Şøķåŕą
10-14-2022, 07:43 PM
من أقوال السلف في آداب الأخوة والصحبة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:
فالأُخُوَّةُ في الله، والصحبة الصالحة نعمة عظيمة، ينبغي الحرص عليها وعلى دوامها؛ ومن أسباب ذلك: التقيد بآداب الأخوة والصحبة، وهي يسيرة تحتاج - بعد توفيق الله عز وجل وإعانته - إلى عزيمة صادقة، ومجاهدة نفس، لمدة من الوقت حتى تصير لها عادة.
للسلف أقوال في آداب الأخوة والصحبة، يسَّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
• قال عمر رضي الله عنه: "إن مما يصفي لك ودَّ أخيك أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه، وأن توسع له في المجلس".
• قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
- "شرط الصحبة إقالة العثرة، ومسامحة العشرة، والمواساة في العسرة".
- "من الدهاء حسن اللقاء".
- "خالط المؤمن بقلبك، وخالط الفاجر بخُلُقك".
- "لا يكون الصديق صديقًا حتى يحفظ الصديق في غيبته وبعد وفاته".
- "ابذل لصديقك كل المروءة، ولا تبذل له كل الطمأنينة، وأعطِهِ من نفسك كل المواساة، ولا تفضِ إليه بكل الأسرار".
• قال معاذ رضي الله عنه: "إذا كان لك أخ في الله تعالى فلا تمارِه، ولا تسمع فيه من أحد، فربما قال لك ما ليس فيه، فحال بينك وبينه".
• قال أكثم بن صيفي رحمه الله: "من شدد نفَّر، ومن تراخى تألَّف والسرور في التغافل".
• قيل للعتابي رحمه الله: إنك تلقى الناس كلهم بالبشر، قال: "دفع ضغينة بأيسر مؤونة، واكتساب إخوان بأيسر مبذول".
• قال موسى بن جعفر رحمه الله: "كن من الصديق على حذرٍ؛ فإن القلوب إنما سميت قلوبًا لتقلُّبها".
• قال سلمة بن دينار رحمه الله: "إذا أحببت أخًا في الله فأقلَّ مخالطته في دنياه".
• قال عبدالله بن محمد بن منازل رحمه الله: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثرات إخوانه".
• قال الحسن رحمه الله: "المسلم مرآة أخيه".
• عن إبراهيم النخعي رحمه الله قال: "كان يُقال: ادعُ أخاك بأحب أسمائه إليه".
• قال محمد بن سيرين رحمه الله: "لا تكرم أخاك بما يكره".
• قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكر عيوب نفسك".
• قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "معاتبة الأخ أهون من فقده، ومن لك بأخيك كله؟".
• قال عبدالله بن زيد الجرمي رحمه الله: "إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه، فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذرًا، فقل في نفسك: لعل لأخي عذرًا لا أعلمه".
• قال الإمام السلمي رحمه الله: الصحبة ... من آدابها:
- الصفح عن عثرات الإخوان وترك تأنيبهم عليها ... عن الأصمعي قال: قال أعرابي: تناسَ مساوئ الإخوان يدُمْ لك ودهم.
- ألَّا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نِعَمِ الله، بل يفرح بذلك، ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم، كما يحمده بنعمته على نفسه.
- سلامة الصدر للإخوان والأصحاب والنصيحة لهم، وقبول النصيحة منهم.
- أن يحفظ في عشرته صلاح إخوانه ... ويدلهم على رشدهم لا على ما يحبونه.
- ملازمة الحياء في كل حال.
- أن تضع كلام أخيك وأبرزه على أحسن الوجوه، ما وجدت لها وجهًا حسنًا؛ قال سعيد بن المسيب: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أن ضَعْ أمر أخيك على أحسنه، ما لم يظهر منه ما يغلبك".
وقال حمدون القصار: "إذا زلَّ أخ من إخوانكم فاطلبوا له سبعين بابًا عذرًا".
- ألَّا تَعِدَ أخاك وعدًا ثم تخلفه؛ فإنه من النفاق؛ قال الثوري: "لا تعد أخاك موعدًا فتخلفه، فتستبدل المودة بغضًا".
- إن وقعت بينهم وحشة أو نفرة، فلا يفشِ الأسرار التي يعلمها في أيام إخوته منه.
- التواضع للإخوان، وترك التكبر عليهم؛ قال المبرد: "النعمة التي لا يحسد عليها صاحبها التواضعُ، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه عليه العُجْبُ".
- حفظ المودة؛ قال المغازلي: "من أحب أن تدوم له المودة، فليحفظ مودة إخوانه".
- ملازمة الأدب، وحسن معاشرتهم؛ قال بعض الحكماء من السلف: "عاشروا الناس معاشرة إن غبتم حنوا إليكم، وإن مِتُّم بكَوا عليكم".
- قلة مخالفة الإخوان في أسباب الدنيا، فإن الدنيا أقل خطر من أن يخالف فيها أخ من الإخوان، فيتحرى موافقتهم فيما يرون ما لم يكن مخالفًا للدين والسنة؛ قال يحيى بن معاذ: "الدنيا بأجمعها لا تساوي غمَّ ساعة، فكيف بغم طول عمرك فيها، وقطع إخوانك بسببها مع قليل نصيبك منها".
- قبول العذر ممن اعتذر إليك صادقًا كان فيه أو كاذبًا.
• قال الغزالي رحمه الله: من حقوق الأخوة والصحبة:
- المواساة بالمال.
- الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات، ولها درجات فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، لكن مع البشاشة والاستبشار، وإظهار الفرح وقبول المنة.
- السكوت عن ذكر عيوبه في غيبته وحضرته، إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، ولم يجد رخصة في السكوت، فإذ ذلك لا يبالي بكراهته، فإن ذلك إحسانٌ إليه في التحقيق، وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر.
- ترك إساءة الظن به، وحدُّه ألَّا تحمل فعله على وجه فاسد، ما أمكن أن تحمله على وجه حسن، فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة ... فعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان ما أمكن.
- ستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها شيمة أهل الدين.
- النطق بالمحابِّ؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره))، وإنما أمر بالإخبار؛ لأن ذلك يوجب زيادة حبٍّ، فإنه إذا عرف أنك تحبه أحبك بالطبع، لا محالة، فإذا عرفت أنه أيضًا يحبك، زاد حبك لا محالة، فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف.
- العفو عن الزلات والهفوات، وهفوة الصديق لا تخلو إما أن تكون في دينه بارتكاب معصية، أو في حقك بتقصيره في الأخوة، أما ما يكون في الدين من ارتكاب معصية والإصرار عليها، فعليك بالتلطف في نصحه بما يقوم أَودَهُ، ويجمع شمله، ويعيد إلى الصلاح والورع حاله، أما زلته في حقه، بما يوجب إيحاشه، فلا خلاف أن الأولَى العفو والاحتمال، ومهما اعتذر إليك أخوك كاذبًا كان أو صادقًا، فاقبل عذره.
- التعليم والنصيحة: فإن علمته وأرشدته ولم يعمل بمقتضى العلم، فعليك النصيحة، ولكن ينبغي أن يكون ذلك في سرٍّ، لا يطَّلع عليه أحد.
- الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته بكل ما يحبه لنفسه؛ كان أبو الدرداء يقول: "إني أدعو لسبعين من إخواني في سجودي"، وكان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول: "وأين مثل الأخ الصالح؟ يدعو لك في ظلمة الليل، وأنت تحت أطباق الثرى".
- الوفاء، ومن الوفاء ألَّا يتغير حاله في التواضع مع أخيه وإن ارتفع شأنه، واتسعت ولايته، وعظم جاهه؛ فالترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم.
وأوصى بعض السلف ابنه فقال: "يا بني، لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك، وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك، وإن عَلَتْ مرتبته لم يرتفع عليك".
