Şøķåŕą
05-23-2023, 08:54 PM
نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (6)
بُطْلان انْتِساب اليهود اللِّئام إلى إسْرائيل عليه السلام:
تَبَيَّن من كل ما تَقَدَّم ذِكْرُه: أن اليهود الذين كفروا ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، واتَّخَذوا أَحْبارهم أَرْبابًا من دون الله تعالى، وفعلوا من الجَرائم العِظام، والفَظائع المَهُوْلَة ما حكاه القرآن عنهم، وبَيَّنَتْه كثير من أحاديث سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزادَتْه أحداث التاريخ ظُهورًا، وجَلاءً، لا يستحقون شَرَف النِّسْبة إلى هذا النَّبِيِّ الكريم، وإن زَعَموها، ولا يَسُوغ للمسلمين مَنْحَهم شَرَف تلك النِّسْبة مُتابَعَةً لهم على تلك المَزاعم.
فأولى الناس بإسرائيل عليه السلام:
هم مَنْ كان على مِلَّته التي دعا إليها، وحَفِظوا وَصِيَّته عليه السلام عند الموت؛ حيث أوصاهم بالتَّمَسُّك بالمِلَّة الحنَيفِيَّة الغَرَّاء، لا أولئك الذين يكفرون بدعوته عليه السلام، وينسبون إليه من الأراذل ما يَتَنَزَّه عنه كثير من الطِّغام، ويُعادون أنبياء الله ورُسُله السَّائرين على دَرْبه، السَّالِكين مِنْوالَه، صَلَّى الله وسَلَّم وبارك عليه، وعليهم أجمعين[1].
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 68].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اليهود: "نحن أولى بموسى منهم"[2].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الأُولَى وَالآخِرَةِ"[3].
حُكم تَسْمِيَة الدولة الخَبِيثة بدولة إسرائيل:
ومن تَوابع بُطْلان نِسْبة كَفَرة اليهود إلى نبي الله يعقوب عليه السلام: بُطْلان تَسْمِية الدولة اللَّقِيْطة التي أقاموها على قطعة مَسْلُوبة من أرض الإسلام باسم دولة إسرائيل، وعدم جواز مُتابعتهم على تلك التَّسْمِيَة المَغْلُوطة؛ لما تَتَضَمَّنه تلك المُتابعة من إقرارهم على صِحَّة تلك النِّسْبة الباطلة يقينًا، والتي يَلْزَم منها: نِسْبة قَبائحهم إلى نبي كريم من أنبياء الله تعالى، وفي هذا من الزَّيْغ الواضح، والضلال المَقِيت ما فيه.
ولو تَأمَّل الذين يُتابعون اليهود - عن غَفْلَة - في تَسْمِية الدولة الخَبيثة المُغْتَصِبة لأرض الإسلام باسم إسرائيل، وتَسْمِية قاطِنيها بالإسرائيليين نِسْبةً إليها، فيما يترتب على غَفْلَتهم تلك، لما استجازوا لأنفسهم التَّهاون في شأن الاسم والنِّسْبة؛ فلا يمكن بحال تَسْمِيَة دولة قائمة على الكفر، والظلم، والطُّغيان باسم نبي كريم من أنبياء الله تعالى، وليس اليهود بأَهْل أن يُنْسَبوا إلى ذلك النبي الكريم.
مُراعاة الشَّرِيْعَة للأَلْفاظ:
ولقد أَعْظَم السَّابُّون لإسرائيل في الجُرْم؛ لتَضَمُّنه سَبَّ نبي الله يعقوب عليه السلام، وأَفْحَش المُقِرُّون لمُجْرِمي اليهود بالنِّسْبة إليه؛ لنِسْبَتهم الكفار الفُجَّار إلى الأنبياء الأَطْهار.
ثَبَت في صحيح البخاري[4] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تَعْجَبون كيف يَصْرِف اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْش ولَعْنَهم؟ يَشْتُمُون مُذَمَّمًا، ويَلْعَنون مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّد" - صلى الله عليه وسلم -.
فطَعْنُ الطَّاعِن، وذَمُّ الذَّامِّ في إسرائيل، قاصِدًا دَوْلَة اليهود، يَنْصَرِف إلى نبي الله يعقوب عليه السلام من حيث لا يَشْعُر؛ فلا تَنْفِي النَّوايا الحَسَنة عن سَيِّء الأفعال وَصْف السُّوء، والألفاظ مُعْتَبَرَة مُراعاة في شريعة الله المُطَهَّرة، بقَطْع النَّظَر عن قَصْد المُتَلَفِّظ بها[5]، وقد دَلَّت على هذا أدلة شَرْعِيَّة كثيرة[6]، سَرَدَها غيرُ واحد من أهل العلم، الذين تكلموا فيما يدور على أَلْسِنَة الناس من الألفاظ المُخالِفة للشَّرْع، وأفرد الكثير منهم المصنفات في ذلك[7].
رَأْي مُتَعَقَّب:
قد لا يَتَحَرَّج بعضُ الباحثين من تَسْمِيَة الدولة الخَبيثة بدولة إسرائيل، ولا يُوافِق المُمانِعِيْن لتَسْمِيتها بذلك في مُمانَعَتِهم؛ لأن التَّسْمِية بذلك في نَظَره ليست مَأخوذة من النِّسْبة إلى لَقَب نبي الله يعقوب عليه السّلام، وإنما هي مَأْخوذة من مَمْلَكة إسرائيل التي تَشَكَّلَت بعد موت سُلَيْمان عليه السلام؛ حيث تَفَرَّق الأَسْباط الإثنا عشر حَسَب روايات كُتُبهم, وشَكَّل عشرة منهم مملكة الشَّمال، التي سُمِّيَت مملكة إسرائيل[8]، وكان مَلِكُها يربعام، وشَكَّل سِبْط يهوذا وبنيامين في الجنوب مملكة يهوذا تحت مُلْك رحبعام[9].
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري:
وكلمة يسرائيل - أي إسرائيل - تشير أيضًا إلى نَسْل يعقوب - عليه السلام -، ثم أصبحت تشير إلى المملكة الشمالية يسرائيل قبل التهجير الآشوري، ثم استُخدمت الكلمة للإشارة إلى سكان المملكة الجنوبية يهودا بعد سقوط مملكة يسرائيل إلى أن حَلَّت كلمة يهودي مَحلَّها،انتهى[10].
وذكر الدكتور المسيري أن كلمة إسرائيلي أُعيد استخدامها مرة أخرى في القرن التاسع عشر الميلادي[11]، عقب اندماج اليهود في المجتمعات الغربية، وخروجهم من عُزلتهم، كنتيجة لشُيوع الفكر العلماني[12]، الذي كان له دور كبير في نشأة الحركة الصِّهْيَوْنِيَّة؛ لأن كلمة يهودي كانت تحمل إيحاءات سلبية في أوروبا قبل تلك المرحلة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
والظاهر أن هذه هي العِلَّة في لُجُوء اليهود في العَديد من أَدَبِيَّاتهم إلى الحديث عن السَّعي نحو قيام مملكة داود عليه السلام؛ تفاديًا للخلاف الناشئ عن النِّسْبة لأحد المملكتين المذكورتين - إسرائيل ويهوذا - اللَّتين تكونتا بعد افتراق مملكة داود، وابنه سليمان - عليهما السلام -.
كما وأن إطلاق اليهود اسم إسرائيل على يعقوب عليه السلام - وَفقًا لوجهة نظر أولئك الباحثين - يُعَدُّ أمرًا نادرًا.
ولكن المرء لا يحتاج إلى كبير تَأمُّل؛ ليُدْرِك أن مملكة إسرائيل القديمة إنما سُمِّيَت بذلك نِسْبة إلى والد الأسباط العشرة التي تكوَّنَت المملكة منهم، وهو إسرائيل - عليه السلام - أيضًا، فالقول بأن تَسْمية الدولة الخبيثة الحديثة مَأخوذ من تَسْمِيَة الدولة القديمة، يجعل الدولة الحديثة تعود في نِسْبَتها إلى إسرائيل عليه السلام كذلك.
