Şøķåŕą
08-30-2022, 08:17 PM
رسالة إلى الحكماء والعقلاء
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبيِّ السلام، علَّمَنا تحيَّتَه وهي السلامُ والرحمةُ والبركةُ (السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه).
إلى أصحاب العقول الكريمة والقلوب الرحيمة، من لديهم عقل ودين متساويان، من إذا دَعَوا ربَّهم يرفع عنهم كل البلاء والداء بحسن النوايا والدعاء، بنفوسهم الطيبة المليئة بالرجاء والعطاء، إليكم يا مَنْ تحيَّتُهم السلام مع الدعوة بالرحمة من ربِّكم والبركات.
لم يكن المربي الأكبر لأمتنا حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم يترك ما يمكن أن يؤدي إلى عدم الوفاق وعدم تقدير الأخوة الإسلامية؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على دعم الأخوة والوفاق لكل الأمة، ويهدي صلى الله عليه وسلم من كل حيرة، فإذا اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في شيء ردُّوه إليه عليه الصلاة والسلام، فبيَّن لهم وجه الحق فيه، وأوضح لهم سبيل الهداية، وأما الذين ينزل بهم من الأمور ما لا يستطيعون ردَّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعدهم عن المدينة المنورة، فكان يقع بينهم الاختلاف كاختلافهم في تفسير ما يعرفونه من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتطبيقه على ما نابهم من أحداث، وقد لا يجدون في ذلك نصًّا فتختلف اجتهاداتهم... هـؤلاء إذا عادوا إلى المدينة، والتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عرضوا عليه ما فهموه من النصوص التي بين أيديهم أو ما اجتهدوا فيه من القضايا، فإما أن يُقِرَّهم على ذلك فيصبح جزءًا من سُنَّته صلى الله عليه وسلم، وإما أن يُبيِّن لهم وجه الحق والصواب فيطمئنون لحكمه صلى الله عليه وسلم، ويأخذون به، ويزداد الوفاق، ومن أمثلة ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: ((لا يُصلينَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا في بني قريظة))، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها؛ أي: ديار بني قريظة، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدًا منهم)، وظاهر من هـذا الحديث الشريف أن الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا إلى فريقين في موقفهم من أداء صلاة العصر، وتصويبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم للفريقين دليلٌ على مشروعية كُلٍّ من المذهبين، فالمسلم إذن: له أن يأخذ بظاهر النص، وله أن يستنبط من المعاني ما يحتمله النص، ويمكن التدليل عليه، ولا لوم على مَنْ بذل جهده، وكان مؤهلًا لهذا النوع من الجهد، فالفريق الثاني من الصحابة، رضوان الله عليهم، فَهِمُوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يأمرهم بالمبالغة في الإسراع؛ ولذلك اعتبروا أن أداءهم الصلاة قبل الوصول إلى بني قريظة لا يُنافي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة في بني قريظة، وحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: احتلمتُ في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل- موضع في مشارف الشام- فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلك، فتيمَّمْتُ ثم صلَّيْت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا عمرو، صليْتَ بأصحابِكَ وأنت جُنُب؟)) فأخبرته ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29] فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا.
فى الماضي القريب ومنذ زمن ليس ببعيدٍ كانت الكلمة لها تأثير في تفكير الشباب؛ حيث التأثير الإيجابي للكلمة للعقول الملهمة، ومن غير المقبول مظاهر الاختلاف الموجودة نتيجة خلاف فكري في فهم الشخصيات والألفاظ، فربما مَن يتكلم لا يمثل إلا شخصيته، وهو بالتالي شخصية اعتبارية واحدة لا يمثل إلا نفسه، والنفس أنواع كثيرة بين الجماعات المختلفة، ولا تنتسب إليها المجتمعات، وخروج الخلافات من إطار الحوار بالحجة والمجادلة بالحسنى إلى أجواء الخصومة والاتهام، والعصبية وضيق الأفق، والضلال، ونسيان الواجب علينا، ونحن أمة إسلامية واحدة، من اتساع الصدور والحوار الهادئ، والمجادلة بالتي هي أحسن وحفظ مكانة أخي المسلم وإن حدث منه ما يسيء، ويحفظ اللاحق للسابق قدره ومكانته، وآداب الحوار والتسامح، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: 96 - 98] ونحتاج إلى سعة الأفق، والبُعْد عن الاتهام والتجريح في سبيل الوصول إلى هدفٍ واحدٍ، وهو الحقيقة بسلام.
والاعتصام بحبل الله والاتحاد والقوة فنحن أمة واحدة، نعبُدُ إلهًا واحدًا، وفي صفٍّ واحدٍ، خلف إمام واحد، في وقت واحد، غني وفقير، ومن خلال الزكاة لا يوجد حسد ولا حقد ولا غِلٌّ؛ حيث لا يستغني غني عن فقير، وفي الصوم نصوم في نفس التوقيت، ونُفطِر في نفس التوقيت، وفي الحج موعد واحد، وطواف واحد، وملبس واحد، ويوم عرفات للجميع واحد، وكلنا نتجه إلى قِبْلة واحدة في وقت واحد، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، ونحن أمة واحدة، لا خلافات بيننا، وإن حدثت لا تصل إلى التراشُق بالألفاظ غير السويَّة والسبِّ وإنكار الفضل والخير والأخوة الإسلامية والأخوة الإنسانية والتاريخ المليء بكل أنواع الخير والحق والجمال، ولا ننساق وراء أي شخص يجهل أين الحقيقة أو له غرض غير سويٍّ أو.... وندع الخلافات التي تجلنا نأكل لحم بعضنا البعض، ونلتزم بالأخلاق الإسلامية والسلوك الإسلامي السوي، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159]؛ أي: إن النبي بريء ممن يصل بالاختلاف إلى الفرقة، ووظَّف علمه وماله وما أتاه الله من تكنولوجيا للبغي على أخيه المسلم.
إن الاختلاف والبغي هي من الأمراض التي لا تقضي على الحق نهائيًّا، فإمَّا أن تستمر فتعيش الأمة حالة الوهن الدائب، وإما أن تُعالَجَ فيكون التصويب، وتكون المعافاة، ويكون النهوض وإيقاف التآكُل الداخلي، وهذا من خصائص الإسلام.
إن الخلل الفكري الذي نعيشه، وعدم تحكيم العقل فيما نقول ناتجٌ عن الأزمة الأخلاقية في أسلوب وتربية الشخصية المسلمة، ولا طريق لنا لنصلح ما سبق إلا بأن نصلح من أفكارنا، وطريقة تعاملنا مع مَن يختلف معنا، ولا نسب ونلعن وننسى الفضل بيننا، ونتعامل مع الأشخاص غير المسئولين كما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بتجاهلهم وعدم تصديقهم وعدم الرد عليهم.
ولا شك أن الاختلاف في وجهات النظر وتقدير الأشياء والحكم عليها أمر فطري طبيعي، له علاقة بالفروق الفردية إلى حد بعيد؛ إذ يستحيل بناء الحياة وقيام شبكة العلاقات الاجتماعية بين الناس أصحاب القدرات الواحدة والنمطية الواحدة؛ ذلك أن الأعمال الذهنية والعملية تتطلب مهارات متفاوتة، وكأن حكمة الله تعالى اقتضت أن يكون بين الناس بفروقهم الفردية- سواء أكانت خلْقِيّةً أم مكتسبة - وبين الأعمال في الحياة تواعدٌ والتقاء؛ وكل مُيسَّر لما خُلق له، وعلى ذلك فالناس مختلفون، والمؤمنون درجات، فمنهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات... إلخ ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118].
وفي النهاية أحبائي المسلمين في كل مكان قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، فلا تجعلوا رأيًا لأحد الشخصيات سببًا في نسيان الفضل والخير وحسن العلاقات بينكم، وتتراشقون بألفاظ وتعبيرات فيسبوكية على الإنترنت، وتنسون أنكم مسلمون وعرب، وبينكم من التاريخ المشترك أكثر من الكثير، ولا تجعلوا أصحاب النفوس الضعيفة والنوايا الخبيثة يضعون نير الأوهام والخرفات والاختلاف، ويضربون بكل الخير وما ربَّانا عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما أمرنا الله في القرآن ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 102 - 105]، وفي الآيات السابقة الكفاية، والحمد لله رب العالمين.
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبيِّ السلام، علَّمَنا تحيَّتَه وهي السلامُ والرحمةُ والبركةُ (السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه).
إلى أصحاب العقول الكريمة والقلوب الرحيمة، من لديهم عقل ودين متساويان، من إذا دَعَوا ربَّهم يرفع عنهم كل البلاء والداء بحسن النوايا والدعاء، بنفوسهم الطيبة المليئة بالرجاء والعطاء، إليكم يا مَنْ تحيَّتُهم السلام مع الدعوة بالرحمة من ربِّكم والبركات.
لم يكن المربي الأكبر لأمتنا حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم يترك ما يمكن أن يؤدي إلى عدم الوفاق وعدم تقدير الأخوة الإسلامية؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على دعم الأخوة والوفاق لكل الأمة، ويهدي صلى الله عليه وسلم من كل حيرة، فإذا اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في شيء ردُّوه إليه عليه الصلاة والسلام، فبيَّن لهم وجه الحق فيه، وأوضح لهم سبيل الهداية، وأما الذين ينزل بهم من الأمور ما لا يستطيعون ردَّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعدهم عن المدينة المنورة، فكان يقع بينهم الاختلاف كاختلافهم في تفسير ما يعرفونه من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتطبيقه على ما نابهم من أحداث، وقد لا يجدون في ذلك نصًّا فتختلف اجتهاداتهم... هـؤلاء إذا عادوا إلى المدينة، والتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عرضوا عليه ما فهموه من النصوص التي بين أيديهم أو ما اجتهدوا فيه من القضايا، فإما أن يُقِرَّهم على ذلك فيصبح جزءًا من سُنَّته صلى الله عليه وسلم، وإما أن يُبيِّن لهم وجه الحق والصواب فيطمئنون لحكمه صلى الله عليه وسلم، ويأخذون به، ويزداد الوفاق، ومن أمثلة ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: ((لا يُصلينَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا في بني قريظة))، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها؛ أي: ديار بني قريظة، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يعنف واحدًا منهم)، وظاهر من هـذا الحديث الشريف أن الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا إلى فريقين في موقفهم من أداء صلاة العصر، وتصويبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم للفريقين دليلٌ على مشروعية كُلٍّ من المذهبين، فالمسلم إذن: له أن يأخذ بظاهر النص، وله أن يستنبط من المعاني ما يحتمله النص، ويمكن التدليل عليه، ولا لوم على مَنْ بذل جهده، وكان مؤهلًا لهذا النوع من الجهد، فالفريق الثاني من الصحابة، رضوان الله عليهم، فَهِمُوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد أن يأمرهم بالمبالغة في الإسراع؛ ولذلك اعتبروا أن أداءهم الصلاة قبل الوصول إلى بني قريظة لا يُنافي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة في بني قريظة، وحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: احتلمتُ في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل- موضع في مشارف الشام- فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلك، فتيمَّمْتُ ثم صلَّيْت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا عمرو، صليْتَ بأصحابِكَ وأنت جُنُب؟)) فأخبرته ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29] فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا.
فى الماضي القريب ومنذ زمن ليس ببعيدٍ كانت الكلمة لها تأثير في تفكير الشباب؛ حيث التأثير الإيجابي للكلمة للعقول الملهمة، ومن غير المقبول مظاهر الاختلاف الموجودة نتيجة خلاف فكري في فهم الشخصيات والألفاظ، فربما مَن يتكلم لا يمثل إلا شخصيته، وهو بالتالي شخصية اعتبارية واحدة لا يمثل إلا نفسه، والنفس أنواع كثيرة بين الجماعات المختلفة، ولا تنتسب إليها المجتمعات، وخروج الخلافات من إطار الحوار بالحجة والمجادلة بالحسنى إلى أجواء الخصومة والاتهام، والعصبية وضيق الأفق، والضلال، ونسيان الواجب علينا، ونحن أمة إسلامية واحدة، من اتساع الصدور والحوار الهادئ، والمجادلة بالتي هي أحسن وحفظ مكانة أخي المسلم وإن حدث منه ما يسيء، ويحفظ اللاحق للسابق قدره ومكانته، وآداب الحوار والتسامح، وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ﴾ [المؤمنون: 96 - 98] ونحتاج إلى سعة الأفق، والبُعْد عن الاتهام والتجريح في سبيل الوصول إلى هدفٍ واحدٍ، وهو الحقيقة بسلام.
والاعتصام بحبل الله والاتحاد والقوة فنحن أمة واحدة، نعبُدُ إلهًا واحدًا، وفي صفٍّ واحدٍ، خلف إمام واحد، في وقت واحد، غني وفقير، ومن خلال الزكاة لا يوجد حسد ولا حقد ولا غِلٌّ؛ حيث لا يستغني غني عن فقير، وفي الصوم نصوم في نفس التوقيت، ونُفطِر في نفس التوقيت، وفي الحج موعد واحد، وطواف واحد، وملبس واحد، ويوم عرفات للجميع واحد، وكلنا نتجه إلى قِبْلة واحدة في وقت واحد، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، ونحن أمة واحدة، لا خلافات بيننا، وإن حدثت لا تصل إلى التراشُق بالألفاظ غير السويَّة والسبِّ وإنكار الفضل والخير والأخوة الإسلامية والأخوة الإنسانية والتاريخ المليء بكل أنواع الخير والحق والجمال، ولا ننساق وراء أي شخص يجهل أين الحقيقة أو له غرض غير سويٍّ أو.... وندع الخلافات التي تجلنا نأكل لحم بعضنا البعض، ونلتزم بالأخلاق الإسلامية والسلوك الإسلامي السوي، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159]؛ أي: إن النبي بريء ممن يصل بالاختلاف إلى الفرقة، ووظَّف علمه وماله وما أتاه الله من تكنولوجيا للبغي على أخيه المسلم.
إن الاختلاف والبغي هي من الأمراض التي لا تقضي على الحق نهائيًّا، فإمَّا أن تستمر فتعيش الأمة حالة الوهن الدائب، وإما أن تُعالَجَ فيكون التصويب، وتكون المعافاة، ويكون النهوض وإيقاف التآكُل الداخلي، وهذا من خصائص الإسلام.
إن الخلل الفكري الذي نعيشه، وعدم تحكيم العقل فيما نقول ناتجٌ عن الأزمة الأخلاقية في أسلوب وتربية الشخصية المسلمة، ولا طريق لنا لنصلح ما سبق إلا بأن نصلح من أفكارنا، وطريقة تعاملنا مع مَن يختلف معنا، ولا نسب ونلعن وننسى الفضل بيننا، ونتعامل مع الأشخاص غير المسئولين كما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بتجاهلهم وعدم تصديقهم وعدم الرد عليهم.
ولا شك أن الاختلاف في وجهات النظر وتقدير الأشياء والحكم عليها أمر فطري طبيعي، له علاقة بالفروق الفردية إلى حد بعيد؛ إذ يستحيل بناء الحياة وقيام شبكة العلاقات الاجتماعية بين الناس أصحاب القدرات الواحدة والنمطية الواحدة؛ ذلك أن الأعمال الذهنية والعملية تتطلب مهارات متفاوتة، وكأن حكمة الله تعالى اقتضت أن يكون بين الناس بفروقهم الفردية- سواء أكانت خلْقِيّةً أم مكتسبة - وبين الأعمال في الحياة تواعدٌ والتقاء؛ وكل مُيسَّر لما خُلق له، وعلى ذلك فالناس مختلفون، والمؤمنون درجات، فمنهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، ومنهم السابق بالخيرات... إلخ ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118].
وفي النهاية أحبائي المسلمين في كل مكان قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46]، فلا تجعلوا رأيًا لأحد الشخصيات سببًا في نسيان الفضل والخير وحسن العلاقات بينكم، وتتراشقون بألفاظ وتعبيرات فيسبوكية على الإنترنت، وتنسون أنكم مسلمون وعرب، وبينكم من التاريخ المشترك أكثر من الكثير، ولا تجعلوا أصحاب النفوس الضعيفة والنوايا الخبيثة يضعون نير الأوهام والخرفات والاختلاف، ويضربون بكل الخير وما ربَّانا عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما أمرنا الله في القرآن ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 102 - 105]، وفي الآيات السابقة الكفاية، والحمد لله رب العالمين.