Şøķåŕą
09-02-2022, 08:49 PM
تقع بلاريجيا بسفح جبل ربيعة المرتفع بنحو 649م، على منحدر ضعيف مشرف على سهل مجردة، وهي على الطريق العتيقة الواصلة بين قرطاج وعنّابة (هيبون) والموافقة للطريق العصرية المخترقة للموقع الأثري. وهي أيضا قريبة جدّا من الفجّ المؤدّي إلى ميناء طبرقة عبر جبال خمير، ومن مصبّات عدّة أودية في مجردة.
فلا غرابة أن تكون بلاّريجيا مستوطنة رومانية وقد حظيت بموقع مناسب ثري التربة غزير المياه رطب المناخ عرف عند الكتّاب القدامى ب: (Campi Magni) وأعطى جزءا من اسمه لبلاّريجيّا إذ هو مذكور عند أوغسطين بصفة (Campus Bullensis)، وقد انتقل لفظ (Bullensis) إلى (Bulla) عند الرومان وإلى (Boll) عند الجغرافيين العرب، وعرّب لفظ (Campus) بفحص، فأصبحت التسمية العربية: فحص البلّ حسب البكري، كما تذكر لها تسمية ثانية بحمّام الدّرّاجي. كانت هذه المنطقة تابعة للقرطاجيين منذ القرن الثالث. كما شهدت المنطقة الحرب التي قادها ماسينيسا سنة 150 ق. م، لكنّها لم تقض على نشاط المنطقة الفلاحي. ومما يزيد في تأكيد أهميتها لجوء الملك هيارباس (Hiarbas) إليها سنة 81
ق. م. إثر انهزامه أمام خصمه بومبي (Pompée) وحليفة يمبسال، ولعلّها تسمّت ب (Regia) نسبة إلى الملك المعتصم بها.
وقد عثر في بلاّريجيا على جملة من القبور الجلمودية والقبور البونية الحديثة أو المتأخرة.وهو ما يدلّ على تواصل الحضارة فيها. إلاّ أن الحضور الروماني بها أخذ يتأكّد ويتوسّع منذ إنشاء مقاطعة أفريكا سنة 146 ق. م، وخاصة انتصار قيصر في تبسّة سنة 46 ق. م. فمن ذلك التاريخ انتشرت في المنطقة عدّة مستعمرات رومانية. وحافظت بلاّريجيا، مع ذلك، على استقلالها الداخلي وعلى تقاليدها وتنظيمها السياسي بصفتها مدينة حرّة (Oppidum Liberum).
لقد كان ضغط أعيان بلاّريجيا شديدا على كلّ الأهالي لفرض الطابع الروماني على المدينة المتطوّرة، فكان الترومن جليا في اللغتين الرّسمية واليومية اللتين أصبحتا لغة لاتينية وفي أسماء السكان التي أصبحت رومانية بديلة للأسماء الأصلية، ولنا عدّة أمثلة في النقائش المكتشفة. من ذلك شخص أصله (Baigbal) أو برق بعل، أضاف إلى اسمه البربري أو الفينيقي اسمين رومانيين فأصبح يُسمّى (Helvuis Barigbal Lucius) وكذلك شاهد من شواهد القبور جمع فيه بين اسمين قديم وجديد أو محلي وروماني، فالأوّل (Manilia Zaba) والآخر (Publius Ponttius Felico). حتّى
الهياكل السياسية للمدينة تغيّرت وأصبحت مقلّدة لهياكل مدينة إيطالية. كانت بلاّريجيا أوّل الأمر بلدية منذ ق 1م، وتقريبا في عهد (Vespasien) الامبراطور الذي حكم من سنة 69 إلى سنة 79م. ثم أصبحت مستعمرة بفضل (Hadrien) الامبراطور الذي حكم من سنة 117إلى سنة 138م. هكذا أصبح لبلاّريجيا تنظيم بلدي ومجلس منتخب على منوال مدينة روما. وبهذا أصبحت مركزا عمرانيا كبيرا مستقطبا لعدّة سكان نازحين لما توفّر فيها من مؤسسات ومرافق. هذا ما تؤكّده الآثار التي يعود الظاهر منها اليوم إلى الفترة الممتدّة من ق 1 إلى ق 6م. في حين تعود آثار المنشآت العمومية الكبيرة إلى الفترة ما بين ق 2 وق 5م، أي إلى الفترة الرومانية المزدهرة. في تلك الفترة تمكّن بعض أفراد من العائلات الكبيرة من الاسهام في إدارة الامبراطوريّة وفي الدخول إلى ما يشبه عندنا اليوم بمجلس النواب أو مجلس الشيوخ، بل إن بلاّريجيا هي المدينة الإفريقية التي قدّمت لروما أكبر عدد من الشيوخ والنواب. وهو ما يدلّ على ازدهارها وحيويتها رغم تواضع عدد سكانها. وهو عدد لا يتجاوز بعض الالاف نسمة.
