المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صاحِب القرآن في غِبطةٍ عظيمة


أمير الذوق
08-08-2023, 04:33 PM
صاحِب القرآن في غِبطةٍ عظيمة

مَنْ يتلو القرآن آناء الليل وآناء النهار في غِبطة عظيمة، ومن أجل هذه المُلازمة "لتلاوة القرآن" يُسمَّى: "صاحِبًا للقرآن"، فهو مُصاحِبٌ للقرآن في الليل والنهار؛ ولهذا يُغبَط؛ سواء كان تاليًا للقرآن، أو كان قائمًا بالقرآن، ويدل عليه ما يلي:
أولًا: اغْتِبَاطُ التَّالي للقرآن:

عَنْ أبي هُريرة رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ[1]: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ الْقُرآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلَانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يُهْلِكُهُ في الحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلَانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ»[2]، وفي لفظٍ آخَرَ مرفوعًا: «لَا تَحَاسُدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ القُرآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» الحديث[3].

ومعنى: «لا حَسَدَ إلَّا في اثنتين»: «أي: لا رُخْصَةَ في الحسد إلَّا في خصلتين، أو لا يَحْسُنُ الحسدُ إنْ حَسُنَ، أو أطلق الحسد مبالغة في الحثِّ على تحصيل الخصلتين، كأنه قيل: لو لم يحصلا إلَّا بالطَّريق المذموم لكان ما فيهما من الفضل حاملًا على الإقدام على تحصيلهما به، فكيف والطَّريق المحمود يمكن تحصيلهما به؟!»[4].

قال النَّووي رحمه الله: «قال العلماء: الحسد قسمان: حقيقيٌّ، ومَجازيٌّ. فالحقيقيُّ: تمنِّي زوال النِّعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأُمَّةِ مع النُّصوص الصَّحيحة، وأَمَّا المَجازي: فهو الغبطة وهو أن يتمنَّى مِثْلَ النِّعمةِ التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فَإِنْ كانت مِنْ أُمور الدُّنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعةً فهي مستحبة. والمرادُ بالحديث: لا غِبْطَةَ محبوبةٌ إلَّا في هاتين الخصلتين، وما في معناهما»[5].

فهذا الحديث يدلُّ دلالة واضحة على أنَّ صاحب القرآن - الذي يتلوه آناء اللَّيل وآناء النَّهار - في غِبْطَةٍ؛ أي: في فَرحٍ وَحُسْنِ حال، فينبغي أن يكون شديد الاغتباط بما هو فيه، وَيُستحب تغبيطُه بذلك، يقال: غَبَطَهُ يَغْبِطُهُ بكسر الباء غَبْطًا؛ إذا تمنَّى مثل ما هو فيه مِنَ النِّعمة، وهذا بخلاف الحسد المذموم، وهو تمنِّي زوال نعمة المحسود منه، سواء حصلت لذلك الحاسد أم لا، وهذا مذموم شرعًا، وهو أَوَّلُ معاصي إبليس حين حَسَدَ آدمَ على ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام[6].

والغِبطة ليست بحرام، بل رُبَّما كانت واجبة أحيانًا، أو مندوبة، أو مباحة في أحيان أخرى، والله تعالى يقول: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26]، ويقول تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الحديد: 21]، والمسابقة منافسة، والمنافسة غبطة.

ولكن مجرَّد التَّمني والغبطة لا يكفي بحال من الأحوال ما دام المسلم قادرًا على أن يكون خيرًا مما هو فيه، وآتاه الله تعالى من الوسع والطَّاقة والأسباب التي تُعينه على تحصيل القرآن والعلم الشَّرعي، ثم قعد يتمنَّى فقط، فهذا التَّمنِّي لا يُقدِّم ولا يُؤخِّر[7].

ثانيًا: اغتباط القائم بالقرآن:
عن عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا حَسَدَ إلَّا عَلَى اثْنَتَيْن: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وآنَاءَ النَّهَارِ»[8].

وعن يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ رضي الله عنه؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَنَافُسَ بَيْنَكُمْ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَعْطَاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ القُرآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وآنَاءَ النَّهَارِ، ويَتَّبِعُ ما فِيهِ، فَيَقُولُ رَجُلٌ: لَوْ أنَّ اللهَ تَعَالَى أَعْطَانِي مِثْلَ ما أَعْطَى فُلانًا، فَأَقُومَ بِهِ كَمَا يَقُومُ بِهِ» الحديث[9]. قال ابن حجر رحمه الله: «والمراد بالقيام به العملُ به مطلقًا، أعَمُّ من تلاوته داخل الصلاة أو خارجها، ومن تعليمه، والحكم والفتوى بمقتضاه»[10]. وهذا يُذكِّرنا بقول الله تعالى: ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران: 113].

