Şøķåŕą
05-02-2023, 03:55 PM
الصحيح لآية الهداية
قال الله تعالى: ﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56].
إذا أردت أن تنصح إنسانًا وتدعوه إلى الهُدى، فسرعان ما يقول لك بعضهم: دعه فإنك لا تهدي من أحببت!
ولو عرف هذا المعترض معنى هذه الآية، ومعنى الهداية في الآية، وسبب نزولها، لم يقل هذا الكلام.
1 - ذكر العلامة القاسمي في تفسير هذه الآية ما نصه:
﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ أي لا تقدر أن تُدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم، ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾: أي أن يهديه فيدخله في الإسلام بعنايته.
﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ أي: القابلين للهداية لاطلاعه على استعدادهم، وكونهم غير مطبوع على قلوبهم. [محاسن التأويل 13/ 115].
2 - أما سبب نزولها فقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره ما نصه:
وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه ويحبه حبًا شديدًا طبعيًا لا شرعيًا، فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والدخول في الإسلام، فسبق القدر فيه، واختطفه من يده، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة البالغة. [3/ 394].
3 - وذكر سبب النزول الإمام مسلم في كتاب الإيمان:
باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة، ونسخ جواز الاستغفار للمشركين، والدليل على أن من مات على الشرك فهو في أصحاب الجحيم، ولا ينقذه من ذلك شيء من الوسائل ثم ذكر السبب بطوله وخلاصته: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله"، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذلك". فأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ إنَكَ لَا تَهدِي مَن أحببَت ﴾.
قوله: "لما حضرت أبا طالب الوفاة" المراد قربت وفاته وحضرت دلائلها، وذلك قبل المعاينة والنزع، ولو كان في حال المعاينة والنزع لما نفعه الإيمان. [انظر صحيح مسلم ج 1/ 54].
أقول: في هذه الآية، وهذا الحديث يثبت أن أبا طالب مات كافرًا، وفيه رد صريح على القائلين بنجاة أبي طالب.
ولا سيما ما رواه العباس بن عبدالمطلب أنه قال: يا رسول الله هل نفعتَ أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: "نعم. هو في ضحضاح من نار. ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار))؛ [رواه مسلم].
وفي رواية: "فيُجعل في ضَحضاح من نار، يبلغ كعبيه، يَغلي منها دماغه". [رواه مسلم].
4 - ومعنى الهداية الواردة في الآية: ﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ هي هداية التوفيق الخاصة بالله، أما الهداية بمعنى دعوة الناس إلى الإسلام فهي عامة في حق الله والرسول صلى الله عليه وسلم، وكل داع، وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بدعاء أبي طالب لهدايته وإسلامه، فأبى الإسلام ومات كافرًا، فنزلت الآية. ونحن نقوم بدعوة الناس إلى هدايتهم، فإذا أعرضوا ندعو لهم بهداية التوفيق، ولا يجوز أن نترك دعوتهم، ونحتج بهذه الآية إلا في حادثة شبيهة بحادثة أبي طالب، كأن ندعوَ كافرًا إلى الإسلام فيأبى ويموت كافرًا.
أنواع الهداية في القرآن الكريم:
وهداية الله تعالى للِإنسان على أربعة أوجه ذكرها الراغب الأصفهاني:
1 - الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل، والفطنة، والمعارف الضرورية التي أعم منها، كل شيء بقدر فيه حسب احتماله، كما قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50].
2 - الهداية التي جعل الناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء، وإنزال القرآن، ونحو ذلك، وهو المقصود بقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ [الأنبياء: 73].
3 - هداية التوفيق الذي يختصَ به من اهتدى، وهو المعنى بقوله: ﴿ وَالًذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدىً وَءَاتَاهُم تَقوَاهُم ﴾ [محمد 17].
﴿ وَمَن يؤمِن بالله يَهدِ قَلبه ﴾ [التغابن: 11].
