Şøķåŕą
05-23-2023, 08:53 PM
نحن أولى بإسرائيل عليه السلام منهم (5)
نُفُور المسلمين من أسماء أنبياء بني إسرائيل الكِرام تَبَعًا لنُفُورهم من اليهود:
شاع في الأَعْصار المُتأخِّرة النُّفُور من التَّسَمِّي بأسماء أنبياء بني إسرائيل، وصار الإقدام على تَسْمِيَة الذُّرِّيَّة بمثل إسْحاق[1]، ويَعْقوب، وغيرهما من أسماء الأنبياء الكرام عليهم السلام من المُسْتَنْكَر في عُرْف عُموم المسلمين، بل ارتبطت أسماء كثير من الأنبياء - ولو لم يكونوا من أنبياء بني إسرائيل عليه السلام - في أذهان أكثر المسلمين بأهل الكتاب، فيَسْتَشْنِعون تَسَمِّي المسلم باسم لُوط، أو شُعَيْب عليهما السلام، فضلًا عن التَّسَمِّي بدانْيال، أو اليَسَع، أو إلْياس، أو غيرها من أسماء أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام، والتي لا يَخْطُر ببال عامَّة الناس أن مُسْلِمًا يَتَسَمَّى بها.
شُيُوع التَّسَمِّي بأسماء أنبياء بني إسرائيل في العصور الإسلامية السَّالِفة:
لقد كان مَوْقِف المسلمين من تلك الأسماء المُبارَكة في العُصُور الغابِرة، مُغايِرًا لموقف عُمومهم اليوم؛ حيث كان العِلْم الشرعي أكثر فُشُوًّا، والمعرفة بقصص الأنبياء، وتاريخ الإسلام أَوْسَع ذُيُوعًا.
ومَنْ تَصَفَّح كُتُب التَّوارِيخ، ومُصَنَّفات التَّراجِم، وَجَدَها تَزْخَر بالعَديد من تلك الأسماء، ومَنْ اعْتاد الرُّجوع إلى تَصانِيف الفقهاء، والمُحَدِّثين، والمُفَسِّرين، واللُّغَوِيِّين، عَثَر على الكثير منها، وأَلِفَت عَيْنُه قراءتها، بل اسْتَحْسَنَتْه، واسْتَمْلَحَت أُذُنه سَماعها في الأسماء والكُنى، ولم يُصِبْها ما يُصيب آذان ضَعِيفِي الصِّلَة بالإرْث الإسلامي العظيم من اسْتِغْراب، ودَهْشة؛ فقد كان اسم إسحاق شائعًا بين المسلمين منذ قديم، وممن كان يُسَمَّى به من علمائهم المشهورين: الإمام الحافظ، والفقيه المجتهد، إسحاق بن إبراهيم، المعروف بابن راهويه[2]، وكان اسم يعقوب ذائعًا، وممن كان يُسَمَّى به: الإمام المقرئ، يعقوب بن إسحاق الحَضْرَمِي، أحد القُرَّاء العَشَرة، وكان من كبار أئمة اللُّغَة، والحديث أيضًا[3].
بل وُجِد في علماء المسلمين أيضًا من سَمَّى ابنَه بلَقَب يعقوب عليه السلام، وهو إسرائيل، فسَمَّى الإمامُ ابن الإمامِ، يُونُسُ بن أبي إسحاق السَّبِيْعِي أحدَ أولاده - والذي صار إمامًا في الحديث أيضًا كأبيه وجده - بإسْرائيل[4]، وكان أبوه يُكْنَى به، ولا غَضاضَة في ذلك ألبتة؛ فقد كانت هذه الكُنْيَة لمن هو خَيْرٌ منه، وهو الصحابي الذي جاء ذكره في صحيح البخاري[5] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه؟ فقالوا: أبو إسرائيل، نَذَر أن يقوم، ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرْه، فليتكلم، وليَسْتَظِل، وليَقْعُد، وليُتِمَّ صَوْمه".
فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتَغْيِير كُنْيَتِه، ولا أَنْكَرها عليه.
وممن كان يُسَمَّى باسم إسرائيل من المُحَدِّثين: إسرائيل بن مُوسى البَصْرِي، أحد الثِّقات الذين يروون عن الحسن البصري، وابن سيرين، وغيرهما من التابعين رحمهم الله تعالى، وروى عنه يحيى القَطَّان، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وغيرهما من أئمة الحديث الكبار.[6]
وقد كان الذين يدخلون في الإسلام من اليهود يُنْسَبون إلى إسرائيل عليه السلام، وذكر الإمام السَّمْعاني نِسْبة (الإسرائيلي) في كتابه الأنساب[7]، وذكر فيها أحد المُحَدِّثين الذين اشتهروا بهذه النِّسْبة، ولكن ذلك المُحَدِّث كان يُنْسَب إلى أحد أجداده الذي كان يُسَمَّى بإسرائيل، وفات السَّمْعاني رحمه الله أن يُدْرِج الذين يُنْسَبون إلى إسرائيل عليه السلام، فتَعَقَّبه ابنُ الأثير في تَهْذيبه على كتاب الأنساب المُسَمَّى باللُّباب[8] قائلًا: فاته (الإسرائيلي) نِسْبَةً إلى نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام (إسرائيل)، يُنْسَب إليه كثير ممن أَسْلَم من أَحْبار يهود، منهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه[9]، وغيره،انتهى.
وقال السُّيُوطي في تحرير لُباب ابن الأثير المُسَمَّى لُب اللُّباب: الإسرائيلي: من مُسْلِمي اليهود إلى يعقوب.
• وعُرِف في تلك الأَعْصار القديمة أيضًا التَّسَمِّي باسم لُوط، وممن سُمِّيَ بذلك: لوط بن إسحاق بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأمه أم إسحاق بنت سعيد ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وكان عابدًا عالمًا، تُوفي في خلافة أبي جعفر المنصور[10].
• وأما شُعَيْبٌ، فكثير أولئك الذين سُمُّوا به، ومنهم: شُعَيْب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان صدوقًا، وسمع من جَدِّه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه[11]، ومنهم أيضًا: الإمام الحافظ، الفقيه، شعيب ابن الإمام الحافظ، والفقيه المجتهد، الليث بن سعد، المصري[12].
• وأما التَّسَمِّي بدانيال، فلم يكن مُسْتَنْكَرًا كذلك؛ فقد كان أحد مَشاهير الأُدباء في مصر في آخر القرن السابع، ومَطْلَع القرن الثامن الهجري، يُسَمَّى محمد بن دانيال بن يوسف، ولَقَبُه شمس الدين، وكان يعمل كَحَّالًا، وكان يُعْرَف بابن دانيال، وتُوفي بها في سنة عشر وسبعمائة.[13]
وممن تَسَمَّى باسم دانيال أيضًا: القاضي، المُقْرِئ، أبو الفضائل، ضياء الدين، دانيال بن منكلي بن صرفا، التُّرْكُمانِي، الكَرْكِي، الشافعي، وكان قاضِيًا على الشَّوْبَك[14]، وتوفي بها في سنة ست وتسعين وست مئة.[15]
