البرنس مديح آل قطب
10-11-2022, 02:05 AM
https://www13.0zz0.com/2022/07/26/12/400860080.gif
ثم انسكب المطر فجأة!
سألتني إحداهن بقلق:
- لقد صدم رأسي بحديدة، واشعر ببعض الالم، ولكنني خائفة جدا! بل إنني مرعوبة في الحقيقة! فقد سمعت الكثير من القصص المخيفة عن اصطدام الرأس!! فهل حدث معك شيء كهذا من قبل؟؟
- من هذه الناحية، فقبل فترة وجيزة؛ وقعت على ام رأسي، وارتطمت عظامي كلها بالارض، حتى خيّل لي أنني اسمع صوت قرقعتها!
- حقا!! يا إلهي هذا مرعب، وماذا حدث بعد ذلك؟ هل أصابك اي شيء؟ هل.. وهل.. وهل...
- باختصار.. ها انا اتحدث معك الان بفضل الله، وبكامل قواي العقلية، فلا داعي للقلق..
- الحمد لله.. هذا مطمئن.. ولكن كيف حدث هذا بالضبط؟ والم تذهبي للمستشفى؟؟ الم يحدث اي شيء محدد معك بعدها؟؟
هنا التقطت نفسا عميقا جدا وانا أتذكر ذلك اليوم الرهيب، والذي خرجت فيه بشكل طبيعي منذ الصباح الباكر، في جولة رياضية سريعة، لم أكن انوي التأخر عن المنزل اطلاقا وقتها، لذلك لم اصطحب معي اي وسيلة للاتصال!!
كل شيء كان على ما يرام، غير أن السماء بدت غائمة نسبيا، والطرق تخلو من المارة نوعا ما!
وفي طريق العودة، كنت اسلك منحدرا جبليا شديد الانحدار، ومن عادتي مع مثل هذه المنحدرات؛ أنني انزلها جريا، فهذا اسهل بالنسبة لي! ولكن في اللحظة التي كنت فيها على وشك نزول المنحدر؛ انسكب المطر فجأة!
أجل.. لقد انسكب المطر ولم يهطل، وكأن هناك من يسكب عليّ دلو ماء كبير من الاعلى!!
ولأنني لست من النوع المتهور- هذا ما اعتقده- فقد قررت نزول المنحدر ببطء شديد هذه المرة، رويدا رويدا، خطوة خطوة..السيول كانت تجري من تحتي كشلال متدفق من أعلى المنحدر، وأنا بالكاد اثبت قدمي مع كل خطوة أخطوها على الارض؛ حتى لا تنزلق وأتحول لكرة ملتفة! ومع ذلك.. انزلقت قدمي عدة مرات؛ لكنني كنت اتوازن بسرعة بعدها بأعجوبة والحمد لله!
بدا المنحدر اطول من المعتاد، وكانت هناك عدة ابنية على جانبيه، وامام كل بناء بُنيت (مصاطب) مسطحة، بعضها من البلاط الرخامي! وهنا خطرت ببالي فكرة المعيّة عبقرية- كما تصورتها في ذلك الوقت بالطبع!
لماذا لا اريح نفسي قليلا من عناء هذا النزول المنحدري البطيء خشية الانزلاق، وامشي بشكل افقي لبعض الوقت على تلك المصاطب!
وهكذا قررت تنفيذ الفكرة على الفور، ولكن في اللحظة التي لمست فيها قدمي تلك المصطبة الرخامية المسطحة؛ انزلقتْ للأعلى بطرفة عين، لتسحب معها القدم الأخرى، ولحقها جسدي بأكمله؛ ليرتطم بعدها- بشكل سريع مفاجئ- بالرخام بشدة، بعد سقطة قوية على رأسي وظهري ويدي!!
للحظة لم اصدق ما حدث!! لقد كنت مستلقية فوق مياه جارية، والمطر لا يزال ينسكب فوق جسدي بحماسة، ولكن ماذا عن رأسي وعظامي!! هل انا واعية؟ أما زال بإمكاني التحرك!!
لم يكن هناك مجال للتفكير وتحليل الوضع أكثر بالطبع، فالتجربة خير برهان!
وهكذا نهضت بسرعة من تلك الحالة المزرية، بعد ان اكتشفت أن السير على المصاطب الرخامية هو اكبر حماقة يرتكبها الانسان تحت المطر! هذا يشبه السير على سطح جليدي باندفاع، وانت لا تعرف التزلج!!
لم يكن هناك أحد يمشي في الطريق غيري بالطبع، اما ملابسي فقد بدت وكأنني قررت ارتدائها مباشرة بعد نقعها في حوض الغسيل دون عصرها!