ولكنها غنية باقتصادها وثرواتها الفلاحيّة. وقد شهد بذلك الأسقف أوغسطينوس عندما مرّ ببلاّريجيا سنة 399م، وفيها خطب منتقدا بعض عادات السكان، من ذلك التردّد على المسرح، هذا النوع من التسلية الذي حرّمته الكنيسة المسيحية، فقد قاطعه أهالي شمتو، المدينة المجاورة لبلاّريجيا، ومازالت هذه محافظة عليه. وبالفعل فقد انتشرت المسيحية في المدينة ولكن الخلافات لم تخمد حتى إنّه في سنة 411م كان لا بدّ من تمثيل المدينة في مؤتمر قرطاج باثنين من قساوستها، أحدهما كاثوليكي والآخر دوناتي، ولكنّ المهتمين بالموضوع لا يعرفون كيف قُضي على الدّوناتية بحيث لم تبق إلاّ الكاثوليكية ممثلة للديانة المسيحية. وكذلك المعلومات عن الفترة الوندالية والبيزنطية ما عدا حلقة من الاستيلاء البيزنطي رواها الكاتب المعاصر للأحداث آنذاك بروكوب (Procope) سنة 533م
فلا غرابة أن تكون بلاّريجيا مستوطنة رومانية وقد حظيت بموقع مناسب ثري التربة غزير المياه رطب المناخ عرف عند الكتّاب القدامى ب: (Campi Magni) وأعطى جزءا من اسمه لبلاّريجيّا إذ هو مذكور عند أوغسطين بصفة (Campus Bullensis)، وقد انتقل لفظ (Bullensis) إلى (Bulla) عند الرومان وإلى (Boll) عند الجغرافيين العرب، وعرّب لفظ (Campus) بفحص، فأصبحت التسمية العربية: فحص البلّ حسب البكري، كما تذكر لها تسمية ثانية بحمّام الدّرّاجي. كانت هذه المنطقة تابعة للقرطاجيين منذ القرن الثالث. كما شهدت المنطقة الحرب التي قادها ماسينيسا سنة 150 ق. م، لكنّها لم تقض على نشاط المنطقة الفلاحي. ومما يزيد في تأكيد أهميتها لجوء الملك هيارباس (Hiarbas) إليها سنة 81
ق. م. إثر انهزامه أمام خصمه بومبي (Pompée) وحليفة يمبسال، ولعلّها تسمّت ب (Regia) نسبة إلى الملك المعتصم بها.
وقد عثر في بلاّريجيا على جملة من القبور الجلمودية والقبور البونية الحديثة أو المتأخرة.وهو ما يدلّ على تواصل الحضارة فيها. إلاّ أن الحضور الروماني بها أخذ يتأكّد ويتوسّع منذ إنشاء مقاطعة أفريكا سنة 146 ق. م، وخاصة انتصار قيصر في تبسّة سنة 46 ق. م. فمن ذلك التاريخ انتشرت في المنطقة عدّة مستعمرات رومانية. وحافظت بلاّريجيا، مع ذلك، على استقلالها الداخلي وعلى تقاليدها وتنظيمها السياسي بصفتها مدينة حرّة (Oppidum Liberum).