• وأما التَّسَمِّي باسم اليَسَع؛ فقد تَسَمَّى به الإمام المُقْرئ، المؤرخ، أبو يحيى، اليَسَع بن عيسى بن حَزْم بن عبد الله بن اليَسَع، الغافِقِي، الجَيَّانِي، والذي رَحَل إلى مصر، واسْتَوْطَنَها في أواخر حياته، وتُوفي بها في أيام السلطان صلاح الدين الأيوبي، وهو أول من خَطَب بمصر على مَنابر العُبَيْدِيِّين بالدعوة العَبِّاسِيَّة عند نقلها، وكان غيره من الخُطَباء قد تَهَيَّبوا المَوْقف، فلم يَجْرؤ على الخَطابة غيره، وكان السلطان صلاح الدين يَرى له ذلك، فيُكْرِمُه، ويسمع قوله، ويَقْبَل شفاعته.[16]
• وأما الذين سُمُّوا بإلياس من المشاهير، فهم أكثر من أن يُحْصَوا، ومنهم: إلياس بن حبيب الفهري، أخو عبد الرحمن آخر أمراء إفريقية من قبل الأمويين، وهما من نَسْل عقبة بن نافع رحمه الله تعالى[17]، ومنهم: الإمام المحدث، أبو الفضل، إلياس بن جامع بن علي، الإربلي، المتوفى سنة إحدى وستمائة[18]، والإمام المقرئ، أبو البركات، إلياس بن محمد بن علي الأنصاري، الدمشقي، المتوفى سنة ست وعشرين وستمائة[19]، والإمام المقرئ، ركن الدين، إلياس بن علوان بن ممدود، الإربلي، ثم الدمشقي، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وستمائة[20]، وغيرهم كثير.[21]
[1] إسحاق هو اسم والد يعقوب عليهما السلام، فليس هو من أنبياء بني إسرائيل الذي هم من ذرية يعقوب عليه السلام، بل هو والد أبيهم، ولكن اسمه عليه السلام ارتبط ببني إسرائيل؛ لكون يعقوب عليه السلام وذريته من أنبياء بني إسرائيل من نسله، كما كان لما زعمه أهل الكتاب، وقال به بعض علماء المسلمين - وهو قول شاذ - من كون إسحاق عليه السلام هو الذبيح، وما ترتب على ذلك من مزاعم اليهود حول الوعود المذكورة في التوراة بإعطاء القدس - بل ما بين الفرات إلى النيل - لنسل إبراهيم عليه السلام، وهم يزعمون أن الوعد كان لذرية إسحاق عليه السلام، وعلى فرض صحته - مع اليقين ببطلانه - فما لليهود الكفرة بالنبوات والرسالات بتلك الوعود؟ ومن أحق بنيلها من أتباع أولئك الأنبياء حقًا؟ ألا وهم المسلمون الصادقون.
نُفُور المسلمين من أسماء أنبياء بني إسرائيل الكِرام تَبَعًا لنُفُورهم من اليهود:
شاع في الأَعْصار المُتأخِّرة النُّفُور من التَّسَمِّي بأسماء أنبياء بني إسرائيل، وصار الإقدام على تَسْمِيَة الذُّرِّيَّة بمثل إسْحاق[1]، ويَعْقوب، وغيرهما من أسماء الأنبياء الكرام عليهم السلام من المُسْتَنْكَر في عُرْف عُموم المسلمين، بل ارتبطت أسماء كثير من الأنبياء - ولو لم يكونوا من أنبياء بني إسرائيل عليه السلام - في أذهان أكثر المسلمين بأهل الكتاب، فيَسْتَشْنِعون تَسَمِّي المسلم باسم لُوط، أو شُعَيْب عليهما السلام، فضلًا عن التَّسَمِّي بدانْيال، أو اليَسَع، أو إلْياس، أو غيرها من أسماء أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام، والتي لا يَخْطُر ببال عامَّة الناس أن مُسْلِمًا يَتَسَمَّى بها.
شُيُوع التَّسَمِّي بأسماء أنبياء بني إسرائيل في العصور الإسلامية السَّالِفة:
لقد كان مَوْقِف المسلمين من تلك الأسماء المُبارَكة في العُصُور الغابِرة، مُغايِرًا لموقف عُمومهم اليوم؛ حيث كان العِلْم الشرعي أكثر فُشُوًّا، والمعرفة بقصص الأنبياء، وتاريخ الإسلام أَوْسَع ذُيُوعًا.
