Şøķåŕą
05-12-2023, 11:10 PM
طوارقُ الزمانِ لا تُحابِي أَحدًا، وأقدارُ اللهِ نافذة، تَمُرُّ على التَّقِيِّ والفَاسِق، وعلى البَرِّ والفَاجِر، تَطْرُقُ فلا تَستَشِير، وتَحِلُّ فلا تَستَأْذِن.
في هذه المَرَّةِ يَسْتَقبِلُها ذلك الشَّيخ الكَبِير، فيُدَافِعُ البلاءَ بالصَّبر، ويَزْدادُ تعلُّقًا باللهِ داعيًا راجيًا.
﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 16، 17] ما أعْظَمَ المُصَابَ! ومَا أشدَّ الرَّزِيَّة، فقد أُصيبَ الشيخُ بأَحبِّ أبنائِه إليه، وحِيلَ بينهُما، فلا يَدْرِي أيَّ أرضٍ تُقِلُّه وأَيَّ سَماء تُظِلَّه.
أَعْجزَهُ التَّدبِير فتَعلَّق بالمُدَبِّر سُبحانَه ﴿ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾ [يونس: 31].
ما زالَ يعقوبُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ صابرًا لفَقْدِ يوسفَ عليهما الصلاة والسلام حتَّى تَوالَتْ عليه الابْتِلاءَات، وحَطَّت رحَالَها في قلبِه؛ فقرٌ وعوزٌ ﴿ يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ﴾ [يوسف: 88] إلى فَقْدِ ابنِه بنيامين، ثم ابنِه المقيمِ بمصرَ، وتَبِعَ ذلك فَقْدُ بَصَرِه، أحزانٌ يَعْلُو بَعضُها فوقَ بعض.
الضَّعفُ البَشَرِي أخَذَ نَصِيبَهُ ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84] إلاَّ أنَّهُ كظيم كَتَمَ حُزنَهُ؛ فلم يَبُثَّهُ لمخلوق ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86]، هو لا يشتكي من الله بل يشكو إليه سبحانه!
في تلك اللحظة يتساقط الكثير في هاوية اليأس، إلا أن يعقوب عليه الصلاة والسلام كُلَّما اشْتَدَّ كَرْبُهُ تَعَاظَمَ رَجَاؤُه، هو يرْجُو عَودَتَهُم جميعًا ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83] الْعَلِيمُ بِحَالِي، الحكيمُ فِيمَا قَضَى وقَدَّر.
لم يصِبهُ اليَأسُ وعشراتُ السنواتِ قدْ تعاقَبَتْ عليه بثُقْلِها وأحْزانِها،
لم يُصِبْه اليأسُ والابتلاءاتُ تزيدُ ولا تَنقُص، هو رجلٌ قدْ يَئِسَ مِنْهُ اليَأْس!
هو لَا يعلم اَلْحِكْمَة وَلَكِنَّهُ يُؤْمِنُ بِالْحَكِيمِ! لَمْ يَعتَرِض على اللهِ في قَضَائه، أو يَتَذَمَّر مِنْ طُولِ بَلائِه، لَمْ يَجزَعْ فَيَشُقَّ جَيْبًا أَوْ يَلطِمَ خَدًّا.
بقي صابرًا حتى جاءَ الْوَقْتُ الَّذِي اختَارَهُ اللَّهُ، فيأْذنُ المُدَبِّرُ الحَكِيمُ سُبحَانَهُ بالفَرِجِ؛ فيطرُقُ مِن بابٍ لا يَتوقَّعُه أحد!
مَن كان يظُنُّ أنَّ الفقرَ مِفتاحُ الفَرج، فلولا حاجتهم ما اتجهوا إلى مصر، وما احتاجوا إلى عزيزها، ولما ترددوا إليه وتعرَّف عليهم.
عِوَضُ اللَّه وَإِنَّ تَأَخَّر فَإِنَّهُ يَأْتِي عَظِيمًا مُبَارَكًا، وَعَلَى قَدْرِ عِظَمِ الصَّبرِ يَكونُ عِظَمُ اَلْفَرَج.
فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تَزُولُ كُلُّ بَلَاءَاتِهِ، ويُحَقِّقُ اللَّهُ رَجاءه، فَيَعودُ إليه جَميعُ أَبنائه، بَلْ زادَه فَوقَ مَا رَجاهُ: أَنْ جَعَلَ يُوسُف عَزِيز مِصْرَ، وَزَادَهُ أَنِ ارْتَدَّ إِلَيْهِ بَصَرهُ، وَزَاده أَنْ أَغنَاهُ من فَقر.
هَذَا عِوَض اللَّه فِي الدُّنيا، فَكَيف بعِوَضِه فِي الآخرَة!
هَذَا لَمِنْ جَاءَهُ شَيْء من الْعِوَض فِي الدُّنْيَا، فَكَيف بِمَنْ ادُّخِرَ لَهُ عِوَضه جَميعًا فِي الآخِرَةِ!
يَقِفُ الخَيالُ عَاجِزًا أَنْ يُحِيطَ بِكَرم الْكَريمِ وُجُود اَلْجَوَادِ، وَإِحسَان اَلْمُحْسِنِ سُبْحَانَه.
﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].
في هذه المَرَّةِ يَسْتَقبِلُها ذلك الشَّيخ الكَبِير، فيُدَافِعُ البلاءَ بالصَّبر، ويَزْدادُ تعلُّقًا باللهِ داعيًا راجيًا.
﴿ وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 16، 17] ما أعْظَمَ المُصَابَ! ومَا أشدَّ الرَّزِيَّة، فقد أُصيبَ الشيخُ بأَحبِّ أبنائِه إليه، وحِيلَ بينهُما، فلا يَدْرِي أيَّ أرضٍ تُقِلُّه وأَيَّ سَماء تُظِلَّه.
أَعْجزَهُ التَّدبِير فتَعلَّق بالمُدَبِّر سُبحانَه ﴿ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ﴾ [يونس: 31].
ما زالَ يعقوبُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ صابرًا لفَقْدِ يوسفَ عليهما الصلاة والسلام حتَّى تَوالَتْ عليه الابْتِلاءَات، وحَطَّت رحَالَها في قلبِه؛ فقرٌ وعوزٌ ﴿ يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ﴾ [يوسف: 88] إلى فَقْدِ ابنِه بنيامين، ثم ابنِه المقيمِ بمصرَ، وتَبِعَ ذلك فَقْدُ بَصَرِه، أحزانٌ يَعْلُو بَعضُها فوقَ بعض.
الضَّعفُ البَشَرِي أخَذَ نَصِيبَهُ ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84] إلاَّ أنَّهُ كظيم كَتَمَ حُزنَهُ؛ فلم يَبُثَّهُ لمخلوق ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 86]، هو لا يشتكي من الله بل يشكو إليه سبحانه!
في تلك اللحظة يتساقط الكثير في هاوية اليأس، إلا أن يعقوب عليه الصلاة والسلام كُلَّما اشْتَدَّ كَرْبُهُ تَعَاظَمَ رَجَاؤُه، هو يرْجُو عَودَتَهُم جميعًا ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83] الْعَلِيمُ بِحَالِي، الحكيمُ فِيمَا قَضَى وقَدَّر.
لم يصِبهُ اليَأسُ وعشراتُ السنواتِ قدْ تعاقَبَتْ عليه بثُقْلِها وأحْزانِها،
لم يُصِبْه اليأسُ والابتلاءاتُ تزيدُ ولا تَنقُص، هو رجلٌ قدْ يَئِسَ مِنْهُ اليَأْس!
هو لَا يعلم اَلْحِكْمَة وَلَكِنَّهُ يُؤْمِنُ بِالْحَكِيمِ! لَمْ يَعتَرِض على اللهِ في قَضَائه، أو يَتَذَمَّر مِنْ طُولِ بَلائِه، لَمْ يَجزَعْ فَيَشُقَّ جَيْبًا أَوْ يَلطِمَ خَدًّا.
بقي صابرًا حتى جاءَ الْوَقْتُ الَّذِي اختَارَهُ اللَّهُ، فيأْذنُ المُدَبِّرُ الحَكِيمُ سُبحَانَهُ بالفَرِجِ؛ فيطرُقُ مِن بابٍ لا يَتوقَّعُه أحد!
مَن كان يظُنُّ أنَّ الفقرَ مِفتاحُ الفَرج، فلولا حاجتهم ما اتجهوا إلى مصر، وما احتاجوا إلى عزيزها، ولما ترددوا إليه وتعرَّف عليهم.
عِوَضُ اللَّه وَإِنَّ تَأَخَّر فَإِنَّهُ يَأْتِي عَظِيمًا مُبَارَكًا، وَعَلَى قَدْرِ عِظَمِ الصَّبرِ يَكونُ عِظَمُ اَلْفَرَج.
فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تَزُولُ كُلُّ بَلَاءَاتِهِ، ويُحَقِّقُ اللَّهُ رَجاءه، فَيَعودُ إليه جَميعُ أَبنائه، بَلْ زادَه فَوقَ مَا رَجاهُ: أَنْ جَعَلَ يُوسُف عَزِيز مِصْرَ، وَزَادَهُ أَنِ ارْتَدَّ إِلَيْهِ بَصَرهُ، وَزَاده أَنْ أَغنَاهُ من فَقر.
هَذَا عِوَض اللَّه فِي الدُّنيا، فَكَيف بعِوَضِه فِي الآخرَة!
هَذَا لَمِنْ جَاءَهُ شَيْء من الْعِوَض فِي الدُّنْيَا، فَكَيف بِمَنْ ادُّخِرَ لَهُ عِوَضه جَميعًا فِي الآخِرَةِ!
يَقِفُ الخَيالُ عَاجِزًا أَنْ يُحِيطَ بِكَرم الْكَريمِ وُجُود اَلْجَوَادِ، وَإِحسَان اَلْمُحْسِنِ سُبْحَانَه.
﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].