نبضها مطيري
05-13-2023, 06:31 PM
كان 2022 عاما مليئا بالأحداث غير المتوقعة سياسيا واقتصاديا، حيث إن التباطؤ الاقتصادي لم يكن متوقعا، والتضخم الذي انفلت من عقاله لم يكن متوقعا، والحرب الروسية - الأوكرانية لم تكن متوقعة، أو على الأقل لم يتوقع لها أن تستمر كل تلك المدة.
كل تلك الأحداث غير المتوقعة انعكست سلبا على تدفقات رؤوس الأموال الموجهة للاستثمار في المجال العقاري في القارة الأوروبية، ومع ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الديون وتقلص العائد الاستثماري ازدادت ندرة رؤوس الأموال التي تستهدف قطاع العقارات الأوروبي.
المشهد الاقتصادي والسياسي لـ2022 حمل تبعاته إلى 2023، حيث يوجد مزيج من الآراء المتباينة بين الخبراء حول أوضاع القطاع العقاري الأوروبي وما سيؤول إليه هذا العام. فبينما ترجح الأغلبية العظمى من الخبراء حدوث انخفاض في أسعار العقارات خاصة الوحدات السكنية من الآن وحتى نهاية العام المقبل، دون أن يصل ذلك إلى حافة الانهيار السعري، على أن تشهد الأسواق العقارية الأوروبية انتعاشا قويا في 2025، فإن وجهة النظر الأخرى ترى الأمر من زاوية ترجح أن تؤدي الظروف الاقتصادية وبحث كبار المستثمرين عن قنوات استثمارية آمنة وهو ما يتميز به القطاع العقاري إلى جذب المستثمرين وارتفاع الأسعار في ظل العرض المحدود للوحدات العقارية.
أيا كانت وجهة النظر بشأن مستقبل قطاع العقارات الأوروبي، فالمؤكد أن الأمر قد يستغرق وقتا حتى تتكيف أسعار السوق والاستثمار بشكل كامل مع أسعار الفائدة المرتفعة، كما أن الأمر سيختلف من دولة إلى أخرى وفقا لظروفها الاقتصادية، لكن في المتوسط سيتطلب الأمر نحو عامين ونصف العام حتى تفلح الأسواق العقارية الأوروبية في استعادة توازنها.
يقول لـ"الاقتصادية"، إل. دي أديسون الخبير العقاري في شركة نايت فرانك للعقارات "الخوف الراهن يتمثل في حدوث ضغط على قيم العقارات في الدول الأوروبية، إذ انخفضت قيم العقارات العام الماضي ويبدو أنه لا مفر أن تشهد مزيدا من الانخفاض هذا العام، وستكون ألمانيا أكثر الدول تضررا، فخلال الأعوام السبعة الماضية زاد متوسط قيمة المنازل هناك 50 في المائة، وفي دول مثل إسبانيا وإيطاليا لا يزال انخفاض الأسعار محدودا، أما هولندا فستكون في القارب نفسه مع ألمانيا، بينما ستنخفض الأسعار في بلجيكا هذا العام ما بين 2 - 3 في المائة بعد أن شهدت ارتفاعا بنسبة 5 في المائة العام الماضي".
ويضيف "التقديرات الراهنة تشير إلى أن أسعار المساكن في منطقة اليورو ستشهد انخفاضا 8 في المائة بحلول نهاية 2024".
تتفق وجهة نظر الخبير العقاري إل.دي أديسون مع تقييم وكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي توقعت في نهاية العام الماضي بأن أسعار المنازل الأوروبية ستتراجع هذا العام والعام المقبل، نتيجة ارتفاع معدلات الرهن العقاري والتضخم وتآكل قدرة المستهلكين على تحمل التكاليف، لكنها وبخلاف تقديرات شركة نايت فرانك ترى أن أكبر انخفاض في أسعار الوحدات السكانية في أوروبا سيحدث في الدنمارك بنسبة تراوح بين 7 و10 في المائة، يليها هولندا بنسبة تراوح بين 4 و6 في المائة ثم ألمانيا بمعدل 2 - 4 في المائة.
