نبضها مطيري
01-10-2023, 02:45 AM
قصة قصيرة:
ضـيـاع
أعرفه .. أعرفه .. أعرفه جيداً .. تعيش معي قسمات وجهه الشاحبة .. وتعابير وجهه الطفولية .. وبريق عينيه المشع ... الذي ينم عن تحدٍ كبير .. وثورة وبركان داخلي بات يؤثر حتى على حركات يديه الناعمتين وانفعالات مزاجه الوردي ..
أعرف كل تفاصيل حياته المضطربة التي عاشها.. وعاناها منذ نعومة أظافره ...
لاسيّما عندما تفتحت عيناه على أشياء كان يجهلها .. أشياء الوجود ، وما لبثت قدماه أن دبتا على الأرض حتى سقط ! .. فقد ذلك المعين على نوائب الدهر ..
ذهب ذلك القلب الحنون واليد الدافئة التي طالما لاعبت خصلات شعره وسرحتها عبر الأنامل العاجية ... ، عندما كان لا يناهز الربيعين من العمر .. تُرى ما قدر ضعف ذلك الطفل ، وما مقدار حساسيته النفسية عندما بلغ شبيبته وتطلع إلى أمجاد الرجولة ؟!
انه يريد أن يدّون ولو حرفاً واحداُ أمام مخطوطات العصور ، يريد أن يقيم صرحاُ ..
يُسّجل موقفاُ ... أمام أبطال الماضي ، يُريد أن يطرّز كلمات بوجه من ظلمه وتناسى كيانه في الوجود ، حتى وأن كان ذلك على حساب شرايينه .... ولكن! هيهات ... كيف ؟ والقبضة الحديدية تُسيطر على أجزاء جسده المرهق .. وتتحكم في إحساسه المرهف ..
كان يصرّ على التحدي .. وإصراره هذا لأن كبريائه أكبر من رداء حياءه .. والمثاليات الاجتماعية والعرف السخيف ، رداء الهوان والعار الذي طالما ألبسهُ إياه المذنبون ..
كان يرفض .. ويرفض .. مستعيناُ بقواه العقلية التي قلّما يُصّدق من يسمع كلامه إنهُ أبن السادسة عشر ، وشخصيتهُ الدافقة .. الثائرة حناناُ .. وشعوراُ رقيقاُ .. توحي عن تمّرسٍ ونضوج ملموس ... ومن بين تلك الديار.. عبر تلك النافذة الصغيرة ...
تعالى الصياح والصراخ ...
- أذهب ..
- لا .. لن أذهب . من أنت لتتحكم بي .. أنت .. أنت لست أبي .
لن أبقى بهذا البيت .. دامك أنت بقيت!!
- أخرج اللعنة عليك .
والأم تنادي :
- أرجوك بُني .. خفف .. أهدأ .. لا تجادل .. أصمتْ .. أنه ... أاااا..
- أمي .. كيف ؟! .. و.. و...
وضربات عنيفة لم يحسُ بها ذلك الفتى الكظيم ، لأنها تراءت في خياله كغمامة غيث ، قد أزاحت عن صدره غبار الهموم ، ومسحت عن مُقلتيه دموع الشك ...
بعدها توردت أزهار اليقين ، والصحو للنظر في مستقبل الأيام وما يخبأهُ الغد .. وما سيناله الظالمون ، فهي مشيئة الباري عزّ وجل وما الدُنيا إلا امتحانٍ صغير .
وعند أذان الفجر .. وبينما أنا ذاهب للصلاة ، سمعتُ صوتاً من خلف النافذة يُناجي ..
( ربي أني أعوذ ُ بك من الفقرِ والوقر ومن شماتة الأعداء ) .
ضـيـاع
أعرفه .. أعرفه .. أعرفه جيداً .. تعيش معي قسمات وجهه الشاحبة .. وتعابير وجهه الطفولية .. وبريق عينيه المشع ... الذي ينم عن تحدٍ كبير .. وثورة وبركان داخلي بات يؤثر حتى على حركات يديه الناعمتين وانفعالات مزاجه الوردي ..
أعرف كل تفاصيل حياته المضطربة التي عاشها.. وعاناها منذ نعومة أظافره ...
لاسيّما عندما تفتحت عيناه على أشياء كان يجهلها .. أشياء الوجود ، وما لبثت قدماه أن دبتا على الأرض حتى سقط ! .. فقد ذلك المعين على نوائب الدهر ..
ذهب ذلك القلب الحنون واليد الدافئة التي طالما لاعبت خصلات شعره وسرحتها عبر الأنامل العاجية ... ، عندما كان لا يناهز الربيعين من العمر .. تُرى ما قدر ضعف ذلك الطفل ، وما مقدار حساسيته النفسية عندما بلغ شبيبته وتطلع إلى أمجاد الرجولة ؟!
انه يريد أن يدّون ولو حرفاً واحداُ أمام مخطوطات العصور ، يريد أن يقيم صرحاُ ..
يُسّجل موقفاُ ... أمام أبطال الماضي ، يُريد أن يطرّز كلمات بوجه من ظلمه وتناسى كيانه في الوجود ، حتى وأن كان ذلك على حساب شرايينه .... ولكن! هيهات ... كيف ؟ والقبضة الحديدية تُسيطر على أجزاء جسده المرهق .. وتتحكم في إحساسه المرهف ..
كان يصرّ على التحدي .. وإصراره هذا لأن كبريائه أكبر من رداء حياءه .. والمثاليات الاجتماعية والعرف السخيف ، رداء الهوان والعار الذي طالما ألبسهُ إياه المذنبون ..
كان يرفض .. ويرفض .. مستعيناُ بقواه العقلية التي قلّما يُصّدق من يسمع كلامه إنهُ أبن السادسة عشر ، وشخصيتهُ الدافقة .. الثائرة حناناُ .. وشعوراُ رقيقاُ .. توحي عن تمّرسٍ ونضوج ملموس ... ومن بين تلك الديار.. عبر تلك النافذة الصغيرة ...
تعالى الصياح والصراخ ...
- أذهب ..
- لا .. لن أذهب . من أنت لتتحكم بي .. أنت .. أنت لست أبي .
لن أبقى بهذا البيت .. دامك أنت بقيت!!
- أخرج اللعنة عليك .
والأم تنادي :
- أرجوك بُني .. خفف .. أهدأ .. لا تجادل .. أصمتْ .. أنه ... أاااا..
- أمي .. كيف ؟! .. و.. و...
وضربات عنيفة لم يحسُ بها ذلك الفتى الكظيم ، لأنها تراءت في خياله كغمامة غيث ، قد أزاحت عن صدره غبار الهموم ، ومسحت عن مُقلتيه دموع الشك ...
بعدها توردت أزهار اليقين ، والصحو للنظر في مستقبل الأيام وما يخبأهُ الغد .. وما سيناله الظالمون ، فهي مشيئة الباري عزّ وجل وما الدُنيا إلا امتحانٍ صغير .
وعند أذان الفجر .. وبينما أنا ذاهب للصلاة ، سمعتُ صوتاً من خلف النافذة يُناجي ..
( ربي أني أعوذ ُ بك من الفقرِ والوقر ومن شماتة الأعداء ) .