Şøķåŕą
04-12-2023, 05:32 PM
» تفسير الوسيط: تفسير الآية
ولكنهم لم يقدروا هذه النعمة، بل بلغ بهم الجهل والحمق والبطر، أنهم دعوا الله-تبارك وتعالى- بقولهم- كما حكى القرآن عنهم-: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا.
أى: مع أننا بفضلنا وإحساننا قد أعطيناهم تلك النعمة، ومكانهم منها، وهي نعمة تيسير وسائل السفر، ومنحهم الأمان والاطمئنان خلاله.. إلا أنهم- لشؤمهم وضيق تفكيرهم وشقائهم- تضرعوا إلينا وقالوا: يا ربنا اجعل بيننا وبين القرى المباركة، مفاوز وصحارى متباعدة الأقطار، بدل تلك القرى العامرة المتقاربة، فهم- كما يقول صاحب الكشاف-:بطروا النعمة، وبشموا.
أى: سئموا- من طيب العيش، وملوا العافية، فطلبوا النكد والتعب، كما طلب بنو إسرائيل البصل والثوم، مكان المن والسلوى .
وفي هذه الجملة الكريمة قراءات متعددة ذكرها القرطبي فقال ما ملخصه: فقراءة العامة رَبَّنا- بالنصب- على أنه نداء مضاف.. باعِدْ- بزنة فاعل- سألوا المباعدة في أسفارهم.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو رَبَّنا كذلك على الدعاء بعد- بتشديد العين- من التبعيد.
وقرأ يعقوب وغيره ربنا- بالرفع- باعِدْ- بفتح العين والدال- على الخبر.
أى: لقد باعد ربنا بَيْنَ أَسْفارِنا.
وقوله: وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أى: قالوا ذلك القول السيئ، وظلموا أنفسهم بسببه، حيث أجيب دعاؤهم، فكان نقمة عليهم، لأنهم بعد أن كانوا يسافرون بيسر وأمان، صاروا يسافرون بمشقة وخوف.
وقوله: فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بيان لما آل إليه أمرهم.
والأحاديث: جمع أحدوثة، وهي ما يتحدث به الناس على سبيل التلهي والتعجب أى: قالوا ما قالوا من سوء وفعلوا ما فعلوا من منكر، فكانت نتيجة ذلك.
أن صيرناهم أحاديث يتلهى الناس بأخبارهم، ويضربون بهم المثل، فيقولون: تفرقوا أيدى سبأ، ومزقناهم كل ممزق في البلاد المتعددة، فمنهم من ذهب إلى الشام، ومنهم من ذهب إلى العراق ...
بعد أن كانوا أمة متحدة، يظلها الأمان والاطمئنان، والغنى والجاه ...
إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعلناه بهم بسبب جهلهم وفسوقهم وبطرهم لَآياتٍ واضحات بينات لِكُلِّ صَبَّارٍ على طاعة الله-تبارك وتعالى- شَكُورٍ له- سبحانه - على نعمه.
وخص- سبحانه - الصبار والشكور بالذكر.
لأنهما هما المنتفعان بآياته وعبره ومواعظه.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور .
قوله تعالى : فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا لما بطروا وطغوا وسئموا الراحة ولم يصبروا على العافية تمنوا طول الأسفار والكدح في المعيشة ; كقول بني إسرائيل : فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها الآية .
وكالنضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فأجابه الله تبارك وتعالى ، وقتل يوم بدر بالسيف صبرا ; فكذلك هؤلاء تبددوا في الدنيا ومزقوا كل ممزق ، وجعل بينهم وبين الشام فلوات ومفاوز يركبون فيها الرواحل ويتزودون الأزواد .
وقراءة العامة ( ربنا ) بالنصب على أنه نداء مضاف ، وهو منصوب لأنه مفعول به ؛ لأن معناه : ناديت ودعوت .
( باعد ) سألوا المباعدة في أسفارهم .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن وهشام عن ابن عامر : ( ربنا ) كذلك على الدعاء ( بعد ) من التبعيد .
النحاس : وباعد وبعد واحد في المعنى ، كما تقول : قارب وقرب .
وقرأ أبو صالح ومحمد ابن الحنفية وأبو العالية ونصر بن عاصم ويعقوب ، ويروى عن ابن عباس : ( ربنا ) رفعا ( باعد ) بفتح العين والدال على الخبر ، تقديره : لقد باعد ربنا بين أسفارنا ، كأن الله تعالى يقول : قربنا لهم أسفارهم فقالوا أشرا وبطرا : لقد بوعدت علينا أسفارنا .
