Şøķåŕą
05-25-2023, 11:09 PM
نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (9)
التَّسْمِية بالدَّوْلة اليهودية في المِيْزان:
يَرِد على مَنْ يَتَبَنَّى هذا الطَّرْح: أن كثيرًا من القائمين على تلك الدَّعْوة، والمُتَوَلِّيْن كِبْرَها، والمُتَصَدِّيْن للذَّبِّ عنها باللسان، والسِّنان، ليسوا ممن يَحْمِل المُعْتَقَد اليهودي، وإن وَرِثوه عن آبائهم، وأجدادهم، ولا تُعَدُّ الأَيْدويولوجية اليهودية مُرْجِعِيَّة فِكْرِيَّة لهم، وإن تَشَدَّقُوا ببعض النُّصُوص التَوْراتِيَّة، والتَّلْمُوْدِيَّة التي تَخْدِم مَصالِحهم السياسية، وإنما هم ثُلَّةٌ من العلْمانِيِّين اللَّادِيْنِيِّين، الذين يُمَثِّل الانتساب لليهودية لهم مَحْض انتماء قومي، ولا تُشَكِّل الجامعة اليهودية لهم أَزْيَد من مَنْظُومة سياسية، تُحَقِّق لهم مَآرب دُنْيَوِيَّة، كالسُّلْطة السِّياسِيَّة، والهَيْمَنَة العَسْكَرِيَّة، والسَّطْوَة الاقتصادية.
وقد تناول الدكتور عبد الوهاب المَسِيري[1] في مَوسوعته[2] الإشْكالية التي تواجه الباحثين المعاصرين في وَضْع تَعْريف لليهودي في العَصْر الحاضِر، وذلك عقب ظهور الأفكار التَّحَرُّرِيَّة، والمناهج اللَّادِيْنِيَّة في أوروبا في العُصور المُتأخِّرة، والتي كان ظهور الحَرَكة الصِّهْيَوْنِيَّة ثَمَرة من ثَمَرات ظُهورها، فقال بعد أن أَوْضَح أن كلمة يهودي قد صارت عَلَمًا على كل من يَعْتَنِق الدِّيانة اليهودية في أي زمان ومكان بغَضِّ النَّظَر عن انتمائه العِرْقي أو الجُغْرافِي: المسألة ليست بهذه البَساطة، فكلمة يهودي مُتَّسِعة الدّلالة، تختلف دلالَتُها باختلاف الزَّمان والمكان.
ومع أن الشَّرْع اليهودي قد عَرَّف اليهودي بأنه من وُلد لأم يهودية أو تَهوَّد[3]، فإن الشَّرْع الإسلامي لم يَقْبل في جميع مَراحله التاريخية بهذا التَّعْرِيف العِرْقِي[4]، فكان يُعرِّف اليَهودي تعريفًا دينيًا وحَسْب، أي أنه عرَّفه بأنه من يَعْتَنِق اليهودية، سواء كان من الحاخاميين[5]، أو القُرَّائين[6]، أو السَّامِرِيِّين[7]، وثمة اختلاف جَوْهَرِي بين التعريفين، فأحدهما عَقائدي مَحْض، والآخر دِيْنِي عِرْقِي، وبالتالي تنشأ مُشْكلة مَنْ هو اليهودي؟ وهل اليهودي هو الذي يعتقد أنه كذلك من مَنْظور يهودي؟ أم أنه اليهودي الذي نُسَمِّيه نحن كذلك انطلاقًا من عقيدتنا؟
أما في العالم الغربي، فقد مَرَّت الكلمة بعِدَّة تطورات دلالية، ففي العالم الهِيلِيني[8]، والدولة الرُّومانية، كانت كلمة يهودي تُشير إلى الفرد في الإثنوس - أي القوم - اليهودي، وكانت مسألة العقيدة ثانوية، وفي العصور الوسطى الكارولينجية[9] في الغرب، حتى القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت كلمة يهودي تعني الانتماء إلى الجماعة اليهودية، كما كانت مرادفة لكلمة (تاجر)، وبعد القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت كلمة (يهودي) مرادفة لكلمة (مُرابِي)، ولم تتخلص اللغات الأوربية تمامًا من تلك التَّضْمينات التي كانت تُحمِّل كلمة يهودي معنى قَدْحِيًّا، مثل بخيل، أو غير شريف، أو عبد للمال، وغير ذلك من المعاني التي ارتبطت بأعضاء الجماعات اليهودية، نظرًا لاضطلاعهم بدور الجماعة الوظيفية الوسيطة، التي هي مَحَطُّ كراهية أعضاء المجتمع المُضيف، وهذا ما كان يعنيه ماركس حينما تَحدَّث عن انتشار العلاقات الإنتاجية الرأسمالية في المجتمع بوصفه (تهويد المجتمع)، ويساوي الفكر الاشتراكي الغربي - خصوصًا كتابات فورييه - بين اليهودي والمُرابِي، وفي اللغة الإنجليزية، ارتبطت الكلمة باسم يهوذا Judas الإسقريوطي، الذي باع المسيح بحفْنة قطع من الفِضَّة[10].