تابعت نزول المنحدر بحذر أكبر هذه المرة، فلا مجال للمخاطرة، وليس كل مرة تسلم الجرة!
وبينما كنت بكامل تركيزي على خطواتي؛ سمعت أحدهم يناديني لأحتمي من المطر تحت مظلة أحد الابنية! بل كانت هناك عدة اصوات!! كان أحدهم شيخا كبيرا في السن، وقد اشفقوا على مظهري البائس بلا شك! واحتراما لهم؛ ذهبت ووقفت قليلا تحت تلك المظلة، وانا اتذكر بعض شخصيات الانمي، وهي تجري لتختبئ تحت المظلات من المطر!! ولكن.. يا له من أمر مضحك!
ما الذي افعله تحت هذه المظلة بالضبط، وانا منقوعة بالماء من رأسي وحتى أخمص قدمي!!
ثم إلى متى سأقف هكذا!! دلاء الماء المنسكبة من السماء؛ لا يبدو انها ستتوقف على اية حال!! وإذا تأخرت أكثر فقد اثير قلق أهل المنزل، خاصة في ظل هذه الاجواء، كما أنني لا امتلك اي وسيلة للاتصال! والأهم من ذلك.. لا ادري إذا كانت عظامي مخدرة من السقطة، أم انها تؤجل آلامها لوقت لاحق وحسب! في هذه الحالة.. من الواجب استثمار هذه الفرصة للحركة بأسرع وقت!
وهكذا حسمت امري بسرعة، وتابعت سيري تحت المطر المنهمر!!
في العادة.. استثمر هطول المطر بالدعاء لأمور كثيرة، فهي فرصة إجابة كما ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم، لكن في تلك المرة.. اظنني بالكاد دعوت بالنجاة والسلامة!!
اللهم حوالينا ولا علينا!!
حتى وصلت المنزل اخيرا بفضل الله!!
***
من الجدير بالذكر.. أنني كلما مررت أمام تلك المصطبة التاريخية برفقة أحدهم، سردت له القصة بأكملها، ولسان حالي.. بل ولسان كل عظمة في جسدي؛ تردد بامتنان شديد، وهم يهنئون بعضهم البعض على النجاة:
- الحمد لله على سلامتنا.. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه!!
**
هذه هي قصتي تحت المطر المنسكب، فهل اطمأننتِ الان؟؟ ^^
________
ولا تنسونا من صالح دعائكم 🙂
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
https://www3.0zz0.com/2022/08/02/14/588671074.jpg
ثم انسكب المطر فجأة!
سألتني إحداهن بقلق:
- لقد صدم رأسي بحديدة، واشعر ببعض الالم، ولكنني خائفة جدا! بل إنني مرعوبة في الحقيقة! فقد سمعت الكثير من القصص المخيفة عن اصطدام الرأس!! فهل حدث معك شيء كهذا من قبل؟؟
- من هذه الناحية، فقبل فترة وجيزة؛ وقعت على ام رأسي، وارتطمت عظامي كلها بالارض، حتى خيّل لي أنني اسمع صوت قرقعتها!
- حقا!! يا إلهي هذا مرعب، وماذا حدث بعد ذلك؟ هل أصابك اي شيء؟ هل.. وهل.. وهل...
- باختصار.. ها انا اتحدث معك الان بفضل الله، وبكامل قواي العقلية، فلا داعي للقلق..
- الحمد لله.. هذا مطمئن.. ولكن كيف حدث هذا بالضبط؟ والم تذهبي للمستشفى؟؟ الم يحدث اي شيء محدد معك بعدها؟؟
هنا التقطت نفسا عميقا جدا وانا أتذكر ذلك اليوم الرهيب، والذي خرجت فيه بشكل طبيعي منذ الصباح الباكر، في جولة رياضية سريعة، لم أكن انوي التأخر عن المنزل اطلاقا وقتها، لذلك لم اصطحب معي اي وسيلة للاتصال!!
كل شيء كان على ما يرام، غير أن السماء بدت غائمة نسبيا، والطرق تخلو من المارة نوعا ما!
وفي طريق العودة، كنت اسلك منحدرا جبليا شديد الانحدار، ومن عادتي مع مثل هذه المنحدرات؛ أنني انزلها جريا، فهذا اسهل بالنسبة لي! ولكن في اللحظة التي كنت فيها على وشك نزول المنحدر؛ انسكب المطر فجأة!
أجل.. لقد انسكب المطر ولم يهطل، وكأن هناك من يسكب عليّ دلو ماء كبير من الاعلى!!