واختار هذه القراءة أبو حاتم قال : لأنهم ما طلبوا التبعيد إنما طلبوا أقرب من ذلك القرب بطرا وعجبا مع كفرهم .
وقراءة يحيى بن يعمر وعيسى بن عمر وتروى عن ابن عباس ( ربنا بعد بين أسفارنا ) بشد العين من غير ألف ، وفسرها ابن عباس قال : شكوا أن ربهم باعد بين أسفارهم .
وقراءة سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري ( ربنا بعد بين أسفارنا .
) ربنا نداء مضاف ، ثم أخبروا بعد ذلك فقالوا : ( بعد بين أسفارنا ) ورفع ( بين ) بالفعل ، أي ، بعد ما يتصل بأسفارنا .
وروى الفراء وأبو إسحاق قراءة سادسة مثل التي قبلها في ضم العين إلا أنك تنصب ( بين ) على ظرف ، وتقديره في العربية : بعد سيرنا بين أسفارنا .
النحاس : وهذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال إحداها أجود من الأخرى ، كما لا يقال ذلك في أخبار الآحاد إذا اختلفت معانيها ، ولكن خبر عنهم أنهم دعوا ربهم أن يبعد بين أسفارهم بطرا وأشرا ، وخبر عنهم أنهم لما فعل ذلك بهم خبروا به وشكوا ، كما قال ابن عباس .
وظلموا أنفسهم أي بكفرهم فجعلناهم أحاديث أي يتحدث بأخبارهم ، وتقديره في العربية : ذوي أحاديث .
ومزقناهم كل ممزق أي لما لحقهم ما لحقهم تفرقوا وتمزقوا .
قال الشعبي : فلحقت الأنصار بيثرب ، وغسان بالشام ، والأسد بعمان ، وخزاعة بتهامة ، وكانت العرب تضرب بهم المثل فتقول : تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ ، أي مذاهب سبأ وطرقها .
إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور الصبار الذي يصبر عن المعاصي ، وهو تكثير صابر يمدح بهذا الاسم .
فإن أردت أنه صبر عن المعصية لم يستعمل فيه إلا صبار عن كذا .
شكور لنعمه ; وقد مضى هذا المعنى في ( البقرة ) .
ولكنهم لم يقدروا هذه النعمة، بل بلغ بهم الجهل والحمق والبطر، أنهم دعوا الله-تبارك وتعالى- بقولهم- كما حكى القرآن عنهم-: فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا.
أى: مع أننا بفضلنا وإحساننا قد أعطيناهم تلك النعمة، ومكانهم منها، وهي نعمة تيسير وسائل السفر، ومنحهم الأمان والاطمئنان خلاله.. إلا أنهم- لشؤمهم وضيق تفكيرهم وشقائهم- تضرعوا إلينا وقالوا: يا ربنا اجعل بيننا وبين القرى المباركة، مفاوز وصحارى متباعدة الأقطار، بدل تلك القرى العامرة المتقاربة، فهم- كما يقول صاحب الكشاف-:بطروا النعمة، وبشموا.
أى: سئموا- من طيب العيش، وملوا العافية، فطلبوا النكد والتعب، كما طلب بنو إسرائيل البصل والثوم، مكان المن والسلوى .
وفي هذه الجملة الكريمة قراءات متعددة ذكرها القرطبي فقال ما ملخصه: فقراءة العامة رَبَّنا- بالنصب- على أنه نداء مضاف.. باعِدْ- بزنة فاعل- سألوا المباعدة في أسفارهم.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو رَبَّنا كذلك على الدعاء بعد- بتشديد العين- من التبعيد.
وقرأ يعقوب وغيره ربنا- بالرفع- باعِدْ- بفتح العين والدال- على الخبر.
أى: لقد باعد ربنا بَيْنَ أَسْفارِنا.
وقوله: وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أى: قالوا ذلك القول السيئ، وظلموا أنفسهم بسببه، حيث أجيب دعاؤهم، فكان نقمة عليهم، لأنهم بعد أن كانوا يسافرون بيسر وأمان، صاروا يسافرون بمشقة وخوف.
وقوله: فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ بيان لما آل إليه أمرهم.
والأحاديث: جمع أحدوثة، وهي ما يتحدث به الناس على سبيل التلهي والتعجب أى: قالوا ما قالوا من سوء وفعلوا ما فعلوا من منكر، فكانت نتيجة ذلك.