﴿ إن الذِينَءَامنُوا وَعَملوا الِصَالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبهم بإيمَانِهِم ﴾ [يونس: 9].
﴿ وَالًذِينَ جَاهدوا فِينَا لَنَهدِينَهُم سبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69].
﴿ وَيَزيدُ الله الًذِينَ اهتَدَوا هدى ﴾ [مريم: 76].
﴿ فهدَى الله الذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِ بإذنِهِ والله يَهدِي مَن يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].
4 - الهداية في الآخرة إلى الجنة المعني بقوله:
﴿ سَيَهديهِم وَيُصلح بَالَهُم ﴾ [محمد 5].
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف 43].
وهذه الهدايات الأربع مترتبة:
أ - فإن لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية، بل لا يصح تكليفه.
ب - ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة.
ج - ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها.
د - ومن حصل له الثالث، فقد حصل له اللذان قبله.
هـ - ثم ينعكس، فقد تحصل الأولى، ولا يحصل له الثاني، ولا يحصل له الثالث.
والِإنسان لا يقدر أن يهدي أحدًا إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات.
1 - وإلى الثانية (التي هي الدعاء وتعريف الطرق) أشار بقوله تعالى: ﴿ وَإنَّكَ لَتَهدِي إلى صِرَاطٍ مُستَقِيم ﴾ [الشورى: 52]. وقوله: ﴿ وَلِكُلِ قَوم هادٍ ﴾ (أي داع). [الرعد: 7].
2 - وإلىِ سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: ﴿ إنَكَ لَا تَهدِي مَن أحبَبتَ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ [القصص: 56].
3 - وكل هداية ذكر الله عز وجل أنه منع الظالمين والكافرين فهي الهداية الثالثة، وهي التوفيق الذي يختص به المهتدون.
4 - والرابعة التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة نحو قوله عز وجل: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 86].
وكقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [النحل: 107].
5 - وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر وذلك أنهم غير قادرين عليها - فهي ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق، وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال الجنة كقوله عز ذكره:
﴿ لَيسَ عَلَيكَ هُدَاهُم وَلَكِنً الله يَهدِي مَن يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272].
﴿ وَلَو شَاءَ الله لَجَمَعَهُم عَلَى الهُدَى ﴾ [الأنعام: 35].
﴿ وَمَا أنتَ بهادِ العُمى عن ضَلاَلَتِهِم ﴾ [الروم: 53].
﴿ إنْ تَحرص عَلَى هُدَاهُم فَإن الله لَا يَهدِي مَن يُضِل ﴾ [النحل: 37].
﴿ وَمَن يُضلِل الله فَما لَهُ مِن هادٍ ﴾ [غافر: 33].
﴿ وَمَن يَهدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍ ﴾ [الزمر: 37].
﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56].
وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى:
﴿ أفَأنتَ تُكرِهُ النًاس حَتى يَكُونُوا مُؤمِنِين ﴾ [يونس: 99].
﴿ مَن يَهدِ الله فَهُوَ المُهتَدِ ومن يُضلل فلن تجدَ له وليًا مُرشدًا ﴾ [الكهف 17].
أي طالب الهدى ومُتحريه هو الذي يوفقه الله، ويهديه إلى طريق الجنة، لا من أضله فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله تعالى: ﴿ وَالله لَا يَهدي القَومَ الكَافِرَيَن ﴾ [البقرة: 264].
﴿ إن الله لَا يَهدِي منَ هُوَ كَاذبٌ كفًارٌ ﴾ [الزمر: 3].
الكاذب الكفار: هو الذي لا يقبل هدايته، فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعًا لذلك، ومن لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك: من لم يقبل هديتي لم أهد له، ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عني لم أرغب فيه. [انظر كتاب المفردات في غريب القرآن للأصفهاني 539].
قال الله تعالى: ﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56].
إذا أردت أن تنصح إنسانًا وتدعوه إلى الهُدى، فسرعان ما يقول لك بعضهم: دعه فإنك لا تهدي من أحببت!
ولو عرف هذا المعترض معنى هذه الآية، ومعنى الهداية في الآية، وسبب نزولها، لم يقل هذا الكلام.
1 - ذكر العلامة القاسمي في تفسير هذه الآية ما نصه:
﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ أي لا تقدر أن تُدخل في الإسلام كل من أحببت أن يدخل فيه من قومك وغيرهم، ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾: أي أن يهديه فيدخله في الإسلام بعنايته.
﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ أي: القابلين للهداية لاطلاعه على استعدادهم، وكونهم غير مطبوع على قلوبهم. [محاسن التأويل 13/ 115].
2 - أما سبب نزولها فقد ذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره ما نصه:
وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه ويحبه حبًا شديدًا طبعيًا لا شرعيًا، فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والدخول في الإسلام، فسبق القدر فيه، واختطفه من يده، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة البالغة. [3/ 394].
3 - وذكر سبب النزول الإمام مسلم في كتاب الإيمان:
باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت، ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة، ونسخ جواز الاستغفار للمشركين، والدليل على أن من مات على الشرك فهو في أصحاب الجحيم، ولا ينقذه من ذلك شيء من الوسائل ثم ذكر السبب بطوله وخلاصته: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله"، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذلك". فأنزل الله عز وجل: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ إنَكَ لَا تَهدِي مَن أحببَت ﴾.
قوله: "لما حضرت أبا طالب الوفاة" المراد قربت وفاته وحضرت دلائلها، وذلك قبل المعاينة والنزع، ولو كان في حال المعاينة والنزع لما نفعه الإيمان. [انظر صحيح مسلم ج 1/ 54].
أقول: في هذه الآية، وهذا الحديث يثبت أن أبا طالب مات كافرًا، وفيه رد صريح على القائلين بنجاة أبي طالب.
ولا سيما ما رواه العباس بن عبدالمطلب أنه قال: يا رسول الله هل نفعتَ أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: "نعم. هو في ضحضاح من نار. ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار))؛ [رواه مسلم].
وفي رواية: "فيُجعل في ضَحضاح من نار، يبلغ كعبيه، يَغلي منها دماغه". [رواه مسلم].
4 - ومعنى الهداية الواردة في الآية: ﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ هي هداية التوفيق الخاصة بالله، أما الهداية بمعنى دعوة الناس إلى الإسلام فهي عامة في حق الله والرسول صلى الله عليه وسلم، وكل داع، وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بدعاء أبي طالب لهدايته وإسلامه، فأبى الإسلام ومات كافرًا، فنزلت الآية. ونحن نقوم بدعوة الناس إلى هدايتهم، فإذا أعرضوا ندعو لهم بهداية التوفيق، ولا يجوز أن نترك دعوتهم، ونحتج بهذه الآية إلا في حادثة شبيهة بحادثة أبي طالب، كأن ندعوَ كافرًا إلى الإسلام فيأبى ويموت كافرًا.
أنواع الهداية في القرآن الكريم:
وهداية الله تعالى للِإنسان على أربعة أوجه ذكرها الراغب الأصفهاني:
1 - الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل، والفطنة، والمعارف الضرورية التي أعم منها، كل شيء بقدر فيه حسب احتماله، كما قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50].
2 - الهداية التي جعل الناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء، وإنزال القرآن، ونحو ذلك، وهو المقصود بقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ [الأنبياء: 73].
3 - هداية التوفيق الذي يختصَ به من اهتدى، وهو المعنى بقوله: ﴿ وَالًذِينَ اهتَدَوا زَادَهُم هُدىً وَءَاتَاهُم تَقوَاهُم ﴾ [محمد 17].
﴿ وَمَن يؤمِن بالله يَهدِ قَلبه ﴾ [التغابن: 11].
﴿ إن الذِينَءَامنُوا وَعَملوا الِصَالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبهم بإيمَانِهِم ﴾ [يونس: 9].
