Şøķåŕą
03-25-2023, 03:06 PM
توجيهات وتحقيقات في الأحاديث النبوية (8)
الحديث الثامن
عن جُندب بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان فيمن كان قَبلكم رجُلٌ به جُرحٌ، فجزِع، فأخذ سِكِّينًا فحزَّ بها يدَه، فما رقأَ الدَّمُ حتَّى مات، قال الله تعالى: بادَرَني عبدي بنفسِه، حرَّمتُ عليه الجنَّة))[1].
توجيهات وتحقيقات الحديث:
((كان فيمن كان قَبلكم رجُلٌ به جُرحٌ)) تقدير الكلام: كان رجلٌ به جرحٌ فيمن كان قبلكم، فـ(رجلٌ) اسم كان، (به جُرْحٌ) صفته، (فيمن كان قَبلكم) خبرها، وإنما قُدِّمَ الخبرُ على الاسم؛ لإفادة أنها قصَّة قديمة من أول الأمر، وللسامع اهتمامٌ بهذا القصص.
(كَانَ) - الثانية - يجوز أن تكون زائدةً بين الموصول وصلتِه، وأن تكون تامَّة فاعلُها ضميرٌ يعود إلى الموصول، وأن تكون ناقِصة اسمُها عائدٌ إلى الموصول، وخبرها (قَبلكم).
((فحزَّ بها يدَه)) المراد باليد هنا بعضها، وهو موضع الحزِّ فقط، على سبيلِ المجاز المرسل، من باب إطلاق الكلِّ وإرادة الجزء.
((فما رقأَ الدَّمُ حتَّى مات)) قوله صلوات الله وسلامه عليه (حتى) بمعنى إلى؛ أي: فما سكن الدمُ إلى أن مات، فيكون حرفَ جرٍّ، و"أنْ" مضمرة بعده، وهذا هو رأي ابن مالك، وقيل: إنها ابتدائية لا جارَّة؛ لدخولها على الجملة.
((قال الله تعالى)) فصَّل النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول عمَّا قبلَه لشِبه كمالِ الاتصال؛ لأنه واقعٌ في جواب سؤال مقدَّر، وتقديره: فماذا كان عقاب الله له؟!
قوله: ((بادَرَني عبدي بنفسِه)) ليس استعارة، وإنما حقيقة؛ لأنه استعجل بنفسه حقيقةً في الظاهر، وهذا يكفي في كون الإسناد اللغوي حقيقةً لا مجازًا.
وقد يقول قائل: كيف بادرَه بنفسِه مع أنه ميت في أجله الذي قدَّره الله له؟
والحق أن مبادرته بنفسِه لا يمنع أنه مات في أجله المقدَّر له؛ لأن الله عزَّ وجلَّ هو الذي قدَّرَ له أن يُبادِر بنفسه فبادَرَ بها، وكان موته مع هذا في أجله المقدَّر له، ويجوز أن يكون للإنسان في هذا أجلان بتقدير الله: أجلٌ معجَّلٌ بشرطِ حصول ذلك الفعل، وأجلٌ مؤجَّلٌ بشرطِ عدم حصوله.
((حرَّمتُ عليه الجنَّةَ)): معطوفة على ما قبلها بفاءٍ مقدَّرة، والتقدير: فحرمتُ عليه الجنةَ، أو أنها مفصولة لشِبه كمال الاتصال.
وقد يقول قائل: وهل تحريم الجنة عليه مؤقَّت أو مؤبَّد؟
وفي ذلك تفصيل؛ ذلك أنه إن لم يعتقد حِلَّ ما فعل كان تحريمها عليه مؤقَّتًا، وإن كان يعتقد حلَّ ما فعل كان تحريمها عليه مؤبدًا؛ لأنَّه يكون كافرًا بشريعة تحريمه.
وهل تحريم الانتحار في هذا الحديث على من كان قلبنا يقتضي تحريمه علينا؟
نعم، يقتضي تحريمه علينا؛ لأنَّ الحق أنَّ شرعَ من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يَرِد في شرعنا ما ينسخه، على أنه قد وردَت أحاديث أخرى في تحريم الانتحار في شرعنا.
