Şøķåŕą
08-18-2023, 06:37 PM
من مفردات غريب القرآن (7)
(تَجْأَرُونَ)
تجأرون؛ أي: تضِجون بالاستغاثة والتَّضرُّع.
جَأَرَ يَجْأَرُ جَأْرًا وجُؤَارًا؛ أي: رفع صوته مع تضرُّع واستغاثة، وجَأَر الرجلُ إِلى الله عز وجل إِذا تضرَّع بالدعاءِ، وجَأَرَ النبتُ؛ أي: طال وارتفع، وجَأَرَت الأَرض بالنبات كذلك[1].
وأصله: من جؤار الثور، يقال منه: جأر الثور يجأر جؤارًا؛ وذلك إذا رفع صوتًا شديدًا من جوع أو غيره[2].
قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].
يبين لنا المولى سبحانه وتعالى أن كل نعمة في هذا الكون، هو سبحانه مصدرها وموجدها، فقال: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ... ﴾؛ أى: وكل نعمة عندكم؛ كعافية في أبدانكم، ونماء في مالكم، وكثرة في أولادكم، وصلاح في بالكم؛ فهي من الله تبارك وتعالى وحده.
والمراد بالنعمة هنا: النعم الكثيرة التي أنعم بها سبحانه على الناس؛ لأنه لم يقم دليل على أن المراد بها نعمة معينة، وعلماء البيان يعدون استعمال المفرد في معنى الجمع اعتمادًا على القرينة، وهذا من أبلغ الأساليب الكلامية، و﴿ مَا ﴾ موصولة مبتدأ، متضمنة معنى الشرط، وقوله: ﴿ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ خبرها، و﴿ مِنْ نِعْمَةٍ ﴾ بيان لما اشتملت عليه ﴿ مَا ﴾ من إبهام[3].
﴿...ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾.
فعندما يمسكم الضر؛ أي: السقم والبلاء والقحط؛ فإليه تجأرون؛ أي: تضجون بالدعاء، تلجأون إلى الله متضرعين.
قال قتادة في قوله تعالى: ﴿ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾؛ قال: إِذا هم يَجْزعُون، وجأَرَ القومُ جُؤَارًا؛ وهو أَن يرفعوا أَصواتهم بالدعاء متضرِّعين[4].
ولنا هنا وقفة تحليلية:
إن رتابة النعمة والتعوُّد عليها قد تُذهِلك عن المنعم، فلا تتذكره إلا حين الحاجة إليه؛ لذا ينبهنا الحق تبارك وتعالى إذا أعطيت لكم نعمة فإياكم أن تغتروا بها، إياكم أن تُذهلكم النعمة عن المنعم؛ لأنكم سوف تحكمون على أنفسكم أنه لا منعم غيري؛ بدليل أنني إذا سلبت النعمة منكم فلن تجدوا غيري تلجأون إليه.
ولذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم ينبهنا لتلكم الأحداث التي تصيبنا، وغيرها من الأحداث العصيبة التي قد يمر بها أي إنسان، فإياكم أن تستقبلوها (بالجزع والفزع)؛ ولكن استقبلوها (بالإيمان والرضا)، واعلموا أن ربكم يغار عليكم، وهو بهذه الأحداث يلفتكم إليه قهرًا عنكم؛ لكي تعودوا إليه، وتلجأوا إليه.
ومِن الناس مَن سيفهم حكمة الله تعالى في ابتلائه، فيهون عليه الأمر، ومنهم من سيجزع ويتسخَّط؛ فيزداد الأمر سوءًا عليه؛ ولهذا كان الاختبار بالإيمان بالقدر خيره وشره من أشد اﻷمور على النفس، وأكثرها صعوبة في قبولها والرضا بها؛ لأنه من أركان الإيمان، والمؤمن الصادق في كل أموره مأجور، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: ((عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ، وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ؛ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ؛ فكانتْ خَيرًا لهُ، وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ؛ فكانتْ خَيرًا له))[5].
نعم هنا أظهر النبي صلى الله عليه وسلم العجب على وجه الاستحسان لشأن المؤمن وأحواله؛ وذلك لأن أحوال المؤمن كلها فيها خير، وليس ذلك لأحد (إلَّا المؤمن).