ومَنْ تَصَفَّح كُتُب التَّوارِيخ، ومُصَنَّفات التَّراجِم، وَجَدَها تَزْخَر بالعَديد من تلك الأسماء، ومَنْ اعْتاد الرُّجوع إلى تَصانِيف الفقهاء، والمُحَدِّثين، والمُفَسِّرين، واللُّغَوِيِّين، عَثَر على الكثير منها، وأَلِفَت عَيْنُه قراءتها، بل اسْتَحْسَنَتْه، واسْتَمْلَحَت أُذُنه سَماعها في الأسماء والكُنى، ولم يُصِبْها ما يُصيب آذان ضَعِيفِي الصِّلَة بالإرْث الإسلامي العظيم من اسْتِغْراب، ودَهْشة؛ فقد كان اسم إسحاق شائعًا بين المسلمين منذ قديم، وممن كان يُسَمَّى به من علمائهم المشهورين: الإمام الحافظ، والفقيه المجتهد، إسحاق بن إبراهيم، المعروف بابن راهويه[2]، وكان اسم يعقوب ذائعًا، وممن كان يُسَمَّى به: الإمام المقرئ، يعقوب بن إسحاق الحَضْرَمِي، أحد القُرَّاء العَشَرة، وكان من كبار أئمة اللُّغَة، والحديث أيضًا[3].
بل وُجِد في علماء المسلمين أيضًا من سَمَّى ابنَه بلَقَب يعقوب عليه السلام، وهو إسرائيل، فسَمَّى الإمامُ ابن الإمامِ، يُونُسُ بن أبي إسحاق السَّبِيْعِي أحدَ أولاده - والذي صار إمامًا في الحديث أيضًا كأبيه وجده - بإسْرائيل[4]، وكان أبوه يُكْنَى به، ولا غَضاضَة في ذلك ألبتة؛ فقد كانت هذه الكُنْيَة لمن هو خَيْرٌ منه، وهو الصحابي الذي جاء ذكره في صحيح البخاري[5] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه؟ فقالوا: أبو إسرائيل، نَذَر أن يقوم، ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُرْه، فليتكلم، وليَسْتَظِل، وليَقْعُد، وليُتِمَّ صَوْمه".
فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتَغْيِير كُنْيَتِه، ولا أَنْكَرها عليه.
وممن كان يُسَمَّى باسم إسرائيل من المُحَدِّثين: إسرائيل بن مُوسى البَصْرِي، أحد الثِّقات الذين يروون عن الحسن البصري، وابن سيرين، وغيرهما من التابعين رحمهم الله تعالى، وروى عنه يحيى القَطَّان، وسُفْيان بن عُيَيْنة، وغيرهما من أئمة الحديث الكبار.[6]
وقد كان الذين يدخلون في الإسلام من اليهود يُنْسَبون إلى إسرائيل عليه السلام، وذكر الإمام السَّمْعاني نِسْبة (الإسرائيلي) في كتابه الأنساب[7]، وذكر فيها أحد المُحَدِّثين الذين اشتهروا بهذه النِّسْبة، ولكن ذلك المُحَدِّث كان يُنْسَب إلى أحد أجداده الذي كان يُسَمَّى بإسرائيل، وفات السَّمْعاني رحمه الله أن يُدْرِج الذين يُنْسَبون إلى إسرائيل عليه السلام، فتَعَقَّبه ابنُ الأثير في تَهْذيبه على كتاب الأنساب المُسَمَّى باللُّباب[8] قائلًا: فاته (الإسرائيلي) نِسْبَةً إلى نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام (إسرائيل)، يُنْسَب إليه كثير ممن أَسْلَم من أَحْبار يهود، منهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه[9]، وغيره،انتهى.
وقال السُّيُوطي في تحرير لُباب ابن الأثير المُسَمَّى لُب اللُّباب: الإسرائيلي: من مُسْلِمي اليهود إلى يعقوب.
• وعُرِف في تلك الأَعْصار القديمة أيضًا التَّسَمِّي باسم لُوط، وممن سُمِّيَ بذلك: لوط بن إسحاق بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأمه أم إسحاق بنت سعيد ابن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وكان عابدًا عالمًا، تُوفي في خلافة أبي جعفر المنصور[10].