ولذا، أسقط بعض اليهود في القرن التاسع عشر الميلادي مصطلح (يهودي)، واستخدموا مصطلحات مثل (عبراني)، و(إسرائيلي)، و(موسوي)، حتى أصبحت كلها مُترادِفة، ولكن حدث تَراجُع عن ذلك بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبح مصطلح (يهودي) أكثر شيوعًا، وكثير من المعاجم الأوربية لا تورد الآن المعاني القَدْحِيَّة لكلمة (يهودي)، بل وتُوْصِي بعدم استخدامها. ويُلاحَظ أن كلمة (يهودي) بدأت منذ القرن التاسع عشر الميلادي تحمل إيحاءات بالقَداسة، مع بَعْث أُسطورة اليهودي التَّائِه[11]، وإعطائها مَضْمونًا إيجابيًا.
التَّسْمِية بالدَّوْلة اليهودية في المِيْزان:
يَرِد على مَنْ يَتَبَنَّى هذا الطَّرْح: أن كثيرًا من القائمين على تلك الدَّعْوة، والمُتَوَلِّيْن كِبْرَها، والمُتَصَدِّيْن للذَّبِّ عنها باللسان، والسِّنان، ليسوا ممن يَحْمِل المُعْتَقَد اليهودي، وإن وَرِثوه عن آبائهم، وأجدادهم، ولا تُعَدُّ الأَيْدويولوجية اليهودية مُرْجِعِيَّة فِكْرِيَّة لهم، وإن تَشَدَّقُوا ببعض النُّصُوص التَوْراتِيَّة، والتَّلْمُوْدِيَّة التي تَخْدِم مَصالِحهم السياسية، وإنما هم ثُلَّةٌ من العلْمانِيِّين اللَّادِيْنِيِّين، الذين يُمَثِّل الانتساب لليهودية لهم مَحْض انتماء قومي، ولا تُشَكِّل الجامعة اليهودية لهم أَزْيَد من مَنْظُومة سياسية، تُحَقِّق لهم مَآرب دُنْيَوِيَّة، كالسُّلْطة السِّياسِيَّة، والهَيْمَنَة العَسْكَرِيَّة، والسَّطْوَة الاقتصادية.
وقد تناول الدكتور عبد الوهاب المَسِيري[1] في مَوسوعته[2] الإشْكالية التي تواجه الباحثين المعاصرين في وَضْع تَعْريف لليهودي في العَصْر الحاضِر، وذلك عقب ظهور الأفكار التَّحَرُّرِيَّة، والمناهج اللَّادِيْنِيَّة في أوروبا في العُصور المُتأخِّرة، والتي كان ظهور الحَرَكة الصِّهْيَوْنِيَّة ثَمَرة من ثَمَرات ظُهورها، فقال بعد أن أَوْضَح أن كلمة يهودي قد صارت عَلَمًا على كل من يَعْتَنِق الدِّيانة اليهودية في أي زمان ومكان بغَضِّ النَّظَر عن انتمائه العِرْقي أو الجُغْرافِي: المسألة ليست بهذه البَساطة، فكلمة يهودي مُتَّسِعة الدّلالة، تختلف دلالَتُها باختلاف الزَّمان والمكان.
ومع أن الشَّرْع اليهودي قد عَرَّف اليهودي بأنه من وُلد لأم يهودية أو تَهوَّد[3]، فإن الشَّرْع الإسلامي لم يَقْبل في جميع مَراحله التاريخية بهذا التَّعْرِيف العِرْقِي[4]، فكان يُعرِّف اليَهودي تعريفًا دينيًا وحَسْب، أي أنه عرَّفه بأنه من يَعْتَنِق اليهودية، سواء كان من الحاخاميين[5]، أو القُرَّائين[6]، أو السَّامِرِيِّين[7]، وثمة اختلاف جَوْهَرِي بين التعريفين، فأحدهما عَقائدي مَحْض، والآخر دِيْنِي عِرْقِي، وبالتالي تنشأ مُشْكلة مَنْ هو اليهودي؟ وهل اليهودي هو الذي يعتقد أنه كذلك من مَنْظور يهودي؟ أم أنه اليهودي الذي نُسَمِّيه نحن كذلك انطلاقًا من عقيدتنا؟
أما في العالم الغربي، فقد مَرَّت الكلمة بعِدَّة تطورات دلالية، ففي العالم الهِيلِيني[8]، والدولة الرُّومانية، كانت كلمة يهودي تُشير إلى الفرد في الإثنوس - أي القوم - اليهودي، وكانت مسألة العقيدة ثانوية، وفي العصور الوسطى الكارولينجية[9] في الغرب، حتى القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت كلمة يهودي تعني الانتماء إلى الجماعة اليهودية، كما كانت مرادفة لكلمة (تاجر)، وبعد القرن الحادي عشر الميلادي، أصبحت كلمة (يهودي) مرادفة لكلمة (مُرابِي)، ولم تتخلص اللغات الأوربية تمامًا من تلك التَّضْمينات التي كانت تُحمِّل كلمة يهودي معنى قَدْحِيًّا، مثل بخيل، أو غير شريف، أو عبد للمال، وغير ذلك من المعاني التي ارتبطت بأعضاء الجماعات اليهودية، نظرًا لاضطلاعهم بدور الجماعة الوظيفية الوسيطة، التي هي مَحَطُّ كراهية أعضاء المجتمع المُضيف، وهذا ما كان يعنيه ماركس حينما تَحدَّث عن انتشار العلاقات الإنتاجية الرأسمالية في المجتمع بوصفه (تهويد المجتمع)، ويساوي الفكر الاشتراكي الغربي - خصوصًا كتابات فورييه - بين اليهودي والمُرابِي، وفي اللغة الإنجليزية، ارتبطت الكلمة باسم يهوذا Judas الإسقريوطي، الذي باع المسيح بحفْنة قطع من الفِضَّة[10].
ولذا، أسقط بعض اليهود في القرن التاسع عشر الميلادي مصطلح (يهودي)، واستخدموا مصطلحات مثل (عبراني)، و(إسرائيلي)، و(موسوي)، حتى أصبحت كلها مُترادِفة، ولكن حدث تَراجُع عن ذلك بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبح مصطلح (يهودي) أكثر شيوعًا، وكثير من المعاجم الأوربية لا تورد الآن المعاني القَدْحِيَّة لكلمة (يهودي)، بل وتُوْصِي بعدم استخدامها. ويُلاحَظ أن كلمة (يهودي) بدأت منذ القرن التاسع عشر الميلادي تحمل إيحاءات بالقَداسة، مع بَعْث أُسطورة اليهودي التَّائِه[11]، وإعطائها مَضْمونًا إيجابيًا.