ولأنني لست من النوع المتهور- هذا ما اعتقده- فقد قررت نزول المنحدر ببطء شديد هذه المرة، رويدا رويدا، خطوة خطوة..السيول كانت تجري من تحتي كشلال متدفق من أعلى المنحدر، وأنا بالكاد اثبت قدمي مع كل خطوة أخطوها على الارض؛ حتى لا تنزلق وأتحول لكرة ملتفة! ومع ذلك.. انزلقت قدمي عدة مرات؛ لكنني كنت اتوازن بسرعة بعدها بأعجوبة والحمد لله!
بدا المنحدر اطول من المعتاد، وكانت هناك عدة ابنية على جانبيه، وامام كل بناء بُنيت (مصاطب) مسطحة، بعضها من البلاط الرخامي! وهنا خطرت ببالي فكرة المعيّة عبقرية- كما تصورتها في ذلك الوقت بالطبع!
لماذا لا اريح نفسي قليلا من عناء هذا النزول المنحدري البطيء خشية الانزلاق، وامشي بشكل افقي لبعض الوقت على تلك المصاطب!
وهكذا قررت تنفيذ الفكرة على الفور، ولكن في اللحظة التي لمست فيها قدمي تلك المصطبة الرخامية المسطحة؛ انزلقتْ للأعلى بطرفة عين، لتسحب معها القدم الأخرى، ولحقها جسدي بأكمله؛ ليرتطم بعدها- بشكل سريع مفاجئ- بالرخام بشدة، بعد سقطة قوية على رأسي وظهري ويدي!!
للحظة لم اصدق ما حدث!! لقد كنت مستلقية فوق مياه جارية، والمطر لا يزال ينسكب فوق جسدي بحماسة، ولكن ماذا عن رأسي وعظامي!! هل انا واعية؟ أما زال بإمكاني التحرك!!
لم يكن هناك مجال للتفكير وتحليل الوضع أكثر بالطبع، فالتجربة خير برهان!
وهكذا نهضت بسرعة من تلك الحالة المزرية، بعد ان اكتشفت أن السير على المصاطب الرخامية هو اكبر حماقة يرتكبها الانسان تحت المطر! هذا يشبه السير على سطح جليدي باندفاع، وانت لا تعرف التزلج!!
لم يكن هناك أحد يمشي في الطريق غيري بالطبع، اما ملابسي فقد بدت وكأنني قررت ارتدائها مباشرة بعد نقعها في حوض الغسيل دون عصرها!
تابعت نزول المنحدر بحذر أكبر هذه المرة، فلا مجال للمخاطرة، وليس كل مرة تسلم الجرة!
وبينما كنت بكامل تركيزي على خطواتي؛ سمعت أحدهم يناديني لأحتمي من المطر تحت مظلة أحد الابنية! بل كانت هناك عدة اصوات!! كان أحدهم شيخا كبيرا في السن، وقد اشفقوا على مظهري البائس بلا شك! واحتراما لهم؛ ذهبت ووقفت قليلا تحت تلك المظلة، وانا اتذكر بعض شخصيات الانمي، وهي تجري لتختبئ تحت المظلات من المطر!! ولكن.. يا له من أمر مضحك!
ما الذي افعله تحت هذه المظلة بالضبط، وانا منقوعة بالماء من رأسي وحتى أخمص قدمي!!
ثم إلى متى سأقف هكذا!! دلاء الماء المنسكبة من السماء؛ لا يبدو انها ستتوقف على اية حال!! وإذا تأخرت أكثر فقد اثير قلق أهل المنزل، خاصة في ظل هذه الاجواء، كما أنني لا امتلك اي وسيلة للاتصال! والأهم من ذلك.. لا ادري إذا كانت عظامي مخدرة من السقطة، أم انها تؤجل آلامها لوقت لاحق وحسب! في هذه الحالة.. من الواجب استثمار هذه الفرصة للحركة بأسرع وقت!
وهكذا حسمت امري بسرعة، وتابعت سيري تحت المطر المنهمر!!
في العادة.. استثمر هطول المطر بالدعاء لأمور كثيرة، فهي فرصة إجابة كما ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم، لكن في تلك المرة.. اظنني بالكاد دعوت بالنجاة والسلامة!!
اللهم حوالينا ولا علينا!!
حتى وصلت المنزل اخيرا بفضل الله!!
***
من الجدير بالذكر.. أنني كلما مررت أمام تلك المصطبة التاريخية برفقة أحدهم، سردت له القصة بأكملها، ولسان حالي.. بل ولسان كل عظمة في جسدي؛ تردد بامتنان شديد، وهم يهنئون بعضهم البعض على النجاة:
- الحمد لله على سلامتنا.. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه!!
**
هذه هي قصتي تحت المطر المنسكب، فهل اطمأننتِ الان؟؟ ^^
________
ولا تنسونا من صالح دعائكم 🙂
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
https://www3.0zz0.com/2022/08/02/14/588671074.jpg