لقد كان ضغط أعيان بلاّريجيا شديدا على كلّ الأهالي لفرض الطابع الروماني على المدينة المتطوّرة، فكان الترومن جليا في اللغتين الرّسمية واليومية اللتين أصبحتا لغة لاتينية وفي أسماء السكان التي أصبحت رومانية بديلة للأسماء الأصلية، ولنا عدّة أمثلة في النقائش المكتشفة. من ذلك شخص أصله (Baigbal) أو برق بعل، أضاف إلى اسمه البربري أو الفينيقي اسمين رومانيين فأصبح يُسمّى (Helvuis Barigbal Lucius) وكذلك شاهد من شواهد القبور جمع فيه بين اسمين قديم وجديد أو محلي وروماني، فالأوّل (Manilia Zaba) والآخر (Publius Ponttius Felico). حتّى
الهياكل السياسية للمدينة تغيّرت وأصبحت مقلّدة لهياكل مدينة إيطالية. كانت بلاّريجيا أوّل الأمر بلدية منذ ق 1م، وتقريبا في عهد (Vespasien) الامبراطور الذي حكم من سنة 69 إلى سنة 79م. ثم أصبحت مستعمرة بفضل (Hadrien) الامبراطور الذي حكم من سنة 117إلى سنة 138م. هكذا أصبح لبلاّريجيا تنظيم بلدي ومجلس منتخب على منوال مدينة روما. وبهذا أصبحت مركزا عمرانيا كبيرا مستقطبا لعدّة سكان نازحين لما توفّر فيها من مؤسسات ومرافق. هذا ما تؤكّده الآثار التي يعود الظاهر منها اليوم إلى الفترة الممتدّة من ق 1 إلى ق 6م. في حين تعود آثار المنشآت العمومية الكبيرة إلى الفترة ما بين ق 2 وق 5م، أي إلى الفترة الرومانية المزدهرة. في تلك الفترة تمكّن بعض أفراد من العائلات الكبيرة من الاسهام في إدارة الامبراطوريّة وفي الدخول إلى ما يشبه عندنا اليوم بمجلس النواب أو مجلس الشيوخ، بل إن بلاّريجيا هي المدينة الإفريقية التي قدّمت لروما أكبر عدد من الشيوخ والنواب. وهو ما يدلّ على ازدهارها وحيويتها رغم تواضع عدد سكانها. وهو عدد لا يتجاوز بعض الالاف نسمة.
ولكنها غنية باقتصادها وثرواتها الفلاحيّة. وقد شهد بذلك الأسقف أوغسطينوس عندما مرّ ببلاّريجيا سنة 399م، وفيها خطب منتقدا بعض عادات السكان، من ذلك التردّد على المسرح، هذا النوع من التسلية الذي حرّمته الكنيسة المسيحية، فقد قاطعه أهالي شمتو، المدينة المجاورة لبلاّريجيا، ومازالت هذه محافظة عليه. وبالفعل فقد انتشرت المسيحية في المدينة ولكن الخلافات لم تخمد حتى إنّه في سنة 411م كان لا بدّ من تمثيل المدينة في مؤتمر قرطاج باثنين من قساوستها، أحدهما كاثوليكي والآخر دوناتي، ولكنّ المهتمين بالموضوع لا يعرفون كيف قُضي على الدّوناتية بحيث لم تبق إلاّ الكاثوليكية ممثلة للديانة المسيحية. وكذلك المعلومات عن الفترة الوندالية والبيزنطية ما عدا حلقة من الاستيلاء البيزنطي رواها الكاتب المعاصر للأحداث آنذاك بروكوب (Procope) سنة 533م