﴿ وَالًذِينَ جَاهدوا فِينَا لَنَهدِينَهُم سبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69].
﴿ وَيَزيدُ الله الًذِينَ اهتَدَوا هدى ﴾ [مريم: 76].
﴿ فهدَى الله الذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اختَلَفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِ بإذنِهِ والله يَهدِي مَن يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213].
4 - الهداية في الآخرة إلى الجنة المعني بقوله:
﴿ سَيَهديهِم وَيُصلح بَالَهُم ﴾ [محمد 5].
﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف 43].
وهذه الهدايات الأربع مترتبة:
أ - فإن لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية، بل لا يصح تكليفه.
ب - ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة.
ج - ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها.
د - ومن حصل له الثالث، فقد حصل له اللذان قبله.
هـ - ثم ينعكس، فقد تحصل الأولى، ولا يحصل له الثاني، ولا يحصل له الثالث.
والِإنسان لا يقدر أن يهدي أحدًا إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات.
1 - وإلى الثانية (التي هي الدعاء وتعريف الطرق) أشار بقوله تعالى: ﴿ وَإنَّكَ لَتَهدِي إلى صِرَاطٍ مُستَقِيم ﴾ [الشورى: 52]. وقوله: ﴿ وَلِكُلِ قَوم هادٍ ﴾ (أي داع). [الرعد: 7].
2 - وإلىِ سائر الهدايات أشار بقوله تعالى: ﴿ إنَكَ لَا تَهدِي مَن أحبَبتَ ولكن الله يهدي من يشاء ﴾ [القصص: 56].
3 - وكل هداية ذكر الله عز وجل أنه منع الظالمين والكافرين فهي الهداية الثالثة، وهي التوفيق الذي يختص به المهتدون.
4 - والرابعة التي هي الثواب في الآخرة وإدخال الجنة نحو قوله عز وجل: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 86].
وكقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [النحل: 107].
5 - وكل هداية نفاها الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن البشر وذلك أنهم غير قادرين عليها - فهي ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق، وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال الجنة كقوله عز ذكره:
﴿ لَيسَ عَلَيكَ هُدَاهُم وَلَكِنً الله يَهدِي مَن يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272].
﴿ وَلَو شَاءَ الله لَجَمَعَهُم عَلَى الهُدَى ﴾ [الأنعام: 35].
﴿ وَمَا أنتَ بهادِ العُمى عن ضَلاَلَتِهِم ﴾ [الروم: 53].
﴿ إنْ تَحرص عَلَى هُدَاهُم فَإن الله لَا يَهدِي مَن يُضِل ﴾ [النحل: 37].
﴿ وَمَن يُضلِل الله فَما لَهُ مِن هادٍ ﴾ [غافر: 33].
﴿ وَمَن يَهدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍ ﴾ [الزمر: 37].
﴿ إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56].
وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى:
﴿ أفَأنتَ تُكرِهُ النًاس حَتى يَكُونُوا مُؤمِنِين ﴾ [يونس: 99].
﴿ مَن يَهدِ الله فَهُوَ المُهتَدِ ومن يُضلل فلن تجدَ له وليًا مُرشدًا ﴾ [الكهف 17].
أي طالب الهدى ومُتحريه هو الذي يوفقه الله، ويهديه إلى طريق الجنة، لا من أضله فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله تعالى: ﴿ وَالله لَا يَهدي القَومَ الكَافِرَيَن ﴾ [البقرة: 264].
﴿ إن الله لَا يَهدِي منَ هُوَ كَاذبٌ كفًارٌ ﴾ [الزمر: 3].
الكاذب الكفار: هو الذي لا يقبل هدايته، فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعًا لذلك، ومن لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك: من لم يقبل هديتي لم أهد له، ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عني لم أرغب فيه. [انظر كتاب المفردات في غريب القرآن للأصفهاني 539].