الحديث الثامن
عن جُندب بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان فيمن كان قَبلكم رجُلٌ به جُرحٌ، فجزِع، فأخذ سِكِّينًا فحزَّ بها يدَه، فما رقأَ الدَّمُ حتَّى مات، قال الله تعالى: بادَرَني عبدي بنفسِه، حرَّمتُ عليه الجنَّة))[1].
توجيهات وتحقيقات الحديث:
((كان فيمن كان قَبلكم رجُلٌ به جُرحٌ)) تقدير الكلام: كان رجلٌ به جرحٌ فيمن كان قبلكم، فـ(رجلٌ) اسم كان، (به جُرْحٌ) صفته، (فيمن كان قَبلكم) خبرها، وإنما قُدِّمَ الخبرُ على الاسم؛ لإفادة أنها قصَّة قديمة من أول الأمر، وللسامع اهتمامٌ بهذا القصص.
(كَانَ) - الثانية - يجوز أن تكون زائدةً بين الموصول وصلتِه، وأن تكون تامَّة فاعلُها ضميرٌ يعود إلى الموصول، وأن تكون ناقِصة اسمُها عائدٌ إلى الموصول، وخبرها (قَبلكم).
((فحزَّ بها يدَه)) المراد باليد هنا بعضها، وهو موضع الحزِّ فقط، على سبيلِ المجاز المرسل، من باب إطلاق الكلِّ وإرادة الجزء.
((فما رقأَ الدَّمُ حتَّى مات)) قوله صلوات الله وسلامه عليه (حتى) بمعنى إلى؛ أي: فما سكن الدمُ إلى أن مات، فيكون حرفَ جرٍّ، و"أنْ" مضمرة بعده، وهذا هو رأي ابن مالك، وقيل: إنها ابتدائية لا جارَّة؛ لدخولها على الجملة.
((قال الله تعالى)) فصَّل النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول عمَّا قبلَه لشِبه كمالِ الاتصال؛ لأنه واقعٌ في جواب سؤال مقدَّر، وتقديره: فماذا كان عقاب الله له؟!
قوله: ((بادَرَني عبدي بنفسِه)) ليس استعارة، وإنما حقيقة؛ لأنه استعجل بنفسه حقيقةً في الظاهر، وهذا يكفي في كون الإسناد اللغوي حقيقةً لا مجازًا.
وقد يقول قائل: كيف بادرَه بنفسِه مع أنه ميت في أجله الذي قدَّره الله له؟
والحق أن مبادرته بنفسِه لا يمنع أنه مات في أجله المقدَّر له؛ لأن الله عزَّ وجلَّ هو الذي قدَّرَ له أن يُبادِر بنفسه فبادَرَ بها، وكان موته مع هذا في أجله المقدَّر له، ويجوز أن يكون للإنسان في هذا أجلان بتقدير الله: أجلٌ معجَّلٌ بشرطِ حصول ذلك الفعل، وأجلٌ مؤجَّلٌ بشرطِ عدم حصوله.
((حرَّمتُ عليه الجنَّةَ)): معطوفة على ما قبلها بفاءٍ مقدَّرة، والتقدير: فحرمتُ عليه الجنةَ، أو أنها مفصولة لشِبه كمال الاتصال.
وقد يقول قائل: وهل تحريم الجنة عليه مؤقَّت أو مؤبَّد؟
وفي ذلك تفصيل؛ ذلك أنه إن لم يعتقد حِلَّ ما فعل كان تحريمها عليه مؤقَّتًا، وإن كان يعتقد حلَّ ما فعل كان تحريمها عليه مؤبدًا؛ لأنَّه يكون كافرًا بشريعة تحريمه.
وهل تحريم الانتحار في هذا الحديث على من كان قلبنا يقتضي تحريمه علينا؟
نعم، يقتضي تحريمه علينا؛ لأنَّ الحق أنَّ شرعَ من قبلنا شرعٌ لنا ما لم يَرِد في شرعنا ما ينسخه، على أنه قد وردَت أحاديث أخرى في تحريم الانتحار في شرعنا.