآخر: جُزت الموضع، سِرْت فيه، وأجزته: خلَّفته وقطعتُه، وأجزته أنفذته[31] [32] [33] [34].
المجاز اصطلاحا: هو اسم لِما أريد به غيرُ ما وُضِع له لمناسبةٍ بينهما[35]، وأن تكون هناك علاقةٌ بين اللفظ الموضوع له والمستعمل فيه، فيخرج من المجاز ما لا مناسبةَ بينهما[36].
القرآن لغةً: مصدر قرأ يقرأ قراءةً أو قرآناً[37]، واتفق العلماء أن لفظ القرآن اسم وليس فعل ولا حرف، وشأنه شأن الأسماء في العربية، إما أن يكون جامداً أو مشتقاً[38].
القرآن اصطلاحاً: هو "كلام الله المعجز[39]، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته"[40].
التعريف المركب:
مجاز القرآن: هو اللفظ المستعمل في غير موضوعه الأصلي على وجه يصح[41]، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ ﴾[42]، وهذا مجاز، لأنه استعمال اللفظ في غير موضوعه[43].
المجاز في القرآن:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الله سبحانه وتعالى خاطب عباده في القرآن بالمجاز، بينما نفى بعض أهل الظاهر ذلك، لقولهم إن المجاز يعني عجز المتكلم عن إيجاد اللفظة المناسبة التي يريدها، وحاشاه الله عزَّ وجلَّ عن هذا، ولقولهم إن المجاز لا يُغني عن المعنى الحقيقي، ولو جاء به القرآن لكان هناك التباس، ولأن القرآن حق فيجب أن يكون كله حقيقة، أما جمهور العلماء فذهبوا إلى وجود المجاز في القرآن، لأن القرآن نزل بلغة العرب الذين يستعملون المجاز في لغتهم، وفيما يأتي ذكر بعض الآيات التي ورد فيها المجاز[44]:
1) قوله تعالى: ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[45].
2) قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾[46].
3) قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ﴾[47].
4) قوله تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِين ﴾[48].
5) قوله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾[49].
6) قوله تعالى: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾[50].
7) قوله تعالى: ﴿ وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي ﴾[51] [52].
شرط حمل الكلام على المجاز:
القاعدة في حمل الكلام على المعنى المجازي: أن المجاز لا يصار إليه إلا عند امتناع حمل اللفظ على الحقيقة[53] [54] [55] [56] [57] [58]، فمتى أمكن حمل اللفظ على الحقيقة امتنع حمله على المجاز، ووجب حمله على الحقيقة[59]، ومتى امتنع حمله على الحقيقة حمل على المجاز مع وجود القرينة الدالة على هذا الامتناع.
قال ابن النجار: "كالأسد مثلاً، فإنه للحيوان المفترس حقيقة، وللرجل الشجاع مجازاً، فإذا أطلق ولا قرينة كان للحيوان المفترس، لأن الأصل الحقيقية، والمجاز خلاف الأصل"[60].
المجاز منتف عن آيات الصفات:
إذا علم ما مضى فإن المجاز لا يدخل آيات الصفات، إذ من الممكن حملها على حقيقتها إذ لا يلزم منه محال فوجب لأجل ذلك حمل هذه الصفات على الحقيقة وامتنع حملها على المجاز، وهذا مذهب السلف[61] [62] [63] [64] [65] [66].
المجاز واقع في القرآن فيما عدا آيات الصفات:
إذا علم أن المجاز غير واقع في آيات الصفات، فإن ما عدا آيات الصفات يدخله المجاز بشرطه، وهو أن يتعذر حمل الكلام على الحقيقة، وهذا مذهب طائفة من أهل السنة[67] [68] [69] [70] [71] [72] [73] [74] [75].
قال الإمام الشافعي "باب الصنف الذي يبين سياقه معناه، قال تعالى: ﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون ﴾[76] [77]، فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر، فلما قال: ﴿ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ﴾[78]، دل على أنه إنما أراد أهل القرية، لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون"[79].
وقال الخطيب البغدادي مستدلاً لوقوع المجاز في القرآن: لأن المجاز لغة العرب وعادتها، فإنها تسمى باسم الشيء إذا كان مجاوراً له، أو كان منه بسبب، وتحذف جزءاً من الكلام طلباً للاختصار إذا كان فيما أبقي دليل على ما ألقي، وتحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه، وتعربه بإعرابه، وغير ذلك من أنواع المجاز، وإنما نزل القرآن بألفاظها ومذاهبها ولغاتها، قال تعالى: ﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ﴾[80]، ونحن نعلم ضرورة أن الجدار لا إرادة له"[81].