- التخفيف وترك التكلف والتكليف؛ وذلك بألَّا يكلف أخاه ما يشق عليه، فلا يستمد منه من جاهًا ومالًا، ولا يكلفه التواضع له، والتفقد لأحواله، والقيام بحقوقه، بل لا يقصد بمحبته إلا الله تعالى؛ قال الفضيل: "إنما تقاطع الناس بالتكلف، يزور أحدهم أخاه فيتكلف له، فيقطعه ذلك عنه"، قيل لبعضهم: من تصحب؟ قال: "من يرفع عنك ثقل التكلف، وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ"، وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول: "أثقل إخواني عليَّ من يتكلف لي، وأتحفظ منه، وأخفهم عليَّ من أكون معه كما أكون وحدي"، وقد قيل: "من سقطت كُلفته دامت أُلفته، ومن خفت مؤنته دامت مودته".
• قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله لمزاحم مولاه: "إن الولاة جُعِلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمة تربأ بي عنها أو فعالًا لا تحبه، فعظني عنده، وانهني عنه".
• قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: "كان يُقال: امشِ ميلًا وعُدْ مريضًا، وامشِ ميلين وأصلح بين اثنين، وامشِ ثلاثة أميال وزُرْ أخًا في الله".
• قال سعد بن بلال رحمه الله: "أخ لك كلما لقيك أخبرك بعيب فيك، خير لك من أخ لك كلما لقيك وضع في كفيك دينارًا".
• قال الإمام ابن حزم رحمه الله:
- "لا ترغب فيمن يزهد فيك؛ فتحصل على الخيبة والخزي، ولا تزهد فيمن يرغب فيك؛ فإنه باب من أبواب الظلم، وترك مقارضة الإحسان، وهذا قبيح".
- "لا تفشِ إلى أحد من إخوانك ولا من غيرهم من سرك ما يمكنك طيُّه بوجه ما من الوجوه، وإن كان أخصَّ الناس بك".
- "لا تنصح على شرط القبول، ولا تشفع على شرط الإجابة، ولا تهَبْ على شرط الإثابة، لكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة وبذل المعروف".
- "ليس كل صديق ناصحًا، ولكن كل ناصح صديق فيما نصح فيه ... وحدُّ النصيحة هو أن يسوء المرء ما ضر الآخر، ساء ذلك الآخر أم سرَّه، وأن يسره ما نفعه، سر الآخر أم ساءه؛ فهذا شرط في النصيحة زائد على شرط الصداقة".
- "إذا نصحت فانصح سرًّا لا جهرًا، أو بتعريض لا بتصريح، إلا ألَّا يفهم المنصوح غرضك، فلا بد من التصريح له".
- "العتاب للصديق كالسبك للسبيكة، فإما تصفو وإما تطير".
- "لا تنقل إلى صديقك ما يؤلم نفسه، ولا ينتفع بمعرفته ... ولا تكتمه ما يستضر بجهله، فهذا فعل أهل الشر".
وختامًا؛ فمن وجد من إخوانه إكرامًا وتعظيمًا فليحمد الله عز وجل، وإن وجد منهم تقصيرًا فليحاسب نفسه؛ قال بكر بن عبدالله المزني البصري رحمه الله: "إذا رأيت إخوانك يكرمونك ويعظمونك فقل: هذا من فضل ربي، وإذا رأيت منهم تقصيرًا فقل: هذا بذنب أحدثته".
وليحذر المسلم أن يقطع أخوه أو صاحبه لسبب لا يُوجِب ذلك، فليس هذا من أخلاق الأوفياء، وله تأثير على أخيه وصاحبه الذي قاطعه؛ يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: "أنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة، وأصفاني إياها غاية الصفاء في حال الشدة والرخاء، والسعة والضيق، والغضب والرضا، تغير عليَّ أقبح تغير بعد اثني عشر عامًا متصلة في غاية الصفاء، لسبب لطيف جدًّا، ما قدرت قط أنه يؤثر مثله في أحد من الناس، وما صلح لي بعدها، ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة همًّا شديدًا".
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت؛ [أخرجه الإمام مسلم في الصحيح بلفظ "اهدني"، "عني"].
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:
فالأُخُوَّةُ في الله، والصحبة الصالحة نعمة عظيمة، ينبغي الحرص عليها وعلى دوامها؛ ومن أسباب ذلك: التقيد بآداب الأخوة والصحبة، وهي يسيرة تحتاج - بعد توفيق الله عز وجل وإعانته - إلى عزيمة صادقة، ومجاهدة نفس، لمدة من الوقت حتى تصير لها عادة.
للسلف أقوال في آداب الأخوة والصحبة، يسَّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
• قال عمر رضي الله عنه: "إن مما يصفي لك ودَّ أخيك أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه، وأن توسع له في المجلس".
• قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
- "شرط الصحبة إقالة العثرة، ومسامحة العشرة، والمواساة في العسرة".
- "من الدهاء حسن اللقاء".
- "خالط المؤمن بقلبك، وخالط الفاجر بخُلُقك".
- "لا يكون الصديق صديقًا حتى يحفظ الصديق في غيبته وبعد وفاته".
- "ابذل لصديقك كل المروءة، ولا تبذل له كل الطمأنينة، وأعطِهِ من نفسك كل المواساة، ولا تفضِ إليه بكل الأسرار".
• قال معاذ رضي الله عنه: "إذا كان لك أخ في الله تعالى فلا تمارِه، ولا تسمع فيه من أحد، فربما قال لك ما ليس فيه، فحال بينك وبينه".
• قال أكثم بن صيفي رحمه الله: "من شدد نفَّر، ومن تراخى تألَّف والسرور في التغافل".
• قيل للعتابي رحمه الله: إنك تلقى الناس كلهم بالبشر، قال: "دفع ضغينة بأيسر مؤونة، واكتساب إخوان بأيسر مبذول".
• قال موسى بن جعفر رحمه الله: "كن من الصديق على حذرٍ؛ فإن القلوب إنما سميت قلوبًا لتقلُّبها".
• قال سلمة بن دينار رحمه الله: "إذا أحببت أخًا في الله فأقلَّ مخالطته في دنياه".
• قال عبدالله بن محمد بن منازل رحمه الله: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثرات إخوانه".
• قال الحسن رحمه الله: "المسلم مرآة أخيه".
• عن إبراهيم النخعي رحمه الله قال: "كان يُقال: ادعُ أخاك بأحب أسمائه إليه".
• قال محمد بن سيرين رحمه الله: "لا تكرم أخاك بما يكره".
• قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك، فاذكر عيوب نفسك".
• قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "معاتبة الأخ أهون من فقده، ومن لك بأخيك كله؟".
• قال عبدالله بن زيد الجرمي رحمه الله: "إذا بلغك عن أخيك شيء تكرهه، فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذرًا، فقل في نفسك: لعل لأخي عذرًا لا أعلمه".
• قال الإمام السلمي رحمه الله: الصحبة ... من آدابها:
- الصفح عن عثرات الإخوان وترك تأنيبهم عليها ... عن الأصمعي قال: قال أعرابي: تناسَ مساوئ الإخوان يدُمْ لك ودهم.
- ألَّا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نِعَمِ الله، بل يفرح بذلك، ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم، كما يحمده بنعمته على نفسه.
- سلامة الصدر للإخوان والأصحاب والنصيحة لهم، وقبول النصيحة منهم.
- أن يحفظ في عشرته صلاح إخوانه ... ويدلهم على رشدهم لا على ما يحبونه.
- ملازمة الحياء في كل حال.
- أن تضع كلام أخيك وأبرزه على أحسن الوجوه، ما وجدت لها وجهًا حسنًا؛ قال سعيد بن المسيب: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أن ضَعْ أمر أخيك على أحسنه، ما لم يظهر منه ما يغلبك".
وقال حمدون القصار: "إذا زلَّ أخ من إخوانكم فاطلبوا له سبعين بابًا عذرًا".
- ألَّا تَعِدَ أخاك وعدًا ثم تخلفه؛ فإنه من النفاق؛ قال الثوري: "لا تعد أخاك موعدًا فتخلفه، فتستبدل المودة بغضًا".
- إن وقعت بينهم وحشة أو نفرة، فلا يفشِ الأسرار التي يعلمها في أيام إخوته منه.
- التواضع للإخوان، وترك التكبر عليهم؛ قال المبرد: "النعمة التي لا يحسد عليها صاحبها التواضعُ، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه عليه العُجْبُ".
- حفظ المودة؛ قال المغازلي: "من أحب أن تدوم له المودة، فليحفظ مودة إخوانه".
- ملازمة الأدب، وحسن معاشرتهم؛ قال بعض الحكماء من السلف: "عاشروا الناس معاشرة إن غبتم حنوا إليكم، وإن مِتُّم بكَوا عليكم".
- قلة مخالفة الإخوان في أسباب الدنيا، فإن الدنيا أقل خطر من أن يخالف فيها أخ من الإخوان، فيتحرى موافقتهم فيما يرون ما لم يكن مخالفًا للدين والسنة؛ قال يحيى بن معاذ: "الدنيا بأجمعها لا تساوي غمَّ ساعة، فكيف بغم طول عمرك فيها، وقطع إخوانك بسببها مع قليل نصيبك منها".
- قبول العذر ممن اعتذر إليك صادقًا كان فيه أو كاذبًا.
• قال الغزالي رحمه الله: من حقوق الأخوة والصحبة:
- المواساة بالمال.
- الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات، ولها درجات فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال والقدرة، لكن مع البشاشة والاستبشار، وإظهار الفرح وقبول المنة.
- السكوت عن ذكر عيوبه في غيبته وحضرته، إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، ولم يجد رخصة في السكوت، فإذ ذلك لا يبالي بكراهته، فإن ذلك إحسانٌ إليه في التحقيق، وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر.
- ترك إساءة الظن به، وحدُّه ألَّا تحمل فعله على وجه فاسد، ما أمكن أن تحمله على وجه حسن، فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة ... فعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان ما أمكن.
- ستر العيوب والتجاهل والتغافل عنها شيمة أهل الدين.
- النطق بالمحابِّ؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره))، وإنما أمر بالإخبار؛ لأن ذلك يوجب زيادة حبٍّ، فإنه إذا عرف أنك تحبه أحبك بالطبع، لا محالة، فإذا عرفت أنه أيضًا يحبك، زاد حبك لا محالة، فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف.
- العفو عن الزلات والهفوات، وهفوة الصديق لا تخلو إما أن تكون في دينه بارتكاب معصية، أو في حقك بتقصيره في الأخوة، أما ما يكون في الدين من ارتكاب معصية والإصرار عليها، فعليك بالتلطف في نصحه بما يقوم أَودَهُ، ويجمع شمله، ويعيد إلى الصلاح والورع حاله، أما زلته في حقه، بما يوجب إيحاشه، فلا خلاف أن الأولَى العفو والاحتمال، ومهما اعتذر إليك أخوك كاذبًا كان أو صادقًا، فاقبل عذره.
- التعليم والنصيحة: فإن علمته وأرشدته ولم يعمل بمقتضى العلم، فعليك النصيحة، ولكن ينبغي أن يكون ذلك في سرٍّ، لا يطَّلع عليه أحد.
- الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته بكل ما يحبه لنفسه؛ كان أبو الدرداء يقول: "إني أدعو لسبعين من إخواني في سجودي"، وكان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول: "وأين مثل الأخ الصالح؟ يدعو لك في ظلمة الليل، وأنت تحت أطباق الثرى".
- الوفاء، ومن الوفاء ألَّا يتغير حاله في التواضع مع أخيه وإن ارتفع شأنه، واتسعت ولايته، وعظم جاهه؛ فالترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم.
وأوصى بعض السلف ابنه فقال: "يا بني، لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك، وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك، وإن عَلَتْ مرتبته لم يرتفع عليك".
- التخفيف وترك التكلف والتكليف؛ وذلك بألَّا يكلف أخاه ما يشق عليه، فلا يستمد منه من جاهًا ومالًا، ولا يكلفه التواضع له، والتفقد لأحواله، والقيام بحقوقه، بل لا يقصد بمحبته إلا الله تعالى؛ قال الفضيل: "إنما تقاطع الناس بالتكلف، يزور أحدهم أخاه فيتكلف له، فيقطعه ذلك عنه"، قيل لبعضهم: من تصحب؟ قال: "من يرفع عنك ثقل التكلف، وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ"، وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول: "أثقل إخواني عليَّ من يتكلف لي، وأتحفظ منه، وأخفهم عليَّ من أكون معه كما أكون وحدي"، وقد قيل: "من سقطت كُلفته دامت أُلفته، ومن خفت مؤنته دامت مودته".
• قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله لمزاحم مولاه: "إن الولاة جُعِلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي، فإن سمعت مني كلمة تربأ بي عنها أو فعالًا لا تحبه، فعظني عنده، وانهني عنه".
• قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: "كان يُقال: امشِ ميلًا وعُدْ مريضًا، وامشِ ميلين وأصلح بين اثنين، وامشِ ثلاثة أميال وزُرْ أخًا في الله".
• قال سعد بن بلال رحمه الله: "أخ لك كلما لقيك أخبرك بعيب فيك، خير لك من أخ لك كلما لقيك وضع في كفيك دينارًا".
• قال الإمام ابن حزم رحمه الله:
- "لا ترغب فيمن يزهد فيك؛ فتحصل على الخيبة والخزي، ولا تزهد فيمن يرغب فيك؛ فإنه باب من أبواب الظلم، وترك مقارضة الإحسان، وهذا قبيح".
- "لا تفشِ إلى أحد من إخوانك ولا من غيرهم من سرك ما يمكنك طيُّه بوجه ما من الوجوه، وإن كان أخصَّ الناس بك".
- "لا تنصح على شرط القبول، ولا تشفع على شرط الإجابة، ولا تهَبْ على شرط الإثابة، لكن على سبيل استعمال الفضل، وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة وبذل المعروف".
- "ليس كل صديق ناصحًا، ولكن كل ناصح صديق فيما نصح فيه ... وحدُّ النصيحة هو أن يسوء المرء ما ضر الآخر، ساء ذلك الآخر أم سرَّه، وأن يسره ما نفعه، سر الآخر أم ساءه؛ فهذا شرط في النصيحة زائد على شرط الصداقة".
- "إذا نصحت فانصح سرًّا لا جهرًا، أو بتعريض لا بتصريح، إلا ألَّا يفهم المنصوح غرضك، فلا بد من التصريح له".
- "العتاب للصديق كالسبك للسبيكة، فإما تصفو وإما تطير".
- "لا تنقل إلى صديقك ما يؤلم نفسه، ولا ينتفع بمعرفته ... ولا تكتمه ما يستضر بجهله، فهذا فعل أهل الشر".
وختامًا؛ فمن وجد من إخوانه إكرامًا وتعظيمًا فليحمد الله عز وجل، وإن وجد منهم تقصيرًا فليحاسب نفسه؛ قال بكر بن عبدالله المزني البصري رحمه الله: "إذا رأيت إخوانك يكرمونك ويعظمونك فقل: هذا من فضل ربي، وإذا رأيت منهم تقصيرًا فقل: هذا بذنب أحدثته".
وليحذر المسلم أن يقطع أخوه أو صاحبه لسبب لا يُوجِب ذلك، فليس هذا من أخلاق الأوفياء، وله تأثير على أخيه وصاحبه الذي قاطعه؛ يقول الإمام ابن حزم رحمه الله: "أنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة، وأصفاني إياها غاية الصفاء في حال الشدة والرخاء، والسعة والضيق، والغضب والرضا، تغير عليَّ أقبح تغير بعد اثني عشر عامًا متصلة في غاية الصفاء، لسبب لطيف جدًّا، ما قدرت قط أنه يؤثر مثله في أحد من الناس، وما صلح لي بعدها، ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة همًّا شديدًا".
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت؛ [أخرجه الإمام مسلم في الصحيح بلفظ "اهدني"، "عني"].