فكل إنسان في قضاء الله وقدره بين أمرين:
(مؤمن وغير مؤمن)؛ فالمؤمن إن أصابته سراء من نعمة شكر الله، فهو يعرف حق الله في تلك النعمة، وما قدر له منها، فيقوم بالطاعة والعبادة، والقرب من الله عز وجل؛ امتنانًا وشكرًا له سبحانه، فيحصل له الأجر في الآخرة، ويضاف لهذا الشكر فرحه الذي يشمله بتلك النعمة، وكذلك إذا أصابته الضراء من فقر، أو مرض، أو بلية، أو ضرر؛ صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله، ولجأ إليه تعالى في كشفها، فكان الصبر خيرًا له؛ لأنه يُثاب على صبره، ويحوز أجر الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب؛ فكان أمره كله خيرًا.
أما غير المؤمن -عافانا الله وإياكم- فهو ينسى نِعَم الله عليه؛ لأنه قد يكون اعتاد عليها، وقد يعبد الله على حرف، وعندما يمسُّه الضر يلجأ إلى الله تعالى، ويتضرع إليه، ويصرخ بالدعاء ويستغيث به ليكشف ذلك عنه، فأين كنت من نعم الله عليك قبل ذلك.
آلآن علمتم أنه لا يقدر على إزالة هذا الضر إلا هو سبحانه، فعند الضرورات تلجئون إليه، وتسألونه، وتلحون في الرغبة مستغيثين به كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 67]، وعند النعم تنسون خالقها وواهبها.
وكما في تفسير ابن كثير في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾؛ أي: سجيته هذه ينسى النعم ويجحدها إلا من عصم الله؛ لذلك كان على الإنسان أن يحمد الله على جل نعمه، فشكر النعم نعمة تحتاج إلى شكر، وأن يحمد الله أيضًا على ما ابتلاه ليحوز أجر الصابرين، ويكون في زمرة المؤمنين.
اللهمَّ إنا نستعيذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن سوء القضاء الذي فيه المعاصي والشرور والشركيات، وأن تلهمنا الطاعة والصبر والرضا بقضائك، واجعلنا يا ربنا من عبادك الحامدين لجُلِّ نِعَمِك.
اللهمَّ أوزعني على أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي، وأن أعمل عملًا صالحًا ترضاه مني، وأدخلني برحمتك في نعيم جنتك مع عبادك الصالحين الذين ارتضيت أعمالهم.
(تَجْأَرُونَ)
تجأرون؛ أي: تضِجون بالاستغاثة والتَّضرُّع.
جَأَرَ يَجْأَرُ جَأْرًا وجُؤَارًا؛ أي: رفع صوته مع تضرُّع واستغاثة، وجَأَر الرجلُ إِلى الله عز وجل إِذا تضرَّع بالدعاءِ، وجَأَرَ النبتُ؛ أي: طال وارتفع، وجَأَرَت الأَرض بالنبات كذلك[1].
وأصله: من جؤار الثور، يقال منه: جأر الثور يجأر جؤارًا؛ وذلك إذا رفع صوتًا شديدًا من جوع أو غيره[2].
قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].
يبين لنا المولى سبحانه وتعالى أن كل نعمة في هذا الكون، هو سبحانه مصدرها وموجدها، فقال: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ... ﴾؛ أى: وكل نعمة عندكم؛ كعافية في أبدانكم، ونماء في مالكم، وكثرة في أولادكم، وصلاح في بالكم؛ فهي من الله تبارك وتعالى وحده.
والمراد بالنعمة هنا: النعم الكثيرة التي أنعم بها سبحانه على الناس؛ لأنه لم يقم دليل على أن المراد بها نعمة معينة، وعلماء البيان يعدون استعمال المفرد في معنى الجمع اعتمادًا على القرينة، وهذا من أبلغ الأساليب الكلامية، و﴿ مَا ﴾ موصولة مبتدأ، متضمنة معنى الشرط، وقوله: ﴿ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ خبرها، و﴿ مِنْ نِعْمَةٍ ﴾ بيان لما اشتملت عليه ﴿ مَا ﴾ من إبهام[3].
﴿...ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾.
فعندما يمسكم الضر؛ أي: السقم والبلاء والقحط؛ فإليه تجأرون؛ أي: تضجون بالدعاء، تلجأون إلى الله متضرعين.
قال قتادة في قوله تعالى: ﴿ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾؛ قال: إِذا هم يَجْزعُون، وجأَرَ القومُ جُؤَارًا؛ وهو أَن يرفعوا أَصواتهم بالدعاء متضرِّعين[4].
