Şøķåŕą
04-03-2023, 12:35 PM
توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (21)
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن الأنبياء مِن نبيٍّ إلا قد أُعطي من الآيات ما مِثلُه آمَن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا أوحى الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعًا يوم القيامة)[1].
توجيهات وتَحقيقات الحديث:
(ما مِن الأنبياء مِن نبيٍّ إلا قد أُعطيَ مِن الآيات ما مثله آمن عليه البشر): ما: نافية، مِن الأنبياء: جارٌّ ومجرور متعلق بمحذوف حال تقدم على صاحبه، مِن (الثانية): زائدة، نبي: مبتدَأ، إلا: أداة استِثناء، والجُملة بعدَها خبر المبتدأ.
قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم الحال على صاحبه، ونصَّ عليه مع إمكان الاستغناء عنه؛ للاهتِمام بإفادة العموم وتأكيدِه.
زيدت "مِن" لتأكيد العُموم أيضًا.
الاستثناء في الحديث استِثناء مفرغ؛ لحذْف المُستثنى منه فيه.
"مثله" إما أن يكون زائدًا، وإما للإشارة إلى أنَّ كل ما أوتيه الأنبياء مِن الخوارق الحسية له مثل وصورة، فإنه يُمكن الساحر أن يخيِّل مثلها، فيحتاج التمييز بينها وبين ما يُشبهها من السحر إلى نظر وفكر، والنظر عُرضة للخطأ.
لفظة "على" في قوله صلى الله عليه وسلم: "عليه البشر" هي بمعني الباء، والتقدير: إلا ما آمن البشر بمثله؛ أي: به، على تقدير زيادة لفظ "مثل"؛ كقول الله تعالى: ﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴾ [الأعراف: 105]؛ أي: بألا أقول على الله إلا الحق.
"البشر": أل هنا للعهد، والمراد البشر الذين أرسل إليهم.
(وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا): الحصر هنا حصر إضافي مِن حصر الصفة في الموصوف، وإنما كان إضافيًّا لأنه صلى الله عليه وسلم له مُعجزات أخرى غير القرآن، فهو حصر بالإضافة إلى ما أُعطيه غيره من المعجزات، فلا يُنافي أنَّ له معجزات أخرى غيره، وقد قيل: إنه لا معجزة له إلا القرآن، وعلى هذا الزعم يكون القصر حقيقيًّا.
وقد يقال: لماذا رجا صلى الله عليه وسلم بما أُوتيه أن يكون أكثرهم تابعًا؟!
والجواب:
لأنَّ معجزته صلى الله عليه وسلم بقيَتْ في حياته وبعد مماتِه، فيؤمن الناس بها ما بقيَتْ مِن الزمن، بخلاف مُعجزات غيره؛ لانقطاعها بعد وقوعها، فلا تُشاهَد إلا حالَ وقوعِها، ولأنَّها تَشتبه بالسحر - كما تقدم - بخلاف القرآن، فإنه لا يشتبه بالسحر فيكون الإيمان به أكثر.
فإن قيل: كيف يكون أكثرهم تابعًا مع أنَّا نُشاهِد اليوم أتباع عيسى وموسى عليهما السلام - مثلاً - أكثر مِن أتباعه؟!
قلنا: إنَّ تبعية كل نبيٍّ انقطعت بعد بعثته صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ رسالته عامة للبشر، وشريعته ناسخة لكل الشرائع الأخرى، فلا يوجد الآن إلا أتباعه، وهم باقون إلى يوم القيامة، بخلاف أتباع غيره.
وإن قيل: كيف يكون أكثرهم تابعًا مع ورودِ حديث آخر يُفيد أنهم فيمَن سبق قبلهم مِن الأمم كالشَّعرة البيضاء في الثور الأسود[2]؟!
قلنا: لا يريد النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكثرهم جميعًا تابعًا؛ وإنما يُريد صلى الله عليه وسلم أنه لا يَبلغ أتباعُ أي واحد منهم ما يبلغ أتباعُه.
ويجوز أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مثلكم في الأمم كمثل الشَّعرة البيضاء في جلد الثور الأسود) خطابًا للحاضرين في زمانه فقط.
تتمَّة:
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمَّد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلتُ به، إلا كان من أصحاب النار)[3].
آثَرَ النبي صلى الله عليه وسلم (والذي نفس محمد بيده) على (والذي نفسي بيده)؛ لأنَّ في القسم الأول: (والذي نفس محمد بيده) التفاتًا مِن التكلم إلى الغيبة، وللالتفات نُكتته العامة في البلاغة، ونكتته الخاصة هنا إظهار التواضُع في حلفه بالله تعالى، تعظيمًا لعلوِّ مقامه.
(من هذه الأمَّة) الأمَّة المراد بها: أمة الدعوة، لا أمَّة الإجابة، وأمَّة الدعوة تعمُّ المسلمين وغيرهم، وأمَّة الإجابة خاصة بالمسلمين.
(يهودي) بدل من "أحد" بدل بعض من كل، (ولا نصرانيٌّ) معطوف عليه.
وإن قيل: لمَ خص اليهودي والنصراني مع أن دعوته عامَّة لغيرهما؟!
قلنا: خصهما لأنهما أهل كتاب، فإذا دخَلا في دعوته صلى الله عليه وسلم وكانت رسالته عامة لهما، دخل غيرهما فيها مِن باب أولى.
عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن الأنبياء مِن نبيٍّ إلا قد أُعطي من الآيات ما مِثلُه آمَن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا أوحى الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعًا يوم القيامة)[1].
توجيهات وتَحقيقات الحديث:
(ما مِن الأنبياء مِن نبيٍّ إلا قد أُعطيَ مِن الآيات ما مثله آمن عليه البشر): ما: نافية، مِن الأنبياء: جارٌّ ومجرور متعلق بمحذوف حال تقدم على صاحبه، مِن (الثانية): زائدة، نبي: مبتدَأ، إلا: أداة استِثناء، والجُملة بعدَها خبر المبتدأ.
قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم الحال على صاحبه، ونصَّ عليه مع إمكان الاستغناء عنه؛ للاهتِمام بإفادة العموم وتأكيدِه.
زيدت "مِن" لتأكيد العُموم أيضًا.
الاستثناء في الحديث استِثناء مفرغ؛ لحذْف المُستثنى منه فيه.
"مثله" إما أن يكون زائدًا، وإما للإشارة إلى أنَّ كل ما أوتيه الأنبياء مِن الخوارق الحسية له مثل وصورة، فإنه يُمكن الساحر أن يخيِّل مثلها، فيحتاج التمييز بينها وبين ما يُشبهها من السحر إلى نظر وفكر، والنظر عُرضة للخطأ.
لفظة "على" في قوله صلى الله عليه وسلم: "عليه البشر" هي بمعني الباء، والتقدير: إلا ما آمن البشر بمثله؛ أي: به، على تقدير زيادة لفظ "مثل"؛ كقول الله تعالى: ﴿ حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴾ [الأعراف: 105]؛ أي: بألا أقول على الله إلا الحق.
"البشر": أل هنا للعهد، والمراد البشر الذين أرسل إليهم.
(وإنما كان الذي أوتيتُ وحيًا): الحصر هنا حصر إضافي مِن حصر الصفة في الموصوف، وإنما كان إضافيًّا لأنه صلى الله عليه وسلم له مُعجزات أخرى غير القرآن، فهو حصر بالإضافة إلى ما أُعطيه غيره من المعجزات، فلا يُنافي أنَّ له معجزات أخرى غيره، وقد قيل: إنه لا معجزة له إلا القرآن، وعلى هذا الزعم يكون القصر حقيقيًّا.
وقد يقال: لماذا رجا صلى الله عليه وسلم بما أُوتيه أن يكون أكثرهم تابعًا؟!
والجواب:
لأنَّ معجزته صلى الله عليه وسلم بقيَتْ في حياته وبعد مماتِه، فيؤمن الناس بها ما بقيَتْ مِن الزمن، بخلاف مُعجزات غيره؛ لانقطاعها بعد وقوعها، فلا تُشاهَد إلا حالَ وقوعِها، ولأنَّها تَشتبه بالسحر - كما تقدم - بخلاف القرآن، فإنه لا يشتبه بالسحر فيكون الإيمان به أكثر.
فإن قيل: كيف يكون أكثرهم تابعًا مع أنَّا نُشاهِد اليوم أتباع عيسى وموسى عليهما السلام - مثلاً - أكثر مِن أتباعه؟!
قلنا: إنَّ تبعية كل نبيٍّ انقطعت بعد بعثته صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ رسالته عامة للبشر، وشريعته ناسخة لكل الشرائع الأخرى، فلا يوجد الآن إلا أتباعه، وهم باقون إلى يوم القيامة، بخلاف أتباع غيره.
وإن قيل: كيف يكون أكثرهم تابعًا مع ورودِ حديث آخر يُفيد أنهم فيمَن سبق قبلهم مِن الأمم كالشَّعرة البيضاء في الثور الأسود[2]؟!
قلنا: لا يريد النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكثرهم جميعًا تابعًا؛ وإنما يُريد صلى الله عليه وسلم أنه لا يَبلغ أتباعُ أي واحد منهم ما يبلغ أتباعُه.
ويجوز أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مثلكم في الأمم كمثل الشَّعرة البيضاء في جلد الثور الأسود) خطابًا للحاضرين في زمانه فقط.
تتمَّة:
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفس محمَّد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلتُ به، إلا كان من أصحاب النار)[3].
آثَرَ النبي صلى الله عليه وسلم (والذي نفس محمد بيده) على (والذي نفسي بيده)؛ لأنَّ في القسم الأول: (والذي نفس محمد بيده) التفاتًا مِن التكلم إلى الغيبة، وللالتفات نُكتته العامة في البلاغة، ونكتته الخاصة هنا إظهار التواضُع في حلفه بالله تعالى، تعظيمًا لعلوِّ مقامه.
(من هذه الأمَّة) الأمَّة المراد بها: أمة الدعوة، لا أمَّة الإجابة، وأمَّة الدعوة تعمُّ المسلمين وغيرهم، وأمَّة الإجابة خاصة بالمسلمين.
(يهودي) بدل من "أحد" بدل بعض من كل، (ولا نصرانيٌّ) معطوف عليه.
وإن قيل: لمَ خص اليهودي والنصراني مع أن دعوته عامَّة لغيرهما؟!
قلنا: خصهما لأنهما أهل كتاب، فإذا دخَلا في دعوته صلى الله عليه وسلم وكانت رسالته عامة لهما، دخل غيرهما فيها مِن باب أولى.