إثبات المجاز لا يلزم منه تأويل الصفات أو نفيها:
آيات القرآن على قسمين:
• قسم لا يجوز دخول المجاز فيه، وهو آيات الصفات.
• قسم يجوز دخول المجاز فيه، وهو ما عدا آيات الصفات، مثل قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾[82]، فهذا كله مجاز، لأنه استعمال للفظ في غير موضوعه[83]، لوجود قرينة منعت من استعماله في حقيقته[84] [85] [86].
وإذا علم ذلك فلا تلازم بين القسمين، إذ يمكن إثبات صفات الله تعالى على حقيقتها ووجهها اللائق به سبحانه ونفي المجاز عنها، وفي الوقت نفسه يمكن إثبات المجاز فيما عدا آيات الصفات، كقوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾[87]، إذ لا يلزم من إثبات المجاز في أحد القسمين إثباته في القسم الآخر، لأن إثبات المجاز يحتاج إلى قرينة، وهذه القرينة عند أهل السنة منتفية عن آيات الصفات[88] [89]، أما من عدا أهل السنة فإنهم يثبتون المجاز في آيات الصفات لوجود القرينة المانعة من حمل اللفظ على حقيقته[90]، وبذلك يعلم أن المثبتين للمجاز في القرآن فريقان:
• فريق لم يحمله إثباته للمجاز في القرآن على نفي الصفات أو تأويلها، بل أثبت صفات الله الواردة في القرآن على حقيقتها اللائقة به سبحانه، ومنع من دخول المجاز فيها، وهذا مذهب المثبتين للمجاز من أهل السنة.
• الفريق الآخر حمله ما تقرر لديه من شبهات عقلية وغيرها على تأويل صفات الله سبحانه الواردة في القرآن، أو نفي حقيقتها فأثبت المجاز فيها، وهذا مذهب المثبتين للمجاز من المتكلمين ومن وافقهم، ومن هنا كان القول بالمجاز عند هؤلاء فقط ذريعة إلى تأويل الصفات أو نفيها.
وبذلك تتبين خطورة إثبات المجاز في القرآن مطلقا دون تفصيل[91]، ويعلم أيضا أن الخلاف لفظي بين أهل السنة في إثبات المجاز في القرآن ونفيه.
الخلاف بين أهل السنة في إثبات المجاز ونفيه خلاف لفظي:
وبيان ذلك فيما يلي[92]:
أن تأويل صفات الله تعالى ونفيها باب واسع، يمكن الدخول إليه عن طريق المجاز كما فعل ذلك أهل التعطيل والتأويل، ويمكن ذلك عن طريق التأويل، وعن طريق القول بأن نصوص الكتاب والسنة أدلة لفظية، لا تفيد اليقين فلا تثبت بها العقائد، وغير ذلك[93].
ولما كان المجاز من أعظم الطرق وأكثرها استعمالاً، ومن أوسع الأبواب التي ولج منها المؤولون للصفات والنافون لها، قام بسد هذا الباب، وقطع هذا الطريق، وقال بمنع وقوع المجاز مطلقاً في القرآن وفي اللغة بعض علماء أهل السنة، لذلك عد ابن القيم المجاز طاغوتاً فقال "فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز"[94].
قال ابن رجب:
• "ومن أنكر المجاز من العلماء، فقد ينكر إطلاق اسم المجاز لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب والسنة ومدلولاتهما.
• وغالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة، ونحوهم من أهل البدع، وتطرفوا بذلك إلى تحريف الكلم من مواضعه، فيمتنع من التسمية بالمجاز، ويجعل جميع الألفاظ حقائق[95] [96].
• اللفظ إن دل بنفسه فهو حقيقة لذلك المعنى، وإن دل بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الآخر، فهو حقيقة في الحالين[97].
وقد صرح ابن قدامة بكون هذا الخلاف لفظياً، فقال بعد أن ذكر أمثلة على وقوع المجاز واستعماله في القرآن، وذلك كله مجاز، لأنه استعمال للفظ في غير موضوعه، ومن منع فقد كابر، ومن سلم وقال لا أسميه مجازا[98] فهو نزاع في عبارة لا فائدة في المشاحة فيه"[99] [100] [101].