ولنا هنا وقفة تحليلية:
إن رتابة النعمة والتعوُّد عليها قد تُذهِلك عن المنعم، فلا تتذكره إلا حين الحاجة إليه؛ لذا ينبهنا الحق تبارك وتعالى إذا أعطيت لكم نعمة فإياكم أن تغتروا بها، إياكم أن تُذهلكم النعمة عن المنعم؛ لأنكم سوف تحكمون على أنفسكم أنه لا منعم غيري؛ بدليل أنني إذا سلبت النعمة منكم فلن تجدوا غيري تلجأون إليه.
ولذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم ينبهنا لتلكم الأحداث التي تصيبنا، وغيرها من الأحداث العصيبة التي قد يمر بها أي إنسان، فإياكم أن تستقبلوها (بالجزع والفزع)؛ ولكن استقبلوها (بالإيمان والرضا)، واعلموا أن ربكم يغار عليكم، وهو بهذه الأحداث يلفتكم إليه قهرًا عنكم؛ لكي تعودوا إليه، وتلجأوا إليه.
ومِن الناس مَن سيفهم حكمة الله تعالى في ابتلائه، فيهون عليه الأمر، ومنهم من سيجزع ويتسخَّط؛ فيزداد الأمر سوءًا عليه؛ ولهذا كان الاختبار بالإيمان بالقدر خيره وشره من أشد اﻷمور على النفس، وأكثرها صعوبة في قبولها والرضا بها؛ لأنه من أركان الإيمان، والمؤمن الصادق في كل أموره مأجور، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: ((عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ، وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ؛ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ؛ فكانتْ خَيرًا لهُ، وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ؛ فكانتْ خَيرًا له))[5].
نعم هنا أظهر النبي صلى الله عليه وسلم العجب على وجه الاستحسان لشأن المؤمن وأحواله؛ وذلك لأن أحوال المؤمن كلها فيها خير، وليس ذلك لأحد (إلَّا المؤمن).
فكل إنسان في قضاء الله وقدره بين أمرين:
(مؤمن وغير مؤمن)؛ فالمؤمن إن أصابته سراء من نعمة شكر الله، فهو يعرف حق الله في تلك النعمة، وما قدر له منها، فيقوم بالطاعة والعبادة، والقرب من الله عز وجل؛ امتنانًا وشكرًا له سبحانه، فيحصل له الأجر في الآخرة، ويضاف لهذا الشكر فرحه الذي يشمله بتلك النعمة، وكذلك إذا أصابته الضراء من فقر، أو مرض، أو بلية، أو ضرر؛ صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله، ولجأ إليه تعالى في كشفها، فكان الصبر خيرًا له؛ لأنه يُثاب على صبره، ويحوز أجر الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب؛ فكان أمره كله خيرًا.
أما غير المؤمن -عافانا الله وإياكم- فهو ينسى نِعَم الله عليه؛ لأنه قد يكون اعتاد عليها، وقد يعبد الله على حرف، وعندما يمسُّه الضر يلجأ إلى الله تعالى، ويتضرع إليه، ويصرخ بالدعاء ويستغيث به ليكشف ذلك عنه، فأين كنت من نعم الله عليك قبل ذلك.
آلآن علمتم أنه لا يقدر على إزالة هذا الضر إلا هو سبحانه، فعند الضرورات تلجئون إليه، وتسألونه، وتلحون في الرغبة مستغيثين به كما قال تعالى: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 67]، وعند النعم تنسون خالقها وواهبها.
وكما في تفسير ابن كثير في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾؛ أي: سجيته هذه ينسى النعم ويجحدها إلا من عصم الله؛ لذلك كان على الإنسان أن يحمد الله على جل نعمه، فشكر النعم نعمة تحتاج إلى شكر، وأن يحمد الله أيضًا على ما ابتلاه ليحوز أجر الصابرين، ويكون في زمرة المؤمنين.
اللهمَّ إنا نستعيذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن سوء القضاء الذي فيه المعاصي والشرور والشركيات، وأن تلهمنا الطاعة والصبر والرضا بقضائك، واجعلنا يا ربنا من عبادك الحامدين لجُلِّ نِعَمِك.
اللهمَّ أوزعني على أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي، وأن أعمل عملًا صالحًا ترضاه مني، وأدخلني برحمتك في نعيم جنتك مع عبادك الصالحين الذين ارتضيت أعمالهم.