Şøķåŕą
10-29-2022, 07:40 PM
﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ [طه: 130]
لستَ وحدَك مَن يُوغَر صدرك بجروح كلماتهم؛ لأنك التزمتَ بدين الله، لستَ وحدَك مَن تُصاب بسهام أفواههم؛ لأنك انتهجت الطريق القويم، لستَ وحدَك مَن تنفُذ في صدرك رصاصاتُ أقوالهم؛ لأنك استقمتَ على الصراط المستقيم، لستَ وحدَك من يُطعَن قلبُك بخناجر عباراتهم القاسية؛ لأنك لستَ مثلهم، لستَ وحدَك مَن يسلقوك بألسنتهم الحِداد؛ هذا دأبُهم دائمًا مع الصالحين، ومع كل سائر في الطريق الصحيح.
قالوا عن نبيِّك ساحرٌ وكاهنٌ ومجنونٌ ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51]، آذَوا موسى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ [الأحزاب: 69]، قالوا عن سيدنا نوح مجنون ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴾ [القمر: 9]، آذَوا أُمَّكَ عائشةَ فبرَّأها الله مما قالوا، آذَوا المؤمنين والمؤمنات ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، آذَوا أنبياء الله ﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ [الذاريات: 52].
حتى إنهم- كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57]- يؤذون الله؛ فلا تحزن، فلستَ وحدَك على الطريق، ولستَ بأفضل من أنبياء الله.
أعلمُ أن كلماتهم تنهال عليك ليلًا ونهارًا من أصدقائك السابقين- الذين بقوا على طريق المعاصي- فتصرعك نفسيًّا، ومِن أقاربك- الذين ينكرون عليك التزامك بالدين بعد أن كنت مثلهم- فتقتُلك ببطء.
أعلم كم هي شديدة عليك، كم هي مرهقة لروحك، مزهقة لنفسك! وكما قيل: "بعضُ الحُروف كضغط الزِّنَـاد تُصيبُ القلوب وتُدمي المُقَل، وبعضُ الحُروف كشُربِ الدَّواء تُداوِي الجُروح وتَشْفي العِلَل".
وقد كان نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يحزن كذلك لكلامهم، فهو بَشَرٌ مثلك يُصيبه ما يصيب البشر من الحزن ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76]؛ ولكن ربه لم يتركه لهذا الحزن؛ بل أرشده ودلَّه على أدوى دواء لهذا الحزن؛ لأنه أعلم به وبما يحزنه ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ ﴾ [النجم: 32]، وأعلم بما يقولون له ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].
فماذا قال له ربُّه ليُخفِّف عنه؟
قال تعالى في سورة ق: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]، وفي سورة طه: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، هكذا علَّمَه ربُّه هذين المِفْتاحين العظيمين: الصبر، والصلاة، فالتسبيح في هذه الآيات يُقصَد به الصلاة.
فالصبر رغم مذاقه المُرِّ إلا أنه دواء ناجع لإزالة الهَمِّ والحزن، وهو دَأْبُ الصالحين، فالصبر حبس النفس عن الجزع والسخط، والرِّضا بمقدور الله.
فلا تشتكي أعمالَهم التي تؤذيك للبشر، فلن يدفعوا عنك؛ بل سَلِّم أمرك فيهم لله، واحبس لسانك عن الشكوى، وتوكَّل على الله ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 12].
أما الصلاة فكان نهجُه صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمرٌ لجأ إلى الصلاة؛ فترتاح نفسُه، وتسمو رُوحُه، ويهدأ قلبُه، ولمَ لا وهي صِلَةٌ بينه وبين ربِّه، يشكو له ما ينتاب قلبه، فينزل عليه سكينته وهُداهُ؟!
ولو تتبَّعْتَ باقي الآيات التي أمَرَ اللهُ نبيَّه فيها بالصبر على ما يقولون لوجدنا باقي الوصفة الناجعة للعلاج؛ ففي سورة المزمل ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10].
الهجر الجميل وهو الإعراض عنهم دون عتاب أو أذًى أو انتقام، فأعرض عنهم وكأنك لا تسمعهم ولا تراهم، فلا أثرَ لكلامهم عليك، فأنت على الحق وهم على الباطل، فلا تبتئس بما يقولون فالكلاب تعوي والقافلة تسير، فأعطِهم ظهرَك ولا تلتفِتْ إليهم وسِرْ في طريقك الصحيح.
وأنت ياأخي اصطحب معك هذه القاعدة في التعامل مع قُطَّاع الطريق هؤلاء، فإن استطعتَ أن تقطع علاقتك مع مَن يقطعون عليك طريقك إلى الله فافعل، وإلا فحجِّمها قدر المستطاع، فإن ذلك أدعى ألا تشتم دخان كلامهم، فيكون ذلك أهدأ لنفسك وأروح لعقلك.
بقي دواء آخر من سورة ص، قال تعالى: ﴿ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17]؛ أي: اذكر أخاك داود، وتأسَّ به في القوة والصبر على العبادة.
وهكذا فإن ذكر سير الصالحين والأنبياء من أكبر المعينات على الصبر على أذى الناس وتحمُّل سخافاتهم، فالأنبياء من أشدِّ الناس ابتلاءً، فتتبُّع سيرتهم يُخفِّف عنا ما نحن فيه من ابتلاء.
وهكذا اكتمل الدواء لهذا الداء، الصبر والصلاة والهجر الجميل وذكر سِيَر الصالحين، فما عليك أخي إلا أن تسير على هذه الوصفة الذهبية ليُحقِّق الله لك الأمْنَ والاطمئنان.
لستَ وحدَك مَن يُوغَر صدرك بجروح كلماتهم؛ لأنك التزمتَ بدين الله، لستَ وحدَك مَن تُصاب بسهام أفواههم؛ لأنك انتهجت الطريق القويم، لستَ وحدَك مَن تنفُذ في صدرك رصاصاتُ أقوالهم؛ لأنك استقمتَ على الصراط المستقيم، لستَ وحدَك من يُطعَن قلبُك بخناجر عباراتهم القاسية؛ لأنك لستَ مثلهم، لستَ وحدَك مَن يسلقوك بألسنتهم الحِداد؛ هذا دأبُهم دائمًا مع الصالحين، ومع كل سائر في الطريق الصحيح.
قالوا عن نبيِّك ساحرٌ وكاهنٌ ومجنونٌ ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51]، آذَوا موسى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا ﴾ [الأحزاب: 69]، قالوا عن سيدنا نوح مجنون ﴿ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ﴾ [القمر: 9]، آذَوا أُمَّكَ عائشةَ فبرَّأها الله مما قالوا، آذَوا المؤمنين والمؤمنات ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، آذَوا أنبياء الله ﴿ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ [الذاريات: 52].
حتى إنهم- كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [الأحزاب: 57]- يؤذون الله؛ فلا تحزن، فلستَ وحدَك على الطريق، ولستَ بأفضل من أنبياء الله.
أعلمُ أن كلماتهم تنهال عليك ليلًا ونهارًا من أصدقائك السابقين- الذين بقوا على طريق المعاصي- فتصرعك نفسيًّا، ومِن أقاربك- الذين ينكرون عليك التزامك بالدين بعد أن كنت مثلهم- فتقتُلك ببطء.
أعلم كم هي شديدة عليك، كم هي مرهقة لروحك، مزهقة لنفسك! وكما قيل: "بعضُ الحُروف كضغط الزِّنَـاد تُصيبُ القلوب وتُدمي المُقَل، وبعضُ الحُروف كشُربِ الدَّواء تُداوِي الجُروح وتَشْفي العِلَل".
وقد كان نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يحزن كذلك لكلامهم، فهو بَشَرٌ مثلك يُصيبه ما يصيب البشر من الحزن ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76]؛ ولكن ربه لم يتركه لهذا الحزن؛ بل أرشده ودلَّه على أدوى دواء لهذا الحزن؛ لأنه أعلم به وبما يحزنه ﴿ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ ﴾ [النجم: 32]، وأعلم بما يقولون له ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].
فماذا قال له ربُّه ليُخفِّف عنه؟
قال تعالى في سورة ق: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق: 39]، وفي سورة طه: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، هكذا علَّمَه ربُّه هذين المِفْتاحين العظيمين: الصبر، والصلاة، فالتسبيح في هذه الآيات يُقصَد به الصلاة.
فالصبر رغم مذاقه المُرِّ إلا أنه دواء ناجع لإزالة الهَمِّ والحزن، وهو دَأْبُ الصالحين، فالصبر حبس النفس عن الجزع والسخط، والرِّضا بمقدور الله.
فلا تشتكي أعمالَهم التي تؤذيك للبشر، فلن يدفعوا عنك؛ بل سَلِّم أمرك فيهم لله، واحبس لسانك عن الشكوى، وتوكَّل على الله ﴿ وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 12].
أما الصلاة فكان نهجُه صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَه أمرٌ لجأ إلى الصلاة؛ فترتاح نفسُه، وتسمو رُوحُه، ويهدأ قلبُه، ولمَ لا وهي صِلَةٌ بينه وبين ربِّه، يشكو له ما ينتاب قلبه، فينزل عليه سكينته وهُداهُ؟!
ولو تتبَّعْتَ باقي الآيات التي أمَرَ اللهُ نبيَّه فيها بالصبر على ما يقولون لوجدنا باقي الوصفة الناجعة للعلاج؛ ففي سورة المزمل ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10].
الهجر الجميل وهو الإعراض عنهم دون عتاب أو أذًى أو انتقام، فأعرض عنهم وكأنك لا تسمعهم ولا تراهم، فلا أثرَ لكلامهم عليك، فأنت على الحق وهم على الباطل، فلا تبتئس بما يقولون فالكلاب تعوي والقافلة تسير، فأعطِهم ظهرَك ولا تلتفِتْ إليهم وسِرْ في طريقك الصحيح.
وأنت ياأخي اصطحب معك هذه القاعدة في التعامل مع قُطَّاع الطريق هؤلاء، فإن استطعتَ أن تقطع علاقتك مع مَن يقطعون عليك طريقك إلى الله فافعل، وإلا فحجِّمها قدر المستطاع، فإن ذلك أدعى ألا تشتم دخان كلامهم، فيكون ذلك أهدأ لنفسك وأروح لعقلك.
بقي دواء آخر من سورة ص، قال تعالى: ﴿ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17]؛ أي: اذكر أخاك داود، وتأسَّ به في القوة والصبر على العبادة.
وهكذا فإن ذكر سير الصالحين والأنبياء من أكبر المعينات على الصبر على أذى الناس وتحمُّل سخافاتهم، فالأنبياء من أشدِّ الناس ابتلاءً، فتتبُّع سيرتهم يُخفِّف عنا ما نحن فيه من ابتلاء.
وهكذا اكتمل الدواء لهذا الداء، الصبر والصلاة والهجر الجميل وذكر سِيَر الصالحين، فما عليك أخي إلا أن تسير على هذه الوصفة الذهبية ليُحقِّق الله لك الأمْنَ والاطمئنان.