أن صيرناهم أحاديث يتلهى الناس بأخبارهم، ويضربون بهم المثل، فيقولون: تفرقوا أيدى سبأ، ومزقناهم كل ممزق في البلاد المتعددة، فمنهم من ذهب إلى الشام، ومنهم من ذهب إلى العراق ...
بعد أن كانوا أمة متحدة، يظلها الأمان والاطمئنان، والغنى والجاه ...
إِنَّ فِي ذلِكَ الذي فعلناه بهم بسبب جهلهم وفسوقهم وبطرهم لَآياتٍ واضحات بينات لِكُلِّ صَبَّارٍ على طاعة الله-تبارك وتعالى- شَكُورٍ له- سبحانه - على نعمه.
وخص- سبحانه - الصبار والشكور بالذكر.
لأنهما هما المنتفعان بآياته وعبره ومواعظه.
» تفسير القرطبي: مضمون الآية
قوله تعالى : فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور .
قوله تعالى : فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا لما بطروا وطغوا وسئموا الراحة ولم يصبروا على العافية تمنوا طول الأسفار والكدح في المعيشة ; كقول بني إسرائيل : فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها الآية .
وكالنضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فأجابه الله تبارك وتعالى ، وقتل يوم بدر بالسيف صبرا ; فكذلك هؤلاء تبددوا في الدنيا ومزقوا كل ممزق ، وجعل بينهم وبين الشام فلوات ومفاوز يركبون فيها الرواحل ويتزودون الأزواد .
وقراءة العامة ( ربنا ) بالنصب على أنه نداء مضاف ، وهو منصوب لأنه مفعول به ؛ لأن معناه : ناديت ودعوت .
( باعد ) سألوا المباعدة في أسفارهم .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن محيصن وهشام عن ابن عامر : ( ربنا ) كذلك على الدعاء ( بعد ) من التبعيد .
النحاس : وباعد وبعد واحد في المعنى ، كما تقول : قارب وقرب .
وقرأ أبو صالح ومحمد ابن الحنفية وأبو العالية ونصر بن عاصم ويعقوب ، ويروى عن ابن عباس : ( ربنا ) رفعا ( باعد ) بفتح العين والدال على الخبر ، تقديره : لقد باعد ربنا بين أسفارنا ، كأن الله تعالى يقول : قربنا لهم أسفارهم فقالوا أشرا وبطرا : لقد بوعدت علينا أسفارنا .
واختار هذه القراءة أبو حاتم قال : لأنهم ما طلبوا التبعيد إنما طلبوا أقرب من ذلك القرب بطرا وعجبا مع كفرهم .
وقراءة يحيى بن يعمر وعيسى بن عمر وتروى عن ابن عباس ( ربنا بعد بين أسفارنا ) بشد العين من غير ألف ، وفسرها ابن عباس قال : شكوا أن ربهم باعد بين أسفارهم .
وقراءة سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري ( ربنا بعد بين أسفارنا .
) ربنا نداء مضاف ، ثم أخبروا بعد ذلك فقالوا : ( بعد بين أسفارنا ) ورفع ( بين ) بالفعل ، أي ، بعد ما يتصل بأسفارنا .
وروى الفراء وأبو إسحاق قراءة سادسة مثل التي قبلها في ضم العين إلا أنك تنصب ( بين ) على ظرف ، وتقديره في العربية : بعد سيرنا بين أسفارنا .
النحاس : وهذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال إحداها أجود من الأخرى ، كما لا يقال ذلك في أخبار الآحاد إذا اختلفت معانيها ، ولكن خبر عنهم أنهم دعوا ربهم أن يبعد بين أسفارهم بطرا وأشرا ، وخبر عنهم أنهم لما فعل ذلك بهم خبروا به وشكوا ، كما قال ابن عباس .
وظلموا أنفسهم أي بكفرهم فجعلناهم أحاديث أي يتحدث بأخبارهم ، وتقديره في العربية : ذوي أحاديث .
ومزقناهم كل ممزق أي لما لحقهم ما لحقهم تفرقوا وتمزقوا .
قال الشعبي : فلحقت الأنصار بيثرب ، وغسان بالشام ، والأسد بعمان ، وخزاعة بتهامة ، وكانت العرب تضرب بهم المثل فتقول : تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ ، أي مذاهب سبأ وطرقها .
إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور الصبار الذي يصبر عن المعاصي ، وهو تكثير صابر يمدح بهذا الاسم .
فإن أردت أنه صبر عن المعصية لم يستعمل فيه إلا صبار عن كذا .
شكور لنعمه ; وقد مضى هذا المعنى في ( البقرة ) .