لكن الدكتورة إلين سميث أستاذة التطوير العقاري في جامعة بروملي ترى أن تراجع أسعار العقارات الأوروبية ليس حالة استثنائية وإنما جزء من ظاهرة عالمية.
وتؤكد لـ"الاقتصادية" أن أسواق الإسكان العالمية تتراجع بعد أعوام من المكاسب المستمرة، وهناك انخفاض واسع النطاق في أسعار المساكن معدلة حسب التضخم في ثلثي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن هذا الوضع سيتغير وستتمتع الأسواق باستقرار أكبر عندما تبطئ البنوك المركزية توجهاتها الراهنة برفع أسعار الفائدة أو توقفها مؤقتا لترويض التضخم.
وتضيف "بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي تشير الدراسات إلى أن كلا من الإيجارات وأسعار المنازل في الاتحاد الأوروبي قد ارتفعت بشكل مطرد منذ 2010، لكن تكلفة شراء منزل ارتفعت بنسبة 45 في المائة، في حين أن متوسط الزيادات في الإيجارات كان أقل بكثير ولم يتجاوز 17 في المائة. المشهد الآن يتغير لمصلحة ارتفاع الإيجارات بسبب عدم قدرة عديد من فئات المجتمع خاصة الطبقة المتوسطة على سداد الأقساط الشهرية للرهن العقاري مع ارتفاع أسعار الفائدة".
يتفق المحلل العقاري ديفيد صامويل مع آراء الدكتورة إلين سميث، لكنه يشير إلى أن الاتجاهات الناشئة في قطاع العقارات الأوروبي هذا العام تكشف أن القطاع يقف عند مفترق طرق غير مريح على حد قوله.
ويقول لـ"الاقتصادية" إن "مجموعة استثنائية من الظروف توجد الآن في جميع أنحاء أوروبا. هناك أزمة لاجئين وأزمة طاقة والنمو الاقتصادي منخفض للغاية. والاتحاد الأوروبي يضغط بشدة على الدول الأعضاء لتوسيع الاستثمار العام للتحولات الخضراء والرقمية وأمن الطاقة. كل هذا يضغط بشدة على الاستثمارات التي تستهدف القطاع العقاري، في الوقت ذاته يصعب على مؤسسات الإسكان ذات الربح المحدود توفير حلول سريعة للأزمة الراهنة، ففي الدنمارك على سبيل المثال توقفت 73 في المائة من أعمال البناء بسبب سقف تكاليف التطوير في قطاع الإسكان غير الهادف للربح".
مع هذا يرى بعض الخبراء أن نقص المعروض من المساكن لتلبية احتياجات السكان المتنامية والمتغيرة في جميع أنحاء القارة الأوروبية سيؤدي إلى نمو قوي في أسعار المنازل في أجزاء كثيرة من القارة مستقبلا.
لهذا يرى ألفي هاري الباحث في الاقتصاد الأوروبي أن 2023 قد يكون عاما ذهبيا للمستثمرين في القطاع العقاري، حيث إن تداعيات عدم اليقين السائد في الاقتصاد الأوروبي يدفع بالمستثمرين إلى البحث عن قنوات استثمارية تتسم بالثقة، وهو ما يتميز به القطاع العقاري، فالضغوط الحالية في الأسواق تتحرك على عدة جبهات مما قد يحول سوق البائعين الذي ساد في الأعوام السبعة الماضية إلى سوق للمشترين.
ويقول لـ"الاقتصادية" إنه "يمكن لكبار المستثمرين والشركات العقارية العملاقة ذات الطابع العالمي البقاء على المسار الصحيح إذا أخذت في الاعتبار الاستراتيجيات الخاصة بمواقع التشييد والقطاعات الأكثر جاذبية في أوروبا وتحركها في الأغلب التركيبة السكانية والتكنولوجيا ومن غير المرجح أن تتأثر تلك الشركات كثيرا بإعادة ضبط سعر الفائدة أو الركود الاقتصادي".
كل تلك الأحداث غير المتوقعة انعكست سلبا على تدفقات رؤوس الأموال الموجهة للاستثمار في المجال العقاري في القارة الأوروبية، ومع ارتفاع أسعار الفائدة وتكلفة الديون وتقلص العائد الاستثماري ازدادت ندرة رؤوس الأموال التي تستهدف قطاع العقارات الأوروبي.
المشهد الاقتصادي والسياسي لـ2022 حمل تبعاته إلى 2023، حيث يوجد مزيج من الآراء المتباينة بين الخبراء حول أوضاع القطاع العقاري الأوروبي وما سيؤول إليه هذا العام. فبينما ترجح الأغلبية العظمى من الخبراء حدوث انخفاض في أسعار العقارات خاصة الوحدات السكنية من الآن وحتى نهاية العام المقبل، دون أن يصل ذلك إلى حافة الانهيار السعري، على أن تشهد الأسواق العقارية الأوروبية انتعاشا قويا في 2025، فإن وجهة النظر الأخرى ترى الأمر من زاوية ترجح أن تؤدي الظروف الاقتصادية وبحث كبار المستثمرين عن قنوات استثمارية آمنة وهو ما يتميز به القطاع العقاري إلى جذب المستثمرين وارتفاع الأسعار في ظل العرض المحدود للوحدات العقارية.
أيا كانت وجهة النظر بشأن مستقبل قطاع العقارات الأوروبي، فالمؤكد أن الأمر قد يستغرق وقتا حتى تتكيف أسعار السوق والاستثمار بشكل كامل مع أسعار الفائدة المرتفعة، كما أن الأمر سيختلف من دولة إلى أخرى وفقا لظروفها الاقتصادية، لكن في المتوسط سيتطلب الأمر نحو عامين ونصف العام حتى تفلح الأسواق العقارية الأوروبية في استعادة توازنها.
يقول لـ"الاقتصادية"، إل. دي أديسون الخبير العقاري في شركة نايت فرانك للعقارات "الخوف الراهن يتمثل في حدوث ضغط على قيم العقارات في الدول الأوروبية، إذ انخفضت قيم العقارات العام الماضي ويبدو أنه لا مفر أن تشهد مزيدا من الانخفاض هذا العام، وستكون ألمانيا أكثر الدول تضررا، فخلال الأعوام السبعة الماضية زاد متوسط قيمة المنازل هناك 50 في المائة، وفي دول مثل إسبانيا وإيطاليا لا يزال انخفاض الأسعار محدودا، أما هولندا فستكون في القارب نفسه مع ألمانيا، بينما ستنخفض الأسعار في بلجيكا هذا العام ما بين 2 - 3 في المائة بعد أن شهدت ارتفاعا بنسبة 5 في المائة العام الماضي".
ويضيف "التقديرات الراهنة تشير إلى أن أسعار المساكن في منطقة اليورو ستشهد انخفاضا 8 في المائة بحلول نهاية 2024".
تتفق وجهة نظر الخبير العقاري إل.دي أديسون مع تقييم وكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي توقعت في نهاية العام الماضي بأن أسعار المنازل الأوروبية ستتراجع هذا العام والعام المقبل، نتيجة ارتفاع معدلات الرهن العقاري والتضخم وتآكل قدرة المستهلكين على تحمل التكاليف، لكنها وبخلاف تقديرات شركة نايت فرانك ترى أن أكبر انخفاض في أسعار الوحدات السكانية في أوروبا سيحدث في الدنمارك بنسبة تراوح بين 7 و10 في المائة، يليها هولندا بنسبة تراوح بين 4 و6 في المائة ثم ألمانيا بمعدل 2 - 4 في المائة.
لكن الدكتورة إلين سميث أستاذة التطوير العقاري في جامعة بروملي ترى أن تراجع أسعار العقارات الأوروبية ليس حالة استثنائية وإنما جزء من ظاهرة عالمية.
وتؤكد لـ"الاقتصادية" أن أسواق الإسكان العالمية تتراجع بعد أعوام من المكاسب المستمرة، وهناك انخفاض واسع النطاق في أسعار المساكن معدلة حسب التضخم في ثلثي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن هذا الوضع سيتغير وستتمتع الأسواق باستقرار أكبر عندما تبطئ البنوك المركزية توجهاتها الراهنة برفع أسعار الفائدة أو توقفها مؤقتا لترويض التضخم.
وتضيف "بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي تشير الدراسات إلى أن كلا من الإيجارات وأسعار المنازل في الاتحاد الأوروبي قد ارتفعت بشكل مطرد منذ 2010، لكن تكلفة شراء منزل ارتفعت بنسبة 45 في المائة، في حين أن متوسط الزيادات في الإيجارات كان أقل بكثير ولم يتجاوز 17 في المائة. المشهد الآن يتغير لمصلحة ارتفاع الإيجارات بسبب عدم قدرة عديد من فئات المجتمع خاصة الطبقة المتوسطة على سداد الأقساط الشهرية للرهن العقاري مع ارتفاع أسعار الفائدة".
يتفق المحلل العقاري ديفيد صامويل مع آراء الدكتورة إلين سميث، لكنه يشير إلى أن الاتجاهات الناشئة في قطاع العقارات الأوروبي هذا العام تكشف أن القطاع يقف عند مفترق طرق غير مريح على حد قوله.
ويقول لـ"الاقتصادية" إن "مجموعة استثنائية من الظروف توجد الآن في جميع أنحاء أوروبا. هناك أزمة لاجئين وأزمة طاقة والنمو الاقتصادي منخفض للغاية. والاتحاد الأوروبي يضغط بشدة على الدول الأعضاء لتوسيع الاستثمار العام للتحولات الخضراء والرقمية وأمن الطاقة. كل هذا يضغط بشدة على الاستثمارات التي تستهدف القطاع العقاري، في الوقت ذاته يصعب على مؤسسات الإسكان ذات الربح المحدود توفير حلول سريعة للأزمة الراهنة، ففي الدنمارك على سبيل المثال توقفت 73 في المائة من أعمال البناء بسبب سقف تكاليف التطوير في قطاع الإسكان غير الهادف للربح".
مع هذا يرى بعض الخبراء أن نقص المعروض من المساكن لتلبية احتياجات السكان المتنامية والمتغيرة في جميع أنحاء القارة الأوروبية سيؤدي إلى نمو قوي في أسعار المنازل في أجزاء كثيرة من القارة مستقبلا.
لهذا يرى ألفي هاري الباحث في الاقتصاد الأوروبي أن 2023 قد يكون عاما ذهبيا للمستثمرين في القطاع العقاري، حيث إن تداعيات عدم اليقين السائد في الاقتصاد الأوروبي يدفع بالمستثمرين إلى البحث عن قنوات استثمارية تتسم بالثقة، وهو ما يتميز به القطاع العقاري، فالضغوط الحالية في الأسواق تتحرك على عدة جبهات مما قد يحول سوق البائعين الذي ساد في الأعوام السبعة الماضية إلى سوق للمشترين.
ويقول لـ"الاقتصادية" إنه "يمكن لكبار المستثمرين والشركات العقارية العملاقة ذات الطابع العالمي البقاء على المسار الصحيح إذا أخذت في الاعتبار الاستراتيجيات الخاصة بمواقع التشييد والقطاعات الأكثر جاذبية في أوروبا وتحركها في الأغلب التركيبة السكانية والتكنولوجيا ومن غير المرجح أن تتأثر تلك الشركات كثيرا بإعادة ضبط سعر الفائدة أو الركود الاقتصادي".