والمشهور - عند كثير من المفسِّرين - أن هذه الآية نزلت فيمن آمَنَ مِنْ أحبار أهل الكتاب، كعبدِالله بن سَلام، وأَسَدِ بن عبيد، وثعلبةَ بن سعيد، وغيرهم؛ أي: لا يستوي مَنْ تقدَّم ذكرهم بالذَّم من أهل الكتاب وهؤلاء الذين أسلَموا؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً ﴾؛ أي: ليسوا كلُّهم على حدٍّ سواء، بل منهم المؤمن ومنهم المُجرم؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ﴾؛ أي: قائمة بأمر الله، مطيعة لشرعه، مُتَّبعةٌ نبيَّ الله، فهي ﴿ قَائِمَةٌ ﴾؛ أي: مستقيمة عادلة؛ من قولك: أقمت العود فقام؛ أي: استقام.

يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ أي: ساعاته، واحدها: إنى كمعنى، أو إِنو كقنو، أو إِنى كنحى. والمقصود أنهم يقومون اللَّيل، ويُكثرون التَّهجد، ويتلون القرآن في صلواتهم[11]. قال ابن عاشور رحمه الله: «وجملة ﴿ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ حال؛ أي: يتهجَّدون في اللَّيل بتلاوتهم كتابهم، فَقُيِّدت تلاوتُهم الكتاب بحالة سجودهم. وهذا الأسلوب أبلغُ وأَبْيَنُ من أن يقال: يتهجَّدون؛ لأنه يدلُّ على صورة فعلهم»[12].

ولقد أثنى النبيُّ صلى الله عليه وسلم على جماعة الأشعريين لكثرة قراءتهم القرآن باللَّيل، فعَنْ أبِي مُوسَى رضي الله عنه، قَال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ[13] بِالْقُرآنِ، حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ»[14].

قال النَّووي رحمه الله: «فيه دليل لفضيلة الأشعريين، وفيه أن الجهر بالقرآن في اللَّيل فضيلة، إذا لم يكن فيه إيذاء لنائم، أو لمصلٍّ، أو غيرهما، ولا رياء»[15]. وقال أيضًا: «وإنما رَجُحَتْ صلاةُ اللَّيل وقراءته لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشَّاغلات والملهيات، والتَّصرُّف في الحاجات، وأصون من الرِّياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء الشَّرْعُ به من إيجاد الخيرات في اللَّيل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلًا»[16].

فهنيئًا لمن يُكْثِرُ قِراءَةَ القرآن، وَليستبشر بمجيء القرآن العظيم يوم القيامة حين يشهد له بالخير ويشفع له عند ربِّ العالمين: فعن بُرَيدَةَ بن الحُصَيبِ رضي الله عنه قال: كُنْتُ عند رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إنَّ القُرآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ حِيْنَ يَنشَقُّ عنه قَبْرُهُ كالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: ما أعْرِفُكَ، فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ القُرآنُ الَّذِي أَظْمَأتُكَ في الهَوَاجِرِ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وإنَّ كُلَّ تاجرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإنَّكَ اليَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فيُعْطَى المُلْكَ بيَمِينِهِ، والخُلْدَ بِشِمَالِهِ، ويُوْضَعُ عَلَى رَأسِهِ تَاجُ الوَقَارِ»[17].

فالقرآن لا يتخلَّى عن صاحبه الذي صَحِبَهُ في اللَّيل والنَّهار، وفي الصَّيف والشِّتاء، فإذا هو يبرز له يوم القيامة حين ينشقُّ عنه قبره، وكأنه يتمثَّل بصورة قارئه الذي أتعب نفسه بالسَّهر في اللَّيل، والصَّوم في النَّهار. وفي ذلك دلالة على مدى ما أنفق صاحِبُ القرآن مِنْ جُهْدٍ، فأصابه من ذلك التَّعبُ والشُّحُوب[18].

sham
08-08-2023, 07:09 PM
جزاك الله كل خير
مودتي

мя Зάмояч
08-08-2023, 08:28 PM
جزاك الله خيـر
بارك الله في جهودك
وأسال الله لك التوفيق دائما
وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة
وأن يثبت الله أجرك

المحتار
08-08-2023, 10:52 PM
جزَآك آللَه خَيِرآ علىَ طرحكَ الرٍآَئع وَآلقيَم
وًجعلهآ فيِ ميِزآن حسًنآتكْ
وًجعلَ مُستقرَ نَبِضّكْ الفًردوسَ الأعلى ًمِن الجنـَه
حَمآك آلرحمَن ,,~

حسان
08-08-2023, 11:24 PM
بارك الله فيك
وفي طرحك القيم
جزاك الله خيرا

منَار
08-08-2023, 11:57 PM
.
.
.
.
.
.
.
.