ومن نَظَر في أخبار تلك المملكة القديمة، عَلِم خُلُوَّها من أَهْلِيَة التَّسَمِّي بذلك الاسم الكريم[13]، كما هو الحال في الدولة الخبيثة الحديثة، وإن كان بُطلان التَّسْمِيَة في حق الدولة الحديثة أشد وضوحًا؛ لما ستأتي الإشارة إليه من عدم صحة انتساب مُواطني الدولة الحديثة إلى إسرائيل - عليه السلام -، ولو من جهة النَّسَب فحسب، بخلاف الدولة القديمة التي لا يُشَكُّ في صحة انْتِساب أهلها، مُلوكًا، ورَعِيَّة إلى يعقوب - عليه السلام -، ولكنهم لم يكونوا أهلًا للانتساب إليه - عليه السلام -؛ لما كان عليه مُلوكهم من الوَثَنِيَّة، والجَبَرُوت، وقتال أهليهم من صالحي بني إسرائيل، كرحبعام بن سليمان - عليه السلام -، وابنه؛ فانقطعت صِلَتُهم بجَدِّهم يعقوب - عليه السلام - بتلك المُوْبِقات؛ لبراءة الأنبياء عليهم السلام من الشرك وأهله، وإن كانوا أقرب الناس إليهم.
[1] ويدخل في هذا الباب: تسمية النصارى بالمسيحيين؛ فإن مجاراة النصارى في ذلك غَلَط شائع أيضًا؛ لأنهم ليسوا أتباعًا للمسيح عليه السلام، فكيف يتشرفون بالنسبة إليه؟ كما أن انتسابهم إليه عليه السلام مرتبط بتصورهم الشركي الخرافي عن ألوهيته. قال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه معجم المناهي اللفظية (ص94،93): لا يجوز إبدال اسم النصارى بالمسيحيين، نسبة إلى أتباع المسيح عليه السلام، وهي تسمية حادثة لا وجود لها في التاريخ، ولا استعمالات العلماء؛ لأن النصارى بدَّلوا دين المسيح، وحرَّفوه، كما عمل يهود بدين موسى عليه السلام، وهذه تسمية ليس لها أصل، وإنَّما سمّاهم الله النصارى، لا المسيحيين ﴿ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾، ولكفر اليهود والنصارى بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - صار التعبير عنهم بالكافرين، قال الله تعالى: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ الآية
بُطْلان انْتِساب اليهود اللِّئام إلى إسْرائيل عليه السلام:
تَبَيَّن من كل ما تَقَدَّم ذِكْرُه: أن اليهود الذين كفروا ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، واتَّخَذوا أَحْبارهم أَرْبابًا من دون الله تعالى، وفعلوا من الجَرائم العِظام، والفَظائع المَهُوْلَة ما حكاه القرآن عنهم، وبَيَّنَتْه كثير من أحاديث سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزادَتْه أحداث التاريخ ظُهورًا، وجَلاءً، لا يستحقون شَرَف النِّسْبة إلى هذا النَّبِيِّ الكريم، وإن زَعَموها، ولا يَسُوغ للمسلمين مَنْحَهم شَرَف تلك النِّسْبة مُتابَعَةً لهم على تلك المَزاعم.
فأولى الناس بإسرائيل عليه السلام:
هم مَنْ كان على مِلَّته التي دعا إليها، وحَفِظوا وَصِيَّته عليه السلام عند الموت؛ حيث أوصاهم بالتَّمَسُّك بالمِلَّة الحنَيفِيَّة الغَرَّاء، لا أولئك الذين يكفرون بدعوته عليه السلام، وينسبون إليه من الأراذل ما يَتَنَزَّه عنه كثير من الطِّغام، ويُعادون أنبياء الله ورُسُله السَّائرين على دَرْبه، السَّالِكين مِنْوالَه، صَلَّى الله وسَلَّم وبارك عليه، وعليهم أجمعين[1].
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 68].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اليهود: "نحن أولى بموسى منهم"[2].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الأُولَى وَالآخِرَةِ"[3].
حُكم تَسْمِيَة الدولة الخَبِيثة بدولة إسرائيل:
ومن تَوابع بُطْلان نِسْبة كَفَرة اليهود إلى نبي الله يعقوب عليه السلام: بُطْلان تَسْمِية الدولة اللَّقِيْطة التي أقاموها على قطعة مَسْلُوبة من أرض الإسلام باسم دولة إسرائيل، وعدم جواز مُتابعتهم على تلك التَّسْمِيَة المَغْلُوطة؛ لما تَتَضَمَّنه تلك المُتابعة من إقرارهم على صِحَّة تلك النِّسْبة الباطلة يقينًا، والتي يَلْزَم منها: نِسْبة قَبائحهم إلى نبي كريم من أنبياء الله تعالى، وفي هذا من الزَّيْغ الواضح، والضلال المَقِيت ما فيه.
ولو تَأمَّل الذين يُتابعون اليهود - عن غَفْلَة - في تَسْمِية الدولة الخَبيثة المُغْتَصِبة لأرض الإسلام باسم إسرائيل، وتَسْمِية قاطِنيها بالإسرائيليين نِسْبةً إليها، فيما يترتب على غَفْلَتهم تلك، لما استجازوا لأنفسهم التَّهاون في شأن الاسم والنِّسْبة؛ فلا يمكن بحال تَسْمِيَة دولة قائمة على الكفر، والظلم، والطُّغيان باسم نبي كريم من أنبياء الله تعالى، وليس اليهود بأَهْل أن يُنْسَبوا إلى ذلك النبي الكريم.
مُراعاة الشَّرِيْعَة للأَلْفاظ:
ولقد أَعْظَم السَّابُّون لإسرائيل في الجُرْم؛ لتَضَمُّنه سَبَّ نبي الله يعقوب عليه السلام، وأَفْحَش المُقِرُّون لمُجْرِمي اليهود بالنِّسْبة إليه؛ لنِسْبَتهم الكفار الفُجَّار إلى الأنبياء الأَطْهار.
ثَبَت في صحيح البخاري[4] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تَعْجَبون كيف يَصْرِف اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْش ولَعْنَهم؟ يَشْتُمُون مُذَمَّمًا، ويَلْعَنون مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّد" - صلى الله عليه وسلم -.
فطَعْنُ الطَّاعِن، وذَمُّ الذَّامِّ في إسرائيل، قاصِدًا دَوْلَة اليهود، يَنْصَرِف إلى نبي الله يعقوب عليه السلام من حيث لا يَشْعُر؛ فلا تَنْفِي النَّوايا الحَسَنة عن سَيِّء الأفعال وَصْف السُّوء، والألفاظ مُعْتَبَرَة مُراعاة في شريعة الله المُطَهَّرة، بقَطْع النَّظَر عن قَصْد المُتَلَفِّظ بها[5]، وقد دَلَّت على هذا أدلة شَرْعِيَّة كثيرة[6]، سَرَدَها غيرُ واحد من أهل العلم، الذين تكلموا فيما يدور على أَلْسِنَة الناس من الألفاظ المُخالِفة للشَّرْع، وأفرد الكثير منهم المصنفات في ذلك[7].
رَأْي مُتَعَقَّب:
قد لا يَتَحَرَّج بعضُ الباحثين من تَسْمِيَة الدولة الخَبيثة بدولة إسرائيل، ولا يُوافِق المُمانِعِيْن لتَسْمِيتها بذلك في مُمانَعَتِهم؛ لأن التَّسْمِية بذلك في نَظَره ليست مَأخوذة من النِّسْبة إلى لَقَب نبي الله يعقوب عليه السّلام، وإنما هي مَأْخوذة من مَمْلَكة إسرائيل التي تَشَكَّلَت بعد موت سُلَيْمان عليه السلام؛ حيث تَفَرَّق الأَسْباط الإثنا عشر حَسَب روايات كُتُبهم, وشَكَّل عشرة منهم مملكة الشَّمال، التي سُمِّيَت مملكة إسرائيل[8]، وكان مَلِكُها يربعام، وشَكَّل سِبْط يهوذا وبنيامين في الجنوب مملكة يهوذا تحت مُلْك رحبعام[9].
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري:
وكلمة يسرائيل - أي إسرائيل - تشير أيضًا إلى نَسْل يعقوب - عليه السلام -، ثم أصبحت تشير إلى المملكة الشمالية يسرائيل قبل التهجير الآشوري، ثم استُخدمت الكلمة للإشارة إلى سكان المملكة الجنوبية يهودا بعد سقوط مملكة يسرائيل إلى أن حَلَّت كلمة يهودي مَحلَّها،انتهى[10].
وذكر الدكتور المسيري أن كلمة إسرائيلي أُعيد استخدامها مرة أخرى في القرن التاسع عشر الميلادي[11]، عقب اندماج اليهود في المجتمعات الغربية، وخروجهم من عُزلتهم، كنتيجة لشُيوع الفكر العلماني[12]، الذي كان له دور كبير في نشأة الحركة الصِّهْيَوْنِيَّة؛ لأن كلمة يهودي كانت تحمل إيحاءات سلبية في أوروبا قبل تلك المرحلة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
والظاهر أن هذه هي العِلَّة في لُجُوء اليهود في العَديد من أَدَبِيَّاتهم إلى الحديث عن السَّعي نحو قيام مملكة داود عليه السلام؛ تفاديًا للخلاف الناشئ عن النِّسْبة لأحد المملكتين المذكورتين - إسرائيل ويهوذا - اللَّتين تكونتا بعد افتراق مملكة داود، وابنه سليمان - عليهما السلام -.
كما وأن إطلاق اليهود اسم إسرائيل على يعقوب عليه السلام - وَفقًا لوجهة نظر أولئك الباحثين - يُعَدُّ أمرًا نادرًا.
ولكن المرء لا يحتاج إلى كبير تَأمُّل؛ ليُدْرِك أن مملكة إسرائيل القديمة إنما سُمِّيَت بذلك نِسْبة إلى والد الأسباط العشرة التي تكوَّنَت المملكة منهم، وهو إسرائيل - عليه السلام - أيضًا، فالقول بأن تَسْمية الدولة الخبيثة الحديثة مَأخوذ من تَسْمِيَة الدولة القديمة، يجعل الدولة الحديثة تعود في نِسْبَتها إلى إسرائيل عليه السلام كذلك.
ومن نَظَر في أخبار تلك المملكة القديمة، عَلِم خُلُوَّها من أَهْلِيَة التَّسَمِّي بذلك الاسم الكريم[13]، كما هو الحال في الدولة الخبيثة الحديثة، وإن كان بُطلان التَّسْمِيَة في حق الدولة الحديثة أشد وضوحًا؛ لما ستأتي الإشارة إليه من عدم صحة انتساب مُواطني الدولة الحديثة إلى إسرائيل - عليه السلام -، ولو من جهة النَّسَب فحسب، بخلاف الدولة القديمة التي لا يُشَكُّ في صحة انْتِساب أهلها، مُلوكًا، ورَعِيَّة إلى يعقوب - عليه السلام -، ولكنهم لم يكونوا أهلًا للانتساب إليه - عليه السلام -؛ لما كان عليه مُلوكهم من الوَثَنِيَّة، والجَبَرُوت، وقتال أهليهم من صالحي بني إسرائيل، كرحبعام بن سليمان - عليه السلام -، وابنه؛ فانقطعت صِلَتُهم بجَدِّهم يعقوب - عليه السلام - بتلك المُوْبِقات؛ لبراءة الأنبياء عليهم السلام من الشرك وأهله، وإن كانوا أقرب الناس إليهم.
[1] ويدخل في هذا الباب: تسمية النصارى بالمسيحيين؛ فإن مجاراة النصارى في ذلك غَلَط شائع أيضًا؛ لأنهم ليسوا أتباعًا للمسيح عليه السلام، فكيف يتشرفون بالنسبة إليه؟ كما أن انتسابهم إليه عليه السلام مرتبط بتصورهم الشركي الخرافي عن ألوهيته. قال الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه معجم المناهي اللفظية (ص94،93): لا يجوز إبدال اسم النصارى بالمسيحيين، نسبة إلى أتباع المسيح عليه السلام، وهي تسمية حادثة لا وجود لها في التاريخ، ولا استعمالات العلماء؛ لأن النصارى بدَّلوا دين المسيح، وحرَّفوه، كما عمل يهود بدين موسى عليه السلام، وهذه تسمية ليس لها أصل، وإنَّما سمّاهم الله النصارى، لا المسيحيين ﴿ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾، ولكفر اليهود والنصارى بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - صار التعبير عنهم بالكافرين، قال الله تعالى: ﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ الآية