• وأما شُعَيْبٌ، فكثير أولئك الذين سُمُّوا به، ومنهم: شُعَيْب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان صدوقًا، وسمع من جَدِّه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه[11]، ومنهم أيضًا: الإمام الحافظ، الفقيه، شعيب ابن الإمام الحافظ، والفقيه المجتهد، الليث بن سعد، المصري[12].
• وأما التَّسَمِّي بدانيال، فلم يكن مُسْتَنْكَرًا كذلك؛ فقد كان أحد مَشاهير الأُدباء في مصر في آخر القرن السابع، ومَطْلَع القرن الثامن الهجري، يُسَمَّى محمد بن دانيال بن يوسف، ولَقَبُه شمس الدين، وكان يعمل كَحَّالًا، وكان يُعْرَف بابن دانيال، وتُوفي بها في سنة عشر وسبعمائة.[13]
وممن تَسَمَّى باسم دانيال أيضًا: القاضي، المُقْرِئ، أبو الفضائل، ضياء الدين، دانيال بن منكلي بن صرفا، التُّرْكُمانِي، الكَرْكِي، الشافعي، وكان قاضِيًا على الشَّوْبَك[14]، وتوفي بها في سنة ست وتسعين وست مئة.[15]
• وأما التَّسَمِّي باسم اليَسَع؛ فقد تَسَمَّى به الإمام المُقْرئ، المؤرخ، أبو يحيى، اليَسَع بن عيسى بن حَزْم بن عبد الله بن اليَسَع، الغافِقِي، الجَيَّانِي، والذي رَحَل إلى مصر، واسْتَوْطَنَها في أواخر حياته، وتُوفي بها في أيام السلطان صلاح الدين الأيوبي، وهو أول من خَطَب بمصر على مَنابر العُبَيْدِيِّين بالدعوة العَبِّاسِيَّة عند نقلها، وكان غيره من الخُطَباء قد تَهَيَّبوا المَوْقف، فلم يَجْرؤ على الخَطابة غيره، وكان السلطان صلاح الدين يَرى له ذلك، فيُكْرِمُه، ويسمع قوله، ويَقْبَل شفاعته.[16]
• وأما الذين سُمُّوا بإلياس من المشاهير، فهم أكثر من أن يُحْصَوا، ومنهم: إلياس بن حبيب الفهري، أخو عبد الرحمن آخر أمراء إفريقية من قبل الأمويين، وهما من نَسْل عقبة بن نافع رحمه الله تعالى[17]، ومنهم: الإمام المحدث، أبو الفضل، إلياس بن جامع بن علي، الإربلي، المتوفى سنة إحدى وستمائة[18]، والإمام المقرئ، أبو البركات، إلياس بن محمد بن علي الأنصاري، الدمشقي، المتوفى سنة ست وعشرين وستمائة[19]، والإمام المقرئ، ركن الدين، إلياس بن علوان بن ممدود، الإربلي، ثم الدمشقي، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وستمائة[20]، وغيرهم كثير.[21]
[1] إسحاق هو اسم والد يعقوب عليهما السلام، فليس هو من أنبياء بني إسرائيل الذي هم من ذرية يعقوب عليه السلام، بل هو والد أبيهم، ولكن اسمه عليه السلام ارتبط ببني إسرائيل؛ لكون يعقوب عليه السلام وذريته من أنبياء بني إسرائيل من نسله، كما كان لما زعمه أهل الكتاب، وقال به بعض علماء المسلمين - وهو قول شاذ - من كون إسحاق عليه السلام هو الذبيح، وما ترتب على ذلك من مزاعم اليهود حول الوعود المذكورة في التوراة بإعطاء القدس - بل ما بين الفرات إلى النيل - لنسل إبراهيم عليه السلام، وهم يزعمون أن الوعد كان لذرية إسحاق عليه السلام، وعلى فرض صحته - مع اليقين ببطلانه - فما لليهود الكفرة بالنبوات والرسالات بتلك الوعود؟ ومن أحق بنيلها من أتباع أولئك الأنبياء حقًا؟ ألا وهم المسلمون الصادقون.