_ سَلِمت الأنَامِل المِعطَاءة علَى هذهِ الجهُود
دَام الإبدَاع والحضُور المُختلِف .

حاء
08-09-2023, 12:45 AM
-


جزاك الله خيرًا
جعله الله في ميزان حسناتك
و شكرًا على طرحك المُفيد :x37:
و لا حرمنا الله من جديدك الرائع
و الله يعطيك الف عافيه
لك :f15:

اميرة الصمت
08-09-2023, 06:11 AM
جزاك الله كل خير
سلمت الأيادي يعطيك العافية
مجهود تشكري عليه ربي يسعدك
لروحك السَعادهـ

Şøķåŕą
08-09-2023, 07:09 AM
_



جزاك الله كل خير ..
وَبارك الله فيك ولا حرمك الأجر
لك من الشكر أجزله.

البرنس مديح آل قطب
08-09-2023, 10:53 AM
https://g.top4top.io/p_2684v1ps61.png
https://h.top4top.io/p_2075gu9pn1.gif

https://b.top4top.io/p_1753v4eku8.gif








https://h.top4top.io/p_1776xohd60.gif
https://j.top4top.io/s_17506cnbp0.png



https://2img.net/h/akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20628-1188683973.gif


https://media.tenor.com/2g-H-bS47j0AAAAi/%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87.gif




جزاكم الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتكم
وبارك الله ونفع بكم بما طرحتم
موضوع أسلامي مميز بحق



https://2img.net/h/akhawat.islamway.com/forum/uploads/post-20628-1188684005.gif


https://www5.0zz0.com/2021/07/01/16/434528087.gif
http://up.skoon-elamar.com/uploads/162513083815711.gif

(https://www.raed.net/)
http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/160166321811931.gif
القيصر العاشق
البـــــــ https://j.top4top.io/p_2720snbft1.gifمديح آل قطب https://j.top4top.io/p_2720snbft1.gifـــــــرنس
https://www.raed.net/img?id=308083 (https://www.raed.net/)

نور القمر
08-09-2023, 08:01 PM
ألف شكـــر لك على إختيارك الموفق
طرحك جميل ومجهود رآئــع
الله يعطيك الصحة

بسمة فجر
08-09-2023, 10:55 PM
بارك الله فيك ع موضوعك القيم والمميز
وبانتظار جديدك القادم
ارق التحايا لك

الياقوتة
08-10-2023, 04:03 AM
بارك الله فيك
و جزاك كل خير
و جعله في ميزان حسناتك

نبضها مطيري
08-10-2023, 05:00 AM
طرح جميل
يعطيك العافيه

Şøķåŕą
08-11-2023, 12:28 AM
تميز في الانتقاء
سلم لنا روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا عطائك
لكـ خالص احترامي

☆Šømă☆
08-11-2023, 07:08 PM
جزاكم الله خير
وبارك الله فيكم
شكرا لكم

إيلين
08-12-2023, 11:09 AM
:j1:






تَحية تلطفهآ قلوب طيبة ونقٌية
آ‘لتميزٍ لآ يقفٌ عندْ أولْ خطوٍة إبدآعٌ
بلْ يتعدآه في إستمرآرٍ آلعَطآءْ

عذوب ..*
08-13-2023, 12:29 AM
الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
ننتظر جديدك...

- حيَآهـ!
08-15-2023, 06:37 AM
،’ - :h4: × .. يعطيَك العافيَه عَ عطاءَك الدَآئم :h2: ..

روحي تبيك
09-16-2023, 11:01 AM
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر يارب
وأنار الله قلبك بنورالإيمان
أحترآمي لــ/سموك

رزان
10-01-2023, 08:43 AM
سلمت الأيادي
شكرا لكم

بنت العز
12-08-2023, 07:54 PM
سَلِمت الأنَامِل المُتألِقة لِروعَة طَرحهَا
دَام العطَاء والتَميّز المُتواصِل
لرُوحك السّعادة

Şøķåŕą
04-25-2024, 11:25 PM
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير