رحيل
05-11-2023, 06:51 PM
قوله تعالى : وهم من فزع يومئذ آمنون . دلت على معناه آيات من كتاب الله ; كقوله تعالى في أمنهم من الفزع : لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة الآية [ 21 \ 103 ] ، وقوله تعالى في أمنهم : فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون [ 34 \ 37 ] ، وقوله تعالى : أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة الآية [ 41 \ 40 ] ، وقوله تعالى : وهم من فزع يومئذ [ 27 \ 89 ] ، قرأه عاصم ، وحمزة ، والكسائي بتنوين فزع ، وفتح ميم يومئذ ، وقرأه الباقون بغير تنوين ، بل بالإضافة إلى يومئذ ، إلا أن نافعا قرأ بفتح ميم يومئذ مع إضافة فزع إليه ، وقرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو بإضافة فزع إلى يومئذ مع كسر ميم يومئذ ، وفتح الميم وكسرها من نحو يومئذ ، قد أوضحناه بلغاته وشواهده العربية مع بيان المختار من اللغات في سورة [ ص: 147 ] " مريم " ، في الكلام على قوله تعالى : وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت الآية [ 19 \ 15 ] .
قوله تعالى : ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون . قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : وقال ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، وأبو وائل ، وأبو صالح ، ومحمد بن كعب ، وزيد بن أسلم ، والزهري ، والسدي ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وابن زيد ، في قوله تعالى : ومن جاء بالسيئة ، يعني الشرك .
وهذه الآية الكريمة تضمنت أمرين :
الأول : أن من جاء ربه يوم القيامة بالسيئة كالشرك يكب وجهه في النار .
والثاني : أن السيئة إنما تجزى بمثلها من غير زيادة ، وهذان الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى في الأول منهما : إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا [ 20 \ 74 ] ، وكقوله تعالى في الثاني منهما : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها الآية [ 6 \ 160 ] ، وقوله تعالى : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون [ 28 \ 84 ] ، وقوله تعالى : جزاء وفاقا [ 78 \ 26 ] .
وإذا علمت أن السيئات لا تضاعف ، فاعلم أن السيئة قد تعظم فيعظم جزاؤها بسبب حرمة المكان ; كقوله تعالى : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم [ 22 \ 25 ] ، أو حرمة الزمان ; كقوله تعالى في الأشهر الحرام : فلا تظلموا فيهن أنفسكم [ 9 \ 36 ] .
وقد دلت آيات من كتاب الله أن العذاب يعظم بسبب عظم الإنسان المخالف ; كقوله تعالى في نبينا - صلى الله عليه وسلم - : ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات [ 17 \ 47 ] ، وقوله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين الآية [ 69 \ 44 - 46 ] ، [ ص: 148 ] وكقوله تعالى في أزواجه - صلى الله عليه وسلم - : يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين الآية [ 33 \ 30 ] ، وقد قدمنا طرفا من الكلام على هذا ، في الكلام على قوله تعالى : إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات [ 17 \ 75 ] ، مع تفسير الآية ، ومضاعفة السيئة المشار إليها في هاتين الآيتين ، إن كانت بسبب عظم الذنب ، حتى صار في عظمه كذنبين ، فلا إشكال ، وإن كانت مضاعفة جزاء السيئة كانت هاتان الآيتان مخصصتين للآيات المصرحة ، بأن السيئة لا تجزى إلا بمثلها ، والجميع محتمل ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة . جاء معناه موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : قل ياأيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم الآية [ 10 \ 104 ] ، وقوله تعالى : فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف 106 \ 4 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن . قد قدمنا الآيات التي فيها زيادة إيضاح لقوله : وأمرت أن أكون من المسلمين ، في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : أمرت أن أكون أول من أسلم الآية [ 6 \ 14 ] .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لقوله تعالى هنا : وأن أتلو القرآن ، في سورة " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك الآية [ 18 \ 27 ] .
قوله تعالى : ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين . جاء معناه مبينا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب [ 13 \ 40 ] ، وقوله تعالى : إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل [ 11 \ 12 ] ، وقوله تعالى : فتول عنهم فما أنت بملوم [ 51 \ 54 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى [ ص: 149 ] وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها . جاء معناه في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [ 41 \ 53 ] .
قوله تعالى : وما ربك بغافل عما تعملون . جاء معناه موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار [ 14 \ 42 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون . قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : وقال ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، وأبو وائل ، وأبو صالح ، ومحمد بن كعب ، وزيد بن أسلم ، والزهري ، والسدي ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وابن زيد ، في قوله تعالى : ومن جاء بالسيئة ، يعني الشرك .
وهذه الآية الكريمة تضمنت أمرين :
الأول : أن من جاء ربه يوم القيامة بالسيئة كالشرك يكب وجهه في النار .
والثاني : أن السيئة إنما تجزى بمثلها من غير زيادة ، وهذان الأمران جاءا موضحين في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى في الأول منهما : إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا [ 20 \ 74 ] ، وكقوله تعالى في الثاني منهما : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها الآية [ 6 \ 160 ] ، وقوله تعالى : ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون [ 28 \ 84 ] ، وقوله تعالى : جزاء وفاقا [ 78 \ 26 ] .
وإذا علمت أن السيئات لا تضاعف ، فاعلم أن السيئة قد تعظم فيعظم جزاؤها بسبب حرمة المكان ; كقوله تعالى : ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم [ 22 \ 25 ] ، أو حرمة الزمان ; كقوله تعالى في الأشهر الحرام : فلا تظلموا فيهن أنفسكم [ 9 \ 36 ] .
وقد دلت آيات من كتاب الله أن العذاب يعظم بسبب عظم الإنسان المخالف ; كقوله تعالى في نبينا - صلى الله عليه وسلم - : ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات [ 17 \ 47 ] ، وقوله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين الآية [ 69 \ 44 - 46 ] ، [ ص: 148 ] وكقوله تعالى في أزواجه - صلى الله عليه وسلم - : يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين الآية [ 33 \ 30 ] ، وقد قدمنا طرفا من الكلام على هذا ، في الكلام على قوله تعالى : إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات [ 17 \ 75 ] ، مع تفسير الآية ، ومضاعفة السيئة المشار إليها في هاتين الآيتين ، إن كانت بسبب عظم الذنب ، حتى صار في عظمه كذنبين ، فلا إشكال ، وإن كانت مضاعفة جزاء السيئة كانت هاتان الآيتان مخصصتين للآيات المصرحة ، بأن السيئة لا تجزى إلا بمثلها ، والجميع محتمل ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة . جاء معناه موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : قل ياأيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم الآية [ 10 \ 104 ] ، وقوله تعالى : فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف 106 \ 4 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن . قد قدمنا الآيات التي فيها زيادة إيضاح لقوله : وأمرت أن أكون من المسلمين ، في سورة " الأنعام " ، في الكلام على قوله تعالى : أمرت أن أكون أول من أسلم الآية [ 6 \ 14 ] .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لقوله تعالى هنا : وأن أتلو القرآن ، في سورة " الكهف " ، في الكلام على قوله تعالى : واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك الآية [ 18 \ 27 ] .
قوله تعالى : ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين . جاء معناه مبينا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب [ 13 \ 40 ] ، وقوله تعالى : إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل [ 11 \ 12 ] ، وقوله تعالى : فتول عنهم فما أنت بملوم [ 51 \ 54 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى [ ص: 149 ] وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها . جاء معناه في غير هذا الموضع ; كقوله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [ 41 \ 53 ] .
قوله تعالى : وما ربك بغافل عما تعملون . جاء معناه موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى : ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار [ 14 \ 42 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .